الصفحة الرئيسية

 

انضموا الى صفحة الفيسبوك

   *   علاقة حركة حماس بالإخوان المسلمين بعد تولي الأخيرة الحكم بمصر من خلال سلسلة من الاحداث بين الفريقين (طلبة تخصص الاعلام بجامعة النجاح الوطنية نموذجا) إعداد أنوار ايمن حاج حمد    *   في لقاء مع جريدة القدس الفلسطينية    *   الاحتلال يفرج عن النائب حسام خضر بعد اعتقال دام 15 شهرا    *   من كل قلبي اشكر كل من تكبد عناء السفر وجاء ليهنئني في تحرري من الاسر ويشاركني فرحة الحرية    *   تهنئ لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين جماهير شعبنا الفلسطيني بالإفراج عن:    *   أتوجه لكم يا أبناء شعبنا الفلسطيني البطل أنا حسام خضر ..    *   حسام خضر الفتحاوي العنيد .. يتوقع إنتفاضة ثالثه..و يشاكس الحريّة.    *   تجديد الاعتقال الإداري للمرة الثالثة بحق النائب الأسير حسام خضر 6 أشهر أخرى .    *   

لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين

مركز يافا الثقافي

الحرية للأسير القائد حسام خضر


ليلة الإعتقال


للنكبة طعم العلقم في حلوقنا


خاطرة من وحي الاعتقال


موت قلم


لا يوجد تصويتات جديدة حالياً نتائح آخر تصويت

هل تتوقع اتمام المصالحة بعد انتخاب الرئيس المصري الجديد محمد مرسي؟

نعم: 36.84 %
لا: 31.58 %
لا أعرف: 31.58 %

التصويت من تاريخ 04/08/2012
الى تاريخ 04/12/2012
مجموع التصويتات: 57

مقالات
New Page 1

طوفان إعلام المتطرفين / محمد بن علي المحمود

04/02/2010 09:42:00

 لم تكن متابعتي للإعلام الفضائي متابعة شاملة ؛ بحيث أعي حجم طغيان طوفان التطرف التكفيري على عالم الإعلام الفضائي . كنت قد حددت عددا محدودا ومتنوعا منه ، ومحوت ما سوى هذا العدد المحدود ؛ كي أنجو بنفسي من أن تستهلكني المتابعة لكل ( دكاكين ) الفضاء . لا بد من المتابعة ، ولا بد في الوقت نفسه من رسم حدود لهذه المتابعة . ولهذا كان من الطبيعي أن يكون ما أبقيته على جهاز الاستقبال لدي كفيلا برصد الخطوط العريضة لأهم أشكال الحراك الديني والثقافي والسياسي . أي أنني كنت أحاول الظفر بعمومية الرؤية ، كنت أحاول أن أرصد الخطاب التقدمي التنويري ، في الوقت الذي أحاول فيه رصد الخطاب الديني ( الوسطي ! ) ، فضلا عن الخطاب الديني المتطرف المتمثل في قنوات الذكور (= تغييب المرأة ) والذي يحتاج لمزيد من الرصد والتحليل .

ومع إلزامي لنفسي بالمتابعة للخطوط العريضة في هذا الحراك الإعلامي الواسع ، ومع أنني أعرض عمداً عن التفاصيل حتى لا تستهلكني ، إلا أنه كان يفوتني الكثير مما يجب رصده ؛ بحكم أنني حددت ألا تتجاوز متابعتي الإعلام الفضائي ساعتين يوميا . ولولا أن كثيرا من الأصدقاء والزملاء والمُهتمين بالشأن العام ، بل والمختلفين جذريا معي ، يُنبهونني برسائلهم الجوالية الأخوية إلى أي جديد أو مختلف أو غريب أو صادم أو متصادم ؛ لحكمت على نفسي بأنني بمعزل عن الوعي حتى بالخطوط العريضة لهذا الإعلام الفضائي الصاخب .

