New Page 1
لماذا لا تقيم اسرائيل تمثالاً للشيخ طنطاوي/ وفاء اسماعيل
06/01/2010 13:46:00
* بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وانتصار فرنسا اتخذت فرنسا إستراتيجية دفاعية تبنت إنشاء خط دفاعي من التحصينات القوية المستديمة (خط ماجينو) يكون قادرا على وقف تقدم القوات الألمانية التي تنتهج سياسة (الحرب الخاطفة) في حال هجومها على الاراضى الفرنسية، مما يسهل توجيه ضربات مضادة وسحقها، فطور المهندسون العسكريون قدرات الدفاع على الحدود الفرنسية– الألمانية (الشمالية– الشرقية) وعملوا على تغطية بعض حصون الخط بالنيران والمدفعيات والقوات والدشم والملاجئ الحصينة والقواعد الخرسانية للأسلحة، وتكلف بناء خط ماجينو حوالي 3 مليار فرانك، ورغم ذلك فشل خط ماجينو في حماية فرنسا، وانهار الخط عندما هاجمت ألمانيا الاراضى الفرنسية عبر هولندا وبلجيكا في عام 1940م وسقطت العاصمة باريس، وسقط معها الخط واستسلم الجيش الفرنسي وغادر مواقعه الحصينة التي صرفت عليها المليارات.
* ومن يراقب الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل على معبر كرم سالم ومعبر رفح الحدودي من تحصينات وكاميرات وأدوات فحص لا يجد اختلافا بين تلك المنطقة الحدودية المفترض أنها مصرية وبين خط ماجينو، ومع هذا التضييق وتشديد الحصار اخترع الفلسطينيون الأنفاق كمتنفس لهم، على كل فالجدران والحواجز وما يسمى بخطوط الدفاع كلها مشاريع سلبية لا تحمى الشعوب واكبر مثال على ذلك هو خط ماجينو، وخط بارليف.. فهل استطاع خط ماجينو حماية باريس من الاحتلال الالمانى؟ هل استطاع خط بارليف حماية إسرائيل عام 1973م عندما هاجمته القوات المصرية وعبرته وفاجأت العدو مفاجأة أذهلته وألقت الرعب في قلبه؟ من يقرأ صفحات التاريخ لابد أن يخرج بحقيقة ألا وهى أن امن الشعوب لا يتحقق إلا بإقامة العدل ورفع الغبن عن الشعوب المقهورة والمظلومة والتعايش السلمي والتواصل فيما بينها، وان الجدران العازلة لا تقام إلا بين الدول التي بينها عداوة وكراهية وحروب طويلة، فهل أصبح بين الشعبين المصري وشعب غزة عداوة وكراهية تحتم على مصر بناء جدار فولاذي لحماية أمنها من أهل غزة المحاصرين؟!!
* إسرائيل أعلنت عن فرحتها وترحيبها بإصدار الشيخ سيد طنطاوي ومجمع البحوث الإسلامية بيان يؤيد فيه قرار النظام المصري ببناء جدار فولاذي على الحدود مع غزة (مع أن القرار صهيو– امريكى)، واعتبر البيان فتوى من أعلى جهة إسلامية في مصر تحلل تحليلا شرعيا بناء جدار يخنق أهل غزة ويشدد الحصار عليهم دعما لإسرائيل وحماية لأمنها، وكان البيان الصادر من شيخ الأزهر ردا على فتوى القرضاوى التي حرم فيها بناء هذا الجدار.. وخرج علينا السيد عبد المعطى بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية في قناة الجزيرة يبرر حق مصر في بناء الجدار أو غيره من الإنشاءات التي تؤمن حماية الشعب المصري وامن مصر القومي!!
