الصفحة الرئيسية

 

انضموا الى صفحة الفيسبوك

   *   علاقة حركة حماس بالإخوان المسلمين بعد تولي الأخيرة الحكم بمصر من خلال سلسلة من الاحداث بين الفريقين (طلبة تخصص الاعلام بجامعة النجاح الوطنية نموذجا) إعداد أنوار ايمن حاج حمد    *   في لقاء مع جريدة القدس الفلسطينية    *   الاحتلال يفرج عن النائب حسام خضر بعد اعتقال دام 15 شهرا    *   من كل قلبي اشكر كل من تكبد عناء السفر وجاء ليهنئني في تحرري من الاسر ويشاركني فرحة الحرية    *   تهنئ لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين جماهير شعبنا الفلسطيني بالإفراج عن:    *   أتوجه لكم يا أبناء شعبنا الفلسطيني البطل أنا حسام خضر ..    *   حسام خضر الفتحاوي العنيد .. يتوقع إنتفاضة ثالثه..و يشاكس الحريّة.    *   تجديد الاعتقال الإداري للمرة الثالثة بحق النائب الأسير حسام خضر 6 أشهر أخرى .    *   

لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين

مركز يافا الثقافي

الحرية للأسير القائد حسام خضر


ليلة الإعتقال


للنكبة طعم العلقم في حلوقنا


خاطرة من وحي الاعتقال


موت قلم


لا يوجد تصويتات جديدة حالياً نتائح آخر تصويت

هل تتوقع اتمام المصالحة بعد انتخاب الرئيس المصري الجديد محمد مرسي؟

نعم: 36.84 %
لا: 31.58 %
لا أعرف: 31.58 %

التصويت من تاريخ 04/08/2012
الى تاريخ 04/12/2012
مجموع التصويتات: 57

مقالات
New Page 1

أهالي الأسرى الفلسطينيين .. معاناة وألم / آمال أبو خديجة

01/08/2011 13:31:00

 

منذ نكبة فلسطين الأولى والاحتلال الصهيوني لم يدع بيتا فلسطينيا لم يوقع المعاناة والعدوان والألم على أفراده، ومن إحدى وأسوء المعاناة التي حلت على الشعب الفلسطيني من جراء ذلك الاحتلال، سياسة الاعتقال والزج بالأعداد الكبيرة في داخل السجون الصهيونية، لكل من يشك بانتمائه الوطني أو نشاطه السياسي، أو يُتهم بالتحريض ضد كيانه وتهديد لأمنهم، بل لكل من هو فلسطيني تقع الإرادة الصهيونية لاختياره أسيرا لديها دون أسباب، فغصت سجونهم بالمعتقلين على كافة أعمارهم وانتماءاتهم وأجناسهم ومدة محكومتهم، ولم تتوانى السياسة الصهيونية عن اعتقال الأطفال والشيوخ والنساء بالإضافة للشباب الفلسطيني أصحاب الحظ الأكبر من الاعتقال الصهيوني.

لقد حرم الأهل من عملية التواصل المباشر مع أبنهم الأسير منذ لحظة اعتقاله الأولى حتى لحظة السماح لهم بزيارته، لذا كان للصليب الأحمر ومنظمات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية دوراً في عملية التواصل ما بين الأسير وأسرته، فمنذ اللحظة الأولى للاعتقال، تبدأ حركة الأهل في البحث عنه ومعرفة مصيره، حيث يكون من الصعب معرفة ذلك إلا من خلال منظمة حقوقية إسرائيلية تدعى ( هموكيد ) تعني بالدفاع عن الفرد، حيث يبلغ الأهل هذه المؤسسة عن اعتقال ابنهم ويقدم المعلومات الأساسية للأسير من اسمه الرباعي ورقم هويته ومنطقة سكنه، وتقوم هي بدورها بالتواصل مع قيادات الجيش الصهيوني للحصول عن مكان احتجازه، ولا يتم الحصول على المعلومات إلا بعد مرور 48 ساعة على اعتقاله، وفي تلك اللحظة يبقى الأهل في حالة من الاضطراب والقلق، مترقبين لسماع جرس التلفون  ليأتي الخبر اليقين .

