New Page 1
تحليل أسبوعي : إسرائيل دولة "ابرتهايد"وفقا للشريعة اليهودية
20/12/2009 20:16:00
غازي السعدي
وصل التمييز العنصري في إسرائيل، ضد مواطنيها العرب –وفي مختلف مجالات الحياة- عنان السماء، فالمساواة بين المواطنين العرب واليهود، ودمجهم في حياة الدولة، هي مهمة شبه مستحيلة، رغم الادعاءات الإسرائيلية بالديمقراطية والمساواة وعدم التفرقة العنصرية، فهناك تمييز في المحاكم وأمام القانون، وفي التعليم والخدمات الثقافية والصحية، وفي مجال السكن والعمل والتنمية والعراقيل التي توضع أمام المواطنين العرب الذين يحاولون شراء المنازل في المدن المختلطة، وفي مجال الرفاه الاجتماعي هناك فجوة كبيرة، فسياسة التمييز القومي في ازدياد، حتى أن "أيهود أولمرت" رئيس الحكومة السابق، اعترف بهذا التمييز، مؤكدا أن السبب يعود لإهمالهم لسنوات طويلة، وأن هذا التمييز مقصود، والفوارق لا تطاق في حين تواصل الحكومات سلبهم الحقوق التي يمكنها أن تطور مستويات حياتهم والقول "لأولمرت" (هآرتس 13/11/2008)
إسرائيل من خلال احتلالها للأراضي العربية، ومن خلال ممارساتها وعنصريتها وفاشيتها وقوانينها، فهي تسير رويدا رويدا باتجاه حكم الشريعة اليهودية "التناخ"، والذي ينص على أنها دولة "ابرتهايد"، فقد مددت الحكومة الإسرائيلية لسنة أخرى سريان مفعول "قانون الجنسية"، وفقا لقانون الطوارئ الذي يدل على التمييز الشديد بحق مواطني إسرائيل العرب، والمس بحقوق الإنسان الخاص بهم، وهذا هو التمديد الثامن لهذا القانون، الذي يعطي صلاحية لوزير الداخلية بعدم منح الإقامة، أو جمع شمل العائلات في إسرائيل من الضفة الغربية وقطاع غزة والخارج، إلا إذا كان الأشخاص يهودا، وهناك عشرات القوانين العنصرية التي شرعها الكنيست، مما يجعل إسرائيل دولة "ابرتهايد".
في هذا التحليل، سنسلط الأضواء على ملف عنصري لم يتطرق أحد إليه من قبل، وهو عن أساليب التصنيف العرقي والديني ولون البشرة للركاب المسافرين على الطائرات الإسرائيلية سواء في الذهاب أو الإياب ضد مواطني عرب 48 خاصة والفلسطينيين عامة، فقد أقامت إسرائيل مركزا خاصا للإجراءات الأمنية لعرب الداخل، للتحقيق معهم قبل وصولهم لأرض المطار، فالمواطنون العرب، يتعرضون لمعاملات عنصرية قبيحة في مطار "بن غوريون" الإسرائيلي، فعند وصول المسافرين للمطار، يخضعون لتفتيش معقد ومركب، يختلف عن تفتيش اليهود، ويتم اقتيادهم بصورة أتوماتيكية للتفتيش الأمني المبالغ فيه، بشكل مهين، والذي قد يستغرق ساعات طويلة لدرجة تدخل لجنة المتابعة لعرب الداخل، التي دعت إلى مقاطعة شركة "العال" الإسرائيلية للطيران، فالمسافرون العرب –وهم من حملة الجنسية الإسرائيلية- لا يعترضون على إجراء التفتيش الأمني، لكن ما يجري يتعدى التفتيش الأمني، إذ أنه مرهق ومذل، فإسرائيل تعتبر كل مواطن عربي مشتبها به حتى وإن تم إثبات العكس، وهذه إجراءات لا تطاق تجري على الهوية، بعد أن يتم فصل المسافرين من عرب الداخل، عن بقية المسافرين كونهم عرباً لا أكثر.
الناطق بلسان شركة "العال" الإسرائيلية للطيران يعترف جهاراً بأن التفتيش الخاص بالمسافرين العرب، يختلف عن إجراءات تفتيش المسافرين اليهود، وهذا قمة التمييز العنصري، وكل ذلك يجري بموافقة سلطة المطارات الإسرائيلية، وبأوامر من أجهزة الأمن، ودون الأخذ بعين الاعتبار الضرورات الأمنية، ومع المحافظة على الحد الأدنى من حقوق المواطن وكرامته.
