غزة: عبد
الله عيسى
تعرض المجلس التشريعي الفلسطيني
أمس إلى هجوم شديد، حيث دعا الدكتور مصطفى البرغوثي رئيس هيئة الإغاثة
الطبية أعضاء المجلس لتقديم استقالتهم وإفساح المجال أمام إجراء انتخابات
جديدة، فيما هاجم عضو المجلس حسام خضر الطريقة التي انعقد فيها المجلس
أول من أمس بعد الحصول على إذن من رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون،
معتبرا أن ذلك دليل على الهوان الذي وصلت إليه الحالة الفلسطينية، متهما
السلطة الفلسطينية بالغياب عن الساحة. وقال حسام خضر عضو المجلس التشريعي
لـ«الشرق الأوسط» في مثل هذه الظروف «أصبحنا لا نستطيع عقد المجلس
التشريعي إلا بموافقة الحكومة الإسرائيلية، وتحديدا بموافقة رئيسها شارون
وهذا ان دل على شيء إنما يدل على حالة الهوان وغياب السلطة الفلسطينية
بالمطلق، فلم يبق من السلطة إلا رواتب الموظفين».
وأضاف خضر «ان المجلس التشريعي بتشكيلته الحالية والذي أقر الفساد وشرعه
بموافقة 58 من أعضائه على منح الثقة لحكومة سابقة اتهمت بالفساد، لا أمل
له في دور فاعل. والآن نسمع «جعجعة» إعلامية من قبل نواب المجلس التشريعي
حول منح الثقة للحكومة الجديدة وتصريحات نارية في وسائل الإعلام
والنتيجة، كالعادة، سرعان ما يتراجع هؤلاء عن مواقفهم ويمنحون الثقة
للحكومة الفلسطينية، نظرا لمصالحهم الشخصية، ولا ارى في التصريحات
النارية سوى وسيلة للمساومة لا اكثر. وبعد سبع سنوات من عمل المجلس
التشريعي دون انقطاع، رغم ان المدة القانونية للمجلس التشريعي لا تتجاوز
ثلاث سنوات، الا ان تعطيل إجراء الانتخابات أدى الى مجلس تشريعي مزمن».
وقال الدكتور مصطفى البرغوثي
لـ«الشرق الأوسط» ان المجلس التشريعي «فشل فشلا ذريعا ولم ينجح في التصدي
لأي قضية تهم الشعب الفلسطيني، فكان على الدوام سلبيا ولا أمل في إصلاح
هذا المجلس إلا بإجراء انتخابات برلمانية جديدة ليمنح الشعب الفلسطيني
ثقته لنواب حريصين على مواجهة التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني، وأرى
ان يقدم هذا المجلس استقالته لأن وجوده بهذه الصورة لا يفيد أحدا».
وجاءت تصريحات خضر والبرغوثي انسجاما مع الجو العام في الشارع الفلسطيني
الذي ساده السخط على أثر انعقاد المجلس التشريعي والأسلوب الذي أديرت فيه
جلسات المجلس.
ففي غالب الأوقات كان الخطباء من أعضاء المجلس الذين أعطي لهم حق الكلام
خلال الجلسات يتحدثون إلى أنفسهم في حين انشغل بقية أعضاء المجلس
بالأحاديث الجانبية وتبادل القبلات والسلامات والنكات والضحكات، بانتظار
أن ينهي المتحدث كلامه ليأخذ الكلمة عضو آخر يحدث نفسه أيضا.
وفي غزة انصرف النواب خلال خطاب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عن متابعة
خطابه المنقول بواسطة «الفيديو كونفرنس» واتجهوا الى مشاهدة القنوات
الفضائية التي بثت الخطاب بشكل مباشر.
وكالعادة أعلن عن فوز النائب
روحي فتوح لأمانة سر المجلس بالتزكية قبل إجراء الانتخابات الداخلية في
المجلس، بينما كان الأعضاء غارقين في أحاديثهم الجانبية.
إما وزير المالية الفلسطيني
السابق محمد زهدي النشاشيبي فقد كان الاستثناء الوحيد، حيث جلس في زاوية
في القاعة منفردا لم يحدث أحدا ولم يستمع لأحد على ما يبدو، والمثير
للدهشة ان أحمد قريع (أبو علاء) رئيس المجلس التشريعي اصطدم خلال التصويت
على الحكومة بنقطة خلاف فأعلن عن إحالتها للجنة القانونية، فاعترض
الأعضاء ولفتوا انتباهه بأنه لا يوجد لجان في المجلس التشريعي لأنه لم
تشكل هذه اللجان حتى الآن.
وخلال انعقاد جلسات المجلس التشريعي أعلن أبو علاء عن منع التدخين فلم
يستجب النواب لطلبه، بل أخرج أحدهم غليونا وبدأ يدخن وانهمك
الآخرون في إشعال السجائر. غير أن الاحتجاجات على واقع المجلس التشريعي
لم تكتف بالتدخين، بل باستخدام الهاتف النقال داخل قاعة المجلس التشريعي
والدخول في أحاديث وسلامات وتحيات عبر الهواتف النقالة، لا سيما بين
الأعضاء في رام الله وغزة، خاصة أنهم تذكروا ان لهم زملاء هنا وهناك.
وانسحب أعضاء المجلس التشريعي
في غزة من القاعة عندما بدأ ياسر عبد ربه وزير الإعلام الفلسطيني بإلقاء
بيان الحكومة بحجة أنهم سيقرأون البيان مطبوعا في وقت لاحق.