حسـام
خضـر … كلمة صادقة وصوت جريء
من
لم ينل شرف الإعتقال،ولم يذق مرارة القيد و قساوة السجان ، ومن
الجهة الأخرى لم يتذوق نكهة روعة الحياة الجماعية داخل المعتقل
،ونشوة الصمود والإنتصار تحت سياط الجلاد،وعظمة الشموخ والكبرياء
حتى في أحلك اللحظات ، من لم يذق كل هذا عليه ان يدرك جيداً بأن
الحياة داخل المعتقل وفي مقابل الصورة القاتمة السواد ممثلة
بالإحتلال وممارساته ، هناك صورة مشرقة للحياة الداخلية للأسرى
تستحق الفخر و لها رونقها الخاص ، لها منظومة من القوانين
والتقاليد الخاصة بها،وتشعر نفسك بأنك في كنف مجتمع تطمح ان يكون
قائماً خارج الأسر
.
وعلى مدى سني حياتي سمعت وقرأت عن كثير من المناضلين ممن كان لهم
دور مميز في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة وآخرين ممن لهم
تجارب رائعة خلف القضبان، وكنت أتمنى أن ألتقي بعضهم،ومنهم من
شكل ولا زال نموذجاً يحتذى … وبالطبع فكما يسجل التاريخ أسماء من
ساهموا في صنعه ، فالحركة الوطنية الأسيرة هي الأخرى تسجل بكل
فخر أسماء من ساهموا بتميز في صنع تاريخها الرائع والمشرق،ومن
سطروا صفحات مشرقة في سجل تاريخها المتواصل ، والذي هو جزء وجزء
مؤثر من تاريخ الثورة الفلسطينية ، وأحد هؤلاء المناضلين الذين
سمعت وقرأت عنهم في السنوات الأخيرة وتمنيت أن ألتقيهم هو الأخ
المناضل النائب الأسير حسام خضر لما كان يتمتع به من صوت
جريء،وكلمة صادقة، وموقف ثابت لا يلين قبل عملية اعتقاله على
ايدي قوات الاحتلال الاسرائيلي ، وإزداد إحترامي وتقديري له بعد
إختطافه من منزله في مخيم بلاطة،وزجه في غياهب السجون في السابع
عشر من آذار من العام الماضي ، ليس لأنه نال شرف الإعتقال،وانضم
للقائمة الطويلة من الأسرى والمعتقلين ، فقد كان زائراً دائماً
لزنازين التحقيق،وسبق أن أعتقل أكثر من عشرين مرة،وأمضى فترات
طويلة في السجون وتعرض لأبشع أنواع التعذيب ، بل لأنه بقىّ
"حسام" الذي عرفناه قبل الإعتقال ، حسام الجرئ المخلص
للقضية،والمبادىء والذي تميز بجرأته النادرة ومواقفه الصلبة ،
ومثلما كان مناضلاً أصيلاً مخلصاً ينطق بإسم شعبه و قضاياه
العادلة ، فإنه ظل كذلك حتى في أصعب الظروف، وأحلك اللحظات، وظل
حاضراً روحاً وفكراً وكلمة محافظاً على مكانته المميزة في
أذهاننا وعقولنا،وفي قلوبنا …. ويسير بخطى ثابتة على كلمات
الشاعر " إن عشت فعش حراً أو مت كالأشجار وقوفاً " … وها هي
السنة الاولى من اعتقاله تشرف على نهايتها، حيث تصادف الذكرى
السنوية الأولى لإعتقاله في السابع عشر من آذار الحالي ، ولمن لا
يعرف سيرته الذاتية فليسأل من هو حسام خضر ؟
انه ذلك اللاجئ الفلسطيني من مواليد عام واحد وستين وتسعمئة وألف
في قرية كفر رمان ، ينحدر من عائلة يافاوية هاجرت من يافا بعد
حرب عام 1948م واستقرت في مخيم بلاطة بنابلس،وانخرط في الثورة
منذ صغره من خلال حركة فتح،وكان ناشطاً وفاعلاً،ويتمتع بعلاقات
إجتماعية واسعة ومن مؤسسى لجان الشبيبة في الوطن،وأحد القادة
المؤسسين لحركة الشبيبة الطلابية في جامعة النجاح الوطنية حيث
حصل من هذه الجامعة على بكالوريوس في ادارة الاعمال والعلوم
السياسية ، واعتقل ثلاثاً وعشرين مرة ، وفرضت عليه الإقامة
الجبرية لمدة عام ، ليس هذا فحسب بل كا مناضلاً عنيداً،وفي مقدمة
صفوف المواجهة المباشرة مع جنود الإحتلال مما عرضه للإصابة
مرتين عامي واحد وثمانين وسبعة وثمانين في كتفه الأيسر وساقه
اليمنى.
