نيسـان والأوفيـاء ...!!
بقلم
/ عبد الناصـر عوني فروانـة
في القلب أَشرقت شـمـسٌ لا تغيب ... هي أنتم أيها الشـهداء
في القلب أُضيئت شـموع ٌلا تنطفئ ... هي أنتم أيها الأسـرى
في القلـب نَمت ورودٌ لا تذبـل ... هي أنتم أيها الأوفيـاء
ونيسانٌ بالنسبة للحركة الوطنية الأسيرة هو شهرٌ للشهداء والأسرى
والأوفياء ، وبالأمس القريب كَتبتُ عن الشهداء والأسرى في نيسان
، واليوم وجدت من الأهمية بمكانٍ أن أكتب عن الأوفياء في نيسان .
فالأوفياء لفلسطين ومقدساتها ، للشهداء ودمائهم ، للأسرى
ومعاناتهم ، هم أقليةٌ من حيث العدد والحجم في هذا الزمن الأغبر
، لكنهم أكثريةٌ من حيث الفعل والتأثير ومع الوقت سيُحدثون
التغيير النوعي لصالح ما يؤمنون به ويدافعون عنه ، وهؤلاء مًن
نُعلق عليهم آمالنا في صناعة المستقبل الزاهر لنا ولأطفالنا ،
واسمحوا لي بأن أكتب عن الأوفياء للأسرى في نيسان المنصرم ... عن
الأوفياء وأقصد بالأوفياء ليس كل من يشارك بالفعاليات بل أولئك
الذين انتموا لقضية الأسرى وآمنوا بعدالتها ويشاركون طواعيةً من
أجلها وبدافعٍ ذاتي لإحساسهم وقناعاتهم بضرورة التضامن مع أسرى
الحرية والدفاع عنهم ، والنضال والتضحية من أجل مناضلين ضحوا
بحريتهم من أجل حرية فلسطين ومقدساتها وشعبها ومستقبل أطفالها
... وأستبعد من فهمي وقصدي للأوفياء أولئك الذين يدافعون عنهم
لأجل المقابل المادي فقط أو يشاركون نتاج تأثيرات خارجيةٍ خارجةٍ
عن إرادتهم أو يُفرض عليهم المشاركة أحياناً بحكم مكان عملهم أو
لمجاملة هذا المسؤول أو ذاك فهؤلاء ليسوا بأوفياءٍ ولا يستحقون
مجرد الشكر بل نوجه اللوم والعتاب لهم .
نعم فالأوفياء المخلصون يستحقون منا كل الإحترام والتقدير ،
والأوفياء المشاركون طواعية بإستمرار في الإعتصام الإسبوعي أمام
مقر الصليب الأحمر وفي كافة الفعاليات يستحقون منا أكثر من ذلك
... ونحن أسرى سابقون وندرك جيداً التأثير المعنوي الإيجابي
للفعاليات الجماهيرية على نفوسهم ومعنوياتهم وصمودهم ، ومن
الجانب الآخر تُسلط هذه الفعاليات الضوء على معاناتهم وظروفهم
اللاإنسانية .
وفعاليات إحياء يوم الأسير وهو اليوم الوطني للحركة الوطنية
الأسيرة في نيسان هذا العام والتضامن مع الأسرى كانت أكثر من
العام المنصرم بل وأكثر من الأعوام القليلة المنصرمة كماً وزخماً
، وإن لم يكن بمستوى الطموح لكنه يدفعني للتفاؤل بإتساع رقعة
التفاعل الجماهيري مع قضية الأسرى ، ولتسليط الضوء أكثر سأورد
بعض تلك الفعاليات .
- بدأت الفعاليات مع بداية نيسان وزُينت شوارع غزة ببوسترات ضخمة
ومعبرة ومما حملته خارطة فلسطين وموزع عليها السجون والمعتقلات
الإسرائيية والتي تقارب 25 سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف وذلك ضمن
حملة للتضامن مع الأسرى نظمتها وزارة الأسرى والمحررين بغزة
وبرنامج غزة للصحة النفسية تحت شعار " الحرية لأسرانا خف القضبان
" واشتملت هذه الحملة على العديد من الفعاليات والأنشطة منها
الإعتصامات والندوات وورشة عمل عبر الفيديو كونفرس مع الضفة
ومعرضٌ للصور الخاصة بالحركة الوطنية الأسيرة وإبداعاتها الفنية
والذي أقيم بمقر الوزارة بغزة ، كما وُزعت خلال الحملة البوسترات
الكبيرة والملصقات الصغيرة .
