New Page 1
درس ثورة مصر....رهانات حماس
13/02/2011 09:49:00
رام الله 12-2-2011 وفا- تعليق إخباري
مع الإعلان عن تخلي الرئيس المصري محمد حسني مبارك عن منصبه، دخلت الثورة في مصر مرحلة جديدة، حملت مثلا وأفكارا تعزز الديمقراطية وتؤسس لمبادئ وقيم العدالة الاجتماعية ومبدأ التداول السلمي للسلطة، وشراكة حقيقية للشعب في رسم السياسات العامة، والأهم دور الشباب قوة التغيير، كل هذه المفردات وجدت دلالاتها و قوتها من الواقع و قدرتها على أن تكون مبادئ يجتمع عليها الشعب في قوته لإحداث التغيير المطلوب نحو المستقبل، فشعار الذهاب إلى المستقبل يبقى حاضرا عند شعوب المنطقة العربية وخاصة لدينا نحن الفلسطينيون، فشعب حي استطاع أن يمسك بقضيته، ويخوض من أجلها معارك وصراعات طويلة من الطمس والإلغاء إلى مكان مشرق في التاريخ العالمي، من نضال مستمر للدفاع عن حقنا في العيش كجماعة سياسية لها الحق في بناء كيانها ودولتها المستقلة أسوة في كل شعوب العالم التي نالت استقلالها.
حركة حماس احتفلت بقطاع غزة، على طريقتها الخاصة والمعتادة، بإطلاق الرصاص الكثيف في الهواء وبالخروج جماعات بأعلام الحركة وأسلحتها، وصدرت عدة بيانات ترحب بالثورة وخاصة تصريح إسماعيل هنية رئيس حكومة حماس غير الشرعية الذي قال 'إن مصر تكتب تاريخ للأمة والحصار يترنح'، وصادف يوم الجمعة أيضا دعوة شباب من قطاع غزة على صفحات الفيس بوك للتظاهر 'يوم الكرامة والوحدة' اليوم الذي شهد انتشارا أمنيا لأجهزة حركة حماس وحملة اعتقالات وإستدعاءات واسعة للشباب الفلسطينيين خشية من نجاحهم بالتجمع وإظهار قوتهم، كجماعة تطالب بتحقيق المصالحة وتعزيز الديمقراطية وقيمها في المجتمع الفلسطيني ليس إلا.
بين بيانات حركة حماس الداعمة للثورة المصرية، وممارساتها على الأرض بون شاسع وهذا يعيدنا قليلا إلى الوراء، فالانقلاب الذي قامت به حركة حماس يوم 14 حزيران 2007 ضد الشرعية الفلسطينية والنظام السياسي الفلسطيني القائم على الديمقراطية ومبدأ الشراكة السياسية والتداول السلمي للسلطة، وحجم الضحايا من الفلسطينيين الذين سقطوا برصاص مليشيات حماس يفوق بأضعاف خسائر شعب مصر في انتفاضته المجيدة، إلى جانب شكل الحكم الذي أقامته حماس في القطاع والقائم على سلطة الحزب الواحد الذي هيمن على كل مناحي الحياة، مخالفا لمبدأ الشراكة السياسية، والقائم على البطش وتغييب الحريات العامة، وعلى الإجراءات الاقتصادية الضرائبية القاسية على الشعب المحاصر والمجهد نتيجة جرائم الاحتلال.
راهنت حركة حماس باستمرار على إحداث تغيير في مصر، ولكن رهناتها كانت تستند إلى قدرت حركة الإخوان المسلمين على إحداث التغيير ضمن أجندات إسلاموية معروفة، ولكن ما حدث في مصر من ثورة شعبية بيضاء ضمن أهداف ديمقراطية اجتماعية وسياسية، تنقل مصر إلى المستقبل بأفق ومبادئ الشراكة السياسية وعدم احتكار السلطة من قبل حزب واحد يهيمن على مقدرات الحياة السياسية والاقتصادية، كل هذا قطع الطريق على حركة الإخوان المسلمين وأهدافها وبرامجها، من الاستئثار بالثورة والاستيلاء عليها، وحرفها عن أهدافها وغاياتها.
وفي نفس السياق يأتي رفض حركة حماس لإجراء الانتخابات المحلية في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة التي حددتها الحكومة الفلسطينية بعد صدور قرار محكمة العدل العليا ووافقت عليه جميع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، إن هذا الموقف ليس بجديد فحركة حماس وفي أكثر من مناسبة، وفي جلسات الحوار كانت ومازالت تعبر عن رفضها لإجراء الانتخابات لأنها تعلم أنها ستخسر وأن شعبنا الذي صوت لها في الانتخابات الماضية سيعاقبها على ممارساتها وعلى اختطافها للشرعية الفلسطينية في قطاع غزة، كما تشير معظم استطلاعات الرأي الأخيرة.
رفض حركة حماس للانتخابات وللمصالحة طيلة السنوات الماضية، وإنفرادها بالحكم في القطاع، يستند بالأساس إلى ثقافتها ومرجعياتها الفكرية ذات الأجندات الواضحة سواء في مشروع أسلمة المجتمع وشكل الحكم الذي يسعى إليه الإخوان المسلمون كما يشير سيد قطب في كتبه 'الهيمنة على السلطة وإلغاء الأحزاب' وبالتالي ضرب مبدأ التعددية السياسية والشراكة، والإجراءات التي اتخذتها حماس في هذا المجال خير دليل مثل 'تأنيث مدارس البنات، الزي الشرعي، جلباب المحاميات، تحريم الشيشة للنساء، تقييد الحريات عامه للمرأة، تغيير سن الزواج والحضانة للأبناء....الخ' كل هذه الثقافة هي في مواجهة ثقافة الانفتاح والتحرر والشراكة والتعددية السياسية والفكرية.. قيم المجتمعات المتحضرة الشعب هو المرجع وهو المحدد للسلطات.
لا خيار أمام حركة حماس إلا بالاستماع إلى صوت العقل وتنفيذ رغبة شعبنا التواق إلى المصالحة، إن إسرائيل ومنذ الآن تستعد لتحديد شكل تعاملها مع المرحلة التالية وتضع لنفسها عدة سيناريوهات، قطاع غزة ليس بعيدا عن تلك السيناريوهات، فتحقيق المصالحة والانضمام إلى النظام السياسي الفلسطيني قد يقوي ويحمي قطاع غزة من حماقات وسيناريوهات إسرائيل.
|