قال السيد أبو مازن يوم أمس
الأربعاء،الموافق 11 حزيران يونيو الجاري، أنه لن يستقيل، و هذا
لن يحصل، وهو لن يقدم استقالته، موضحا أن الوحيد المخول بطلب
الاستقالة منه، هو الرئيس عرفات.
ورد عرفات الذي كان يقف إلى
جانب أبو مازن " ليس أنا المجلس التشريعي.
ثم أضاف عرفات " لا أنا ولا
المجلس التشريعي طلبنا منه ذلك".
هذا الكلام الذي قيل
أعلاه،يكون صحيحا عندما تكون الحكومة الفلسطينية برئاسة أبو مازن
ممثلة لجميع أبناء الشعب الفلسطيني، وليس لفئة محددة منهم. هذه
الحكومة التي تخضع لمحاسبة المجلس التشريعي الفلسطيني،يمكنها
الاستقالة في حال طلب منها ذلك رئيس السلطة الفلسطينية. فرئيس
السلطة،له الحق في ذلك. أما المجلس التشريعي الفلسطيني،المنبثق
عن اتفاقيات أوسلو،يمثل سكان الضفة والقطاع بحسب تلك
الاتفاقيات. وهو قانونيا لا يحق له تمثيل اللاجئين الفلسطينيين
في الداخل. على الرغم من وجود بعض أبناء المخيمات في المجلس. مثل
النائب المعتقل حسام خضر،من مخيم بلاطة للاجئين قرب نابلس.لهذا
المجلس فترة عمل محددة،ثم يحل وتقوم انتخابات جديدة،تأتي بمجلس
جديد،لكن المجلس التشريعي الحالي تقادم،شأنه شأن كل مؤسسات منظمة
التحرير الفلسطينية،مع العلم أنه ليس من تلك المؤسسات،أصبح قديما
ولاغيا. فقد انتهت مدة صلاحيته منذ 1998.ولم يقم رئيسه أو رئيس
السلطة بالدعوة لانتخابات جديدة،منذ تلك الفترة وحتى يومنا
هذا.وهناك مشاريع تقدم بها المجلس المذكور لكنها لم ترى النور
أبدا،وبقيت حبرا على ورق. ومعروف أن المجلس المذكور له صبغة
قريبة جدا من بعضها ،إذ أن الذين دخلوه أو وافقوا على ترشيح
أنفسهم لعضويته في السابق،كانوا من الذين يؤيدون أوسلو ومن
التنظيمات التي لم تعادي أوسلو.لذا فأن العقلية السياسية متشابهة
لحد كبير بين أعضائه بغض النظر عن اختلاف انتماءاتهم السياسية
والفكرية.والأهم من كل شيء أن المجلس التشريعي لم يعد مجلسا
شرعيا،منذ أن انتهت مدة صلاحيته في عام 1998.هنا يصبح من حق
الشعب الفلسطيني في الضفة والغربية وقطاع غزة، مطالبة أبو مازن
وحكومته بالاستقالة.ويكون الطلب شرعيا ودستوريا ومنطقيا
وطبيعيا،بما أن تلك الحكومة نالت شرعيتها من مجلس لم يعد شرعيا.
هذا من ناحية الشرعية والمؤسسات والقانون. أما من ناحية
أخرى،فهناك الشعب الفلسطيني في الشتات،هذا الذي لا تمثله السلطة
الفلسطينية.لأن له ممثل شرعي مغيب،كان من المفترض أن يكون هذا
الممثل، مسئولا عن السلطة الفلسطينية نفسها. لكن لا السلطة خضعت
لرقابة المنظمة،ولا المنظمة بقيت منظمة حتى تراقب وتحاسب السلطة
على أداءها.فذهبت المنظمة،المؤسسة الفاعلة،وحضرت اللجنة
التنفيذية المعتقة مثل النبيذ القروي،وغير الفاعلة بنفس الوقت.