ومن هنا تبدأ رحلة الأهل مع السجن، فبعد معرفتهم لمكان تواجده، يجب على الأهل أن ينتظروا فترة ليست بالقصيرة يحدد مداها الكيان الصهيوني ، لمعرفة تفاصيل وأخبار الدقيقة حول أبنهم الأسير، حيث يبقى الأسير تحت يدي التحقيق للفترة التي يشاء، دون أن يسمح لهم بزيارته ما دام في التحقيق، ولا تراعي أي حقوق إنسانية أو كرامة أخلاقية، وبعد التحقيق فإما أن يُحول للمحكمة وينال الحكم النهائي لقضيته، أو يعطى حكم إداري دون أسباب أو يبقى ينتظر صدور الحكم ومتنقلا ما بين غرف السجن والتحقيق وقاعة المحكمة، وطوال تلك الفترة يبقى الأهل في حالة من التعب والقلق والخوف لعدم معرفتهم مدة الحكم التي ستقع على ابنهم .

طبعا الصليب الأحمر أو أي منظمة حقوقية أخرى أو حتى محامي الأسير قد يمنعوا جميعا من معرفة أخبار الأسير أو زيارته والتواصل معه، فليس دائما مسموحا لهم التدخل والزيارة، أو أحيانا يكون تقصير من تلك المنظمات اتجاه الأسير فلا تقوم بالمطالبة بمعرفة أخبار الأسير وزيارته والاطمئنان عليه لطمأنة الأهالي، حيث من الممكن أن يمكث الأسير فترة لا تقل عن ثلاثة شهور دون أن يعرف الأهل أي شيء عنه، ولا يحظى بزيارة ولا رؤية لإحدى تلك المنظمات أو المحامي الخاص به، مما ستزيد المعاناة والألأم النفسية  للأسير وأهله .

وحسب القانون الإسرائيلي يسمح لأهالي الأسير بزيارة ابنهم الأسير إذا كان محكوما أو تحت التوقيف أي لم يحكم عليه بعد، فما دام خرج من غرفة التحقيق يستطيع الأهل المطالبة بزيارته والاطمئنان عليه، ولكن ما هي الظروف والأوضاع التي يتعرض لها الأهل  للحصول على الزيارة، وهل ينال الأسير دوما الحق بالزيارة ، أم يخضع للمزاجية الصهيونية، وهل تطبق نصوص القوانين والاتفاقيات الإنسانية الدولية حول الأسرى أم لا مراعاة لأي من هذه القوانين والمواثيق، إن كل ما يُطبق هو المزاجية والدكتاتورية الصهيونية وما تسعى من خلاله لتحقيق أهداف وغايات سياسية يوضع الأسرى فيها كورقة ضغط سواء على مستوى شؤونهم الداخلية والصراعات الحزبية السياسية، أو ضد مصلحة القضية والشعب الفلسطيني .

يعاني أهالي الأسرى لضغوط ممنهجة ومقصودة من قبل الاحتلال الصهيوني لتضييق الخناق عليهم من أجل بقاء المعاناة النفسية والمادية والجسدية ملازمة لهم طوال بقاء ابنهم الأسير في الأسر، كما أن تلك الضغوط هدفها الأساسي كسر إرادة الشعب الفلسطيني ومحاولة تخليصه من انتمائه الوطني وعقيدته والمطالبة برحيله، وتحطيم لمعنوياتهم وتسبب الأذى النفسي لهم لما يسمعون من معاناة لرحلة الزيارة المريرة، وليبقى الأهل ورقة ضغط على الأسرى لنيل الاعترافات أو التعذيب الممنهج غير أخلاقي ولا قانوني .

أهالي الأسرى ورقة ضغط

فمن أولى قصص المعاناة لأهالي الأسرى أن يتم استخدامهم ورقة ضغط ضد الأسير، فيتم اعتقالهم في كثير من الأحيان خاصة الأم أو الأب وإن كانوا كبار السن، أو الزوجة والابنة لاستفزاز الأسير لعله يعترف بالتهم الموجهة إليه ظلما وزورا، يمكن أن يبقى أحد أفراد عائلة الأسير المعتقل بالحسن لفترة أشهر عديدة دون فقط لمجرد الضغط على الأسير ومحاولة تدمير معنوياته .

اقتحام البيت الأسير وتدمير محتوياته

كثير من أهالي الأسرى يشكون من مهاجمة الجيش الصهيوني في أي وقت شاء دون مراعاة لحرمة البيوت والنساء، لبيوتهم وغرفهم الخاصة، حيث يدخلون البيوت بوحشية يكسرون ويخربون ويعيثون فيه فسادا لا يعرف سبب لفعلهم ذلك، وكل هذا دون دواعي ولا أسباب تذكر، ودون أن يستطيع أحد أن يصدهم أو يمنعهم عن تلك الانتهاكات غير أخلاقية، كل ما في الأمر أن الكيان الصهيوني له الحق أن يفعل ما يشاء وكيفما يشاء ومتى يشاء مع أبناء الشعب الفلسطيني، فهدفه تدمير الحياة الكريمة لأبنائه واستقرارهم وأمنهم .

