مراجعات هامة
في ظل استمرار الحصار الاسرائيلي
والاغلاق وسياسة القمع التي تنافست عليهاالحكومات
الاسرائيليةالمتعاقبة ضد شعبنا بهدف تركيعه وفرض شروط الاستسلام
عليه كمقدمة لفرض حلول احادية الجانب تعطل الدور التشريعي للمجلس
التشريعي الفلسطيني المنتخب وان كان هذا الحق قد صودر منه بشكل
كبير في ظل ممارسته مهامه وانعقاد جلساته إلا انه أضاف بعدا
جديدا للعمل المؤسساتي غير ذلك الذي اعتادت علية المؤسسات
الشكلية لمنظمة التحرير الفلسطينية طوال السنوات الثلاثين
الماضية من عمرها الأمر الذي دفع بعدد من أعضاء المجلس الى
الاستمرار بنشاطات مكثفة في دوائرهم الانتخابية والاعتراك في
الحياة الفلسطينية بكل اشكالها وجوانبها كرد فطري على محاولة
الاحتلال اليائسة لتعطيل الحياة البرلمانية الفلسطينية الوليدة
ويلاحظ زيادة في عدد المراجعين من ذوي الحاجات المختلفة من
المواطنين الفلسطينيين لعدد من المكاتب الفرعية والتي شكلت قبلة
وملاذاً للمواطن المحاصر في حركته وعمله وقوت يومه . الأمر الذي
يدعو الى زيادة الاهتمام بها وتطوير فكرة المكاتب الفرعية
وتزويدها بكل ما يؤدي الى نجاحها في خدمة المواطن والوطن والقضية
ورغم إن حالة الحصار الخانق
والمواجهة المحدودة قد تركت أثارها وبصماتهاعلى مجمل جوانب
حياتنا الا انها شكلت مرارة حقيقية على الواقع الداخلي الفلسطيني
والذي لم يتطور كاستجابة للشروط المفروضة وتفاعلاتها ولو درجة
واحدة للأمام مما ابقى السيطرة لأصحاب تيار أوسلو الاقتصادي في
ظل تراجع كبير سجل لأصحاب التيار الوطني داخل السلطة الفلسطينية
الامر الذي انسحب على اداء وفعالية وحقيقة المؤسسات الرسمية
والاهلية وعزز من حالة الفردية والتفرد والهيمنة .
وابقى على الفساد الاداري
والمالي والسياسي في الوقت الذي استبشر الجميع بان هذة
(الانتفاضة ) كان يجب ان تتطور وتتواصل وتتصاعد جماهيريا ضد
الاحتلال كتعبير عملي عنيف عن ارادة الرفض القاطع لاستمرار
ارهاصات أوسلو المذلة وتنكر إسرائيل للحقوق السياسية الثابته
والمشروعة للشعب الفلسطيني بما يدفع بإتجاه انحسار تيار اوسلو
وتغيير الحكومة الفلسطينية القائمة وطواقم المفاوضين وخلق قيادة
جماعية تخطط لفعل وطني يومي وفق أجندة واضحة المعالم ومحددة
الأهداف والخروج من حالة التلقي والاستجابة وردة الفعل المرتجلة
لخطوات وسياسات المؤسسة الاحتلالية العسكرية الصهيونية .
ان تراجع المواجهة الفلسطينية
وتخبطها كان نتيجة حتمية لاستمرار نفوذ أصحاب تيار أوسلو
الاقتصادي الذين قايضوا المبادئ والاهداف والوطن والمواطنين
بمصالحهم الاقتصادية الشخصية التي وفرها وحماها الاحتلال مقابل
ضمان أمنه واستقراره وسلامة مستوطنيه وجنوده .
