دعا تيسير نصر الله عضو المجلس الفلسطيني الحكومة
الفلسطينية الجديدة برئاسة محمود عباس أبو مازن إلى الاستجابة لرغبات
شعبنا الفلسطيني بإبعاد الوجوه السياسية التي انغمست في الفساد .
وقال نصر الله لدنيا الوطن:أبو مازن هو الرجل الثاني في منظمة التحرير
الفلسطينية و هو توافق في النهج السياسي مع الرئيس ياسر عرفات و لا أرى
خلافا جوهريا بين الاثنين إلا أن الأحداث الدراماتيكية التي واكبت استحداث
منصب رئيس وزراء فلسطيني و الضغوطات التي مورست على الرئيس أبو عمار ليقبل
بهذا المنصب الجديد هي التي أثارت الشكوك و أرى بان استحداث منصب رئيس
وزراء للسلطة الفلسطينية هو أمر هام للشعب و يجب أن يكون شانا داخليا
فلسطينيا و مصلحة وطنية رغم أن شعبنا بغالبيته العظمى لا يعول كثيرا على
ذلك المنصب الجديد أو من يشغله لان كل ما يهم الشعب هو من يساعده في الخلاص
من الاحتلال الإسرائيلي و إنهاء معاناته اليومية المتواصلة منذ العقد
الماضي و اعتقد أن المطلوب من الأخ أبو مازن هو الاستجابة لرغبة الشعب
الفلسطيني في إبعاد الوجوه السياسية التي انغمست في الفساد و دارت حولها
الشبهات فالجماهير تتوق إلى إحداث تغييرات جذرية في بنية القيادة
الفلسطينية فهناك العديد من الكفاءات الوطنية التي تستحق أن تأخذ مكانها في
سلم القيادة الفلسطينية في صناعة القرار الوطني بدلا من استئثار الفئة
المتنفذة التي سئمها شعبنا و بصراحة فان هذا التيار قد فشل في قيادة الشعب
الفلسطيني نحو تحقيق أهدافه و إقامة دولة المؤسسات و المجتمع الدولي المبني
على حرية الرأي و التعبير و احترام الحقوق و الحريات العامة و إقامة سلطة
القانون و الفصل بين السلطات و اعتماد الشفافية المالية و غير ذلك من
الأمور التي تبدو في أهميتها مثل أهمية إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي
الفلسطينية.
وأضاف :ما جرى في المجلسين المركزي و التشريعي الفلسطينيين خلال اجتماعهما
الأخير في رام الله لبحث إقرار منصب رئيس الوزراء و ما يتطلب ذلك من
تعديلات في الدستور و القانون الأساسي الذي يحكم الأراضي الفلسطينية ثم
المناقشات الحادة في جلسة المجلس التشريعي التي انتهت برفض اقتراحات الرئيس
ياسر عرفات حول صلاحيات رئيس الوزراء و استحداث منصب مساعدين له مع احتفاظ
الرئيس أبو عمار للعديد من الصلاحيات و المسؤولية التنفيذية.
نحن نرى أن ذلك التداعي العاجل لعقد اجتماع ( المركزي ) الذي لطالما نادت
به القوى و الفصائل السياسية من زمن و لتطبيق مقرراته في اجتماعاته السابقة
رغم مرور عدة سنين عليها و حدوث تغيرات سياسية متسارعة. أقول أن هذه
الاجتماعات جاءت نتيجة الضغوط التي مورست على القيادة الفلسطينية و ليس
برغبة فلسطينية و هذا خطا كبير و قد أدى إلى إيجاد خلل دستوري فالقانون
الأساسي الذي اقره المجلس التشريعي قبل فترة و اخذ وقتا طويلا في الناقشة و
القرارات كان استجابة حقيقية للحالة الفلسطينية و متوافقا معها بينما
الدستور الحالي و التعديلات المقترحة عليه جاءت فقط لتلبي شروط الرحلة من
اجل تمرير و إضافة منصب رئيس الوزراء.