- في الرابع عشر من نيسان أقامت اللجنة الشعبية للتضامن مع مروان
البرغوثي بالتعاون مع جمعية الأسرى ومنظمة أنصار الأسرى مهرجان
حاشد في ساحة الأزهر بغزة تضامناً مع النائب الاسير مروان
البرغوثي في الذكرى الثانية لإعتقاله ومع كافة الأسرى ، وخلال
نفس الفترة أقيمت العديد من الفعاليات في مناطق مختلفة من الضفة
والقطاع .
- منتصف نيسان اللجنة الشعبية للتضامن مع النائب حسام خضر وكافة
الاسرى تقيم مهرجاناً جماهيرياً حاشداً في مخيم بلاطة تضامناً مع
الأسير حسام وكافة الأسرى وأيضاً نظمت اللجنة فعاليات أخرى لنفس
الهدف .
- أوائل نيسان نظمت اللجنة الشعبية للتضامن مع القائد عبد الرحيم
ملوح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ونائب الأمين العام
للجبهة الشعبية ،عدة إعتصامات في غزة والضفة تضامناً من الأسير
ملوح وكافة الأسرى .
- في السابع عشر من نيسان نظمت لجنة القوى الوطنية والإسلامية
بغزة مسيرةً حاشدةً وبمشاركة ذوي الأسرى وأسرى محررين ووزارة
الأسرى وجمعية الأسرى ومنظمة أنصار الأسرى وبرنامج غزة للصحة
النفسية ومؤسسات وشخصيات وطنية عديدة ، حيث تجمعت الحشود أمام
مقر الصليب الأحمر بغزة ومن ثم انطلقت المسيرة وجابت شوارع غزة
ورفع المشاركون اليافطات ورّددوا الشعارات التضامنية مع الأسرى
ومطالبين بحريتهم وتوقفت في ساحة المجلس التشريعي والتي تحوّلت
إلى مهرجانٍ خطابيٍ ألقى خلاله وزير الأسرى والمحررين كلمةً تطرق
فيها لمعاناة الأسرى كما أشاد فيها بصمودهم مؤكداً بأن لا حل
سياسي دون الإفراج عنهم .
- مساء السابع عشر من نيسان نظمت وزارة الأسرى والمحررين وجمعية
الأسرى والمحررين " حسام " وإطارها الشبابي منظمة أنصار الأسرى
وبرنامج غزة للصحة النفسية مهرجاناً جماهيرياً حاشداً في مركز
رشاد الشوا الثقافي بغزة حضره حشدٌ جماهيريٌ كبير من ذوي الأسرى
وأبنائهم ومن الشخصيات الوطنية وأسرى محررين وألقى خلاله الوزير
هشام عبد الرازق كلمة بمناسبة يوم الأسيرالفلسطيني والعربي ، كما
ألقى الأخ ماجد أبو شمالة أمين سر جمعية الأسرى كلمة الأسرى ،
وتخلل المهرجان العديد من الفقرات الفنية لأبناء الأسرى.
- نظمت جمعية الأسرى والمحررين " حسام " ومنظمة أنصار الأسرى
حملةً تضامنيةً واسعة مع الأسرى واشتملت على العديد من الأنشطة
ومنها الحشد لاعتصامات أمام مقر الصليب الأحمر والمشاركة الفاعلة
في المهرجان التضامني مع النائب مروان البرغوثي وفي المسيرة
الوطنية وفي المهرجان المركزي بالإضافة لفعاليات ومهرجانات في
مخيمات ومدن القطاع ، كما وزينت شوارع وجدران القطاع بيافطاتٍ
وشعاراتٍ تضامنيةٍ مع الأسرى مطالبة بإطلاق سراحهم ... هذا ونظمت
أيضاً منظمة أنصار الأسرى مسيرةً تضامنيةٍ مع الأسرى محمولة على
الدراجات وجابت شوارع غزة الرئيسية وهي تحمل صور الأسرى ، هذا
وتنظم يوم الإثنين 3/5 مهرجاناً تضامنياً مع الأسير العربي سمير
قنطار .
- نادي الأسيرالفلسطيني في الضفة الغربية نظم العديد من
الفعاليات والأنشطة ضمن حملةٍ شملت كافة المدن والمخيمات وتنوعت
فعالياتها من إعتصاماتٍ ومسيراتٍ ومهرجاناتٍ جماهيرية ورياضية
وندوات في المدارس والجامعات ومقابلات تلفزيونية ومهرجانات
مركزية إحياءاً ليوم الأسير الفلسطيني في عدة قرى ومدن في رام
الله وطولكرم ، وفي نابلس وجنين ، وفي الخليل وبيت لحم ..إلخ كما
نظمت زياراتٍ لأهالي الأسرى .