كلام السيد عبد المعطى عضو مجمع البحوث الإسلامية لم يقنع طفل في الخامسة من عمره، على كلا صدور البيان من مجمع البحوث فضيحة ما بعدها فضيحة فقد تعودنا على فتاوى وبيانات الموالين للنظام المصري باسم الدين لدرجة أن هؤلاء فقدوا مصداقيتهم ليس على مستوى الشارع المصري فحسب بل على مستوى شعوب الأمتين العربية والإسلامية، وضاعت في عهد الشيخ سيد طنطاوي هيبة الأزهر واستقلاليته، وفتاواه التي تعتبر مخالفة للعقل والمنطق لن تؤثر في شعوب الأمة، تلك الفتاوى التي تكتب بحبر صهيوني، وتتجاهل موافقة النظام المصري على حق اليهود بالاحتفال بمولد أبو حصيرة تحت أعين وحراسة الأمن المصري رغم غضب المصريين من مسمار جحا (مولد ابوحصيرة) الذي فتح أبواب مصر مشرعة لدخول اليهود وممارسة شعائرهم الزائفة، وتحويل قرية "دميتوه" بدمنهور بمحافظة البحيرة المصرية على مدى 15 يوما إلى سجن لاهالى القرية وسط إجراءات أمنية مشددة، بل تحولت تلك القرية إلى مستعمرة يهودية، وربما تتحول على المدى المنظور إلى مستوطنة يهودية ويتم تفريغها من سكانها بعد عرض السفير الاسرائيلى شراء الاراضى في تلك المنطقة بمبالغ خيالية ، وعلى الرغم من صدور أمر قضائي بمنع الاحتفال، مع ذلك تجاهل النظام والشيخ طنطاوي أمر القضاء وضربوا به عرض الحائط، ولم نسمع من سيد الأزهر فتوى تحريم ولا حتى بيان إدانة لمولد صاحب القداسة السيد ابوحصيرة!!
*مبروك لإسرائيل وننتظر منها إطلاق اسم الرئيس حسنى مبارك على اكبر شوارع دولة الكيان الصهيوني، كما أطلقت بلدية حيفا اسم السادات على إحدى ميادين حيفا الرئيسية تخليدا لدوره وجهوده من اجل امن إسرائيل، ننتظر منها أيضا عدم نسيان جهود شيخ الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية الذي بارك بناء الجدار الفولاذي لحماية أمنها وامن مستوطنيها على أرض فلسطين .
* وأما الشرفاء فلهم رأى مخالف لطنطاوي: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" صرخة رددها الدكتور محمد عبد المنعم البرى الأستاذ بجامعة الأزهر ورئيس جبهة علماء الأزهر ومعه الشيخ سيد عسكر الأمين العام المساعد السابق لمجمع البحوث الإسلامية اللذين أطلقا فتوى أكدا فيها التحريم القاطع لبناء الجدار، وان بنائه محرم شرعا وأن حصار وتجويع الفلسطينيين ومنع الغذاء والدواء عنهم بهدم الأنفاق وإغراقها وإغلاق بوابة رفح لصالح العدو الصهيوني يعتبر جريمة ترتكب في حق أشقائنا الفلسطينيين وتحرمه الشريعة الإسلامية، وكانت تلك الفتوى ردا على بيان سيد طنطاوي وفرقته.
* على كلا لا النظام المصري الممثل في مبارك الذي باع العروبة والإسلام في مزاد صهيو– امريكى، ولاعصابته من نواب الحزب الوطني الذين سبوا أم وأب ودين كل من يخالف سياستهم فظهروا أمام العالم كحثالة شوارع تنضح بما في داخلها من قاذورات، ولا إعلامه البوق الساطع المهلل باسمه والمطبل بحمده يستطيعون إقناع الشعب المصري بان الجدار الفولاذي العار من اجل حماية الأمن القومي المصري، أو بهدف حماية المصريين من غزو غزاوى محتمل، ولا حتى بهدف منع تهريب السلاح والمخدرات.. فالسلاح ستصنعه المقاومة بالداخل وأما المخدرات فليس الشعب الفلسطيني مصدرها، بل مصدرها إسرائيل التي أغرقت الشارع المصري بها ولها تجار وكلاء كبار يحتلون ارفع المناصب في مصر، المخابرات المصرية تعرفهم بالاسم ولكنهم حيتان لا تستطيع الاقتراب منهم، هؤلاء هم الخطر الحقيقى على الأمن القومي المصري!!
