New Page 1
رسالة إلى كل إسرائيلي/بقلم أحمد ابراهيم الحاج
21/03/2010 22:31:00
الجزء الأول
...............................
لم أعنون مقالتي لتكون "رسالة الى كل يهودي" أي الى كل من يعتنق الديانة اليهودية كما اصطلح على تسميتها وضعياً بالخطأ. لأن صراعنا معكم أيها المنتسبون لإسرائيل ليس صراعاً دينياً، وهنا يجب أن يميز الناس ويفهموا بأن تصنيف الأديان السماوية هو تصنيف وضعي من صنع البشر، واصطلحوا عليه بلغط لغوي ومفهوم يقوم على أساس قومي. فاليهودية ليست ديانة، إنما الديانات السماوية هي كلها من عند الله ونزلت للناس جميعاً ولا يختص بها قومٌ دون الآخر، وعنوانها كلها الإيمان بالخالق الواحد الأحد وتوحيده وإعلان العبودية له وحده ورفض العبودية لغيره من مخلوقاته. وإفشاء ثقافة السلام القائم على العدل بين بني آدم وحواء على هذه الأرض. لتكون تطبيقاً عملياً وليس شعاراً. فاليهودية قومية أطلقت على أناس كانوا يسكنون مكاناً معيناً على الأرض سوادهم من قوم اليهود ونزلت عليهم رسالة سماوية. وكلمة اليهود هنا ربما جاء اسمها من المكان أو الجد أو الصفة التي كانت تغلب على هذا القوم. وكان الأجدر بهم أن يطلقوا عليها مثلاً، الرسالة السماوية الآولى وعلى من تلتها الثانية والثالثة وهكذا، حيث أنها سلسلة حلقاتها متصلة مترابطة ومتدرجة ومتفاضلة ومتكاملة الى أن وصلت في آخرها الى نظام حياة ودستور وتشريع كما وردت بالقرآن الكريم. ولأننا وإياكم أيها الإسرائيليون المنتمون لدولة تسمى اسرائيل يجب أن لا نمدد الصراع بيننا جغرافياً ليتخطى جغرافيا حلبة الصراع، ليتحول الى صراعٍ لا ينتهي زماناً ولا مكاناً بين كل مسلم وكل يهودي (كما اصطلح عليه مجازاً) في كل مكان وزمان على وجه وباطن هذه الأرض، ويستشري ويتناثر ويخلف المآسي والمصائب على النفس البشرية البريئة لا يفرق بين طفل وامرأة وشيخ ومقاتل سواءً كان ظالماً أو مظلوماً. فنصبح وإياكم عالة على هذه الأرض مكروهين من غيرنا من الأمم لعقم هذا الصراع وعجزه عن حمل جنين السلام ووضعه ليتفشى بين الناس. وذلك تماماً كما فعلت وما زالت تفعل حكومتكم العنصرية المتطرفة والمغلفة بغطاء العلمانية والمتغطرسة بالقوة المادية المجردة من الروح والخلق والمعاني الإنسانية ومجردة من الإيمان بالله الواحد الأحد.