- صُدر خلال نيسان العديد من النشرات والمجلات والتقارير
والبيانات المتعلقة بالأسرى وأوضاعهم وظروفهم الصعبة وكان أبرزها
تقريراً إحصائياً شاملاً وبالأرقام عن الاسرى أصدرته وزارة
الأسرى والمحررين ، ونشرةً حملت عنواناً لا بد للقيد أن ينكسر
أُصدرت عن نادي الأسير الفلسطيني، كما وأصدرت دائرة الإعلام
والتوثيق بجمعية الأسرى والمحررين " حسام " عدداً خاصاً من
مجلتها " الحرية " ، وأيضاً أصدرت منظمة أنصار الأسرى تقريرها
الإعلامي والذي تناول أوضاع الأسرى وظروفهم ، وخصصت الصحف
المحلية جزءاً كبيراً من صفحاتها لتغطية هذه القضية والفعاليات
التضامنية وتضمنت العديد من اللقاءات والتصريحات الصحفية خاصةً
لوزير الأسرى وللعديد من الناشطين في هذا المجال ، ونشرت العديد
من التقارير والمقالات وقصص المعاناة كما وتطرقت إلى يوم الأسير
العربي وإلى الأسير سمير قنطار ...
- مواقع ألكترونية مختلفة خَصصت جزءاً من مساحتها لهذه المناسبة
، ونَشِطَت أقلامُ الأوفياء وكَتب العديد منهم عن هذه القضية ،
كما ونشرت العديد من الصور المعبرة والتي تعكس معاناة الأسرى
وأساليب وظروف إعتقالهم .
- المحطات المحلية المرئية و الإذاعية المختلفة ومحطة فلسطين
الفضائية سلطت هي الأخرى الضوء على هذه القضية وتداعياتها
والفعاليات الخاصة بها ...
أما المحطات الفضائية العربية فلم تكن بمستوى المطلوب ومرت
غالبيتها مرور الكرام كخبر خلال نشراتها في يوم الأسير الفلسطيني
، بإستثناء قناة المنار الفضائية والجزيرة الفضائية حيث بثت
الأولى تقاريراً وفيلماً وثائقياً ، أما الثانية فبثت تقريراً عن
الأسيرات الفلسطينيات .
- الجامعات الفلسطينية المختلفة ولجان الطلبة فيها نظمت العديد
من الندوات وورشات عمل ومهرجانات تضامنية مع الاسرى .
هذا غيض من فيض ، وبالرغم من الصورة المشرقة هذه ومشاركة الآلاف
من الأوفياء طواعية من أبناء شعبنا الفلسطيني وفي مقدمتهم عددٌ
من القيادات السياسية والوزراء وأعضاء من المجلس التشريعي
وممثلين عن المؤسسات الأهلية ، إلاّ أن هناك بعض الملاحظات
والتمنيات والإقتراحات يمكن تسجيلها هنا :
بداية آمل أن تتسع دائرة الأوفياء وأن تستمر الفعاليات التضامنية
وأن تتجاوز حدود الوطن لتشمل كافة بلدان الوطن العربي الكبير ،
خاصة وأن أسرانا يتعرضون لأساليب قمعيةٍ ولهجمةٍ شرسةٍ تُعرض
حياتهم بإستمرار للخطر ... وأن لا تبقى هذه الفعاليات التضامنية
بهذا الحجم والزخم موسميةً على مستوى الوطن ، وغائبةً على
المستوى العربي والدولي .
- كان يُفترض على قناة تلفزيون فلسطين وقناة فلسطين الفضائية أن
تخصصا يوم السابع عشر من نيسان وهو يوم الأسير الفلسطيني يوماً
كاملاً مفتوحاً للأسرى وقضاياهم ، ومن الواجب أن يُحددَ حلقةٌ
إسبوعيةٌ وبتوقيتٍ محددٍ تُخصَص للأسرى .
