|
مراسل إسلام أون لاين يحاور القيادي حسام خضر |
نابلس - رأى القيادي البارز في حركة فتح حسام خضر أن الشعب الفلسطيني هو "الرابح والخاسر" في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، داعيا في الوقت نفسه حركتي حماس وفتح إلى تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية بينهما.
وفي حوار أجرته معه "إسلام أون لاين.نت"، قال خضر: "شعبنا في هذه الحرب هو الرابح في الحرب الإسرائيلية لأنه قاوم وأفشل مخططات العدو، وخاسر في الوقت نفسه لأن هذه الحرب عززت الانقسام الفلسطيني".
ودعا حركتي حماس وفتح إلى تجاوز النقاط الخلافية بينهما، لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، مؤكدا في الوقت ذاته على صعوبة تحقيق ذلك الهدف في الوقت الراهن، في ظل حالة التلاسن الإعلامي الحالية بين الحركتين، محملا كلتيهما مسئولية الانقسام الفلسطيني.
ووجه القيادي الفتحاوي عبر حديثه لـ"إسلام أون لاين" دعوة لحماس بالذهاب إلى طاولة التحاور، مشيرا إلى أن "الباب مازال مفتوحا من جانب الرئيس عباس للحوار"، وطالب خضر حماس بمساعدة قيادات فتح على "إحضار الصالحين ليمسكوا بزمام الأمور لوجود فاسدين في فتح".
وطالب حسام خضر بإعادة النظر في هيكلية منظمة التحرير الفلسطينية، ودمج مختلف الفصائل فيها، ومن بينها حماس والجهاد، وأكد أن ما وصفه بالانتصار الذي حققه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة على العدوان الإسرائيلي الأخير، مهدد بسبب حالة الانقسام الراهنة.
وينتمي خضر إلى ما يطلق عليه اسم "التيار الإصلاحي" داخل حركة فتح، والذي يطالب بإصلاح داخلي للحركة، ويعلي من شأن المصلحة الوطنية الفلسطينية العامة على حساب المصالح الضيقة لكل فصيل فلسطيني.
وفيما يلي نص الحوار:
* من وجهة نظرك، من هو الرابح ومن هو الخاسر في هذه الحرب؟
- مفهوم الربح والخسارة لدى حركات التحرر والشعوب ليس موضوعا سهل الحديث فيه، وأقول إن شعبنا في هذه الحرب هو الرابح، وهو الخاسر في ذات الوقت، رابح لأنه قاوم وأفشل مخططات العدو الإسرائيلي، وخاسر لأن هذه الحرب عززت الانقسام الفلسطيني، وبشائر هذا التعزيز تلوح مع عودة التلاسن الإعلامي بين فتح وحماس، والصراع على من سيدير أموال إعمار غزة.
ولا يجوز أن يبقى شعبنا يدفع ثمن هذا الصراع المقيت على سلطة ليست باليد فعلا، وآن الأوان أن تتداعى قيادات فتح وحماس، وأن يبادرا إلى حوار يأخذ بالاعتبار المصالح العليا لشعبنا الفلسطيني، وهذا يتطلب تقديم تنازلات والبحث عن نقاط تلاقي وتفاهمات.
هناك كثير من مواضع الاتفاق، والقليل جدا من مواضع الخلاف بين الحركتين، ونحن للأسف نتمسك بمواضع الخلاف ونترك مواضع الاتفاق والالتقاء، وذلك لوجود مصالح شخصية في الوسط، والتي قد ترتقي إلى مصالح حزبية سياسية، ولكن في النهاية شعبنا هو الضحية.
* بقراءة لهذه النتائج وما يترتب عليها، كيف سيكون لها تأثير على مباشر على مستقبل العلاقات الفلسطينية الداخلية؟
- نحن سنكتشف مع الأيام أن إسرائيل حققت هدفا أساسيا وإستراتيجيا من الحرب، وهو تعميق الخلاف بين فتح وحماس، وتعزيز الفصل الجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة كواقع جديد، وهذا أحد الأهداف الرئيسية للحرب.
كما أن المخاوف لدى القيادتين السياسيتين في فتح وحماس تدفع بهما تجاه زيادة مساحة الاعتقالات المتبادلة في الضفة وغزة، وأنا من الأشخاص الذين وقفت منذ عهد الرئيس ياسر عرفات ضد عمليات الاعتقال السياسي، وبالتالي يجب وقف كل هذه الأعمال التي يرفضها شعبنا.
* حتى نكون موضوعين وواقعين، ألا تعتقد أن قيام حماس بعمليات الاعتقال في قطاع غزة، هو ردة فعل لما يجري في الضفة؟
- في فتح والسلطة نشأ تيار أوسلو الاقتصادي، هذا التيار الذي رأى هناك فرصة تاريخية لتحقيق كسب شخصي والإثراء على حساب أموال الشعب الفلسطيني وحقوقه السياسية، وذلك في مقابل التزامات أمنية نفذها البعض على أكمل وجه ممكن، والبعض الآخر فرضت عليه، والغالبية من داخل فتح ترفضها.
