New Page 1
مع من ستتوحد 'حماس' ؟ /حمادة فراعنة
22/05/2010 11:19:00
خلص محمود الزهار عضو المكتب السياسي لحركة حماس، في مؤتمر 'بدائل' إلى حصيلتين وهما:
الأولى: ان الثورة الفلسطينية المعاصرة التي فجرتها حركة فتح وقادتها مع فصائل المقاومة، تحولت إلى تعاون مع العدو ومطاردة أصحاب المشروع الوطني واغتيالهم.
والثانية: 'ان حركة فتح ومنذ بداياتها دخلها المخلصون الوطنيون والخونة سوية، والمخلصون الذين انخرطوا في المقاومة والجهاد، استشهد معظمهم في سبيل الوطن، أما الانتهازيون والخونة فبقوا في المناصب الرفيعة، وارتبطوا بأجهزة أمنية، وتولوا التنسيق مع العدو الإسرائيلي'.
إذا كان هذا هو الاستخلاص الذي وصل إليه محمود الزهار، فهذا مبرر قوي للانقلاب وسبب نافذ للسيطرة المنفردة لحركة حماس على قطاع غزة، فالثورة التي انطلقت ضد العدو لتحرير فلسطين، تحولت إلى ثورة مضادة وأداة طيعة بيد العدو، وأصبحت وسيلة للانقضاض على كل ما هو وطني، والوطني الوحيد هنا طبعاً هو حركة حماس، أما الآخرون فإنهم يفتقدون لهذه الوطنية، وخاصة حركة فتح التي استشهد المناضلون والمخلصون من اعضائها ولم يبق سوى الخونة أو الانتهازيين المتعاونين مع العدو الذين يتولوا التنسيق مع أجهزته الأمنية، هل هناك استخلاص أشطر وأوضح من هذا؟ومع ذلك، ورغم هذا الاستخلاص الذي يغلق فيه محمود الزهار إمكانات التعاون والحوار وصولاً إلى وحدة المؤسسة الرسمية والكفاحية الفلسطينية ووحدة مؤسسات السلطة الوطنية فهو يرى بوجود إمكانية للوحدة الوطنية بقوله: 'إن حماس تدرس بعض المقترحات، وإذا وافقت عليها حركة فتح، يمكن للوحدة الوطنية أن تصبح حقيقة'.
فعن أي فتح يتحدث محمود الزهار، فتح الشهداء الذين قضوا على الطريق، أم فتح الحالية التي بقي فيها الخونة والانتهازيون؟؟ حالة معقدة ومتناقضة في نفس الوقت، ولا تستقيم المقدمات القاسية المتطرفة التي يقررها محمود الزهار باسم حركة حماس، وبين النتيجة التي وصل إليها بوجود إمكانية للوحدة الوطنية، ويمكن لها أن تكون حقيقة قائمة!!
الحقيقة التي لا بد وأن يقرها محمود الزهار ويسعى هو، وكل من عمل وتثقف وتربى في حركة الإخوان المسلمين تتمثل برفضهم لكل تاريخ وتضحيات الثورة الفلسطينية لأن حركة الإخوان المسلمين كانت ضد انطلاقة الثورة، وضد تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية، وكانت قيادات حركة الإخوان المسلمين تطلق الأوصاف والمعايير والمسميات على الثورة وعلى المنظمة بما يدلل على أنها خيانة وأداة من أدوات عبد الناصر وعملاء الشيوعية وخاصة بعد دخول الفصائل اليسارية لصفوف منظمة التحرير باعتبارها الجبهة الوطنية الموحدة لعموم الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية ضد المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي.
وكانت حركة الإخوان المسلمين ضد الكفاح المسلح منذ انطلاقة الثورة عام 1965 حتى تشكيل حركة حماس عام 1987، ولولا مبادرات الشيخ الراحل أحمد ياسين المراقب العام لحركة الإخوان المسلمين في فلسطين وانحيازه للكفاح المسلح للهوية الفلسطينية لما كان لحركة حماس، كحركة سياسية مقاومة معادية للاحتلال أن تقوم وتنهض وتحتل الموقع الكفاحي الذي احتلاه، عبر وسيلتي العمل المسلح ضد الاحتلال أولاً والانتخابات البلدية والتشريعية في مؤسسات السلطة الوطنية ثانياً، ولهذا قدرها أغلبية أهالي الضفة والقدس والقطاع ومنحوها ثقتهم في الانتخابات البلدية عام 2005، والانتخابات البرلمانية عام 2006، قبل أن تعود لفكرها الأصولي المتطرف والمعادي للآخر الوطني كما فعلت في الانقلاب عام 2007 وسيطرتها المنفردة على قطاع غزة وحرمان القوى السياسية والوطنية الأخرى حق العمل والمشاركة، بعكس ما تفعله حركة فتح في الضفة الفلسطينية حيث المجال مفتوح لكل القوى السياسية أن تنشط وتعمل وتشارك في مؤسسات صنع القرار، وأبرز تعبير عن ذلك في الحكومة الائتلافية التي يقودها النائب المستقل سلام فياض مع القوى السياسية العديدة المشاركة في عضوية الحكومة الوطنية، وكذلك في اجتماعات المجلس المركزي الذي تقاطعه حركة حماس، مع أن لها أعضاءً ونواباً في عضويته، وتتم دعوتهم دائماً لاجتماعات المجلس المركزي المتتالية كل ثلاثة أشهر ولكنهم لا يلبون الدعوة الرسمية.
أخفق محمود الزهار في توصيل رسالة وطنية معقولة، وأظهر تعصبه وميوله الحزبية ليس فقط كقائد في حركة حماس، بل بقي مخلصاً لتراثه كحزبي في حركة الإخوان المسلمين وليس فقط في تعامله وتقييمه لحركة فتح ومنظمة التحرير، بل ووسع دائرة قراءته لتصل إلى الحركة القومية العربية وخصوصاً حزب البعث العربي الاشتراكي، وحركة القوميين العرب ونالت منه الحكم والوصف المتطرف بما لا يقل عن أوصافه المؤذية غير المنطقية وغير العقلانية عن حركة فتح والثورة الفلسطينية وقياداتها الذين استلموا مواقع أمنية مع انهم طليعة الذين تخرجوا من مدرسة المعتقلات الإسرائيلية وبرزوا كقادة بفعل أدوارهم الكفاحية، وليس بفضل مناصبهم الأمنية.
|