New Page 1
مرة اخرى...الى رجل بقامة وطن اسمه هاني الكعبي/ احمد ملحم
16/05/2010 19:11:00
مر الثامن عشر من نيسان ولم اكتب اليك نصاً رثائياً كما يكتب الاخرون عادة ،واجهد نفسي كذلك في البحث عن كلمات المراثي لأخلدك بها يا رجل كل الاوقات ... لكنني ما زلت اذكرك كما لم يعد احد يتذكر...
مر الثامن عشر من نيسان وقررت ان اتحرر من سطوة القلم الذي يتربص بي...اردت ان اكتبك بصمت كصمت الوطن الذي روضوه واقتلعوا غضبه من جذوته...واكتبك بحزن المقابر الخالية، وبرودة الاضرحة التي لم يعد احد يحتضنها...بجفاف سعف النخل الصفراء ،وذبول اشتال الياسمين.
اكتبك واكتب اليك اليوم عمداً... لأبعثر اسماء الايام، والغي تواريخ ميلادها من كتاب الزمن المكرر ... فأنا ارفض ان اقيدك بتاريخ منذ اعلنت كرهك لكل القيود بكل الطرق والسبل... ومارست الحرية عملا.
مر الثامن عشر من نيسان على وطن بأكمله... كيوم عادي دون استثناءات، لم يلتفت احداً له...لا عجب سيدي فهذا وطن يجيد النسيان كما لا يجيد شيء اخر... ويجيد المرور فوق الذكريات والدماء والارواح ... بحذاء مستورد وذاكرة مفقودة معطوبة.
ها انا اكتب اليك لا لاحد سواك... ، وابعثر الكلمات دون وعي ودون جهد ايضا... فلم يعد هناك احداً يا صديقي يبكي الذكريات بصمت... فعدوى الكلمات المبتاعة المنسقة اصابت الجميع...حتى الوطن.
اكتب اليك في يوم نيساني مزاجي مثلي...ثقيل بذاكرته كذاكرتي... شامخاً كهامتك التي لم تنكسر...اكتب اليك في نيسان القاتل الحزين الحبيب المفجع المشتعل ...هذا الذي اجاد فن الوجع والقتل والالم... نيسان هذا الذي اصر ان يقيم في داخلي ضريح بأسمك... بعد ان منحني قبلها باعوام قليلة ثلاثة اضرحة متجاورة، لاربعة شهداء،،،واضرحة الموت الجماعي في جنين ونابلس .
الان سيدي اكرر ما قلته لك ذات وجع ايضا... سلام عليك... سلام على روحك الطيبة... سلام على جسدك المدثر بتراب فلسطين... سلام على رسمك وذكراك الخالدة في القلب والروح....سلام عليك يا سيدي الطيب... ويا امير القلب... سلام عليكم شهداء وطني... يوم عشتم ويوم استشهدتم ويوم تبعثون حياً.اكتب اليك لاجدد ما قلته لك... ان الشهداء لا يحملهم سوى من مر بهم ذات قدر... دموع الامهات الضاحكة في لحظة ذكرى جميلة... عيون اطفال نقيه رأت فيهم فرسان الحياة، لذلك ثمة حداد يكبر في داخلنا وسيبقى، حتى نراكم باسمين في سماءنا.
اكتب اليك لأهنئك يا هاني بوطنك الاكثر جمالاً من كل الاوطان... بدموع الامهات المشتاقة لرائحتك... وهتافات الاطفال التي تدور في فلك اسمك... بكل الاوطان التي قاتلت لها ومن اجلها... ولوطن انجب رجل كان دوماً انت...
اكتب اليك اليوم فقط لأقول لك...
انت لي يا صديقي...
انت للوطن...
الوطن لنا...
الوطن لك... ولقبراً ما زال مفتوحا في قلبه...ينتظر احتضان شهيدا اخر...
|