وفي الانتخابات التشريعية الأخيرة (التي جرت في يناير 2005) قررت حماس المشاركة، وحصلت على الأغلبية، لتصبح عقبة تحد من تنامي هذه المصالح لدى هذه الفئات في السلطة، وهؤلاء حاولوا عرقلة حماس في إدارة السلطة، وهو ما دفع حماس إلى الحسم العسكري الذي جرى في قطاع غزة، ما أدى بعد ذلك إلى الانقسام السياسي.
نحن نقول لحماس إن لدينا فاسدين ويمسكون بزمام الأمور، نريدكم أن تساعدونا لإحضار الصالحين، ومرحبا بكم، الآن ما زال باب الحوار مفتوح من جانب الرئيس عباس.
* هل تعتقد أن استمرار الانقسام وعدم تحقيق الوحدة الوطنية، سيؤدي إلى ثورة داخلية في كلا الحركتين، ترفض الاستمرار في هذه الحالة من الانقسام؟
- أعتقد أن الحجم الكبير من الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وسقوط العدد الكبير من الشهداء، وهذه الدماء كلها ستدفع إلى ضرورة تحقيق الوحدة الوطنية.
إلا أنني لا تزال لدي المخاوف من أن يتكرس الانفصال الداخلي، وأعتقد أن الاستمرار في هذا الانقسام قد يدفع باتجاه عدم الثقة بالقيادة السياسية الفلسطينية، وكان يجب على الإخوة في حماس قبول الدعوة التي وجهها (الرئيس الفلسطيني محمود) عباس في اليوم الأول للحرب بضرورة توحيد المشهد الفصائلي في وجه هذه الحرب.
الآن وبعد الانتهاء منذ هذه الحرب، أعتقد أنه لا يوجد مبرر للاستمرار بالانقسام إلا البحث عن المصالح الذاتية، وأنا من اليوم الأول للحرب، قلت إن حماس سوف تنتصر في هذه الحرب، ولكن شعبنا سيخسر الحرب لأنه لن يقترب من الوحدة السياسية الجغرافية.
ولذلك فإن حماس لن تدخل الآن في حوار مع فتح، بل قد يكون ذلك بعد عام، وستضع مطالب قوية لها على اعتبار أنها من خاض هذه الحرب ومن انتصر فيها.
* إذن لن يكون هناك وحدة وطنية قبل عام؟
- في حال بقيت الأمور على الأرض كما هي عليه، وبقي كل طرف يتهم الآخر، وبقي الإخوة في حماس متمسكين بمطالبهم، لاسيما بعد أنهم حققوا هذا النصر في غزة، أعتقد أن تحقيق الوحدة لن يتم قبل عام.
* أين يبرز دوركم كشخصيات وطنية واعية للمشروع الوطني الفلسطيني؟
- نحن مع الوحدة الوطنية ومع الحوار، وسنضغط داخل فتح لتهيئة الأجواء، وقمنا إلى جانب قيادات من حماس في الضفة بإطلاق عدة حملات ونداءات للوفاق والمصالحة، وبالأمس كان هناك اجتماع بين قيادات من حماس وفتح بالضفة، وضم أيضا ممثلي فصائل على مستوى الصف الأول.
ونحن بصدد صياغة مبادرة لحوار وطني، لأن المشروع الوطني برمته بات مهددا، ولم تعد فتح وحماس هما المهددتان فقط، بل على العكس.. فإن المنتفعين من داخل فتح أو حماس جراء ذلك لا يمثلون 5%، والذي تضرر هو التيار الوطني في الشعب الفلسطيني.
* كم حجم التأثير الذي تستطيعون القيام به في هذه المرحلة؟
- أعتقد أنه تأثير كبير، سنقوم بمقابلة أبو مازن إضافة إلى قيادات من فتح وحماس، وأعتقد أن هناك شرفاء وطنيين مخلصين، وهم يتألمون لما يجري لشعبنا، وغير سعداء بما يقوم به أي طرف ضد أي طرف آخر.
* ما الخطوات العملية التي يمكن من خلالها إعادة الوفاق الفلسطيني؟
- الحوار فقط، هذا هو الدواء والعلاج للانقسام الفلسطيني، أن تتلاقى فتح وحماس الآن على طاولة حوار يطرح كل منهم وجهة نظره، هناك قواسم نتلاقى عليها، وهناك نقاط خلاف بيننا نبحثها ونقلل الفجوات، هناك برنامج *حد أدنى وطني* نتلاقى عليه، وأنا واثق أن حماس لا تريد غزة، وأعتقد أن حماس تدفع باتجاه الدخول في منظمة التحرير، التي يجب إصلاحها وإعادة صياغتها.