فاحتلت مكانة متقدمة،كانت ولازالت على رأس الصفوف،تؤدي خدمات
لتمرير الاتفاقيات التي لا يمكن لها أن تمر،لو كان لدى الشعب
الفلسطيني،كيانا وطنيا وممثلا يحترم رأي الشعب وقناعا ته
وخياراته.
من هنا يحق للشعب الفلسطيني في
الشتات،وللاجئين الفلسطينيين أينما كانوا،أن يقولوا لأبي مازن
وغيره،لا تتحدثوا باسمنا،ولا يحق لكم التنازل عن حقوقنا،لأنكم
بنهجكم السياسي لا تمثلوننا،وبتوجهاتكم السلمية! لا تتبعون
مواقفنا وأفكارنا.أما أفكاركم التي جاءت في قمة العقبة،وقبلها
وبعدها في خطاب ومؤتمر رام الله،هذه الأفكار لا تمثلنا،وتلك
البرامج لا تلزمنا.والشعب الفلسطيني يتبرأ من كل اتفاقية تلتزم
بها حكومة أبو مازن،لا تأخذ المصلحة الوطنية بعين الاعتبار،أو لا
تتجاوز الثوابت الوطنية والحقوق الفلسطينية المشروعة والمقدسة.
من هنا نقول للسيد أبو مازن
ومن معه،أن من حق الشعب الفلسطيني أن يطالبك بالاستقالة أو أن
يفعل سياسة الإقالة بحقكم،في حال تجاوزتم حدودكم. وأنتم فعلتم
ذلك ثلاث مرات خلال شهر واحد، في خطابكم أمام المجلس التشريعي،في
قمتي العقبة وشرم الشيخ و في المؤتمر الصحفي الأخير في رام
الله.وتحدثتم بلسان لا يمكن أن يكون لسان حال الشعب الفلسطيني.
كانت كلماتكم تحرق
الفلسطيني،تزيد معاناته معاناة،تصب الزيت على نار غضبه
المشتعلة.كنتم تتحدثون وكأنكم من وفد بوش وشارون،لا من وفد
فلسطين. فماذا تريدون بعد كل تلك التجاوزات؟
هل تريدون من شعب فلسطين أن
يصلي وراءكم باتجاه البيت الأبيض؟
كان من الأفضل لكم أن تلتزموا
الإجماع الوطني،خاصة أن شارون لا يعيركم ولا يعير كل العرب أي
اهتمام.لكنكم مضيتم في طريقكم المظلم،وكأن هذا الطريق
المظلم،أصبح أكثر إنارة بعد ظلام أوسلو الطويل.
لم يعد هناك غير طريق
واحد،أحد،هو طريق الوحدة الوطنية المستند للإجماع الوطني،للحد
الأدنى،للبرنامج السياسي والميداني المشترك،المتمسك بالانتفاضة
وبخيار المقاومة،جنبا إلى جنب مع الفعل السياسي الذي يمكنه
استثمار تضحيات الشعب وبطولات أبناء الانتفاضة وإنجازات
المقاومة.إذا تمسكت حكومة أبو مازن بهذا البرنامج الوطني والتزمت
به،عندها ستجد الشعب الفلسطيني خلفها وسيقوم بحمايتها ويتمسك
بها،بدلا من مطالبتها بالاستقالة أو إجبارها على فعل ذلك. نقول
هذا، والأوضاع الميدانية في فلسطين، تسير نحو الاشتعال بشكل
كبير. فسياسة شارون التصعيدية،المتسلحة بماء جاء في لقاءي شرم
الشيخ والعقبة،من شعارات مكافحة الإرهاب. تلك السياسة بدأت تترجم
عمليا في المناطق الفلسطينية،عبر عمليات الاغتيال. وسوف تقود
المنطقة إلى حمام دماء جديد،ليس أوله ولا آخره ما حدث ويحدث
اليوم من غارات واغتيالات وتصفيات في قطاع غزة الصامد.