حسام
أسباب كثيرة تدفعني للكتابة عن حسام خضر منها ما هو عام ومنها ما
هو شخصي،لكنني اكتب الآن عن فلسطيني أسير يدفع ثمن موقفه،بل يدفع
ثمن جرأته على ممارسة موقف يدعي كثيرون ممن نعرف أنه موقفهم
ولكنهم يمارسون عكس ما يقولون فلا يعتقلون!
تعمدت تعريف حسام بهذه الخصوصية لإدراكي بأن الضوء يكون اكثر
إشعاعاً عندما يلمع في العتمة،ولإحساسي بأن القضية هي دائماً
أكبر من الفرد،وأن الموقف الوطني الحقيقي أهم وأكبر كثيراً من
عضوية المجلس التشريعي أو عضوية السلطة العتيدة والحكومة الرشيدة
والأجهزة الأمنية الصامدة يحفظها الله ذخراً للأمتين العربية
والإسلامية وجماهير العالم الثالث والشعوب المحبة للسلام.
كنت قد تلقيت اتصالاً لطيفاً من صديق في الصف الوطني يدعوني
للكتابة عن حسام،خاصة وأنني كتبت عن الرجل قبل اعتقاله،ولم أستطع
في المكالمة القصيرة أن أوضح للصديق أن حسام خضر ومروان البرغوثي
يكتسبان أهميتهما من خلال مواقفهما وأدائهما على الأرض وليس من
خلال عضويتهما في المجلس التشريعي الذي أعتز بوجوده وإن كانت
هناك ملاحظات كثيرة على أدائه وعلى انتخاباته وعلى خضوعه للكتل
والكوتات.
كما أن الرجلين يجسدان توجهاً شعبياً يترجم الإبداع الفلسطيني في
تجديد الدم والحفاظ على الألق النضالي عندما يتشبث "الحرس
القديم" بالمواقع رغم التقاعد المبكر أو المتأخر من النضال.
صور كثيرة تتداخل الآن في ذاكرتي فأرى حسام ومروان في المواجهات
وأرى رام الله و نابلس وبلاطة في ذروة الاشتباك وأرى..الجدار
والأسوار وأسلاك الشيك على سور السجن،وأرى الزنزانة المعتمة
وبابها الحديدي الثقيل..وأرى اجتماعاً تنسيقاً "لبحث آليات عودة
الهدوء الى المناطق"!.
لم أر حسام منذ سنين فالرجل ليس سائحاً في العواصم الأمنية،وربما
يشعر مثلي بالخجل عند الجلوس في مطعم فندق يحمل اسما أميركياً أو
فرنسياً،لكنني أذكر خالتي أم حسام حين بهدلت جنود الاحتلال في
نقطة تفتيش للباص بعد اجتياز الجسر قبل سبعة من سني الوهم
بالسلام العصري والرهان على حسن نوايا العسكر.
قد يطول اعتقال حسام أو يقصر،لكنه طريق ذو مسرب واحد فقط،ولا
خيار غير المقاومة..أو السقوط ،ولعل أعداد شهدائنا وأسرانا تؤكد
أننا شعب غير قابل للسقوط.وقد نواصل الاتفاق أو نختلف لكن الرجل
يبقى صاحب غلاوة في القلب لأنه صاحب لغة واحدة. ننتظر يا
حسام،وننتظر عودتك إلينا وإليها..أعني نابلس،بل أعني فلسطين.
|