الصفحة الرئيسية

 

انضموا الى صفحة الفيسبوك

   *   علاقة حركة حماس بالإخوان المسلمين بعد تولي الأخيرة الحكم بمصر من خلال سلسلة من الاحداث بين الفريقين (طلبة تخصص الاعلام بجامعة النجاح الوطنية نموذجا) إعداد أنوار ايمن حاج حمد    *   في لقاء مع جريدة القدس الفلسطينية    *   الاحتلال يفرج عن النائب حسام خضر بعد اعتقال دام 15 شهرا    *   من كل قلبي اشكر كل من تكبد عناء السفر وجاء ليهنئني في تحرري من الاسر ويشاركني فرحة الحرية    *   تهنئ لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين جماهير شعبنا الفلسطيني بالإفراج عن:    *   أتوجه لكم يا أبناء شعبنا الفلسطيني البطل أنا حسام خضر ..    *   حسام خضر الفتحاوي العنيد .. يتوقع إنتفاضة ثالثه..و يشاكس الحريّة.    *   تجديد الاعتقال الإداري للمرة الثالثة بحق النائب الأسير حسام خضر 6 أشهر أخرى .    *   

لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين

مركز يافا الثقافي

الحرية للأسير القائد حسام خضر


ليلة الإعتقال


للنكبة طعم العلقم في حلوقنا


خاطرة من وحي الاعتقال


موت قلم


لا يوجد تصويتات جديدة حالياً نتائح آخر تصويت

هل تتوقع اتمام المصالحة بعد انتخاب الرئيس المصري الجديد محمد مرسي؟

نعم: 36.84 %
لا: 31.58 %
لا أعرف: 31.58 %

التصويت من تاريخ 04/08/2012
الى تاريخ 04/12/2012
مجموع التصويتات: 57

مقالات
New Page 1

الإسلام السياسي».. نهاية قريبة كنهاية الحركة القومية! / صالح القلاب

21/05/2010 12:09:00

 

قبل تراجع «إسلاميي» الكويت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة كان الإخوان المسلمون في الأردن قد سبقوهم إلى مثل هذا التراجع وأكثر منه في الانتخابات التي كانت أُجريت قبل أكثر من عام ونصف بقليل، وكان «إخوان مصر» قد بدأوا يفقدون صورتهم التاريخية منذ أن ربطوا أنفسهم بنظام الولي الفقيه في طهران، وبعد ذلك عندما وضعوا أنفسهم وتنظيمهم إلى جانب حزب الله ضد بلدهم الذي تتعلق به أفئدة المصريين كلهم.

بقي تنظيم الإخوان المسلمين في مصر يحظى بهالة كبيرة من التقدير والاحترام في الوطن العربي وفي العالم الإسلامي كله، إلى أن بدأ يخرج من الدائرة السابقة التي وضعه فيها المؤسس حسن البنا، وبدأ المرشد العام الحالي محمد مهدي عاكف يفاجئ الناس بمواقف غير مفهومة وغير مبررة، وبات لا يتورع عن أن يقول: «طُظ في الشعب المصري»، وأن يتهم الدول العربية كلها بأنها صهيونية أكثر من الصهيونية.

وبقي الرأي العام في سوريا، وبخاصة على أثر أحداث حماة الدامية المعروفة، يتعاطف مع «الإخوان السوريين»، وبقيت بعض الدول العربية تعطف عليهم وتحتضنهم، إلى أن أخذوا يأكل بعضهم بعضا، وإلى أن بدأوا رحلة التراجع التي أوصلتهم بعد خروجهم من ما يسمى جبهة الخلاص الوطنية إلى الاستعداد للعودة إلى بيت طاعة هذا النظام، الذي لم تبقَ مفردة في قاموس الشتم والتخوين إلا ألصقوها به، والذي كانوا قد اتخذوا منه موقفا مذهبيا متشددا واعتبروا حكمه حكم طائفة غير إسلامية.

