رسالة إلى النائب الأسير حسام خضر
إلى الأخ العزيز المناضل الأبيّ الغيور النائب الأسير حسام خضر:
السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد...
بقلم : علي أبو
عياش
تأملت طويلاً في رسالتك وحمدت لك عمق مشاعرك الإنسانية والوطنية
وحملك بصدق وإخلاص هموم هذا الوطن...ومن دفنوا أحياء في مقابر
النسيان. فآليت على نفسك وقد منّ الله عليك بالخروج من تلك
المقابر حتى وإن إلى زنازين السجن، إلاّ أن تكون الوطن كل الوطن
على اتساعه الذي حوله المحتل إلى معتقل كبير وساحة للرعب والتسلط
والعدوان على كرامة الناس وأموالهم وأعراضهم،آليت على نفسك كما
يفعل كل حر كريم بسمو روح وشموخ أخلاق ورجاحة عقل إلاّ تدخر
وسعاً في نصرة قضايا المستضعفين والفقراء والمحرومين. وهتك أستار
التعتيم عن مظالمهم، وكنت شهادة إدانة للشياطين الخرس الذين
أسهموا ولايزالون على نحو أو آخر في استمرار الظلم حتى لو بالصمت
أو بخطابات المجاملة من طرف اللسان.
ومنذ أن خلق الله الدنيا فإن السلطات الظالمة الغاشمة لم تجد
نفسها منذ أن تأسست مضطرة للتفاوض إلاّ مع من تلتهم أو تستعمل
وليس لها عرض على المخالف غير الاحتواء أو الافناء...فكنت سجيناً
لرصد حركاتك وسكناتك.
وصلتني رسالتك أيها الصوت المفتقد هذا الصوت الذي يخترق العصور
والأحقاب طاوياً الأماكن والبلاد، هذا الصوت المفتقد في زمن
الهزيمة والتراجع، الصوت المدوّي والمجلجل في زمن الخرس والسكوت،
الصوت البليغ المحكم في زمن العجمة والرطانة والسوقية، الصوت
الجامع لحكمة النفس الإنسانية في اعتصارها للخبرات والتجارب
والمواقف والأحوال في زمن خواء النفس وتهافت الروح.
أجل هذا هو صوتك أيها الصديق الصدوق، والجار الطيب هذا النفس
العروبي وهذا اليقين الذي لايتزعزع بالنصر الذي يصنعه، فارس عربي
نذر نفسه قلعة صامدة في وجه هجمات الفساد التي تحركها نفوس
شريرة، فارس يرى حجم مسؤوليته وعظم دوره وعندما أتوك يجرون
الحديد لم نر منك سوى الثبات المجسد لليقين وقفت فلا مهرب ولا
فرار ولا التماس لنجاة أو حرصاً على حياة تجسيداً لهذا اليقين
الذي أبدعت به ونسجته نظام حياة والذي توجت به جبينك عزاً
وشرفاً.
وتبقى صيحتك ونحن نتلفت من حولنا باحثين عن جذوة اليقين التي
دونها تصبح الجذور خاوية والإرادات -إن كانت هناك إرادات- هشة
والثبات في وجه التحديات حتى لو كان الوقوف مغامرة وجنوناً
وانتحاراً، تبقى صيحاتك درساً محتفظاً بكمياته ومائه وكهربائه،
وحكمة بافية ملفعة بالكشف والرؤية النافذة والبصيرة الثاقبة،
أجل يبقى درسك يا أبا أحمد.
وختاماً سلاماً عليك منا جميعاً ضارعين إلى العلي القدير أن يفرج
عنك وعن كل الأسرى والمعتقلين ودمت صديقاً وفياً مخلصاً لكل
القيم والمباديء التي يعتز بها الشرفاء المخلصون.
|