New Page 1
حسام خضر: في حديث خاص مع جريدة القدس
14/05/2011 21:15:00
حسام خضر: تشكيل حكومة من شخصيات وطنية غير حزبية
بمهام محددة وبقيادة سلام فياض يدعم المصلحة الوطنية العليا
نابلس- غسان الكتوت/الرواد للصحافة والإعلام
اقترح حسام خضر القيادي في حركة فتح على قيادات حركتي فتح وحماس التوافق على تكليف الدكتور سلام فياض رئيسا لحكومة المرحلة الانتقالية باتجاه المصالحة، لأنه صاحب نظرية بناء مؤسسات الدولة وإعلانها في أيلول المقبل.
وطالب خضر خلال لقاء مع "القدس" قيادة فتح بالكف عن منافسة الدكتور فياض واستعدائه، مؤكدا انه رجل مهني اثبت جرأة ونجاحا غير مسبوقين منذ نشأة السلطة وحتى الآن، وقاد السلطة في مرحلة حرجة هي مرحلة ما بعد الانتفاضة والانقسام، وأسس بشكل مهني ومتطور دعائم مؤسسات السلطة، وحدّ من نهب المال العام وسوء إدارته، وأنجز على الأرض ما يعزز صمود المواطن الفلسطيني.
كما طالب خضر قيادة حماس بان يزِنوا الأمور بميزان وطني بعيدا عن كيل الاتهامات، والتحرر من عقدة الحكم المسبق على الأشياء، وبالتالي الانطلاق في الحكم على فياض مما قد يستطيع تقديمه للمرحلة القادمة وهي مرحلة المصالحة، وبناء المؤسسة الأمنية وتعزيز الواقع الاقتصادي للشعب الفلسطيني والتأسيس لمرحلة الدولة في حال تقدمنا للاحتكام إلى شرعية المجتمع الدولي، متمنيا على الطرفين أن يتحرروا من الدوافع الشخصية المقيتة التي من شأنها أن تعرقل التقدم باتجاه استمرار الدعم الدولي للشعب الفلسطيني.
وأعرب عن اعتقاده بان تشكيل حكومة من شخصيات وطنية غير حزبية بمهام محددة وبقيادة سلام فياض من شأنها أن تدعم المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني.
وقال خضر: "أتمنى من كل قلبي أن تنجح المصالحة على الأرض، وان يعود الوفاق هو السمة السائدة للشعب الفلسطيني، وان ينعم شعبنا بحالة من السلم الاجتماعي وبأعلى قدر من التسامح، وان نستطيع الخروج من حالة الانقسام التي آلمت الجميع وأثرت في الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي لشعبنا وكأنها نكبة ثانية حلت بنا، فالأصل أن نتوحد في برنامج وطني خلف أهدافنا الوطنية انطلاقا من فكرة مقاومة الاحتلال وانجاز مشروع الدولة الفلسطينية".
ولم يخفِ خضر خشيته من أن يكون توقيع الاتفاق نسخة كربون عن توقيع اتفاقية أوسلو التي خلقت مناخا ورديا تغنى به الشعب الفلسطيني، ولكن عند التطبيق على الأرض وجدنا أن الاتفاقية عززت الاستيطان وثبتت واقع الاحتلال كما لم يكن سابقا، مبديا تخوفه من ان تكون المصافحة والتوقيع على الاتفاقية مجرد أشياء شكلية قد لا تفضي إلى إعادة الانسجام والوحدة لأبناء الشعب الفلسطيني عند الشروع في التطبيق على الأرض، مبينا انه لا زال يشك في النوايا، مستلهما من انه جرى توقيع اتفاق المصالحة دون تقديم ابسط الأشياء التي تطمئن الشعب إلى أن قيادتي فتح وحماس جادتان في المصالحة، مثل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
وتمنى خضر أن تستطيع الحكومة المقترحة تجاوز العقبات على الأرض، والبدء بفكفكة ما راكمه الانقسام على طريق شعبنا، وان نتوحد كفلسطينيين ضد الاحتلال، وان تتنافس الحركتان على خدمة أبناء شعبهما والدفاع عن الأرض وتوفير الكرامة المسلوبة للشعب، بما يزيد من تمسك الإنسان الفلسطيني بأرضه، ويعزز صموده أمام إجراءات الاحتلال التي تكاد لا ترى فتح ولا حماس ولا سلطة ولا منظمة، وتتعامل مع الأرض على أنها ارض إسرائيل، ومع السكان على أنهم غرباء يجب أن يرحلوا، في وقت قدم فيه الشعب الفلسطيني عشرات آلاف الشهداء والجرحى والأسرى في سبيل حرية واستقلال فلسطين.