- بتقديري كان من الأفضل توحيد وتنسيق الجهود أكثر وتشكيل لجنةٍ
وطنيةٍ وإسلاميةٍ عليا لإحياء يوم الاسير الفلسطيني تضم في
عضويتها ممثلين عن القوى الوطنية والإسلامية وعن وزارة الأسرى
وعن المجلس التشريعي وعن كافة المؤسسات المعنية مباشرةً بقضية
الأسرى وتلك التي ترغب بالمشاركة الفاعلة وأسرى محررين وشخصيات
ذات ثقلٍ جماهيري ... واحدةٌ في القطاع وأخرى في الضفة على أن
يتم التنسيق والتشاور بينهما وهذا من شأنه توحيد البرنامج
التضامني والجهود من أجل ترجمته بما يليق بالأسرى ، وتوحيد
البيان والبوستر والشعار و...إلخ والعمل بكل جدية لإستنهاض الهمم
والطاقات للمشاركة الفاعلة وخاصة من قبل الأحزاب والقوى السياسية
، فهذه مناسبةٌ وطنيةٌ والمشاركة فيها وإحيائها هو واجبٌ وطنيٌ
وإسلامي ، ولا يُعقل ومن غير المقبول أن يحشد هذا التنظيم أو ذاك
الحزب لمسيرةٍ خاصةٍ به أكثر مما يحشده لمسيرةٍ وطنيةٍ ، كما
وأتمنى في المسيراتِ والمناسبات الوطنية أن تختفي أعلام
التنظيمات والأحزاب وترفرف خفاقةً فقط أعلام فلسطين .
ينبثق عن اللجنة الأولى لجنةٌ إعلاميةٌ متخصصةٌ ذات خبرةٍ مميزةٍ
في الإعلام وبقضية الأسرى وتضم ممثلين عن نقابة الصحفيين وتعمل
هذه اللجنة على الترتيب والتنسيق مع المحطات المحلية لضمان تغطية
هذه المناسبة ، وأيضاً مع المحطات العربية لتسليط الضوء عبر
حلقاتٍ أو تقاريرٍ تتناول قضية الأسرى في السجون الإسرائيلية بل
ويجب الضغط عليهم حتى وإن كان ذلك بمقابلٍ ماديٍ فنحن معنيون
بنشر القضية عربياً ودولياً .... وهذه مهمةٌ يجب أن تبقى ماثلةً
على الدوام وأن تبقى اللجنة قائمةً على الدوام ، وآمل أن أكتب
يوماً عن دور مميز لفضائياتنا وصحافتنا العربية في تغطية شاملة
ومميزة للحركة الوطنية الأسيرة وتداعياتها وما تتعرض له.
- لوحظ غياب مشاركة مئات الآلاف من الأسرى المحررين وهذا يستدعي
وقفةً وتدارس الأسباب وكيفية تجاوزها ، فهم أكثر المواطنين
إحساساً بقضية الأسرى ومعاناتهم ، وهم من عانوا من قبل من صدأ
القيد وقساوة السجان ، ويدركون معنى وتأثير الفعل التضامني ،
وغيابهم ليس مبرر .
- لإعجابي بها أقتبس هنا بعض مما نشر في جريدة الحياة الجديدة
خلال نيسان ضمن تقرير على لسان الأخ جمال فروانـة رئيس منظمة
أنصار الأسرى ومما قاله ( بأن قضية الأسرى تحتاج إلى ثورةٍ
إعلاميةٍ بكل معنى الكلمة وتستدعي توحيد الجهد الإعلامي على كافة
المستويات وإنتاج أفلامٍ وثائقيةٍ وعقد مؤتمراتٍ في دولٍ عربيةٍ
ومهرجاناتٍ في أوروبا بالتنسيق مع الجاليات العربية ) ( وعلى
الحكومة الفلسطينية تفعيل دور السفارات الفلسطينية في كافة أنحاء
العالم ودعوتها لتنظيم مؤتمرات دولية وبمشاركة أسرى محررين
وأطفال أسرى لشرح معاناة الأسرى وذويهم ولفضح الممارسات
الإسرائيلية بحق أسرانا وإنتهاكاتها كافة المواثيق والأعراف
والإتفاقيات الدولية والإنسانية ) ... أفكارٌ حقاً تستحق التوقف
والدراسة بل والعمل من أجل ترجمتها .
في الختام وعودةً على بدءٍ أُبرِق بتحيات حارةٍ بحرارة الإنتماء
لهذه القضية وبتحيات الفخر والإعتزاز إلى كل الأوفياء الذين
شاركوا ويشاركوا بإستمرار طواعيةً من أجل الأسرى وقضاياهم
العادلة ويناضلون ليل نهار من أجل حريتهم ... نعم هؤلاء الأوفياء
الذين أقصدهم وكما قال الشهيد غسان كنفاني قبل عقود من الزمن "
دائماً يوجد هناك متسعٌ في الأرض لشهيد آخر " وأقول اليوم دائماً
يوجد هناك متسعٌ في ساحة العمل والفعل لمزيد من الأوفياء ،
دائماً يوجد هناك متسعٌ في القلب لورودٍ أخرى لا تذبل ...
الحريـة لأسـرى الحريـة
|