اليوم
السابع والتسعون بعد الألف
أحمد دحبور
مر، حتى الآن، يوم
وثلاث سنين على مروان البرغوثي
في الأسر، ولا تبدو سلطات الاحتلال في
عجلة من أمرها، وهو لا يبدو مرتبكا أو حائرا
في مصيره. لقد اختار الطريق الأصعب
فاختارته الانتفاضة رمزا، وليس للشعب الا أن
ينظم المسيرات ويرشق الحجارة ويشيع
الشهداء، حتى ليتعب التعب والفلسطينيون يقبضون
على الجمر وما بدلوا تبديلا.
الا ان أبا القسام الذي تحول إلى رمز
ملتهب، من
شأنه أن يحول أيامه في الأسر إلى أسئلة،
والمعضلة في المسؤولين عربا وأمما متحدة.
هل يرون ويسمعون أم أن أسئلة الأسر
والحرية والانتفاضة تنتمي إلى لغة محظورة؟
.. وحتى حين تلقى مروان نبأ اعتقال
ابنه، كما كان يتلقى انباء رفقاء الانتفاضة شهداء
وجرحى ومعتقلين، فإن الأرض واصلت
دورانها حول نفسها وحول الشمس. وليس للاحتلال الا
ان يقتل ويأسر، وليس لمروان وشعبه الا
أن ينزفوا ويأسفوا على الوضع العربي
المهين.
يوم وثلاث سنين، يوم وستة وثلاثون
شهرا، يوم وستة وخمسون ومئة أسبوع.
سبعة وتسعون يوما وألف .. هل نحصي
بعدها الساعات والدقائق والثواني؟ والحبل على
الجرار .. وكأن هذا السيل من الوقت
يجري عند الجيران. فلا دولة عربية ولا جامعة
.. لا ولا حتى أمم متحدة. ففي أي عصر
نحن؟ وإذا قلت مروان قلت ثمانية آلاف أسير
فلسطيني. وغدا يوم الأسير، وغدا، أيضا
وأيضا، يوم الأمهات الأسبوعي أمام الصليب
الأحمر. لكن اليوم وغدا وأمس، هي أيام
الصمم والعمى الرسميين، فيما يحفر أبو القسام
ورفقاؤه على قسمات الأيام خريطة الزمن
الجديد الذي يبدأ من فلسطين ولا ينتهي حتى
تسود الحرية العالم.
لقد جمعت محاكم الاحتلال مؤبدا إلى
مؤبدين إلى مؤبدات،
والقت بها في زنزانة مروان البرغوثي، فهل هي
قادرة على ان تحبس الابد؟ واذا توهمت
انها تستطيع بالطائرات والدبابات
والصواريخ الامريكية ان تحرق الاخضر واليابس، فهل
تتمادى في اوهامها الى حد التصور بأن
ذلك سيزيح بسمة الكبرياء عن محيا مروان ورفقاء
مروان؟ يبدو ان الاحتلال ما زال على
جهل بالورطة التي وقع فيها. لهذا نراه يهرب الى
مزيد من القتل والقصف والنسف. الى قضم
الارض وبناء السور لكن هذه فلسطين لا
سواها
وفلسطين لم تكن لعبة اللاعب
والنار، جمرها كيف يلمس؟
على ان محنة
الاحتلال في مواجهة الجبارين، لا يعفي
الآخرين ولو من شهادة على العصر. فما الذي
سيكتب التاريخ المهان بعرب متقاعسين
وضمير عالمي تتناقله القرود الثلاثة من العمى
الى الصمم الى الخرس؟ وهل يعقل ان
يختطف الاحتلال مروان من الشارع، ثم يختطف ابنه،
لا لذنب جنياه الا ان قالا ربنا الله
ووطننا فلسطين؟ وما هي النتيجة؟ الايام تتوالى
والحجارة تطرز الفضاء وتصطبغ بالدم
الفلسطيني والقوم ينامون .. فلا اقل من ان نطلع
لهم بالكوابيس.
الحرية لاسرى الحرية. هكذا هتف شعب
الحرية من اجل مروان
البرغوثي، واحمد سعدات، وركاد سالم،
وعبدالرحيم ملوح، وحسام خضر ومئات الحرائر
اللواتي يشرفن هذا الوطن المثخن،
وآلاف الابطال الصامدين على موعد مع الشمس ويقولون
لنا القدس فلا يقول الحاكمون العرب
شيئا ولو بالهمس، حتى اذا لاحت مناسبة في الافق
قيل: غدا، ويقولون متى هذا الوعد ان
كنتم صادقين؟.
اخي ابا القسام. ومنك اليكم
جميعا. عزاؤكم ان هذا الشعب العظيم هو
شعبكم ... تهزون القيود في وجه المؤبد فيهتز
الشارع وتستمر الانتفاضة .. فهل
سيحبسون الابد؟.
|