New Page 1
دولة فلسطينية.. نعم.. أو لا ؟!/ يوسف الكويليت
25/02/2010 09:33:00
زمن الركض خلف سراب السلام وقف على نتيجة واحدة وهي أن الجدية من الرعاة غير موجودة عندما يقومون بأسلوب معالجة الهامش على حساب الجوهر، وهنا سقطت الجولات المكوكية والمؤتمرات الكبرى والصغرى، ورعاية الدولة العظمى، وغيرها، ويبدو أن أوروبا التي فقدت حسّ المسؤولية أدركت أن الاتجاهات السياسية الراهنة، في المنطقة ومحيطها آخذة بالتصاعد، وأنه في قلب الصراع تكمن القضية الفلسطينية عربياً وإسلامياً، وهي مؤثر، في السلم والحرب، على أمن وسلامة أوروبا..
فرنسا التي تنادي بدولة فلسطينية على الأرض القائمة لتسبق أي تسويات سياسية، قد تؤخذ على أنها مناورة سياسية إذ سبق للسويد أن نادت بمثل هذا المشروع الذي وقفت ضده أمريكا وإسرائيل وبعض الحلفاء، ولو اعتبرنا مجرد الإشارة لهذه الدولة الوليدة بأنه رغبة تشاركها فيها أسبانيا، فالتوقيت ربما جاء متزامناً مع رغبة أمريكية استدعت أن توحي للدولتين بطرح الفكرة لسماع رد الفعل الفلسطيني والإسرائيلي..
لقد سبق عام ١٩٤٨م أن تم الاعتراف بإسرائيل دولة رغم عدم أهليتها وتكامل مؤسساتها باعتبار أن التمليك للأرض بالشراء أو بالسطو، كان يسير بنفس الاتجاه، ولأن وعد بلفور والتعاطف التام الذي جاء بقيام الدولة الصهيونية جلب الاعتراف من القوى الكبرى آنذاك بما فيها الاتحاد السوفياتي، وقد أصبح الأمر الواقع قوة بأسبابه وفروضه..
إسرائيل منزعجة من الطرح الأسباني - الفرنسي، وتقدم الأسباب بأنه بدون حوار بين طرفيْ القضية لا يمكن أن تقوم دولة فلسطينية، والمخاوف هنا أن مجرد الاعتراف بها يعني وقف الاستيطان، ونشوء دولة بدساتير ومؤسسات وحدود معترف بها دولياً، لا تقبل التقطيع والتمدد من قبل إسرائيل، ثم إن نشوء هذا الكيان يعني قطع الطريق على حالة التوتر، بما فيها التشابك السياسي والأمني المهددان بحرب بين إسرائيل وإيران، والأولى في رحم أهدافها واستراتيجيتها لا تعيش إلا على حالات الاضطراب في المنطقة، لأن أي سلام يعني ترهل مؤسستها العسكرية طالما لا توجد مبررات للاستعداد لحروب قادمة أو بالأفق الطويل..
الرغبة الأوروبية لا تأتي ضمن حسابات غير مدروسة، لأن إسرائيل التي حظيت بأكبر مشروع إعمار لها بما فيه بناء ترسانتها العسكرية والعلمية، جاء من الغرب أولاً، ثم أمريكا لاحقاً، والتعاون بين مثلث الحلفاء، لن يتغير بوجود، أو عدم وجود الدولة الفلسطينية غير أن التفكير بحلّ القضية الأزلية، لم يعد مزاجاً تبعاً لمتغير دولي سواء ما يحدث من سباق تسلح في المنطقة قد يدخل إليها أسلحة غير تقليدية، أو نمو ظاهرة الأقطاب الجدد ليس على الساحة الاقتصادية والتنافس عليها، وإنما للبحث عن نفوذ وقنوات أصدقاء كروافد للأسواق، والمشاريع المشتركة، وحتى في ظل قوة إسرائيلية مركزية تعتبر قنطرة للحلف الأطلسي في المنطقة وخارجها، فالقوة العسكرية لم تعد المعيار الذي تقوم عليه العلاقات الدولية من طرف من يفرض قراره على الآخر..
عموماً الدولة الفلسطينية، كمشروع أو حقيقة هي النتيجة الطبيعية لإحداث سلام بالمنطقة والرهان يأتي على قطع هذا المشوار وتحديد زمنه بشكل ملزم، وإلا أصبح مجرد رأي يضاف إلى إضبارات القرارات المنسية..
|