كما أن فشل القوى الوطنية والإسلامية في خلق
قيادة للانتفاضة على مستوى الوطن والانحسار في اوطان منكسرة ضمن
مناطق "أ" برؤى متنوعة ومتباعدة ومتعارضة احيانا زاد في حالة
الارتداد الوطني وافسح المجال امام الخطاب السياسي الرسمي
الفلسطيني لاعتبار المقاومة ارهاب والدفاع عن النفس تطاول وبرر
ملاحقة ومطاردة كل من قد يدفعه ايمانه بحقوقه الوطنية وعدالة
قضيته السياسية الى التضحية وإغلاق مؤسسات خدماتية وإلحاقها
بوزارات فاشلة بحجة انها تستخدم خدماتها للتحريض على مقاومة
الاحتلال واستمرار الانتفاضة غير الموجودة فعلا وتحديدا منذ
ديسمبر
2000
كانتفاضة شعبية تشارك فيها كل الفئات الاجتماعية وفي كل الاماكن
على العكس مما صوره ويصوره جنرالات الأعلام الذين لاذوا بالفرار
أمام اول مطلب اسرائيلي رسمي على ارض الواقع بوقفها ووقف
التحريض عليها .
إن انحسار الانتفاضة الشعبية التي انطلقت في
أيلول عام
2000
الى مواجهات محدودة وفشلها في الحفاظ على سمتها الشعبية وفشل
تطورها الى مواجهة مسلحة يستدعي من كافة القوى والمؤسسات والحركات
والأحزاب إعادة النظر في أهدافهم واساليبهم في ظل استمرار
اسرائيل بسياسة القتل والاغتيالات وفي ظل تنامي الاستعداد الشعبي
للتضحية والفداء وما هذا العدد الذي فاق كل التوقعات من الشهداء
الابرار والجرحى البواسل والمعتقلين الابطال الاتعبيرا عن مدى
جاهزية شعبنا للعطاء والمقاومة اذا ما وجد القيادة الحكيمة
القادرة على استثمار تضحياته وتوظيفها في مشروعه الوطني التحريري
بعيدا عن المتاجرة بها واستغلالها أبشع استغلال لمصالح فئة مارقة
مرتبطة بالاحتلال ومعنية باستمرار حالة اللادولة واللافكرة والتي
توفر مناخا مناسبا وفرصة تاريخية لمزيد من الثراء ومزيد من
الاحتكارات والوكالات على حساب شعبنا ونموه وتطوره الحضاري
اجتماعيا وفكريا واقتصاديا وسياسيا وامنيا من خلال دولة تشكل
حاضنة لكل الكفاءات الفلسطينية في الوطن والمنفى .
ان ثمة مشاريع سياسية خطيرة تلوح بالأفق وثمة
بدائل لا وطنية جاهزة لقيادة شعبنا الى عبودية جديدة تفوق كل
الاحتلالات المتعاقبة ولا تعد الا بمزيد من القمع والقهر والفقر
والتخلف واستمرار الاحتلال وفقا لجغرافية أوسلو البشعة مما يحثني
على التوجة بالنداء لبقايا التيار الوطني في السلطة الفلسطينية
والحركات الاجتماعية والفكرية والسياسية والأحزاب الوطنية
والحركات الإسلامية للتوحد على برنامج حد ادنى وطنيا للوقوف بحزم
امام من هو جاهز للتفريط بحق العودة والقدس والدولة مقابل مصالحه
الشخصية أن هذه المسؤولية تستدعي تفعيل مؤسسات سلطتنا الوطنية
الفلسطينية كأحد أهم الإنجازات المادية لشعبنا ومحاسبة الفاسدين
وتعزيز روح المقاومة المشروعة للاحتلال وتواصلها مالم يقر لشعبنا
الحق في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف ضمن
حدود عام
1967
والاعتراف بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى
ديارهم التي هجروا منها .
كما أنه مطلوب منا جميعا أن
نحافظ على إنجازات هذه الانتفاضة والمواجهات وعدم دوسها والقفز
عنها ككل المراحل والمحطات السابقة ؟
حسام خضر
31/12/2001
|