* الغريب في الأمر بعد كل هذه الضجة حول المعبر أن كثير من الناس يتصورون أن معبر رفح هو معبر مصري، ولمصر السيادة عليه، لهذا يعتقد الجهال أن من حق مصر إقامة المنشآت عليه (هذا إذا افترضنا أن الحكومة المصرية هي من أمرت ببناء هذا الجدار العار وليس بناء على أوامر صهيو– أمريكية تطبيقا لاتفاق مسبق بين كونداليزا– ليفنى )، بينما الحقيقة التي لا تقبل الشك انه بمقتضى مجموعة من الاتفاقيات أصبح المعبر معبر اسرائيلى تتحكم فيه إسرائيل ، وتساندها الولايات المتحدة والاتحاد الاوربى ومن هذه الاتفاقيات معاهدة كامب دافيد 1979م، اتفاقية المعابر الإسرائيلية عام 2005م، واتفاق اسرائيلى اوربى فلسطيني لمراقبة المعبر، والاتفاق المصري– الاسرائيلى ( فيلادلفى ) عام 2005م، ومن يرجع لبنود تلك الاتفاقيات سيدرك أن مصر لاتملك إلا سيادة شكلية على المعبر بينما السيادة الفعلية فهي للكيان الصهيوني والولايات المتحدة، والاتحاد الاوربى كان مجرد مراقب للمعبر لحماية امن إسرائيل، لهذا النظام المصري لا يملك القدرة على فتح أو غلق المعبر إلا بموافقة إسرائيل، وعندما حملنا النظام المصري مسؤولية ارتكاب جريمة الموافقة على بناء الجدار الفولاذي، فذلك لان تلك الجريمة أولا كرست تلك السيطرة وزادت من حدة الحصار الخانق على أهل غزة، وثانيا كشفت مدى كذب مبارك وتضليله للراى العام المصري بادعائه أن لمصر سيادة على أراضيها، وان مصر تعمل لصالح القضية الفلسطينية، وغيره من تلك الأكاذيب التي صدقها كل من أراد لنفسه العيش في ظلام الباطل بدلا من رؤية نور الحقيقة الساطع ، يا سادة معبر رفح منطقة احتلال صهيونية، وجنودنا المرابطين على تلك الحدود ماهم إلا قوات حماية للكيان الصهيوني، لذلك نقول للسيد طنطاوي وزمرته فتواك أو بمعنى اصح بيانك كاذب ومخادع لشعوب الأمة ولا يمت باى صلة لا للدين ولا للواقع، بل هو صك اعتراف بسيادة إسرائيل على المعبر وبحقها في بناء ما تشاء من جدار فولاذي أو تحصينات فوق أو تحت الأرض بأموال أمريكية، بيان وقعه على بياض لأسياده دون معرفة أو دراسة، وكان من المفترض أن يقرا السيد طنطاوي بنود تلك الاتفاقيات علها تكون بمثابة صدمة له يدرك بعدها مدى الجهل الذي يتمتع به، وكان من الأولى للشيخ طنطاوي أن يفتى بتحرير هذه الاراضى الحدودية من براثن الصهاينة بدلا من تكريس احتلالهم ووجودهم على أراض مصرية، وان يطالب النظام بعدم الموافقة على بناء الجدار، لان بنائه يعتبر تغيير للواقع وانتهاك للسيادة المصرية والأمن المصري، فهل أدرك شيخنا تلك الحقائق أم انه تعود على الانسياق لأوامر سيادة الرئيس؟ فحسبي الله ونعم الوكيل في الجهلاء والأغبياء.
ونقول للنظام المصري مقولة احمد عرابي الشهيرة للخديوي توفيق: ( والله الذي لا اله إلا هو.. لن نورث ولن نستعبد بعد اليوم) وان أهل غزة لن يركعوا ولن يستسلموا لحصاركم، وستتحول غزة إلى قنبلة موقوتة تنفجر في وجه أعدائها، وسيأتي اليوم الذي يحاكم فيه كل الطغاة على جرائمهم.
**كاتبة وناشطة مصرية
|