وحتى بالنسبة إلى «حماس» التي هي ابن التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، والتي هي أول اختبار جهادي لهذا التنظيم بالنسبة إلى قضية فلسطين، فإنها بعد حالة نهوض أوصلتها إلى الذروة في أعقاب محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها خالد مشعل في عمان، وبعد ذلك، بعد غياب ياسر عرفات وتراجع حركة «فتح»، قد أخذت تخسر بريقها السابق عندما قامت بالانقلاب العسكري الذي كانت قد قامت به في غزة في نحو منتصف يونيو (حزيران) عام 2007، وعندما اتضح وبصورة لا تقبل النقاش أن مرجعيتها هي طهران، وأنها مثلها مثل حزب الله وأكثر، ملتزمة بالولي الفقيه وأوامره، وأنها مجرد برغ صغير في عجلة الآلة الإيرانية الكبيرة في هذه المنطقة

إن هذه مؤشرات كان على قيادات الإخوان المسلمين التقاطها مبكرا، وكان عليهم ألا يركنوا إلى ما بقي يسوّقونه لتبرير تراجعهم في كل ساحات تواجدهم، وهو أنهم يتعرضون لمؤامرة صهيونية ـ أميركية تشارك فيها الدول العربية كلها، حتى بما في ذلك الدول التي احتضنتهم في أوقات محنتهم، إن في عهد جمال عبد الناصر وإن في كل عهود حزب البعث في سوريا والعراق. لقد كان عليهم أن يأخذوا العبرة مما انتهت إليه التجارب القومية واليسارية التي سبقتهم، وأن يبادروا إلى مراجعة مسيرتهم مراجعة صادقة وصارمة، وعلى أساس: «النقد الذاتي البناء».

لم يبزغ نجم الإخوان المسلمين فعلا وتأخذ ظاهرة الإسلام السياسي كل هذه الأبعاد التي أخذتها إلا في مطلع تسعينات القرن الماضي، أي بعد هزيمة الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، وبعد انهيار المعسكر الاشتراكي، وبعد نحو عقد من الأعوام من إخراج منظمة التحرير وقواتها من لبنان، وبعد تراجع ظاهرة المقاومة ذات الصبغة اليسارية، وبعد انحسار المد القومي الذي كان بدأ انحساره بهزيمة يونيو (حزيران) المنكرة، التي كانت هزيمة لأنظمة الأحزاب والتنظيمات والحركات القومية.

كانت الظاهرة القومية، والحديث هنا عن حزب البعث وعن حركة القوميين العرب وعن التيارات الناصرية، قد بلغت ذروتها في خمسينات وستينات القرن الماضي، وكانت من خلال قوة الدفع التي حققتها في الشارع العربي قد وصلت إلى الحكم، وإن من خلال الانقلابات العسكرية في مصر وسوريا والعراق وليبيا و«اليمن الجنوبي» و«اليمن الشمالي» أيضا، وكان من الممكن أن تلعب دورا كالدور الذي لعبه حزب المؤتمر في الهند لو أنها لم تقع في الأخطاء التي وقعت فيها، ولو أنها لم تتحول إلى مطية للضباط المغامرين، ولو أنها اختارت الديمقراطية طريقا لها ولم تضع مصيرها في أبراج الدبابات وثكنات الجيش.

لقد كانت الحركة القومية بكل رموزها وأحزابها وتجلياتها تقود الشارع العربي وتوجهه كما تشاء، بدءا بخمسينات القرن الماضي وحتى هزيمة يونيو (حزيران) عام 1967، وهي ـ أي هذه الحركة ـ قد بلغت ذروة توهجها عندما تمكنت من إسقاط حلف بغداد الشهير، وعندما حقق عبد الناصر وحزب البعث الوحدة المصرية ـ السورية، وعندما انتصرت الجبهة القومية على البريطانيين في الجنوب اليمني، وعندما عاد البعثيون إلى الحكم في العراق في عام 1968، وقبل ذلك عندما أممت مصر قناة السويس، وعندما هزمت العدوان الثلاثي في عام 1956، وعندما انتصرت الثورة الجزائرية في عام 1962، لكن كل هذا لم يصمد أمام حقائق ما بعد الهزيمة الحزيرانية الشنيعة، وبعد أن أخذت أنظمة التيار القومي المهزومة يأكل بعضها بعضا، وبعد أن بدأ ما تبقى من أنظمتها يتآكل من الداخل.

لم تستفد الظاهرة القومية بأحزابها وقواها وأنظمتها لا من تجاربها ولا من تجارب الآخرين، فكان سقوطها مدوّيا في يونيو (حزيران ) عام 1967 عندما لم تستطع مواجهة تحديات تلك المرحلة، وعندما أثبت العدوان الإسرائيلي كم أنها كانت ظاهرة شعارات فارغة، وكم أنها كانت تكذب على نفسها وعلى جماهيرها، وكم أنه كان عليها أن تستجيب لمستجدات ما بعد الهزيمة وتسلم قيادة الشارع العربي للظاهرة الجديدة، التي هي ظاهرة المقاومة المسلحة التي كانت بدأتها حركة «فتح»، ثم ما لبثت وللأسف أن تحولت إلى مطية لكل الأنظمة العربية المهزومة والوافدة، التي جاءت كردّ على هذه الهزيمة، ولكنها بالنتيجة كانت أكثر بؤسا من الأنظمة السابقة. 