ومع بداية الإنتفاضة الأولى اعتقل جريحاً ، وكان من أوائل
المبعدين ونفذ قرار الإبعاد في الثالث عشر من كانون الثاني عام
ثمانية وثمانين وتسعمئة وألف و عاش حياة الإبعاد بمرارتها
وقساوتها،ولكنه لم يفقد الأمل بالعودة،ولم يثنه الإبعاد عن
مواصلة مشواره النضالي . وفي عام 1990 انتخب عضواً في الهيئة
التنفيذية للإتحاد العام لطلبة فلسطين،ومن ثم عين عضواً في
المجلس الوطني الفلسطيني .
وبعد ست سنوات من الإبعاد القسري تحقق الحلم بالعودة ، فعاد الى
أرض الوطن في الخامس من نيسان عام أربعة وتسعين وتسعمئة وألف
ليواصل نضاله وعطاءه فشكّل على الدوام نموذجاً نضالياً
وجماهيرياً فكان أحد قادة حركة فتح بالضفة الغربية،ورئيس لجنة
الدفاع عن حقوق اللاجئين ، وفي الإنتخابات التشريعية حظي بثقة
الشعب،فانتخب عضواً في المجلس التشريعي ، و بتاريخ السابع عشر من
آذار عام ثلاثة بعد الألفين م ، انتهكت حصانته البرلمانية حيث
اختطف من منزله الكائن في مخيم بلاطة،وقد خضع لعملية تحقيق
وتعذيب قاسية ووحشية استمرت ثلاثة شهور متواصلة لم تنته عن
مواصلة عطائه،ولم تسكت صوته الجريء، و شكل اينما وجد وفي أي
معتقل حالة معنوية ونضالية لمن حوله، ودأبت إدارة السجون على
نقله بإستمرار بهدف الحد من تأثيره .
و يعيش الآن في حالة من العزل الإنفرادي التام في سجن بئر السبع
داخل القسم رقم أربعة في زنزانة رقم أربعة عشر وبظروف قاسية
جداً،وتفتقر لأبسط مقومات الحياة البشرية … وخصص يوم الخامس عشر
من آذار يوماً لمحاكمته من قبل الإحتلال ، والذي بيفترض أن يحاكم
هو على جرائمه بحق شعبنا الأعزل،ومن هنا فإنني أناشد كافة أعضاء
المجلس التشريعي،وكافة الشرفاء من أبناء شعبنا البطل وكافة
الأحرار في العالم بالوقوف الى جانب النائب الأسير حسام خضر
وأسرانا جميعاً،وبالمشاركة في الفعاليات التضامنية المختلفة معهم
.. وليكن يوم الخامس عشر من آذار يوماً للتضامن الشعبي مع الأسرى
والمعتقلين ، يوماً للتعبير عن تضامننا مع النائب حسام خضر
ورفضنا لمحاكمته ، ومطالبتنا بمحاكمة الإحتلال على جرائمه .
فأسرانا
الذين ضحوا بحريتهم من أجل حريتنا يستحقون منا أكثر من احترامنا
وفعلنا التضامني معهم ، يستحقون أن ننحني تقديراً لنضالاتهم
وصمودهم ، يستحقون أن نضحي من أجل حريتهم .
فليحاكم الإحتلال على جرائمه ...
لا لمحاكمة مناضلي الحرية
والحرية للنائب الأسير حسام خضر ولكل الأسرى
|