ولأننا نؤمن بالديانة اليهودية كما اصطلح على تسميتها مجازاً ونحترم النبي موسى عليه السلام ونجله ونحبه ونؤمن بما جاء به من التواراة تماماً كما نزلت عليه من السماء بدون تأويل وتحريف وبدون تدخل بشري، وكذلك نؤمن بكل الأنبياء من بني إسرائيل من يعقوب الى يوسف والى داود وسليمان والى زكريا ويحيى حتى سيدنا عيسى وبما جاء به من الإنجيل تماماً كما نزل عليه من السماء بدون تأويل وتحريف وبدون تدخل بشري. (على المذكورين جميعاً السلام). تماماً كما علمنا النبي محمد عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء. وكل هؤلاء الرسل والأنبياء أرسلوا للناس جميعاً لمهمة تكمن في تطبيق فحوى رسائلهم ونصوصها وأهدافها ولا تكمن في أشخاصهم وانتماءاتهم العرقية والقومية، ربما بعثوا وعملوا خلال قوم معين وانتسبوا الى قوم معين، وهذا لا يعني إطلاقاً أن الرسالة السماوية محصورةٌ على ذلك القوم الذي عاشوا بين ظهرانيه لتكون ملكاً لهم دون غيرهم أو لتكون سبباً في تفضيل هذا القوم على باقي الناس من الأقوام الأخرى. ومعظم الرسل والأنبياء بعثوا الى أقوام استشرى بينهم الجهل والفقر والخوف والفساد والكفر بالنعم وذلك ليرحمهم الله ويمنع عنهم العقاب، ليتداركوا الأمر ويقوموا من اعوجاجهم وفسوقهم وسفههم وجهلهم ولينذروا بالهلاك إن استمروا في طغيانهم وعميانهم. حيث أن الله ما عاقب قوماً قط قبل أن يبعث فيهم رسولاً يعلمهم ويبين لهم وينذرهم بالعقاب ويبشرهم بالجزاء. مصداقاً لقوله تعالى في القرآن الكريم "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا". ولا يفترض أن يكون ذلك مدعاة للتفاخر والتباهي بأن الله اختار هذا القوم أو ذاك وفضله على غيرهم من الناس وبعث منهم واليهم الرسل ليكونوا شعب الله المختار وأسياداً للبشر ينظرون بفوقية الى غيرهم من الناس والأقوام ويستبيحون دماء غيرهم. فالخالق لا يفرق بين خلقه الاّ بالتقوى والصلاح، كيف لا وأن الأمهات والآباء من كافة المخلوقات الحيوانية والنباتية لا يفرقون بين أبنائهم ولا يفضلون بعضهم على بعض الاّ بالصلاح وهم مجرد مخلوقات، فما بالكم بالخالق العظيم لهذه الممالك وللسموات والأرضين! إن ذلك من قبيل إستحضار صورة النموذج ليطلع عليه كل الناس وليكون هذا النموذج قدوة للناس يقتدون به للقوم المهتدين بهدي الرسل أوعبرة لمن يعتبرون به مما جرى للقوم الكافرين والمكذبين والمعنفين لهؤلاء الرسل بالتكذيب والصدود والتعذيب. من هنا جاء القرآن آخر الرسالات بالقصص وضرب الأمثال لتكون نموذجاً وسراجاً منيراً لكي يهتدي به الناس ويستفيدوا منه على طول وتعاقب الأزمان واختلاف الأماكن والأوطان.
ومن قبيل المعاملة بالمثل عليكم أيها الإسرائيليون يا من تدعون أنكم من أتباع رسالة موسى، إحترام ديننا ومشاعرنا ومقدساتنا الدينية وحرمة مساجدنا. وإعطاء المواطنين الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين الذين يعيشون تحت احتلالكم الظالم الباغي والذي تحقق لكم بميزان القوة المادية واختلال موازين العدل بين من يملكون القوة المادية السائدة على هذه الأرض في هذه الأيام والتي مالت لصالحكم سواءً في داخل الخط الأخضر وخارجه حقوقهم المشروعة الكاملة، وإنهاء احتلالكم الباغي والظالم لأراضينا قديماً وحديثاً. ووقف سرقة الأراضي والممتلكات بالسطو والقوة المادية التي مالت لصالحكم اليوم، والتي سوف يختل ميزانها يوماً ما، لأن الله لن ينسى عباده المؤمنين الصابرين المظلومين مصداقاً لقوله تعالى في القرآن الكريم مخاطباً عباده المؤمنين "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين، إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله، وتلك الأيام نداولها بين الناس". وكونوا على ثقة أن يومكم هذا لن يدوم، لذلك عليكم منح الناس حريتهم واستقلالهم قبل فوات الأوان واستحقاق عقابكم من الله على إفسادكم في الأرض وبغيكم على الناس. حيث فرطتم بالأمانة وأسأتم للقوة المادية التي دانت لكم هذه الأيام. واستخدمتموها في إذلال عباد الله من الناس والبطش المفرط بهم ظلماً وبغياً وعدواناً. وعودوا الى تاريخكم القديم وتذكروا السبي الصغير والسبي الكبير. وتذكروا النبي داود وابنه سليمان الذين حافظوا على الأمانة وأقاموا العدل بين الناس عندما امتلكا القوة وكانت لهم الغلبة، وعندما استشرى الفساد والسحر والشعوذة في نهاية حكم سليمان وفسق الناس وكفروا بالنعم، فانقسموا على أنفسهم وتشرذموا. وحل بهم عقاب من الله وسلط عليهم من لا يرحمهم ويذيقهم من نفس الكأس التي كانوا يذيقونها للناس كما تذيقونها وتجرعونها مرة اليوم لأهل فلسطين الذين كانوا آمنين في وطنهم ولم يعتدوا عليكم في يومٍ من الأيام. والتاريخ لا يقاس ببضع عقود كعمر دولتكم الآن الذي تفرحون وتتباهون به وبها، وتملككم الغرور والغطرسة، فالله يمهل ولكنه لا يهمل. فيمد حبل الظلم للظالم ويغلف قلبه بغشاوة تعميه ويقسو قلبه كقسوة الحجارة وأشد، وفي غفلة من الظالم في لهوه وغطرسته وغروره يشد الحبل الذي أطله له مرة واحدة. كالسقوط المفاجيء من مكان شاهق العلو الى مكان موغل في الدنو، ليكون عقاب الظالم على قدر ظلمه وطغيانه. فيحل عقابه دون سابق إنذار، لأنه القادر على كل شيء. حيث قال تعالى في القرآن الكريم "يمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين". وحسابات الخالق لا يعلمها البشر لأنها فوق حساباتهم القاصرة عن علم الغيب.
