New Page 1
هل تكره "فتح" نجاح غيرها؟ / سميح عبد الفتاح "أبو هشام"
05/05/2010 10:58:00
ليس في الجدل الصاخب الذي شهدته اجتماعات الـمجلس الثوري الأخير، وكسر دويه جدران قاعة الـمقاطعة، ما يدعو الى التوقف. فذلك فلكلور فتحاوي "أصيل" وقديم، يعكس حالة التنوع والهوامش الواسعة التي تميز حركة "فتح" عن غيرها من فصائل "الـمركزية الديمقراطية".
غير أن ما يدعو للتوقف، هو ان الـمجلس الثوري الـموقر قرر، دون سابق انذار، الكفّ عن تنوعه، ونبذ خلافاته، ورص صفوفه بما يشبه الاجماع القبلي حيال كل من رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض، وأمين سر تنفيذية الـمنظمة ياسر عبد ربه.
وفي الحالتين، ورغم محاولة البيان الختامي الصادر عن اجتماعات الـمجلس أن يظهر قدراً من اللباقة في صياغة مطالبه بشأن الرجلين، فقد كان على قدر كاف من الوضوح، حين أوصى السيد الرئيس بـ: "إجراء تغيير وزاري وفق صلاحياته الدستورية"، وطالب: "بتعزيز الإعلام الرسمي الفلسطيني، وإعادة هيكلة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون وفق إجراءات محددة".
و"التغيير" الحكومي، واعادة الهيكلة، بحسب الـمجلس، يفصحان عن معنى واحد: أن مجلس "فتح" الثوري ضاق ذرعاً بفياض وعبد ربه، وبات مطلوباً من السيد الرئيس اصدار مرسوم يعيدهما بموجبه الى الـمنزل.
أما الاسباب التي لـم يذكرها بيان الـمجلس الثوري، لتسويغ هذا الطلب، فقد أفصحت عنها حملة قاسية تجاور الظلـم، مفادها: أن فياض تجاوز حدود دوره عندما طرح خطة حكومته "لإنهاء الاحتلال، وبناء مؤسسات الدولة"، وهو، مع عبد ربه، يتواطآن على مطاردة وطرد ابناء "فتح"، بهدف وراثتها حية.
لست في معرض الدفاع عن أي من الرجلين، ولا اعتقد انهما بحاجة الى شفاعة البرهان على ولائهما للـمشروع الوطني الفلسطيني، حتى وإن اختلفت الـمقاربات لتحقيقه، او على كفاءتهما ونجاحهما، بشهادة انه صار لدينا تلفزيون يمكن الجلوس امام شاشته اكثر من خمس دقائق. اما القفزة التي حققتها حكومة فياض في اعادة بناء الـمؤسسة الحكومية ورسوها على قدر من الشفافية، واعادة الامن والامان للـمدن الفلسطينية؛ فقد اصبحت قصة نجاح ونموذجاً غير مسبوق.
أما حكاية، تجاوز فياض بخطته التي لاقت تأييداً دولياً شاملاً لـمنظمة التحرير الفلسطينية ودورها، فلا نعرف لـماذا لـم تبحث تنفيذية الـمنظمة ومركزية "فتح" ومجلسها الثوري، والفصائل الـمختلفة هذه الخطة، وتحدد موقفها منها رفضاً او قبولاً او تعديلاً، او دمجاً في البرنامج الوطني الفلسطيني، بدلا من كيل التهم بغير حساب للخطة وصاحبها، لصالح الفراغ والخراب السياسي.
إن الـمخيف في طبيعة ونوع النقاش الذي شهدته اجتماعات الـمجلس الثوري، يذهب باتجاهين:
الاول: أن "فتح" التي يضيق صدرها بفياض وعبد ربه، توغل، من حيث تدري او لا تدري، في تصفية الارث العظيم الذي شيدت تجربتها عليه، عندما اتسع صدرها، وامتد على مساحة فلسطين، وجمعت ورعت كل الـمناضلين الـمقيمين على هويتهم الوطنية، وذهبت الى الـمشترك الفلسطيني، في مقابل التقوقع والانكفاء على الذات واقصاء الاخر، وهو ما يلزم "فتح" أن تبقى في موقعها أباً وأماً .. علاجاً ووقاية لشعب فلسطين وقضيته، حتى لا تعم الخسارة التي لا تنفع معها صرخات الـمطالبين، بحسن او سوء نية، انقاذها من خطر وراثتها حية.
الثاني: أن الـمطالبات بالتغيير الحكومي ومثلها اعادة الهيكلة سالفة الذكر، تعني أن الـمجلس الـموقر لـم يستوعب أي درس من دروس خسارات "فتح" الـمتتالية، والتي كان احد اهم اسبابها ضياع هوية "فتح" كحزب للشعب، وانفصالها عن قواعدها الشعبية، وتحولها الى حزب للسلطة. وبالتالي، كان الاجدر بالـمجلس الثوري بحث سبل منع السلطة من التهام "فتح"، كي تعود الى اصلها كحركة تحرر شعبية. وليس توصية الرئيس بإصدار شهادة "طابو" بملكية "فتح" الحصرية للسلطة.
عند هذا الحد، يصير من الواجب تحويل تهمة الوراثة الـموجهة لفياض وعبد ربه الى سؤال برسم "فتح" وقيادتها: كيف "على فتح أن ترث نفسها" ؟
|