New Page 1
لا للانتخابات التشريعية عكس التيار/ د.عبد الرحيم كتانة
02/02/2010 09:43:00
عندما تم طرح مؤتمر جنيف بعد حرب اوكتوبر, بداية السبعينات حدث انقسام أفقي وعمودي في الساحة الفلسطينية , أدى إلى ظهور ما سمي , حينها , جبهة الرفض.
وانقسمت الساحة الفلسطينية إلى جبهة الرفض وجبهة القبول أو الاعتدال , وأصبحت جبهة الرفض وفصائلها في مواجهة م.ت.ف. بزعامة ياسر عرفات وجمدت بعض الفصائل عضويتها في اللجنة التنفيذية وحدثت اشتباكات بين هاتين الجبهتين وسقط قتلى فلسطينيين على أيد فلسطينية .... الخ , لذلك لا يدعي احد ما اليوم ( معتمدا أسلوب الردح والمراوغة والكذب ) أن الانقسام الحاصل اليوم بين حماس وفتح هو الذي يدمر المشروع الوطني ويعيق التقدم في المسيرة !! السياسية!!! .فهذا محض كذب وافتراء: إن الانقسام في الساحة الفلسطينية موجود منذ بدأ المشروع الصهيوني لإقامة كيانه على ارض فلسطين وقرار الفلسطينيين بالتصدي لهذا المشروع. فابتداء من وعد بلفور فالثورة والانتفاضة المبكرة عام 1936 إلى الثورة المعاصرة واختلاف الرؤى بين وطني وقومي ويساري وبعثي ....الخ وصولا إلى اوسلوا التي كانت زلزالا مدويا , انقسم الشارع والقوى حوله طولا وعرضا وعلى يمينه ويساره.الاعتراف بهذه الحقائق ضروري للجم المزاودين الباحثين عن شماعات لتعليق فشلهم .
عندما طرح مؤتمر جنيف . وكان يومها عظمي طريا في فهم السياسة (وليس امتهانها...لأنني لم امتهنها بعد )خطر على بالي مصطلح سياسي غير دارج ولا مألوف ,فقلت أن مؤتمر جنيف علكة قدمها لنا الإسرائيلي لنتلها بها ونمضغها بينما يمضغ الاحتلال أرضنا ويقضمها شيئا فشيئا . وأننا سنختلف حول هذه العلكة ونتقاتل , وهذا ما حدث.
وما أشبه اليوم بالبارحة : اليوم وقد نضجت أكثر وأصبح عظمي أكثر صلابة في فهم السياسة أرى أن الامبريالية والصهيونية ( نعم هي امبريالية وصهيونية ) لم تعد بحاجة لأن ترمي لنا علكة لنتلهى بها , بل ترمي لنا سلطة ولو تحت الاحتلال ... جيشا وشرطة وأجهزة امن ورواتب ورتب من قبيل لواء وفريق وعميد وعقيد ولو تحت الاحتلال .... مستشارين ووزراء ووكلاء ومساعدي وكلاء ومدراء عام.
وحتى تحصلون على هذه النعم ,انهمكوا في الخلافات فيما بينكم على الكراسي والالقاب, على الانتخابات..دستوريتها, قانونيتها..لكن اعلموا أنكم لو انتخبتم حماسا مرة أخرى سنبقي على الحصار وان انتخبتم فتحا فن تحصلوا على شيء غير المفاوضات (هكذا يقولون لنا).ونحن كلنا نعرف ذلك ولكننا فرحون بلعبة الانتخابات لأنها تعفينا من التفكير في قضيتنا الأساس. لو قالوا لنا يجب أن نجري انتخابات للمجلس الوطني لفهمت وأيدت هذه الخطوة لأنها استحقت منذ أربعين عاما, ولأنها تعيد للمنظمة هيبتها ومكانتها وتنهي الخلاف والجدل حول شرعيتها ,ولأنها هي صاحبة الحق في تقرير مصير الشعب الفلسطيني ورسم برامجه وأهدافه وليس المجلس التشريعي(مجلس الحكم الذاتي) .لقد اتفقت الفصائل عشرات المرات , في جولات الحوار المتعاقبة,على إعادة بناء منظمة التحرير وكان آخرها اتفاق القاهرة في 2005 ولكن (وبضغوط خارجية) يمنع علينا القيام بهذه الخطوة ,لأنها وحدها المؤدية إلى الخروج من المأزق ( وهم يريدون لنا أن نبقى في قلب المأزق).لا ترغب معظم الفصائل بإجراء انتخابات للمجلس الوطني , لان خطوة كهذه ستضع معظم القوى في مواجهة حول حجمها الحقيقي , فتعريها تماما .هناك فصائل كثيرة لن تجتاز نسبة الحسم ولكنها في المجلس الحالي تملك عشرات الأعضاء وبضعة أعضاء مجلس مركزي وعضو أو أكثر في اللجنة التنفيذية ,وبناء عليه تحصل على ميزانية من م. ت. ف.وتستطيع أن تحصل لأعضائها على عشرات المواقع في أجهزة السلطة من وزير إلى وكيل إلى آخره.
لذلك كله تقاتل هذه الفصائل لإجراء انتخابات مجلس تشريعي وليس مجلس وطني .ففي التشريعي تستطيع أن تدخل على قوائم فتح فتفوز بمقعد أو اثنين وبعضها يستطيع أن يضاعف مقاعده الحالية إذا ما جرت الانتخابات على أساس النسبية الكاملة , ولكن هذا لن يغير من الأمر شيئا . سيستمر التنكر الإسرائيلي لحقوق الشعب الفلسطيني وسيستمر الاستيطان ونستمر نحن بالتفاوض والتسول لتامين مخصصات ورواتب الألوية والوزراء ,ويستمر الضغط الغربي وربما العربي لحثنا على التفاوض خشية توقف الدول المانحة عن إرسال الرواتب.لقد أصبحنا أسرى ألرواتب ...أو بتعبير آخر سلطة حتى آخر الشهر.
هل بقي بأيدينا أي ورقة للاستعمال والضغط ؟ لا اعتقد..ليس بأيدينا سوى الإذعان.أو ربما, إذا امتلكنا قرارنا وذهبنا إلى انتخابات مجلس وطني في الداخل والخارج وإعادة بناء المنظمة على أسس صحيحة: تنظيمية وسياسية ونضالية والتخلي عن وهم الدولة والمفاوضات في ظل موازين القوى الحالية ,تنتخب لجنة تنفيذية على أساس النسب التي ستفرزها الانتخابات والتي بدورها تكلف سلطة تنفيذية للقيام بالخدمات للسكان (إذا كان من الضروري البقاء على السلطة أصلا ).عندها سينتهي الانقسام أوتوماتيكيا بين شطري الوطن ويتوحد الفلسطينيون على هدف واحد , ربما لأول مرة.
|