ولأن ديننا يعطي الحرية للناس في إختيار دينهم الذي يرضون به بهدي عقولهم وتأدية شعائرهم الدينية دون التعدي على غيرهم بسبب اختيارهم، ولا يحرم الناس من حقوق المواطنة على أساس دينهم الذي اختاروه. وإن دانت لنا السلطة على بقعة جغرافية من هذه الأرض فلن نكره أهلها على اتباع ديننا الذي نعتقد به إن كنا مؤمنينن بالله وكتبه ورسله، ولا أقول مسلمين حسب التصنيف الحديث للأديان، لأن الرسالة للناس جميعاً، ولأن سيدنا ابراهيم أبو الأنبياء كان حنيفاً موحداً مسلماً لله ولم يكن موصوفاً برسالة سماوية مصنفة على أساس قومي أو عرقي أو حزبي. كما أخبرنا الله في القرآن الكريم بقوله تعالى "ما كان ابراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين". واليهود مصطلح أطلق على قوم، والنصارى مصطلحٌ أطلق على حزب أو جماعة اتصفوا وأجمعوا على نصرة سيدنا عيسى عليه السلام. فجرد الله النبي من كل صفة قومية أو حزبية أو أي تكتل بشري تحت أي عنوان أو مصطلح. وخير دليل على ذلك دولة المدينة المنورة التي أقامها سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بعد الهجرة، ووضع دستورها الذي حفظ لكل ساكنيها حقوق المواطنة المتساوية مهما اختلفت دياناتهم وأعراقهم وألوانهم ومنهم اليهود. وكان مواطنوا دولة المدينة سواسية كأسنان المشط في حقوق المواطنة وحرية المعتقد والفكر وممارسة طقوس العبادة. كما جاء في الدستور. وكذلك مثل اليهود الذين كانوا يعيشون في الدول العربية وما زال بعضهم يعيش بأمن وسلام وحرية في المعتقد والعبادة. ولم يهدم له منزل أو يبتز في ملكه ومقتنياته بسبب عقيدته وشعائر عبادته. مقتدين بالعهدة العمرية التي منحها سيدنا عمر بن الخطاب لسكان فلسطين بغض النظر عن معتقداتهم وانتماءاتهم العرقية والقومية عندما دخلها فاتحاً دون إراقة نقطة دم من ساكنيها. أو ممارسة إرهاب ودون سلب حرية العبادة والمعتقد من الناس.