رحلة الزيارة وألمها

ثم تأتي المعاناة الكبرى للأهل في السماح بزيارة الأسير ، حيث قررت القيادة الصهيونية أن لا يسمح بزيارة الأسير إلا للأهل من الدرجة الأولى، أي القرابة المقرية جدا للأسير( الأم ، الأب، الابن ، الأخ ، والأخت )، حيث لا يسمح لهم جميعا بالزيارة، إنما شخص واحد يسمح له إن تمت الموافقة عليه والحصول على تصريح زيارة من قبل القيادة العسكرية الإسرائيلية، لكن هذا لا يعني أن كل من يوافق عليه من الممكن أن يحصل على الزيارة، فممكن أن يواجه من ذهب للزيارة أن لا يسمح له ذلك بحجة أن الأسير معاقب من قبل إدارة السجن، أو أنه لا يسمح له لأمور لا يفهم أسبابها ويختم على تصريحه بالرفض، كما أن القيادة العسكرية ممكن أن ترفض أي شخص يقدم لتصريح الزيارة بحجة انه مرفوض أمنيا، وخاصة للأخ أو الأخت أو الابن، وفي حالة عدم توفر الأب أو الأم يسمح له أحيانا بالزيارة مما يدل على تلاعب الإدارة الصهيونية في عملية السماح للزيارة للأهل لأسيرهم، وكثير ما يتم تأجيل الزيارات أو إلغائها من قبل الكيان الصهيوني بصورة مفاجأة دون أي مبررات، كما أن في كثير من الأحيان يحرم جميع أهالي الأسرى من زيارات أبنائهم في السجون الصهيونية لفترات طويلة جدا، كما يحدث الآن مع أهالي أسرى قطاع غزة  .

وفي رحلة الزيارة المريرة يتحمل الأهالي معاناة السفر إلى السجون البعيدة المسافات، فيخرجوا منذ ساعات الفجر الأولى ضمن ناقلات يوفرها إما الصليب الأحمر، أو وزارة الأسرى، ويصاحبهم في ذلك ألم وشدة الحر الشديد ، أو قسوة البرد ولسعته، يحملون معهم عتاداً يسيرا لأجل أبنائهم مما يمكن أن يُسمح به من قبل إدارة السجون بإدخاله للأسير، من ملابس أو بعض الحاجيات البسيطة، وعند وصول الأهالي لبوابات السجن لا يسمح لهم بالمرور مر الكرام، بل يجب أن يتم إخضاعهم للتفتيش المهين حتى يتأكدوا من عدم حملهم لأي محظورات أو أسلحة أو مواد لا يسمح لها بالدخول للأسرى، فيتعرض الأهالي لأسوء عمليات التفتيش، حيث يمرر كل شخص صغيرا وكبيرا على أجهزة الفحص الإلكتروني أولاً، ثم يتم فحص أجسادهم جزءا جزءا ثم يتم تعريضهم للتفتيش العاري كي يتأكد أن الشخص فارغا من أي خطر أمني عليهم .

وعند السماح لمن يسمح له بالمرور بعد الرحلة المهينة من التفتيش، يدخل الأهالي لعدة محطات حتى يصلوا لرؤية ابنهم الأسير، فيطل عليهم بعد إخضاعه أيضا لكل عمليات التفتيش وبعد طول انتظار الأهالي للحظة اللقاء يه، فيقف الجدار الزجاجي حاجزاً كبيرا أمام تواصلهم المباشر، فلا يحظى الأسير بلمسة جسدية من والده أو والدته أو ضم لطفله بين ذراعيه والأسوأ من ذلك أن الحديث لا يسمع بصورة مباشرة، بل يتم من خلال سماعة التلفون ويكتفي فقط الأسير وأهله بنظرات متواصلة لعل كل منهما يشبع نفسه بالقليل من الشوق .

لا يحظى جميع من ينال تصريح العبور للزيارة بها، حيث يحرم بعض الأهالي من الزيارة لأسباب غير معروفه، ومن أهمها معاقبة الأسير، أو بحجة وجود محظورات وممنوعات مع الأهل، أو غير ذلك من أمور لا تعرف ، ولا يتوقع أن تكون مدة الزيارة لساعات طويلة، بل لا تتعدى 45 دقيقة، حيث تبدأ صرخات السجانين بإبعادهم عن الزجاج العازل والخروج من منطقة الزيارة، ويسحب الأسرى من بين أذرعهم ليعادوا إلى غرفهم الميتة، وتبقى نظراتهم تحلق في المكان  لا تفارقها ملامح الحنين والألم وتمنى العودة مع الأهل للديار، وقلوبهم لا تمتلئ إلا شوقاً وإصراراً لنيل الحرية وزيادة حقد وانتقام من هؤلاء السجانين، وحال شفاههم تخاطبهم أن لا ينسوهم من الدعاء ومن المطالبة للجميع أن يسعوا لفك أسرهم والمطالبة بقضيتهم العادلة  .