أن ما جرى عبارة عن "مسرحية" أم تلق الاهتمام الجماهيري الفلسطيني و أن
الشعب يتساءل على أساس مشروع أين هي الدولة التي تتحدثون عنها حتى يكون لها
دستور؟ و من يسبق ولا الدولة أم الدستور؟
وقال نصر الله :اعتقد أن الأخ أو مازن سيمثل مرحلة انتقالية لذلك فان
اختياره ينطلق من هذا الفهم و الوزارة الجديدة يقع عليه عادة اعمار ما دمره
الاحتلال الإسرائيلي عبر العامين و النصف الماضيين و اهتمامها ينصب عل
الوضع الداخلي الفلسطيني و ليس بالسفر هنا وهناك فلا يعقل أن العديد من
الوزراء لم يزوروا مكاتب وزاراتهم في المحافظات الفلسطينية و لو لمر واحدة
و كن همهم الوحيد فقط رضاء الرئيس عرفات عنهم و ليس مؤسسة حقيقية نخدم
المواطن الفلسطيني و تسهر على راحته..
أما مدى تساوق الوزارة الجديدة مع التسوية السياسية فان ذلك مرهون بالثمن
السياسي الذي سيمنح لهذه الوزارة و أتساءل هل سيقبل الشعب الفلسطيني
المنكوب في كل شيء الأمن الإدارة بأي ثمن سياسي؟
اعتقد بان إفرازات الانتفاضة المجيدة لم يتم استخلاصها بعد فهناك شعب قدم
أغلى ما يملك من خيرة أبنائه شهداء و أسرى و جرحى و هناك بينة تحتية مدمرة
و قد نشر لاحتلال الخراب و الدمار بالته العسكرية في كل محافظة من محافظات
الضفة الغربية و قطاع غزة و هناك دبابات و قوات الاحتلال التي تنتهك يوميا
الحرمات الفلسطينية و تتوغل في الأراضي لتمارس التدمير و التجريف و
الاعتقال و القتل.
أن السلطة الفلسطينية لا حول لها و لا قوة فلا مكاتب و لا مقررات لها و
كذلك للأجهزة الأمنية و هناك العديد من الأجهزة الأمنية ذات صلاحيات
متشابهة و التي أثبتت الانتفاضة عدم جدواها كل ذلك سيكون أمام الوزارة
الجديدة و السؤال هل بإمكانها أن تتقدم في الموضوع الداخلي حتى تبدا في
معالجة الملف السياسي الذي ينتظرها؟
و أقول أن القضايا التي يحملها الملف السياسي لا يستطيع أحد من الشعب
الفلسطيني التخلي عنها أو المساومة عليها لأنها من الثوابت الذي لا يجوز
التنازل عنها كقضية القدس و الحدود و اللاجئين و غيرها.
وأوضح نصر الله :"أن الجلسات السرية حول قضية اللاجئين جارية منذ زمن و
كل مفاوض أو أكاديمي يريد أن يحسن صورته لدى الإسرائيليين و الأمريكان"
يتبرع " بتقديم تنازلات حوا مفهوم حق العودة و اصبح كل واحد من هؤلاء يضع
تفسيره على مزاجه و مقاسه لحق عودة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها
منذ عام 1948 و قد ضمن القرار الدولي(194) لهم هذا الحق.
المهم عند هؤلاء هو رضا الإسرائيليين و ن يصنفوه في دائرة الواقعيين لذلك
لم يجلبوا لانفسهم سوى الخزي و العار و لعنة الجماهير و كل اللاجئين لان
الإسرائيليين هم الذين يسربون الأخبار عن تلك اللقاءات و يفضحون الأسرار و
أؤكد أن قضية اللاجئين الفلسطينيين ليست ترفا فكريا لهذا أو ذاك إنما هي
جوهر الصراع العربي الإسرائيلي و هي قضية لن تحل في الأروقة المظلمة فهي
تمس الغالبية العظمى من الفلسطينيين في الداخل و الشتات.
