لن تكون
هناك مساومة حول حق العودة للسجناء في هذه
المرة
بقلم:
داني روبنشتاين
"لن
نكرر الخطأ الذي ارتكبناه في اوسلو، وسنطالب
في هذه المرة باطلاق سراح كل السجناء
الأمنيين الفلسطينيين" قال وزير شؤون
الأسرى، هشام عبد الرازق. الكثيرون في
القيادة الفلسطينية يتفقون معه،
والفلسطينيون يطالبون من الآن في اطار مساعي
التوصل للهدنة باطلاق سراح السجناء. هشام
عبد الرازق يقول ان الفلسطينيين سيطالبون
باطلاق سراح كل السجناء الفلسطينيين
المعتقلين في اسرائيل من دون استثناء في
اطار تطبيق خريطة الطريق.
يوجد
في اسرائيل اليوم 7000 سجين أمني حسب
التقديرات الفلسطينية، 53 في المائة منهم
ينتمون لحركة فتح، و38 في المائة ينتمون
لحماس والجهاد الاسلامي والجبهات اليسارية.
واغلبيتهم موجودين في منشآت تابعة لجيش
الدفاع ومصلحة السجون (بأعداد متساوية
تقريبا)، والأقلية منهم موجودة في مراكز
التحقيق التابعة "للشباك" والشرطة. 1300
منهم هم سجناء اداريون (من دون اجراءات
قضائية)، كما توجد في السجون الاسرائيلية 72
امرأة فلسطينية أمنية و200 حدثا تحت سن
الثامنة عشرة. السجين الأكثر شهرة هو مروان
البرغوثي، عضو المجلس التشريعي الفلسطيني،
وأحد البارزين في قيادة فتح. البرغوثي يتمتع
بشعبية كبيرة في الشارع في المناطق كما تشير
استطلاعات الرأي وهو يعتبر الثاني بعد عرفات
في شعبيته ويرون فيه مرشحا محتملا لخلافته.
البرغوثي مشغول وهو في سجنه في الرملة - من
خلال الرسل - بعملية الحوار الجارية بين فتح
والمعارضة الفلسطينية. القيادة الفلسطينية
تعتقد ان اطلاق سراحه قريب بعد محادثة كانت
قد جرت حول ذلك بين شارون وحسني مبارك.
المصادر الفلسطينية تقول ان مبارك قد وعد
شارون باطلاق سراح عزام عزام الاسرائيلي
المسجون في مصر مقابل اطلاق سراح البرغوثي.
في
السجن الاسرائيلي يوجد سجناء آخرون ذوي
مرتبة عالية مثل حسام خضر، عضو البرلمان
الفلسطيني من نابلس (مخيم بلاطة)، الناشط
جدا في قضية اللاجئين. حسام خضر عبر طوال كل
السنين عن مواقف معارضة لقيادة السلطة
الفلسطينية رغم كونه من حركة فتح نفسها.
الآن هو في السجن الاداري في محطة شرطة
اسرائيلية. كما يوجد في السجن عبد الرحيم
ملوح، عضو اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف عن
الجبهة الشعبية وهو سجين اداري في مجيدو.
والسجين الآخر البارز هو حسن يوسف من رام
الله وهو من حركة حماس وموجود الآن في خيام
سجن اوهلي كيدار في بئر السبع.
عضو
المجلس الوزاري هشام عبد الرازق يقول ان
الموقف الرسمي الفلسطيني لا يميز بين الأسرى
وفقا للانتماءات التنظيمية، وهو يعتبر ان
الاهتمام الأول مركز على السجناء القدامى.
وهؤلاء يبلغون 450 سجينا كانوا قد سجنوا في
اسرائيل قبل عام 1994 وقبل التوصل الى اتفاق
اوسلو واقامة السلطة الفلسطينية. في السابق
جرت مفاوضات كثيرة بين اسرائيل والفلسطينيين
لاطلاق سراح السجناء، الا ان القرار بقي بيد
الحكومات الاسرائيلية في نهاية المطاف، وهي
التي كانت تقرر من الذي سيتم اطلاق سراحه.