تتراجع خطوات الأهالي للوراء، لتعود من حيث جاءت، وقلوبهم لا تحمل إلا تلك النظرات الأخيرة ، وذكرى لكلمات قليلة مع أبنائهم، مع اعتصارهم بحسرات القهر والألم والمعاناة، يعودون لديارهم مع دخول منتصف الليل، بأجسادهم المرهقة لصعوبة ومرارة ما كان في رحلتهم، وفي كثير من الأحيان يعود المتاع معهم كما كان، وهناك من عاد  خائب الخطى لعدم السماح له بالزيارة،  لتبدأ الرحلة من جديدة لعودة لا يعلم متى زمانها، أو لعل تلك الرحلة وهذا الزمان لا يأتي أبدا   .

معاناة مادية

يتكبد الأهالي معاناة مادية وتكاليف لا يقدر عليها جميع أهالي الأسرى وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني،ويكون ذلك  من خلال ما يوضع عليهم من غرامات مالية عند صدور حكم المحكمة،، أو ما يسمى بالصفقة مع الأسير ومحامية حول مدة حكم معينة بدفع مبلغ من المال لتخفيف العقوبة ، أو فرض عقوبات من داخل السجن على الأسرى في حالة حدوث مخالفة كما يدّعون تستحق العقوبة المالية،  ونفقات ومتطلبات الأسير وحاجياته من مصروفات داخل السجن " الكنتين "، فرغم أن وزارة الأسرى تتحمل جزء من تلك النفقات، إلا أن ذلك لا يمنع من أن يقدم أهالي الأسرى أيضاً مزيداً من المال لأبنائهم لاكتفاء حاجياتهم، وخاصة أن الأسعار مرتفعة جدا داخل السجن مقارنة بالخارج لكونها صناعة إسرائيلية .