و أسال من الذي فوضه اللاجئون في الداخل و الخارج بالتحدث باسمهم و التنزل
عن حقوقهم المشروعة التي كفلتها القرارات و القوانين الدولية و أن يكون
التنازل مجانيا؟
نحن نقول أن هذه اللقاءات لمحاولة حل قضية اللاجئين لا تمثل إلا أصحابها و
لا تمت بصلة و لا تمثلهم و لا تلزمهم لان اللاجئين لهم مؤسساتهم أن من يمس
بحق العودة بأي صورة من الصور فهو خارج عن الشعب الفلسطيني و نحن نقول ذلك
من باب صون الحقوق و لا يجوز المقايضة في هذا الشان بين وعد إقامة دولة
فلسطينية مقابل التنازل عن حق العودة و غني عن البيان أن كل فلسطيني يتطلع
لاقامة دولته المستقلة و عاصمتها القدس و أن تكون ذات سيادة لكن ذلك لا
يجوز أن يكون على حساب حق عودة اللاجئين إلى ديارهم
وإن الآليات المقترحة لمواجهة هذه الأفكار هي فضحها و عقد الندوات و عدم
السكوت عليها و التقليل من شانها و ينبغي الاستمرار في تحشيد الرأي العام
الفلسطيني في الداخل و الخارج بالالتفاف حول حق العودة و الإسراع في إنجاز
جسم ممثل لهم.
و نحن نرى انه من الضروري الإعلان عن ميلاد ائتلاف حق العودة الذي ساهمنا
مع فعاليات اللاجئين في الداخل و الخارج في العمل على بلورته و عقدنا حتى
الآن ثلاث مؤتمرات لهذا الغرض.
إن نجاح الفلسطينيين في إنقاذ حق العودة من كل ما يتربص به من أفكار و
مخططات منوط بوعي اللاجئين بحقوقهم و التشديد على أن حقهم في العودة إلى
ديارهم مكفول بالقرار (194) الصادر عن الأمم المتحدة و هو حق فردي و جماعي
لا يجوز الإنابة أو التفويض بشأنه.
و نحن ندعو لاطلاق حملة واسعة للتعريف بحقوق اللاجئين و في هذا الإطار
صاغت لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين ما سمي وثيقة شرف وقعت
عليها عائلات فلسطينية عريق من اللاجئين في الداخل و الخارج تحرم فيها
التنازل عن حق العودة كذلك صدرت عن رابطة علماء فلسطين وثيقة دينية هامة
تحمل نفس المفهوم.
وحول إلغاء عسكرة الانتفاضة قال :بالنسبة لمفهوم عسكرة الانتفاضة فأنا لا
اتفق مع من يحاولون كيل التهم للانتفاضة و محاكمتها و تحميلها اكثر مما
تحتمل فأين كان هؤلاء عندما بدأت الانتفاضة و لماذا لم يضعوا بصماتهم منذ
اللحظة الأولى حول توجهها و أهدافها و طرق المقاومة و أساليبها و أي
الأسلوب انفع للقضية الفلسطينية.
نعم من حقنا أن نسال هؤلاء من هو المستفيد من هذا الجلد القاسي للذات و
للانتفاضة؟ و لماذا هذه المحاولة اليائسة في تبرئة الجيش الإسرائيلي و
الحكومة الإسرائيلية؟ أليسوا هم من بدا في قمع الشعب الفلسطينين بالرصاص
بعد أن فعل جيش الاحتلال ما فعل من جرائم و إطلاق النار عشوائيا و قد سقط
عشرات الشهداء و مئات الجرحى.و اعتقد جازما أن الشعب الفلسطيني يدافع عن
نفسه أمام الهجمات الإسرائيلية الوحشية و كان لا بد من تحقيق توازن الرعب
بين الطرفين .لقد فشل هاني الحسن وزير الداخلية السابق في فرض مفهومه للأمن
لان الإسرائيليين لم يلتزموا بالتفاهمات التي عقدوها مع الوزير فاستمروا
بنفس سياسة التصعيد العسكري و الاغتيالات و ملاحقة المناضلين و الاجتياحات
و توسيع المستوطنات و تجريف الأراضي و تدمير الزراعة الفلسطينية .