"الامر لن يكون على هذا النحو في هذه المرة"
وعد هشام عبد الرازق وأضاف بأن "اطلاق سراح
السجناء سيكون فقط بالتنسيق الكامل معنا".
هناك
حالة انفعال كبيرة تلمس في الايام الأخيرة
في المناطق مع اخلاء سبيل أقدم السجناء
الفلسطينيين، محمد أبو جبارة المعروف بأبو
السكر. أبو السكر من حركة فتح وقد مكث في
السجن 27 سنة. قبل اسبوعين أطلق سراحه بعد
محادثة بين شارون وأبو مازن، وتم اطلاق سراح
تيسير خالد، عضو م.ت.ف عن الجبهة
الديمقراطية معه حيث كان مسجونا طوال عدة
اشهر في السجن الاداري.
حفلات الاستقبال أقيمت لأبو السكر باعتباره
بطلا وطنيا (من ترمسعيا شمالي رام الله).
عيسى قراقع من نادي الأسير الفلسطيني يعتبر
ان السجناء "هم شبان، كل ذنبهم انهم لم
يتكيفوا مع الحياة في ظل الاحتلال"، في
نهاية الاسبوع نشر مقالة تصويرية أدبية
احتفاء بأبو السكر ووصف خلالها وصوله الى
رام الله بعد 27 سنة من الغياب القسري في
السجن ليكتشف أمامه واقعا جديدا غريبا عنه
حيث المستوطنات والطرق الالتفافية والحواجز
وأبناء الشعب الفلسطيني الذين لا يخرجون من
منازلهم تقريبا إلا من جنازة لاخرى.
في
الاسبوع الماضي جرى اطلاق سراح زياد أبو
عين، من قادة فتح في رام الله، حيث اعتقل
طوال 14 شهرا. أبو عين يقول ان الأجواء في
السجون صعبة بسبب ظروف الاعتقال الشديدة،
ولكن الامر الاسوأ هو عدم إتاحة الفرصة
لزيارات العائلات من الضفة وغزة بسبب الظروف
الأمنية، وهناك سجناء لم يشاهدوا أهاليهم
منذ سنة ونصف وأكثر. منزل أبو عين كان قبلة
للوافدين الراغبين في تهنئته، وبعضهم من
وزراء أبو مازن القلقين جدا على قضية
السجناء. عائلات الأسرى هي مجموعة ضغط قوية
جدا في الشارع الفلسطيني. في الاسبوع الماضي
نظمت في المناطق مسيرات تضامنية. هناك من
يقولون ان عرفات مشغول اليوم بقضية السجناء
أكثر من السابق. أحد نشطاء فتح في رام الله
يقول ان عرفات شبه عاطل عن العمل الآن ولذلك
لم يتبق أمامه إلا معالجة بعض القضايا
التنظيمية وعلى رأسها قضية الأسرى. "من
يدري، ربما كان يعتقد ان اطلاق سراح السجناء
سيؤدي الى اطلاقه من سجنه في المقاطعة" قال
صحفي من شرقي القدس.كل اعضاء القيادة
الفلسطينية يجمعون بأن التوصل الى أي تسوية
مع اسرائيل غير ممكن من دون عملية اطلاق
سراح واسعة للسجناء، فذلك وحده سيكون الدليل
للجمهور الفلسطيني على ان الجانبين
المتخاصمين ينتقلان من وضع الحرب الى وضع
جديد - عملية السلام. بعد اتفاق اوسلو بقيت
اغلبية السجناء الفلسطينيين داخل السجن،
وهذه الحقيقة كانت حسب رأي الكثيرين في
المناطق من بين العوامل التي أدت الى فقدان
الثقة في عملية السلام والى فشلها.