حسام خضر ، الوفاء للفكرة
بقلم: تيسير نصر الله
عضو
المجلس الوطني الفلسطيني
الكتابة ،مجرد الكتابة ،عن حسام خضر ، تعتبر عملية شائكة ،ليس
لأنني لا أجد مفردات اللغة ، أو تصعب علي الكلمات ، أو تركيب
المصطلحات ،وانما لأن عن الحديث عن الأشخاص ، وخاصة الأحياء منهم
،تعتبر عملية معقدة ، تخضع لقربك منهم أو بعدك عنهم ، وتتأثر
كذلك بالمواقف والعواطف . ولكنني أجد نفسي منسجما مع قناعاتي
وأنا أحاول الكتابة عن حالة فلسطينية أثارت حولها العديد من
ملاحظات النقد والمواقف المتضاربة ، وردود أفعال بين مؤيد
ومعارض ، هذه الحالة ( الظاهرة ) هي النائب حسام خضر ، والذي
تربطني به علاقة صداقة عمرها ربع قرن ، بدأت في زقاق المخيم ،
والدراسة الجامعية ، ومعاناة السجون ، والإقامة الجبرية، ومن ثم
رحلة القهر والعذاب خارج ارض الوطن ، بعد قرار الإبعاد ، في
المنافي القريبة والبعيدة ، وتعمقت هذه العلاقة اكثر من أي وقت
مضى بعد العودة للوطن ، فالتجربة هنا تختلف عن سابقاتها ، في
ظل اختلال الموازين وانقلاب المعايير ، والبحث عن الذات ، والسعي
وراء المجهول . حيث تشكلت الحالة واصبحت مثار جدل واسع ،من خلال
المواقف والتصريحات التي كان يطلقها صاحبها ، فتلامس قلوب
الكثيرين، وتزعج آخرين ، وتستعدي بعض الذين لم يكونوا في
الحسبان .
ولكي أكون موضوعيا في تناول هذه الظاهرة ، أجد نفسي اقف على حد
السكين ، أخشى من الفهم الخاطئ والأحكام المسبقة ، والاتهام
السريع والمريع ، لأن لغة المداهنة والمهادنة ، والتطبيل
والتزمير ، والتكبير والتصغير ، ليست هي لغة المنطق في عرض
الحقائق ، وليست هي الأسلوب الأمثل في فن التأثير على الآخرين ،
واجادة أصول اللعبة الديمقراطية ،وممارسة النقد دونما تجريح أو
شتائم ، وانما الانحياز الكامل للحقيقة والواقع .
ومن هنا أجد نفسي ميالا للفكرة والموقف اللتان صبغتا حالة
التطرف في كينونة ووجدان حسام خضر ، ولعل ذلك يرجع للمنشأ
الاجتماعي الذي نشأه في طفولته ، وانعكس على مجمل تطوره ونموه
الثقافي والاجتماعي والسياسي ، سلبا أو إيجابا ، فحالة البؤس
والحرمان التي رافقت طفولته ، مثله مثل باقي سكان المخيمات
والمحرومين والمهمشين ، هي التي صبغت مواقفه بالتشدد والتطرف
،وعدم القبول بالحلول الوسط ، ومغالاته في انتقاد المخطئين ،
ومطالبته بمحاسبة الفاسدين ، وسعيه الدؤوب للوقوف إلى جانب
المظلومين ، والدفاع عن قضاياهم ، حتى وان كلفه ذلك العناء
والمشقة ، وخسارة بعض العلاقات ، فالمهم عنده هو ممارسة قناعاته
، بعيدا عن عوامل الربح والخسارة ، واللغة المتعارف عليها عند
الدبلوماسيين ، هكذا فهم دوره كعضو في المجلس التشريعي ان ينحاز
دائما لهموم المواطن على حساب المسؤول ، وان يسلط الضوء على
الممارسات الخاطئة بهدف تصويبها . باختصار شديد اختار حسام خضر
الطريق الصعب في مشواره النضالي ، والمليء بالأشواك والمتاعب ،
فمحاربة الاحتلال الإسرائيلي لا تعفي أو تغني عن ممارسة
الاصطلاح الإداري والمالي بل كلاهما وجهان لعملة واحدة عنده .
ومن منطلق التأكيد على فكرة الوفاء التي أطلقها عيسى
قراقع بصفته رئيسا لنادي الأسير الفلسطيني عندما دعا لانتخاب
الأسير مروان البرغوثي رئيسا للمجلس التشريعي الفلسطيني ، وليس
من باب التقليد الأعمى ، فإنني ارشح ولنفس الاعتبارات ، وليس
بهدف إحراج أحد أو المزايدة على أحد ، وانما بهدف إحراج الحكومة
الاسرائيلية ، وتسليط الضوء على ملف الأسرى الفلسطينيين ، ارشح
حسام خضر ليكون وزير دولة في حكومة أبو العلاء . أن المردود
المعنوي لهذه الخطوة ان تمت سيكون كبيرا ، لأن الإشارات التي
أرسلها خضر عبر محاميه مشجعة عندما طالب القوى الوطنية
والإسلامية منح الحكومة فرصة حقيقية للنجاح.
لا شك أن ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني كان من أهم مرتكزات
توجه حسام خضر ، ودعواته المتكررة نحو التغيير والإصلاح ، ووضع
الرجل المناسب في المكان المناسب والوقت المناسب ، والدفع
باتجاه القيادة الشابة لتتبوأ مواقع في رأس الهرم القيادي ،
وخاصة تلك التي اعتركت في معمعان السجون والنضال ، إضافة إلى
الكفاءات المهنية واصحاب الاختصاص ، ولكن دعواته كانت تجابه
بالمحاربة والنبذ والتجريح ، والمغالاة في إطلاق حملات التشويه
والتحريض .
هي فكرة وفاء تلك التي ادعو اليها تضامنا مع رموز وقادة
، سواء داخل السجون او خارجها ، وفاء بلا مقابل ، بل وفاء للفكرة
. |