مثلا ؛ كنت أتابع التطرف التكفيري لدينا من خلال قناتين من قنوات الذكور ( = قنوات وأد المرأة ) العنصرية المتطرفة . وبهذا أرصد حاله وتحولاته من أهم تجلياته في الواقع . أنا على يقين من أن الحراك الإعلامي الذي يسحق نصف المجتمع ( = المرأة ) ويمارس تغييبه بالكامل هو أقسى أنواع الإعلام إيغالا في التطرف بل وفي التوحش . الزعيم النازي : هتلر ، والذي هو المثل الأعلى في العنصرية المعاصرة ، لم يكن يرى بعد استيلائه على معظم أوروبا أنه يجب سحق نصف المجتمع الأوروبي . مجموع من كان يرى هتلر وجوب نفيه أو سحقه لا يتعدى 5% من جميع سكان القارة الأوروبية . بينما المتطرفون لدينا ، وكما يشف لنا موقفهم من المرأة ، عنصريون جدا ؛ إلى درجة أنهم يرون نفي وسحق وتغييب نصف البشرية ، أي أنهم أشد عنصرية من الزعيم النازي بعشرة أضعاف على الأقل . والأبلغ من كل هذا في الدلالة على العنصرية المتوحشة ، أن الشريحة المسحوقة ( = الشريحة الأنثوية ) ليست شريحة معزولة أو منفصلة ، بل هي شريحة من الداخل ، أي أن نفيها وسحقها يحتاج لأن تكون ممارسة شاملة ، بل وممارسة من الفاعل / العنصري في مواجهة أقرب الأقربين ، بل كلما ازدادت درجة القرابة زاد النفس العنصري توهجاً واتسعت دائرة النفي . أي أنها كرؤية وكممارسة عنصرية ، تغمر الذات بأقسى المعاني اللاإنسانية ، وتضعها في قمة التوحش العنصري الذي يقصر عنه خيال أعتى العنصريين ( = النازيون مثلا ) .

إن هذا التعنصر المُغالي هو ما يكشف عن مستوى التطرف في مثل هذه القنوات ، إنه مؤشر يقيس مستوى التطرف داخل جسدنا الاجتماعي . وهو مؤشر رغم أهميته يغيب عن رصده وتحليله أكثر المراقبين ، الذين ربما تصور بعضهم أنه ( = الوأد المعنوي ) خيار طبيعي ! . كثيرون يتجاهلون أن الأقسى من الاعتداء والظلم والعنصرية هو تطبيع الاعتداء والظلم والعنصرية . لا يوجد إنسان عنصري يعترف أنه يمارس الاعتداء والظلم . لقد كان النازيون وهم يرمون بالبشر في أفران الغاز أو في معتقلات الموت ، يعتقدون أنهم يمارسون عملا طبيعيا ، بل ويتصورون أنهم يساعدون الطبيعة في الحفاظ على النوع الأرقى والأنقى ، وأن هذا هو مقتضى قوانين البيولوجيا الطبيعية ( وليس أحكم من الطبيعة ؛ كما يؤكدون !) كما أنه من حيث جذره التصوري العام مدعوم بنظرية الانتخاب الطبيعي . ولهذا فهم ، كما هو حال المتطرفين لدينا ، يرون أنهم رغم عنصريتهم بشر أسوياء . المتطرفون لدينا يسحقون نصف المجتمع ( = المرأة ) ويزعمون كذبا أن هذه هي إرادة الله ، وأنهم لم يفعلوا سوى تنفيذ هذه الإرادة في الواقع . وكذلك النازيون يسحقون بعض المجتمع (= اليهود والغجر والضعفاء والعجزة ...إلخ ) ويزعمون كذبا أن هذه إرادة الطبيعة ، وألا أحد أحكم من الطبيعة ، وأنهم لا يفعلون أكثر من تنفيذ إرادة الطبيعة ، ومساعدتها على الوصول إلى غاياتها التي تدعم في النهاية إرادة الحياة ! . . إن السلوك العنصري المتوحش واحد رغم اختلاف ( يافطات ) المشروعية التي يمارس العدوان من خلالها .

لهذا ، كنت أرى أن ( قنوات الوأد الفضائية ) هي من أهم المؤشرات التي أقرأ من خلالها حراك المتطرفين . ما يحدث في الإعلام المباشر يختلف عما يحدث في عالم الكتب . أعرف المتطرفين من خلال مئات الكتب التي تؤسس للتكفير في المنظومة التقليدية . لكن الكتب تأخذ وقتا في تحولاتها وفي تدعيم تأثيراتها في الواقع . أقرأ نتاج المتطرفين التكفيريين وأعرف كيف يفكرون ؛ من خلال تراثهم المكتوب . لكن هذا التراث ، حتى ما كتب منه حديثا ، لا يكشف عن حراكهم الآني ، كما لا يكشف عن المراوغة التكتيكية لهذا الخطاب . إعلامهم الفضائي المتصارع مع إحداثيات الواقع وجدل الوقائع هو الكاشف / الفاضح عن موقفهم في الزمان والمكان . ولهذا لا بد من تحليل شامل وعميق لما يتم بثه من خلال ( قنوات الوأد ) ، وألا يتم الاكتفاء بالرصد المباشر ، فبعض الأطروحات لا بد من إرجاعها إلى أصولها في المنظومة التقليدية ؛ حتى يتم الوعي بحمولتها التكفيرية التي تخفى على كثير من المشاهدين .