وقال إن المطلوب من قادتي فتح وحماس التقدم باتجاه تعزيز الوحدة الوطنية على أرضية الشراكة السياسية والتعددية السياسية، وفق ما تحدده الأنظمة والقوانين وتراه السلطة سلميا وفقا لنتائج الانتخابات، مضيفا: "آن الأوان لكلى القيادتين أن تضعا مصلحة الشعب والوطن، أو ما تبقى من وطن، فوق المصالح الشخصية والحزبية والتنظيمية.
ووصف خضر توقيع اتفاقية المصالحة بالخطوة الجريئة والشجاعة بالاتجاه الصحيح، وقال أن فتح وحماس قدمتا في هذه الاتفاقية تنازلات كان يمكن أن توفر على الشعب معاناة كثيرة لو قدمت قبل ذلك بسنوات.
وعن العوامل التي ساعدت في توقيع اتفاق المصالحة في هذا الوقت، أعرب خضر عن اعتقاده بان عدة عوامل تضافرت وساهمت في التوقيع على اتفاق المصالحة، وفي مقدمتها وعي الشعب الفلسطيني بمخاطر الانقسام وإيمانه بالوحدة الوطنية، وكذلك العوامل والتغيرات التي عصفت بالمنطقة العربية والتي ضيقت الخناق إلى ابعد حد على أعناق قادة فتح وحماس، وكذلك وعي الشعب الفلسطيني إلى حقيقة أن الانقسام خدم بشكل كبير المصالح الإستراتيجية لإسرائيل.
وقال خضر: "نشكر المصادفة السعيدة التي دفعت بهذا الاتجاه، ولكن هذا وحده لا يكفي ما لم تتوفر النوايا الصادقة والحسنة وتصدّق بوقائع عملية على الأرض".
وأخذ خضر على اتفاقية المصالحة كونها عبارة عن تقاسم وظيفي امني لفتح مع حماس في غزة، ولحماس مع فتح في الضفة، وان الاتفاقية تحايلت على الواقع بشكل شكلي، ولم تتطرق بعمق إلى ما قد يخرج الشعب من هذه المرحلة السياسية بالغة التعقيد، وان تضمنت الاتفاقية تشكيل حكومة مؤقتة ذات أهداف محددة وفصلت بين دور وعمل الحكومة من جانب ودور وعمل منظمة التحرير من جانب آخر، إلا أن الملف الأمني الداخلي وتحديدا الأجهزة الأمنية ودورها وعقيدتها وهيكليتها وبنيتها تحتاج إلى التسامي على كل الحسابات الضيقة والانطلاق نحو أهدافها الوطنية.
وحدد خضر جملة من المعيقات الداخلية والخارجية التي تهدد نجاح المصالحة، ومن بين المعيقات الداخلية، التعارض في البرامج في حل الصراع، ويتجلى هذا في أن فتح تؤمن بالمطلق بالعملية السلمية والمفاوضات كأداة لانجاز الأهداف الوطنية، فيما حماس تؤمن بالمقاومة والكفاح المسلح، معتبرا أن المزاوجة بين هذين الخيارين هو مخرج ذكي، على أن تكون الغلبة للخيار الذي من شانه أن يقرب من انجاز الدولة.