ودليل حرية الإختيار في العقيدة قول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم في آية رقم 256 من سورة البقرة"لا إكراه في الدين"، حيث أن الفصل بين الناس في الأمور المتعلقة باعتقاداتهم الدينية هو من إختصاص الخالق الذي بلغ رسالاته للناس عبر الرسل والأنبياء، ولا شأن للبشر في ذلك ليتصارعوا ويعاقبوا غيرهم على أساس ديني وعقائدي. أو يميزوا سكان بقعة جغرافية بصفة الدين الذي تعتنقه طائفة منهم دانت لهم السلطة. ومصداقاً لذلك قوله تعالى في القرآن الكريم في آية رقم 17 من سورة الحج" إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا، إن الله يفصل بينهم يوم القيامة ، إن الله على كل شيءٍ شهيد" وقوله أيضاً في الآية رقم 29 من سورة الكهف "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر". والآية رقم 6 من سورة (الكافرون) وعلى لسان سيدنا محمد مخاطباً الكفار الذين لم يؤمنوا بما جاء به "لكم دينكم ولي دين". وتأكيداً لذلك فقد خاطب الله نبيه ورسوله محمد صلّى الله عليه وسلم في الآية رقم 107 من سورة الأنعام "ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا، وما أنت عليهم بوكيل". وفي موقع آخر بالقرآن خاطب الله سيدنا محمد بقوله "فلا تُذهب نفسك عليهم حسرات". وعليهم تعود للكفار من قومه وأهله الذين لم يؤمنوا بما جاء به. وعلى الناس جميعاً مهما اختلفت انتماءاتهم العرقية والطائفية والدينية والحزبية أن يأتمروا بقول الخالق سبحانه وتعالى في كتابه العزيز (القرآن الكريم) "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم". تلك هي رسالة عامة وشاملة للناس جميعاً وليست موجهة للمسلمين الذين آمنوا برسالة سيدنا محمد كما اصطلح على تسميتهم. وحدد الله لخلقه من البشر في هذه الآية الأهداف في كل زمان يعاصروه ومكان يوجدون عليه سوياً (البقعة الجغرافية والحقبة التاريخية) وبغض النظر عما يعتنقونه من عقائد وأفكار وبغض النظر عما ينتسبون اليه من أعراق بأن من واجبهم التعارف والعيش سوياً بسلام، والتعاون على إعمار الأرض التي يتواجدون عليها لما فيه المصلحة العامة لسكانها. وجعل الميزان في المحاسبة والتمييز بينهم هو ميزان التقوى، والتقوى هي أرفع درجات الإيمان بالله وتوحيده والعمل بهديه ورسالاته بعيداً عن أي تأثير خارجي وداخلي ومدى إلإخلاص بالعمل لتحقيق وصية الله للناس بالتعارف والعيش بسلام. إن صراعنا معكم مبرر، لأنكم وكما تعرفون جميعاً جئتم الى فلسطين حديثاً غزاة بغاة طغاة، وسلبتم الأرض والبيوت من أصحابها الذين توارثوها من أجدادهم منذ القدم. وأقمتم المشانق والمذابح للناس الآمنينن وشردتموهم من ديارهم وأوطانهم وما زلتم تهدمون بيوتهم على رؤوسهم وتسلبون أراضيهم بغير وجه حق مستظلين بالقوة المادية المجردة من الإنسانية. لذلك فإن صراعنا معكم يندرج تحت المقاومة المشروعة دفاعاً عن النفس. وذلك مصداقاً لقول الخالق جل وعلا في كتابه العزيز "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلاّ أن يقولوا ربنا الله." وانسجاماً مع الشرائع والقوانين الدولية. أما أنتم فحجتكم في الصراع معنا باطلة لأنها مبنية على باطل. فهي مبنية على خرافات مدسوسة على الدين ولا تستند الى منطق وحق وعدل وبيان ملموس وظاهر، وإن كانت حجتكم أنها أرض الميعاد التي وعدكم بها الله استناداً الى فكر الحركة الصهيونية المشتقة من كلمة صهيون والتي تعرف في قاموسكم (فلسطين)، فالأولى بالمسيحيين على كثرة عددهم في العالم مثلاً أن يطالبوا بفلسطين البقعة الجغرافية الضيقة حيث ولد وعاش سيدنا المسيح فيطردوا اهلها ويسكنوا فيها ليقيموا عليها دولة المسيح حيث لا تتسع لهم لا قياساً