لقد كنت أرى أن قنوات الوأد هي مجرد عرض لمرض ؛ مقارنة بنسبتها في الإعلام الفضائي . كنت أظن أنها قليلة ومحدودة ، ولم أكن أتصور أنها استشرت في فضائنا الإعلامي كوباء كاسح ، أي أنها تجاوزت حدود المرض إلى الوباء . لم يكن لدي إطلاع إلا على ثلاث قنوات ذكورية فقط ، ولم يكن لي تتبع للجديد في هذا المجال . قبل ثلاثة أسابيع من الآن ، وبعد أن تحدثت مع بعض الأصدقاء ( الفضائيين ) عن خطورة هذه القنوات الذكورية ، أخبرني أنني غائب عن آخر التطورات في أنشطة المتطرفين الإعلامية . لقد أخبرني أنه يعرف أكثر من ثلاث عشرة قناة ذكورية خالصة الذكورية في الإعلام العربي . زوّدني بأسمائها وتردداتها . لا أنكر أنني في الساعات الأولى لمشاهدتها أصبت بالذهول التام . لساعات لم أصدق أن كل هذا التشدد والتطرف والإيحاءات ، بل والتصريحات ، بالتكفير والتبديع والتفسيق تُبثّ على مدار الساعة في فضائنا ، وبهذا الكم الهائل . وكي أستوعب حجم الكارثة التي يعكسها هذا الوباء ، تفرّغت تماما ، وأوقفت كل نشاط لي ، ولمدة يومين كاملين ؛ لمتابعة ما يجري في هذا الإعلام المتطرف المتلبس بمشروعية الخطاب الديني .

لقد رأيت في هذه القنوات ما لم أتوقعه في يوم من الأيام . لقد كانت الكارثة تستعصي على التصديق بسبب ضخامتها كما وكيفا . حتى إن أول قناة ذكورية متطرفة ظهرت في الإعلام الفضائي ، أصبحت مقارنة بما عليه هذه القنوات قناة متسامحة ؛ رغم تمسكها العتيد بالشرط الذكوري .دار كثير من الأسئلة المتتابعة في ذهني الذاهل : من أين خرج كل هؤلاء ؟ ، من أين قمقم انبعث كل الزخم التقليدي النقلي الحشوي ؟ ، أين تخلّقت كل هذه الوجوه المُتجهمة الرافضة لكل نمط حياتي جديد لا ينتمي للماضي ؟ ، في أية ( حقول طالبانية ) تمت زراعة هذا العداء للعصر ولأبناء العصر ، بل وللعالم أجمع ؟ ، أين كان يعيش هؤلاء وكيف كانوا يعيشون ، وكيف هم اليوم يعيشون ، وأي مستقبل لو اقتنعت بهم شرائح عريضة من المجتمع ، أي لو اتسع حجم هذا الوباء ؟ ، كيف يستطيع المتلقي البسيط الصمود أمام هذه الترسانة الكاسحة التي يُراد لها أن تستولي على عقول الجماهير البائسة ، وما أكثر البائسين ؟ ، كيف يكتشف المتلقي طبيعة الخداع في هذا الخطاب الذي يتعمد استدماج لفظ الجلالة في كل جملة وكل عبارة ؛ كي يضمن لمقولاته نوعا من القداسة ؛ خاصة في وعي عوام المشاهدين ؟ .

