هل
مات الرئيس ....؟؟!
بقلم :
طارق حميدة - رام الله / فلسطين
قبل عام
تقريباً سألتني إحدى صغيراتي : أصحيح يا أبي أن أبا عمار قد
مات، وأن أبا عمار الموجود، ليس هو أبا عمار الحقيقي؟؟.
تملكتني الدهشة وأنا أستمع لسؤالها الغريب ، ولم أجد ُبدّاً من
سؤالها عن مصدر هذا الخبر، فقالت : إن بعض زميلاتها في الصف كن
يتحدثن أن أبا عمار قد قتل عندما سقطت به الطائرة ، وأن
الأمريكان، الذين كانوا أول الواصلين إلى حطام الطائرة ، قد
أخفوا الجثة وأتوا بشبيه للرئيس عرفات من عملائهم . ورأيت من
المناسب أن أستفسر ممن حولي إن كان أحدهم قد سمع بالقصة ، وكان
أن وجدت عدة أشخاص ترامى إلى سمعهم هذا الخبر وإن بصيغ مختلفة
، فالبعض سمع أن عمليتي القتل والاستبدال حدثتا في أحراش جرش
عام 1970 ، وآخرون : قرب أريحا عقب احتلال 1967 من قبل
الإسرائيليين ، إضافة إلى الرواية الأولى.
الجامع بين
الروايات هو موت القائد وقيام جهات معادية كالأمريكان
والإسرائيليين بإحضار بديل له من صنائعهم . باختصار هناك
قطاعات من الفلسطينيين ، وهم يرددون مثل هذه الشائعة يريدون
القول بأن زعيمهم صنيعة للأمريكان والصهاينة ، ولكن يبقى
السؤال : لماذا لا يقولون ذلك مباشرة ، ولماذا كل هذه ( اللفة
الطويلة ) ؟؟ . لقد كانت القيادة الفلسطينية ، بالنسبة
للكثيرين ، رمزاً للثورة والفداء والنضال ،وكان الزعيم في
نظرهم قديساً وراهب ثورة ، ترك الحياة وملذاتها ولم يتزوج لأجل
الوطن والقضية ... ثم هم يرون ذات الشخص يقبل بما لا يُقبل به
من الحلول ،ويتنازل ويخضع ويساوم ، ويلاحق المناضلين والثوار ،
وهو الذي كان يعاني ويشكو من تضييق وملاحقة الأشقاء.... وحيث
لم يستطع هؤلاء أن يتصوروا أو يتقبلوا فكرة التحول من النقيض
إلى النقيض، والانقلاب بمقدار (180) درجة.... فقد كان الأسهل
على عقولهم وقلوبهم أن يكون الحديث متعلقاً بشخصين لا بشخص
واحد ، وأن الثائر المناضل القديس قد مات ، بينما الموجود،
شخصية أخرى مزيفة لا تربطها بالأصل إلا التشابه في الشكل
والمظهر دون الحقيقة والجوهر. وفي الواقع فإن الناس في
عباراتهم الدارجة إذا خاب أمل الواحد منهم في صديق أو قريب ،
فإنه يخاطبه بالقول : إن صديقي أو أخي أو ابني الذي أعرفه قد
مات ، أما أنت فشخص آخر غيره ... وإذا خاب أمل الوالد في أحد
أولاده فربما أقسم في حال الغضب أنه ليس ولده ,وأنه قد استبدل
في المستشفى ...وقد ينظر إلى زوجته بارتياب ويقول ما هو أكبر
وأصعب من ذلك ، عن ولده وفلذة كبده ، فكيف إذا تعلق الأمر بمن
لا تربطه به صلة إذا خيب أمله وسبب له النكبات ، ورأى مواقفه
أقرب إلى الأعداء وأبعد ما تكون عن خدمة المصالح الوطنية؟!!.
في الواقع،إن الخيال الشعبي العربي ،وليس الفلسطيني فحسب ، قد
ألّف كثيراً من القصص عن الزعماء ، مؤكداً انتماءهم إلى دين
أعداء الأمة.. وفي الحالة الفلسطينية لم تكن القصة السابقة هي
الوحيدة في موضوعها ،فمن أشهر الشائعات التي يتناقلها
الفلسطينيون بكثرة ، وعلى أنها قصص واقعية حدثت بالفعل، أن
الرئيس، الذي اشتهر عنه توجيه الشتائم البذيئة لمن حوله ، قد
شتم أُمَّ أحد أعضاء المجلس التشريعي قائلاً له : يا ابن ال...فرد
عليه ذلك العضو :حتى لو فرضنا أن أمي كما وصفت إلا أنني أعرفها
... فمن هي أمك يا سيادة الرئيس؟؟
إنه يريد
أن يقول إن أصلي معروف ومن هذا الوطن ، بعكس أصلك ... لكأن
الجمهور يريد أن يفصح عن الشكوك التي تعتمل في فكره دون أن
يتحمل مسؤولية ذلك ، على طريقة : ناقل الكفر ليس بكافر ، ولذلك
فإنه يبحث عن بطل ينسب إليه ما يريد قوله ...وهو ينسب القصة
مرة إلى النائب عبد الجواد صالح من البيرة ، أو حسام خضر في
نابلس ، أو برهان جرار في جنين أو راوية الشوا في غزة... وقد
رأينا بعض الشعوب العربية إذا أرادت أن تنكت على قياداتها أو
تشتمهم ، فإنها تجعل تلك النكات والشتائم أحياناً على ألسنة
بعض الممثلين الكوميديين مثل دريد لحام أو عادل إمام ، ثم
يتناقلونها على أنها قصص حقيقية . الكلام في هذا الموضوع يطول
، وحسبنا في ختامه ، أنه عندما رُزق الرئيس بابنته التي سماها
( زهوة ) على اسم والدته كما قيل ... شاع بين الكثيرين أن اسم
والدته هو ( زهافا ) وليس زهوة.