الأمثلة كثيرة حول ممارسات شركات الطيران الإسرائيلية ضد العرب، فالرحالات الجوية، من "كريات شمونة" في الشمال، إلى وسط البلاد، في شركة "تمير" للطيران يُمنع المواطنون العرب من السفر على هذه الرحلات، بذرائع أمنية، والسفر على متن طائراتها لليهود فقط، فالنائب العربي في الكنيست "جمال زحالقة"، تقدم باستجواب لوزير المواصلات حول منع المواطنين العرب من السفر على هذا الخط، والسؤال: إذا لم يكن ذلك العنصرية بعينها فماذا تسمى إذن؟.
لقد أدت سياسة التمييز العنصري، وغياب المساواة، إلى اتساع الفجوات، وانتهاك حقوق الإنسان، تحت ذرائع لا أول لها ولا آخر، بل أنهم يقومون بذلك علناً وجهاراً وبصراحة دون أي خجل، فسياسة الحكومة الإسرائيلية تتميز بتشريع قوانين عنصرية من قبل الكنيست، لتثبيت الرواية الإسرائيلية – الصهيونية، على عرب الداخل، وما تسميه "بأرض إسرائيل" وفرض الولاء عليهم فرضاً، وإن النظرة إلى المواطن العربي بأنه لا يستحق الحصول على الحقوق، إلا إذا تخلى عن هويته القومية، وعن ثقافته ولغته وموروثة التاريخي.
جريدة هآرتس الإسرائيلية، كشفت في تحقيق صحفي لها، عن وجود قائمة اسمية سوداء في النقاط الحدودية، لناشطين عرب، حتى أن المستشار القضائي للحكومة اعترف بوجود هذه القائمة، التي وضعها جهاز الأمن العام "الشاباك"، بأسماء شخصيات وناشطين عرب، إضافة إلى نشطاء يهود من حركات السلام الإسرائيلية، ومن اليسار الإسرائيلي، فأصحاب الأسماء في هذه القائمة، يخضعون لتحقيقات واستجوابات استفزازية، ومن التهم التي توجه لهم قيامهم بنقل وسائل قتالية إلى جهات "إرهابية"، وتؤدي هذه التحقيقات في كثير من الأحيان إلى تأخرهم عن موعد إقلاع الطائرة، فضلا عن استدعائهم المتكرر لمكاتب المخابرات، مما حدا ببعض المتضررين لتقديم دعاوى قضائية ضد الشركة، فهذه الممارسات العنصرية الممنهجة، أثارها عدد من النواب العرب في الكنيست، فالإهانة والإذلال اللذين يتعرض لهما المواطنون العرب ليس لسبب، إلا لكونهم عرباً، وعلى سبيل المثال، فإن المواطن "بكر عواودة" من سكان قرية "كفر كنا" في الجليل، وهو ناشط ومدير لمكافحة العنصرية ضد فلسطينيي 1948، يتلقى يوميا الرسائل عن المعاملة العنصرية التي يواجهها عرب الداخل في المطار، لكن لسوء حظه، وقع هو شخصيا ضحية لهذا التمييز، فقد كان مع ابن عمه المحامي "نضال عواودة" في "فينا" في مهمة نقل مريض إليها، لإجراء فحوصات ولعملية زراعة رئة له، وبعد أن انهيا مهمتهما، توجها إلى المطار في "فينا" للسفر والعودة إلى البلاد على متن طائرة "العال"الإسرائيلية، وبعد أن وصلا إلى المطار قبل ثلاث ساعات من موعد الإقلاع، بدأ رجال الأمن التابعين للشركة –وهم من المخابرات الإسرائيلية- في مسلسل التحقيق والإهانة والإذلال لهما، وتوجيه الأسئلة الاستفزازية أمام أعين المسافرين، وقد أجابوا على جميع الأسئلة، لكن ذلك لم يسعفهم، فقد كانا يحملان حاسوبا اعتبره رجال الأمن أنه يشكل خطرا أمنيا على الطائرة وعلى المسافرين، وصدرت الأوامر بمنعهما من السفر على متن طائرة "العال"، علما أن العديد من المسافرين اليهود كانوا يحملون الحواسيب المتنقلة، مثل هذه الأحداث كثيرة ويومية، وهذه الممارسات العنصرية معهما جاءت لكونهما عربا، فمنعهما من السفر، نوع من الإذلال لانتمائهم العرقي، وهذا غيض من فيض الممارسات العنصرية ضد فلسطينيي الداخل في المطارات، وبخاصة من قبل مسؤولي أمن شركة "العال" للطيران.
