في الذكرى السابعة و الخمسين
للنكبة
بقلم
:النائب الأسير حسام خضر
رئيس لجنة الدفاع عن حقوق
اللاجئين الفلسطينيين
سجن
هدار يم/ قسم 3
الأخبار التي تردنا من خارج السجون وعتمة الزنازين تبشّر بكل
الخير، فحركة العودة والدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين،
واتساع دائرة العمل داخل أوساط اللاجئين، وتنامي خطاب العودة،
وتطوير الفعاليات، والازدياد الرائع لعدد مؤسسات ومراكز وجمعيات
اللاجئين، والمحاولات الجادة لبحث نوع من الائتلاف الذي يسعى إلى
تنظيم وضبط إيقاع حركة العودة، كل ذلك يجعلنا نشعر بالارتياح أن
دماء الذين استشهدوا في الدفاع عن حق العودة لم تذهب سدى، وأن
الذين ضحوا بحريتهم من أجل العودة كانت تضحياتهم بذوراً وسنابل
تنمو وتترعرع وبدأت تؤتي أكلها.
وفي
كل ذكرى جديدة لنكبتنا الفلسطينية عام 1948 يتجدد الأمل بأن هناك
حراساً لحلم العودة (حلم وليس وهم، فهناك فرق شاسع بين ممكن
التحقيق ومستحيل التحقيق)، وبأن حجم العمل يتضاعف ويتطور، والأهم
أن حركة العودة بدأت تخرج من حالة رد الفعل إلى الفعل المبدع، لم
يعد حرّاس العودة يعملون تحت وطأة رد الفعل، والتي عادة ما تكون
ردودا موسمية وغير مخطط لها , ولا تتسم بالإبداع، السنوات
الأخيرة أخذت منحى جديداً ومتطورا، هناك استراتيجيات واضحة تصاغ
في الأفق، وخطاب العودة أصبح أكثر رصانة ومتانة وتماسكا، وتم ضبط
المفاهيم والمصطلحات ومنهجيات العمل، وبدأ العمل الجدي في البحث
عن الآليات التي توصلنا إلى الإنجاز الحقيقي، ومن هنا بدأنا نلمس
تعميقا للبحث العلمي لكافة مستويات خطاب العودة الاجتماعية
والنفسية والقانونية والتاريخية والاقتصادية والثقافية، وبدأ
التخصص يبرز في كل من هذه المستويات، وهذا هو جزء من حلمنا الذي
لم يكن ليتحقق لولا العمل الجاد والمتواصل والواعي، ولكن المطلوب
أن يتواصل هذا الجهد، وربما أن المطلوب الأكثر إلحاحاً هو العمل
على تجميع كل الإنتاج، فوجود قاعدة بيانات أو معلومات شاملة لكل
ما كتب أو بحث أو انتج في كل الموضوعات التي تخص اللاجئين يجب أن
تجمع، وهذا يتطلب أعلى درجات التنسيق والتشبيك بين مؤسسات
اللاجئين، ربما أن الأمر يحتاج إلى إنشاء مكتبة وطنية خاصة
بأبحاث النكبة واللاجئين، وتطويرها لتصبح مكتبة إلكترونية أيضا
حتى يسهل الوصول إليها لكل مهتم على سطح هذه المعمورة.
وهذه دعوة لأن يتم عمل مشروع مشترك بين بديل ومركز العودة وشمل
وبرنامج الهجرة القسرية ومؤسسات وفعاليات اللاجئين ذات الاهتمام
البحثي، ومشاركة الباحثين المتخصصين بقضايا الهجرة واللجوء لعمل
قاعدة بيانات ومعلومات.
جزء
مهم من أدوات إدارة الصراع في هذا العصر الذي نعيشه مرتبط
ارتباطا وثيقا بالمعلومة، والمعلومة وانتشارها خطوة رئيسة على
طريق الإنجاز، وقد أدركت مجموعة من مؤسسات اللاجئين هذه الفكرة،
ولكن بعض مؤسسات اللاجئين لا تزال بحاجة إلى إحداث ثورة داخل
بنية تفكيرها، وهذا الأمر لا يمكن انجازة إلا عبر شراكة حقيقية
مع المؤسسات الفاعلة.
تأتي
النكبة حدثا تاريخيا مس الوجود الفلسطيني برمته على أرض فلسطين،
وما نتج عنها من انقلابات سياسية وديمغرافية واجتماعية وحالة
صراع دام وتناقضات لن يكتب لها التوقيف على المستوى التاريخي
إلا بإزالة النكبة وما نتج عنها من آثار. وغنيّ عن القول أنّ
التمسك بخطاب العودة وإدراجه في أدبياتنا الثقافية والمنهجية هو
أمر ضروري لتقصير عمر النكبة، وأنّ الذي يعتقد بأن أي حل ممكن أن
يتم تمريره على شعبنا فهو واهم أو جاهل في التركيبة النضالية
لشعبنا، لأن شعبنا الذي حمى حقوقه الوطنية عبر مختلف المراحل
الصعبة سيحمي حقه الثابت في العودة، فحق العودة هو الثابت الأكبر
من بين ثوابتنا الوطنية والتي لا تقبل التقادم أو التنازل أو
التجزئة أو المساومة أو التحريف .
|