New Page 1
حلف دايتون – فياض
01/07/2009 12:56:00
حلف دايتون – فياض
د. مصطفى يوسف اللداوي المركز الفلسطيني للاعلام 1/7/2009
يبدو أن الحلف بين الرجلين الجنرال الأمريكي كيث دايتون والدكتور الفلسطيني سلام فياض حلفٌ قوي ومتين ، فكلاهما قادمٌ من الولايات المتحدة الأمريكية ، وكلاهما مكلفٌ بدورٍ واضح من الإدارة الأمريكية في فلسطين المحتلة ، ضمن إطار صلاحيات السلطة الفلسطينية التي منحتها إياها اتفاقيات أوسلو ، وكلاهما مفروضٌ من الخارج على الشعب والوطن ، والرجلان يحملان هماً واحداً مشتركاً ، ولهما أجندة واحدة ، ووظيفتهما واحدة ، وخصمهما واحد ، وعدوهما مشترك ، ولهما ذات المرجعية ، ويحظيان بالموافقة والمباركة الإسرائيلية ، ومنه – لا من الشعب الفلسطيني – ينالان الثقة ، ولهذا فإنهما في مركبٍ واحد ، ومصيرهما واحد ، ونهايتهما المحتومة ستكون نهايةٌ واحدة.
ويدرك الفلسطينيون جميعاً ، مولاةً ومعارضة ، حماس وفتح ، أن فياض ودايتون هما عنوان بلاء وشقاء الشعب الفلسطيني ، فالجنرال الأمريكي يخطط ويدبر بعد مشاورةٍ وتنسيق مع الجانب الإسرائيلي ، بينما يقوم فياض بالتنفيذ الأمين والدقيق لمخططاته ، فيعتقل بناءً على القائمة التي يقدمها له دايتون ، ويهاجم ويقتل أحياناً وفق أجندة دايتون السوداء ، ويبادر إلى إغلاق المؤسسات الإنسانية والجمعيات الخيرية بناءً على توصيات دايتون ، وعندما يطلب من السيد فياض الإفراج عن بعض المعتقلين وإطلاق سراحهم بناءً على تفاهمات ومتطلبات الحوار الوطني ، يقف فياض عاجزاً أو رافضاً تنفيذ الأوامر ، ويعتذر بأن هذه الاعتقالات لا علاقة لها بأجندة الحوار الوطني ، وهي تخضع لتفاهمات خارطة الطريق ، الذي يسهر الجنرال دايتون على سلامة وأمانة تنفيذها من طرفٍ واحد ، أما عندما يقع خرق من الجانب الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في مناطق ولاية فياض ، وهو خرق واعتداء دائم ومتكرر ، فإن فياض يقف عاجزاً أمام دايتون ، ولا يستطيع أن يطلب منه الضغط على الجانب الإسرائيلي ، ومنعهم من الاعتداء والتجاوز ، وقد أخطأ السيد محمود عباس أول مرة عندما سمى فياض رئيساً للحكومة الفلسطينية ، متجاوزاً بذلك خيارات الشعب الفلسطيني الديمقراطية ، وأخطأ أكثر عندما أصر على إعادة تكليفه لرئاسة الحكومة الفلسطينية ، وهو يدرك قبل غيره أن فياض يبحر بالقارب الفلسطيني نحو شواطئ إسرائيلية وأمريكية مناوئة لخيارات الشعب الفلسطيني ، فالسيد فياض ليس القبطان الفلسطيني المخلص والصادق الذي نسلمه قيادة دفة سفينتنا وسط كل هذه العواصف الهوجاء ، اللهم إلا إذا كان هناك توافق رسمي بين الرجلين ، ورضىً عن أداء فياض ومباركة له ، وأن ما بينهما تكامل للأدوار ضمن أجندةٍ وبرنامجٍ واحد ، والفلسطينيون يدركون أن فياض رجلٌ مفلس وطنياً ، وليس عنده ما يخشى عليه ، فليس له رصيد وطني أو شعبي ، وإنما رصيده كله خلف البحار ، أما رصيده لدى الشعب الفلسطيني كله فهو المزيد من الحصار والتجويع والحواجز ، والفقر والحرمان والمعاناة ، والمزيد من الاعتقال والقتل والاعتداء الإسرائيلي ، إذ عجز طوال فترة ولايته عن تحقيق أي خرقٍ في الجانب الإسرائيلي ، الذين تنكروا له ، فزادوا في حمأة البناء والاستيطان ومصادرة الأراضي ، واستشروا في تهويد مدينة القدس ، وطرد أهلها ، وهدم بيوتهم ومساكنهم ، وجاء الرد الإسرائيلي على اعتدال ووسطية فياض ، باختيار حكومةٍ يمينية متطرفة يرأسها نتنياهو ويخطط لسياستها الداخلية والخارجية أفيغودور ليبرمان ، ولن ترضى عنه أي حكومةٍ فلسطينية ولو قتل ألف سمانٍ آخر ، ويدرك الفلسطينيون أن فياض قد خضع كلياً لتعليمات وإرشادات بل وأوامر دايتون ، فأعلن التزامه ببنود خارطة الطريق ، وبدأ في تنفيذ الشروط والالتزامات المفروضة عليه ، وسهل عقد دورات شرطية وأمنية لأفواجٍ أمنية فلسطينية بالتعاون مع حكوماتِ بعض الدول العربية ، وسهل له دايتون عقد صفقات السلاح والمركبات والآليات العسكرية التي تمكن السلطة الفلسطينية من السيطرة على الشارع الفلسطيني كله ، وممارسة المزيد من القمع ضد شرائح المجتمع الفلسطيني ، والقيام بمهامٍ أمنية قذرة بالنيابة عن العدو الإسرائيلي ، وقد بلغ الأمر بفياض أن يعلن أنه غير نادم عن جرائم أجهزته الأمنية في الضفة الغربية ، وحتى أنه غير نادم عن جريمته النكراء في مدينة قلقيلية ، وقد نجح دايتون في إقناع فياض أن العدو المشترك لهما ولإسرائيل هي حركة حماس ، وفصائل المقاومة الفلسطينية ، ونجح في عقد عشرات اللقاءات التنسيقية بين مختلف مستويات الضباط الأمنيين الفلسطينيين والإسرائيليين ، ليصبح من المقبول فلسطينياً أن يعمل الضباط الفلسطينيون والإسرائيليون في غرفة عملياتٍ مشتركة واحدة ، وأن تجمع الدوريات والعربات العسكرية عناصر أمنية فلسطينية وإسرائيلية ، تنفذان معاً مهاماً مشتركة ضد عناصر المقاومة الفلسطينية ، وتجوبان معاً بكل حرية داخل شوارع المدن والمخيمات والبلدات الفلسطينية ، وأحياناً تكون قيادة غرفة العمليات المشتركة قيادة إسرائيلية ، وهي التي تقوم بوضع الخطط وإصدار الأوامر والتعليمات ، فحكومة فياض – دايتون أصبح لها في وجدان الشعب الفلسطيني في التاريخ القريب والبعيد أشباه ومثيلات ، ولعل حكومة فيشي الفرنسية التي أنشاها الاحتلال الألماني لفرنسا هي خير مثالٍ عليها ، حيث نصب الألمان حكومة فيشي لتلعب دوراً في قمع المقاومة الفرنسية ، ولتقوم مقام الاحتلال في محاربتها ، ولكن المقاومة الفرنسية أسقطتها ، وشكلت حكومة مقاومة بديلاً عنها ، وأسقطت كل خيارات التحالف التآمري ضد مصالحها الوطنية ، ولم تخضع لاملاءات الاحتلال رغم قوته ، ولسياسات الألمان رغم تفوقهم.
الحلف بين الرجلين قوي ومتين ، ولكنه حلفٌ غير مقدس ، بل حلف قذر ومشين ، فيه التآمر على الفلسطينيين بينٌ وواضح ، وفيه الولاء للعدو الإسرائيلي جلي ومكشوف ، وتبدو من خلاله الرعاية الأمريكية للمصالح الإسرائيلية ، فهو حلفٌ خطر على الشعب الفلسطيني كله ، وليس خطراً على حركة حماس وحدها ، فالسيد فياض ومعه دايتون ينشؤون ويربون فرقاً ومجموعاتٍ عسكرية وأمنية تعمل ضد مصالح الشعب الفلسطيني ، وتسهر على مصالح الإسرائيليين فقط ، وتخطئ حركة فتح عندما تسمح لهذا الحلف بالحياة والاستمرار ، فهم إن اتفقوا اليوم على حركة حماس ، فسيأتي اليوم الذي يتفقون فيه على حركة فتح ، وتخطئ حركة فتح عندما تغطي سلوكيات وتصرفات سلام فياض ، وتخطئ أكثر عندما تبرر سياساته بأنها تأتي التزاماً ببنود خارطة الطريق ، فهل تتحمل حركة فتح مسؤولية الاعتداء على حرية المواطنين ، واعتقال المقاومين ، وسحب سلاحهم ، وهل تتحمل مسؤولية حصار المقاومين وقتلهم ، وهل تقبل بما فعله فياض في قلقيلية وغيرها ، وإنه لأمرٌ مستغرب أن ينبري بعض رموز حركة فتح كحسين الشيخ مدافعاً عن سياسات حكومة فياض – دايتون الأمنية ، ومحذراً ومهدداً كل مقاومٍ فلسطيني بالقتل والتصفية بحجة تهديده للسلم والأمن في مناطق السلطة الفلسطينية ، فعلى فتح أن تدرك خطورة تماهيها مع حكومة فياض ، وأن تتجنب اليوم الذي تصرخ فيه بملء أفواه أبنائها " أكلتُ يوم أكل الثور الأبيض " ، وعلى فتح أن تتفق مع تاريخها وإرثها النضالي المقاوم ، وأن تتفق مع حماس على رئيسِ حكومةٍ ديغولي فلسطيني تكون المقاومة على رأس أولوياته الوطنية ، وتكون مصلحة شعبه هي عنوان وبرنامج حكومته ، وأن تكون الثقة الممنوحة له مستمدة من شعبه لا من عدوه.
![](images/top-page.gif)
|