المعاناة النفسية والاجتماعية

إن أكثر من تقع عليه حرقة وألم فراق الأسير والدته ثم زوجته وأبنائه، فالأم تبقى ترقب لحظة دخول ولدها عليها، لتضمه على صدرها، وتكحل عينيها برؤيته وتراه أمام ناظرها، وتفرح به إن لم يكن متزوجا لترى أولاده، فتنام وتقوم وتراودها الأحلام به، وصورته لا يفارق خيالها، وهي من تتردد كثيراً ما بين المؤسسات الحقوقية والمحامي والسجون، لأجل أن تحصل على أي خبر يطمئنها ويطفئ نار حرقتها وشوقها على ولدها، وتجدها في الإعتصامات والمسيرات أكثر من يتواجد أمهات الأسرى وزوجاتهم، فتسير الأم وصورة ولدها بين ذراعيها، وملامح الحزن والألم ترتسم خطوطها في كل زاوية من جسدها، وكم من أم أسير فارقت الحياة ولم تحظى بزيارة ولدها ولا رؤية حريته وعودته لأحضانها، ولا ننسى أيضا صبر وتضحيات والد الأسير وباقي أهله ولكن الأم هي أشد من تتحمل وتعاني من أجل فلذة كبدها، وإن كان الأسير متزوجا وله أسرة، فأسرته تدفع ثمناً كبيراً لفقدانه، وخاصة إن كان  من أصحاب الحكم العالي أو المؤبد، فأول ما تشعر به أسرة الأسير، غياب فرد مهم وأساسي في الأسرة ( الزوج الوالد )، مما يشعر الأبناء بالحرمان العاطفي الأبوي، فيقع على الأم الزوجة العبء الكبير لأجل تعويضهم، فتحاول بكل جهدها وطاقتها أن لا تنسى شيئا من حق أبنائها، فتعصر ذاتها لأجلهم ولأجل أن لا تُظهر على قسمات وجهها التعب أو الهم والحزن حتى لا يتأثر الأولاد ويتراجعون، وهي من تدفع ذاتها لتظهر قوتها حتى لا تظهر أمام الآخرين عجزها عن مهمتها وقلة حيلتها وضعفها، فتقف متصلبة تتحدى الصعاب وحدها،كما سيشعر بعض الأبناء بالخوف والقلق الدائم لعدم وجود والدهم بينهم مقارنة بباقي أقرانهم من حولهم، ولعل إن ذهب أحد منهم للزيارة أوقعت عليه تلك التجربة المؤلمة ورؤية والده من خلف الزجاج وعبر البوابات والتفتيش المذل، المشاعر السلبية الدائمة التي ستبقى تعيده لتلك الذكرى، مما يسبب له الإحباط واليأس أو الاكتئاب الذي من الممكن أن يوصل بعضهم لأمراض خطيرة أو الموت نتيجة الصدمة والحزن الشديد لما يشاهدوه، ستراود الأطفال بصورة دائمة مشاعر الحنين للجلوس مع والدهم وسماعهم لقصصه وتقديمه الدعم والمساندة لهم أو لاصطحابهم لنزه أو التسوق أو زيارات الأهل، سيحن الأبناء لسماع صوت والدهم في البيت ومراجعته لدروسهم، ستشتاق صدورهم لضمة صدره الدافئة وبسمة أملهم ومسحة من حنان يديه، يأتي العيد تلو العيد وأنظارهم ترقب دخوله عليهم ومشاركته فرحتهم، لكن أعيادهم تبقى مرسومة بنظرات الحزن والألم، ينقصها الكمال ما دام الأب بعيدا عنهم، لن يستوعب جميع الأطفال الواقع الكبير المفروض عليهم، ولم يفهموا ما يجري وستبقى الأسئلة الكثيرة تخرج من أفواههم للسؤال عن والدهم ،أما الزوجة فهي أكثر المضحيات والصابرات على غياب زوجها، فإلى جانب فقدانها العاطفي والمساندة الدائمة لها من شريك حياتها، ستجبر على نفسها بشدة لرعاية أطفالها، لتلبي لهم كل حاجاتهم وخاصة النفسية والعاطفية بالإضافة  لحاجيات البيت ومسؤولياته ، وفي كثير من الأحيان تكون هي من تتقصى أخبار زوجها الأسير وزيارته أو محاكمته وتبقى تتعلق بأمل اللقاء به وعودته، ليخفف عنها المسئوليات الكبيرة في زمن كثرت متاعبه وألأمه، ولا ننسى وقوف أهل الأسير إلى جانب زوجة الأسير وعائلته، وتقديم كل التضحيات والمساندة لأجل دعمهم والتخفيف من معاناتهم، وتبقى الأم أيضا هي من تحمل الجزء الأكبر من ألم غياب ابنها وفلذة كبدها .

ما زال حتى اليوم ما لا يقل عن 6000 أسير فلسطيني محتجزين في السجون الإسرائيلية، دون أن تلتفت لهم منظمات حقوق الإنسان والحريات العالمية، بل يستمر الصمت وموت الضمير ولا يبقى إلا صوت الأهالي وأصحاب الضمائر الحية من يستصرخ بصراخهم ويسعى لأجل تحريرهم والمطالبة بعودتهم لديارهم، بالمقابل نرى أن صوت العالم كله يتحرك مساندا قضية الجندي ( شاليط ) ومطالبا بصوت واحد الفلسطينيين المسارعة بتحريره، مقارنة بقضية أسرانا التي اعتبرها العالم قضية إرهابية وعدوان على أمن الكيان الصهيوني، ورغم  أنه خطف في مهمة عسكرية على قطاع غزة ليقتل الأطفال الأبرياء واستباحة الحرمات وإرهاب الآمنين وإشاعة الفساد في الأرض .

فرغم كل تلك المعاناة الكبيرة لأهالي الأسرى في رحلة الأسر لابنهم في سجون الاحتلال الصهيوني، ومهما طالت المدة التي حكم عليها وطال معها ألم الفراق ومعاناتها، إلا أن قصص أهالي الأسرى سطرت الكثير من معاني الصمود والتحدي والنجاح ، وخاصة أبناء الأسرى الذين كبروا وحققوا طموحاتهم بدوافع إدخال الفرحة على قلوب والدهم أو والدتهم الأسيرة ، ليرسل رسالته للكيان المحتل، أنه مهما حاول أن يكسر الإرادة فالإرادة حية لا تموت أبدا .

ومهما حاولنا الحديث عن قصة الأسرى ومعاناتهم وذويهم، لن نستطيع أن نرسم الصورة الحقيقية لتلك المعاناة الدائمة، التي لن ترسمها ريشة رسام مبدع، ولن تخطها كلمات كاتب معبر، بل تبقى المشاعر محشورة بين زوايا النفس، لتختنق وحدها بعيدا عن رسم الخيال وإبداعه .

 

آمال أبو خديجة

 

 



جميع الحقوق محفوظة ماسترويب 2009
Email