إنني وباستعارة لغة إخواننا المتطرفين ! لا أرى في هذا الحراك الإعلامي المنظم ( تهمة التنظيم ليست من قبلي ، بل هم يُصرّحون بضرورة تنظيم حراكهم ، وأنهم ينتمون إلى زعامات وقيادات ...إلخ ) إلا غزوا فكريا يُراد به الاستيلاء على وعي المجتمع ، وتوجيهه نحو ثقافة الكهوف . في حال الاستسلام المجتمعي ، كما هو واقع الحال للأسف ، فسيستطيع هؤلاء كسب شريحة لا يُستهان بها ، وسنجد أنفسنا بعد سنوات محدودة في قبضة ثلة من المتطرفين . ليس من الضروري لتحديد وقوع الكارثة أن نجد أنفسنا تحت تصرفهم المباشر ، وإنما يكفي أن نجد أنفسنا تحت وقع آثار خياراتهم التي نرفضها . إنهم وبمجرد أن يتسببوا في كارثة عالمية أو إقليمية ، سنجد آثارها تقع علينا بأشد مما تقع عليهم ، بحكم انفتاحنا على العالم ، العالم الذي يدعُون إلى القطيعة معه . مع مثل هذا الإعلام ، نحن على شفير الكارثة ، فقد تستطيع فتوى شاذة ، يُصدرها أحدهم ، ويدعمونها بإعلامهم ، أن تتسبب في توتر علاقاتنا مع العالم كله ، بل وقد تتسبب في أن يقف منا حتى العالم الإسلامي موقفا سلبيا ؛ لأن أدبيات هذا الخطاب المتطرف لا تقتصر على شرعنة معاداة غير المسلمين فقط ، بل هي لا تطمئن إلى ( عقيدة ) أكثر من 99% من المسلمين ، ولهذا ترميهم بالانحراف العقدي ، وتتهمهم بالابتداع والإشراك ، ومن ثمَّ تناصبهم العداء بالضرورة ؛ لأن هذا هو مقتضى عقيدة الولاء والبراء ؛ كما يزعمون .

ما أقوله هنا ليس اتهاما لهم ، فهذا ما يقولون به صراحة ، ويستطيع أي أحد من المهتمين أن يرصد ذلك بمجرد إطلالة عابرة ( ولكن ناقدة ، وبوعي غير مُتدروش !) على قنواتهم الذكورية المتطرفة ، بل إنهم يفتخرون بهذا الطرح المتطرف ، ويدّعون أنه من مميزاتهم الخاصة التي تمنحهم هوية دينية خاصة ؛ غير هوية الإعلام الإسلامي المتسامح ، والذي يصنفونه على أنه إعلام مُميّع منحرف ؛ لأنه بزعمهم يتنازل عن أصول الدين ، ويقصدون بذلك : أصول دين المتطرفين .

لا بد أن نفتح أعيننا بأوسع ما نستطيع على حدود هذا الواقع الأليم . يوم أن كان هذا الإعلام المتطرف ثلاث قنوات ، كان مجرد مرض ، مرض يجب علاجه . أما وقد أصبحت قنواته بالعشرات ، فهو قد انتقل من حالة المرض ( ووجود المرض حالة طبيعية ، لا يخلو منها أي مجتمع ) إلى حالة الوباء ( والوباء حالة غير طبيعية تستلزم إجراءات غير طبيعية ) الذي يستوجب إعلان حالة الطوارئ الثقافية ؛ فلا بد من تعرية هذا الإعلام الذي سيقود إلى تدمير البقية الباقية من وعي المسلمين .

عندما أطالب بالتصدي لهذا الإعلام بالنقد ، بل وبالتعرية والفضح ؛ فأنا لا أطالب بمنعه أو حجبه . فمن مبدأ ليبرالي ، من حق المتطرفين إنشاء إعلامهم الخاص ، ولو كنت مسؤول تصاريح إعلامية لما منعت أي نشاط إعلامي مُعلن . فهذا هو الإعلام المتعري الذي يفضح نفسه بنفسه . ولولا هذا الإعلام المتطرف ؛ لما عرفنا حجم التأييد الذي تحظى به الفتاوى التكفيرية والطائفية . فتأييد ( الحكواتي ) في فتواه التكفيرية الطائفية مثلا ، بدا واضحا في مثل هذا الإعلام . فقد صرّحوا دون خوف أو خجل بتصويبه في تكفيره ، وإن اختلفوا في توقيت التصريح ! .

إذن ، لا بد أن نفسح لهم المجال ليفضحوا أنفسهم بأنفسهم . لكن ، كل هذا لا يعني الاستسلام لهم ، كما لا يعني وضعهم خارج دائرة المساءلة الأدبية والقانونية ؛ عندما يعتدون إعلاميا على غيرهم من الطوائف والمذاهب والأفراد . من حقهم أن يمارسوا نشاطهم ، ومن حق المجتمع أن ينتقدهم وأن يحاسبهم . والحقان لا يتعارضان . وهذا هو التسامح الليبرالي الذي لا تتسع لبعضه صدور إخواننا المتطرفين .

 



جميع الحقوق محفوظة ماسترويب 2009
Email