ومن بين المعيقات الداخلية أيضا كما يرى خضر ثقافة الانقسام التي على مدى خمس سنوات شكلت معيقا حقيقيا، وزرعت الحقد بدل التسامح، والتناحر بدل التنافس، مؤكدا على الحاجة إلى توجهات حقيقية داخل كل تنظيم باتجاه قواعده وعناصره وأنصاره تبث التسامح والأخوة والمحبة والانسجام، لان الانقسام جاء بشكل عنيف وخلف مآسي دامية، وتم التعامل مع الانقسام بطريقة مغلوطة منذ البداية من قبل كل طرف باتجاه الطرف الآخر.
وأشار خضر إلى حجم التحريض الإعلامي الذي سمم الأجواء وشوه الفطرة الوطنية السليمة طوال فترة أوسلو، والذي تجلى بأبشع صوره منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية، داعيا إلى انتهاج سياسة إعلامية وطنية تخرجنا من تلك الحالة وتجعل من مقاومة الاستيطان ومشروع الاحتلال أساسا لها.
وتحدث خضر عن العقيدة الأمنية للسلطة كأحد المعيقات الداخلية للمصالحة، مبينا أن هذه العقيدة الأمنية تضمن بالكامل امن وسلامة كل إسرائيلي، سواء كان مستوطنا فوق أراضي 67 أو إسرائيليا فوق الأراضي المحتلة عام 48، فيما أن العقيدة الأمنية لحماس في قطاع غزة انطلقت من رؤيا حزبية ضيقة هدفها خدمة حماس كحركة سياسية لها أهداف يكتنفها الغموض، داعيا إلى إيجاد مجموعة من الأنظمة والقوانين التي تحدد فلسفة وعقيدة وادوار ومهام الأجهزة الأمنية، ووقف التنسيق الأمني بجانبه السلبي مع الاحتلال الإسرائيلي وأمريكا، معتبرا أن هذا الأمر صعب جدا ويشكل عنصرا خطيرا قد ينفجر في أية لحظة في طريق انجاز المصالحة.
أما عن التهديدات الخارجية للمصالحة، فيرى خضر أن إسرائيل تأتي في مقدمة هذه الأخطار باعتبارها المستفيد الأوحد من استمرار حالة الانقسام والاقتتال الفلسطيني الفلسطيني لكي تتهرب من التزاماتها وتتحرر من ضغوط المجتمع الدولي، لافتا إلى أن إسرائيل على الأرض هي القوة المسيطرة، وتستخدم في ذلك عدم التواصل الجغرافي بين الضفة وغزة، وهي تدعم انفصالا حقيقيا يقود إلى إنشاء كيانين سياسيين في الضفة وغزة.
كما أن الولايات المتحدة لن تتوانى عن استخدام المال والسياسة من اجل إفشال المصالحة، وبالتالي يجب التعامل مع تشكيل الحكومة بكل حنكة وذكاء، وهذا احد المبررات القوية التي تدعم المطالبة بتكليف الدكتور سلام فياض كشخص يحظى باحترام المجتمع الدولي، وتحديدا أوروبا من اجل قيادة الحكومة الانتقالية.
وأشار خضر إلى أن النظام العربي الرسمي كان سعيدا جدا من حالة الانقسام، لأنه يحرره من الكثير من التزاماته تجاه القضية الفلسطينية، ويضعف خطر التهديد الشعبي المناصر للقضية الفلسطينية.
وأضاف أن من حسن الحظ أن كل التغيرات التي تجري في المنطقة خدمت ملف المصالحة، لأنها ضيقت الخناق على رهانات فتح وحماس، ودفعت بكلى الحركتين لهروب كل منهما باتجاه الآخر.
واختتم خضر حديثه بمطالبة كلى القيادتين بإخراج التوقيع الذي جرى من مصافحة شكلية إلى مصالحة حقيقية.
جريدة القدس/السبت 14/5/2011
|