إجراءات شركات الطيران الإسرائيلية في تعاملها مع مواطنيها العرب عجيبة وغريبة، وأقل ما يقال عنها بأنها قمة العنصرية، فشركة "العال"، رفضت نقل (20) مسافرا من عرب الداخل إلى إسرائيل، من مطار القاهرة تحت ذريعة أن الفحوصات الأمنية، تستغرق وقتا طويلا، مما دفع بثلاثة نواب من البرلمان المصري للمطالبة بإغلاق مكاتب الشركة في القاهرة، فاضطر العشرون مسافرا لتمضية ليلة أخرى في القاهرة، أما شركة "اركيع" الإسرائيلية للطيران، ولأسباب الفحص الأمني ذاتها، منعت نقل مواطن من مواطني 1948، من إيلات إلى وسط البلاد، وهذا المواطن من قرية حرفيش الدرزية، الذين فرض عليهم الخدمة العسكرية، كما أن هذه الشركة تعرقل نقل مسافرين من عرب الداخل، يحملون جوازات سفر إسرائيلية، وتذاكر سفر لهذه الشركة، تحت تبريرات فارغة، وفي مطار "برلين"، منع رجال الأمن لشركة "اسرا" الإسرائيلية الطالبة الجامعية الفلسطينية "سوزان نجم" من مدينة حيفا، من السفر بعد تعرضها لساعات من التفتيش، تعرضت خلالها لاستفزازات ومعاملة سيئة، جرى استجوابها عن أسباب قدومها لألمانيا، رغم أن أوراقها الثبوتية صحيحة، ولم تسعفها جميع احتجاجاتها، كما لا تعرف أسباب منعها، وتطارد السلطات الإسرائيلية المواطنين الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الأمريكية، فالمواطنة "رنا مصلح" التي تحمل جواز سفر أمريكيا، منعت من الدخول إلى مطار "بن غوريون" بحجة حيازتها جواز سفر فلسطينياً، بينما دخلت البلاد عن طريق المطار، وخرجت منه عدة مرات بجواز السفر الأمريكي، ورغم أن زوجها وأولادها مقدسيون، ويحملون الهوية الإسرائيلية الزرقاء، فطلبوا منها العودة من حيث أتت، أو السفر إلى الأردن، وأمهلوها دقيقتين قبل اتخاذ إجراءات صارمة بحقها، فاختارت السفر إلى الأردن، ومثل هذه الإجراءات ضد حملة الجوازات الأمريكية من المواطنين العرب تتكرر، وهي سياسة مرسومة ومعتمدة، كي يتخلى حملة الجوازات الفلسطينية عن جوازات سفرهم، وبالتالي كي يفقدوا مواطنتهم.
لا نعرف كيف نصف هذه السياسة الرسمية الإسرائيلية العنصرية، التي تمارس تصنيفا عرقيا ودينيا ويصل حتى للون البشرة للمسافرين، على متن الطائرات الإسرائيلية، فرجال الأمن هم من أجهزة المخابرات العامة "الشاباك"، الذين ينتزعون المعلومات من المسافرين العرب، حتى أنه طال جنوب أفريقيا، الذي يذكرها "بالابرتهايد" الذي كان مفروض عليها، فحكومة جنوب أفريقيا، أبعدت مؤخرا دبلوماسياً إسرائيلياً من أراضيها، وهددت بطرد جميع ضباط الأمن في شركة "العال" الإسرائيلية، حيث تتهمهم بأنهم عملاء للمخابرات الإسرائيلية، المسموح لهم بحمل أسلحة مرخصة عن طريق السفارة الإسرائيلية، فالحكومة الأفريقية اتهمتهم بإتباع سياسة عرقية بين المسافرين، الأمر الذي يؤدي إلى معاناة المسافرين السود والذي يسبب انتهاكاً فاضحاً لقانون جنوب أفريقيا، وفرزهم للمسافرين استنادا إلى العرق أو العنصر، متجاوزين القضايا الأمنية التي لا علاقة لها بأمن الطائرة، ويقومون بالتجسس على الركاب تحت ذريعة أمن المسافرين، فإسرائيل بسياستها على جميع الصعد، وتمسكها باحتلالها للأراضي العربية، تنفذ سياسة "الابرتهايد"، ستصبح من خلالها منبوذة في العالم، وعليها الاستماع إلى آراء الاستطلاعات العالمية، بأنها تحتل رقم (1) وتشكل خطرا على الأمن والاستقرار العالمي.
19/12/2009
1)
خالد |
شكرا لكم على عرض هذا الموضوع والذي استفدت من بشكل كبير لبحث دراسي |
|
|