ولا منطقاً ولا عدلاً، والأولى بمسلمي العالم والذين يصل عددهم لثلاثة مليارات أينما وجدوا أن يطالبوا بمكة المكرمة والمدينة المنورة ويطردوا منها سكانها ليقيموا عليها دولة الإسلام. لأن نبيهم محمد ولد وعاش ودفن فيهما استناداً الى منطقكم. هذا مع العلم أن سيدنا موسى عليه السلام لم يدخل فلسطين ولم يرَ القدس ومات على تخوم فلسطين ودفن خارجها. الأرض أيها الإسرائيليون وطن للإنسان دون تحديد لديانته حيث استخلفه الله فيها ومنحه العقل ليختار إحدى الطريقتين إما الهداية أو الضلالة. أما الأديان فموطنها عقل الإنسان المتحرك على هذه الأرض التي منحت له من الله دون تحديد أي بقعة منها لأي قومية أو عرق أو طائفة أو حزب أو أتباع ديانة معينة. ولا يمكن أن تكون الأرض موطناً للأديان لتقام عليها الدول الدينية. وليس الدين مقصوراً على بقعة جغرافية دون الأخرى لتطالبوا بيهودية الدولة. الأرض ثابتة والدين متحرك ومتداخل على سطح هذه الأرض. فمن حق الساكن على أرض فلسطين أو أي أرض غيرها أن يعتنق الدين الذي يقبله عقله سواءً ولد يهودياً من أبوين يهودين أو مسلماً من أبوين مسلمين أو مسيحياً من أبوين مسيحيين. وما يسكن في عقل الإنسان لا يعلم به الاّ الله. ولا يعلم به بني الإنسان. لذلك ليس كل من قال أنا يهودي فهو يهودي أو أنا مسلم فهو مسلم أو أنا مسيحي فهو مسيحي. وإن أي تصنيف للناس حسب أديانهم ربما بل وفي المجمل كان مجافياً للحقيقة والواقع ولا يعلم ما بداخل عقل الإنسان من معتقد ديني الاّ خالقه. ففي كتاب جيمي كارتر الرئيس الأمريكي الأسبق "فلسطين السلام لا التمييز العنصري" Palestine Pease Not Apartheid” وذلك أثناء زيارته لفلسطين قبل فوزه بالإنتخابات الرئاسية الأمريكية وفي معرض إبدائه لملاحظاته لرئيسة الوزراء آنذاك جولدا مئير قال موجهاً حديثه لها " إنني علّمت لمدة طويلة دروساً مأخوذة من الكتاب المقدس العبراني وإن النمط التاريخي الشائع هو أن اسرائيل كانت تعاقب حين يبتعد قادتها عن العبادة المخلصة لله." وسألها إن كانت قلقة من الطبيعة العلمانية لحكومتها فأشعلت سيجارة للدلالة على وقع السؤال الصعب عليها. ويروي كذلك أنه في صباح أحد ايام السبت ذهب للتعبد في كنيس يهودي في فلسطين أثناء زيارته تلك ولم يجد الاّ اثنين من المتعبدين اليهود في هذا الكنيس الكبير. وهنا لا أدري كيف تطالبون أيها الإسرائيليون المنتسبون لدولة اسرائيل كما سميتموها وليس نسبة الى اسرائيل (سيدنا يعقوب عليه السلام) بيهودية الدولة وأنتم أبعد ما تكونوا عن الديانة اليهودية الحقة كما اصطلح على تسميتها خطأً وكما نزلت من عند الله دون تحريف وتأويل وإضافة بشرية أو حتى بعد تحريفها. كيف تطالبون بيهودية الدولة ومنكم الشيوعيون والإشتراكيون والليبراليون وحكومتكم علمانية وأسست على أساس علماني ديمقراطي كما تدعون؟ ونظام دولتكم مبني في أساسه على النظام الإشتراكي الوضعي من صنع البشر. وتتغنون بديمقراطية الدولة وتميزها عن دول المنطقة بهذه الديمقراطية. وهل تقبلون بإقصاء اليهود الشيوعيين والليبراليين والعلمانيين واللادينيين من دولتكم وترحيلهم خارج حدود دولتكم التي لا تعرف لها حدود؟ وكم من سكان دولتكم من المتدينين اليهود وحسب اعتقاد حاخاماتكم؟ إنهم لا يتجاوزون عشرة بالمئة من عدد سكان دولتكم. إذن فنحن نقبل بيهودية الدولة على هذا الأساس. وهو أن تحتفظوا بالعشرة بالمائة وتطردوا الباقين من شعبكم وتعيدوهم من حيث أتوا. إنكم بهذا المطلب الغريب العجيب تخدعون أنفسكم اولاً وشعبكم ثانياً ولا تخدعون الناس جميعاً. ربما تخدعونهم لبعض الوقت لكنكم لن تخدعوهم طوال الوقت. وللرسالة بقية في الجزء الثاني.
17/3/2010م
|