* أنتم داخل فتح.. لماذا لا تقومون بإصلاح حركتكم؟، على الأقل عقد المؤتمر السادس للحركة؟
- فتح فيها مشكلة ديمقراطية حقيقة، منظمة التحرير هي الإطار العام والمظلة للشعب الفلسطيني، وحماس والجهاد يجب أن يدخلا في هذه المنظمة ليكون هناك جسم فلسطيني واحد يتحدث باسم الشعب الفلسطيني أمام العالم، ويدافع عن حقوقه السياسية بنضال سياسي جنبا إلى جنب مع النضال المسلح.
* الرأي الذي تطرحه أنت كقيادي فتحاوي، ما النسبة داخل فتح التي تطرح هذا الموقف؟
- الغالبية العظمى، هذا كلام دقيق، فقط حماس تأتي إلى طاولة الحوار وستجد ما تطلبه وما ينسجم ورؤيتها، وأنا الآن عبر "إسلام أون لاين" أوجه دعوة للإخوة في حماس للحضور إلى طاولة التحاور، هذا أطرحه أنا ومروان البرغوثي (أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية والمعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي)، وغيرنا من القيادات الفتحاوية المتزنة والملتزمة بالمشروع الوطني الفلسطيني.
* لماذا إذن هؤلاء القلة من فتح هي من تفرض رأيها على الأرض؟
- لأن هذا التيار يتنامى في ظل استمرار الانقسام السياسي، ويأخذ من أي تصرف من قبل حماس تجاه أبناء فتح في غزة ذريعة ليرتفع بها في موقفه وموقعه، لذا نحن نقول لحماس نريد أن نعيد صياغة واقعنا السياسي والوطني والاجتماعي ولا نترك لهؤلاء المجال لكي يجعلوا من فتح مطية لهم في الوصل لأهدافهم.
* هل تعتقد أن الدعوات للحوار سواء من قبل الرئيس عباس أو من قبل قادة فتح، هي مجرد تصريحات للتسويق الإعلامي دون نوايا حقيقية؟
- حتى أكون صريحا معك، في لقاء خاص لي مع الرئيس أبو مازن سألته هل تمارس عليك ضغوط من أجل عدم إجراء حوار مع حماس؟ قال لي نعم تمارس من إسرائيل وأمريكا، وأكد لي أنه جاد في الحوار، ولكن مورست عليه ضغوط حتى قبل دخول حماس في الانتخابات من جانب إسرائيل وأمريكا، وبالتحديد من خلال وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس.
* إذن لماذا لا يقوم أبو مازن بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وسحب الذريعة التي تضعها حماس لاستئناف الحوار؟
- أنا أرى أنه يجب أن لا نعطل الحوار الوطني مقابل إطلاق سراح معتقلين سياسيين، وأعتقد أن أبو مازن *عندما وجه دعوة لكل الفصائل بما فيها حماس مع بداية على الحرب على غزة من أجل وضع خطة لمواجهة الاحتلال* أنه كان صادقا في دعوته، وأنا أرى أنه كان بإمكان حماس مجاراة ذلك، إذا كان جادا فهو كذلك، وإن لم يكن جاد فلينسحب كل طرف من جهته.
* ما المطلوب من حركة حماس الآن؟
- الحوار، أن تذهب إلى طاولة الحوار.
* على أي أساس؟
- على أي أساس تشاء، نجلس أسبوعا وشهرا وشهرين في حوار متواصل مباشر، حتى نتفق على كل شيء، وبعدها نصدر بيانا لشعبنا توافقنا أو لم نتوافق، لكن يجب أن لا تبقي حماس الأمور على ما هي عليه الآن.
* في المقابل ما المطلوب من فتح؟
- أن تذهب إلى الحوار على أساس المساواة، وأن تستمع في هذا الحوار إلى ما تطرحه حماس، وأن تتحاور مع حماس على أرضية وحدة شعبنا سياسيا واجتماعيا وجغرافيا.
* من هي الشخصيات داخل فتح المؤهلة لقيادة حوار وطني ناجح؟
- كثيرون من قيادات فتح من هم على استعداد لذلك، ومؤهلون للقيام بهذا الدور، وإذا كان لحماس اعتراض على أي شخصية، فعليها أن تقدم هذا الاعتراض لنا بشكل مباشر، وليس عبر وسائل الإعلام.
* فيما يخص باقي الفصائل والتنظيمات الفلسطينية، ما الدور المطلوب منها الآن؟
- إما أن يكون لها دور إيجابي وداعم وفاعل، وإما أن تبقى على الحياد، وأنا أتمنى أن لا تكون هذه الفصائل "شاهد زور".
* سؤال أخير، المقاومة في الضفة الغربية هل تعتقد أن وجودها مهدد؟
- نعم، هذا بشكل أساس بسبب حالة اليأس العام التي بدأت تسود لدى نفوس الكثير من المقاومين نتيجة الانقسام السياسي الفلسطيني، وما ترتب على الانقسام من إجراءات أمنية وسياسية على الأرض.
|