حتى بعد هزيمة يونيو (حزيران) التي كانت مفترقا تاريخيا وأصبحت بنتائجها التي لا تزال شاخصة وتفعل فعلها حتى الآن أخطر من قيام دولة إسرائيل في عام 1948، فإن الحركة القومية بكل قواها وأحزابها الحاكمة وغير الحاكمة لم تبادر إلى وقفة مع الذات والقيام بمراجعة شجاعة وصادقة لمسيرتها ولمنطلقاتها ولشعاراتها وممارساتها، وكانت النتيجة ذلك الانهيار المدوي الذي حولها إلى شراذم يتمسك باقي ما تبقى منها بأنظمة سيكون مصيرها مصير الأنظمة التي سبقتها، وهنا فإن المسألة مسألة وقت ومسألة توفر ظروف اللحظة التاريخية الحاسمة.

والمؤسف حقا أن ظاهرة المقاومة التي وضعها الظرف الموضوعي الذي استجد بعد هزيمة يونيو (حزيران) كبديل للظاهرة القومية التقليدية، وقعت في الأخطاء ذاتها التي وقعت فيها سابقتها، وكانت النتيجة كل هذه الشراذم التي نراها الآن، وكل هذه القيادات بلا قواعد التي تحول بعضها إلى مجرد بنادق وألسنة للبيع والشراء.

والآن فإن الواضح أن ظاهرة الإسلام السياسي، التي عنوانها الإخوان المسلمون وحركة «حماس»، ذاهبة إلى المصير نفسه الذي انتهت إليه الظاهرة القومية وظاهرة المقاومة والكفاح المسلح، لأنها كسابقتها ترفض الاعتراف بأخطائها وترفض النقد البناء وترفض مراجعة شعاراتها والاستماع للذين يخالفونها الرأي، ولذلك وكما أن شعار: «أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة» لم ينقذ حالة ذاهبة إلى الانهيار، فإن شعار: «الإسلام هو الحل» وحده ودون تطبيقات وممارسات صحيحة لا يكفي لإنجاز استحقاقات هذه المرحلة التاريخية الصعبة.

يجب أن تكون هذه التراجعات التي لحقت بظاهرة الإسلام السياسي في الكويت وفي الأردن وفي مصر وفلسطين إنذارا للإخوان المسلمين بأن عليهم أن يسارعوا إلى وقفة مع الذات، وأن عليهم أن يراجعوا مسيرتهم بكل شجاعة وصدق، وأن يقفزوا من القاطرة الإيرانية قبل فوات الأوان، فالتاريخ لا يرحم، وها هي تجارب قرن كامل أمام الجميع. ثم إن عليهم أن يدركوا أن هناك ظاهرة بديلة جديدة باتت تقف على الأبواب، وهي الظاهرة الوطنية ذات البعد القومي، ولكن على أساس المصالح المشتركة وبعيدا عن الشعارات الصاخبة التي كانت جزءا من مصائب هذه الأمة، والتي تستدعي مصارحة القول لرموز ظاهرة الإسلام السياسي إنهم يغرقون فيها الآن حتى ذقونهم.

قبل تراجع «إسلاميي» الكويت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة كان الإخوان المسلمون في الأردن قد سبقوهم إلى مثل هذا التراجع وأكثر منه في الانتخابات التي كانت أُجريت قبل أكثر من عام ونصف بقليل، وكان «إخوان مصر» قد بدأوا يفقدون صورتهم التاريخية منذ أن ربطوا أنفسهم بنظام الولي الفقيه في طهران، وبعد ذلك عندما وضعوا أنفسهم وتنظيمهم إلى جانب حزب الله ضد بلدهم الذي تتعلق به أفئدة المصريين كلهم.

بقي تنظيم الإخوان المسلمين في مصر يحظى بهالة كبيرة من التقدير والاحترام في الوطن العربي وفي العالم الإسلامي كله، إلى أن بدأ يخرج من الدائرة السابقة التي وضعه فيها المؤسس حسن البنا، وبدأ المرشد العام الحالي محمد مهدي عاكف يفاجئ الناس بمواقف غير مفهومة وغير مبررة، وبات لا يتورع عن أن يقول: «طُظ في الشعب المصري»، وأن يتهم الدول العربية كلها بأنها صهيونية أكثر من الصهيونية.

وبقي الرأي العام في سوريا، وبخاصة على أثر أحداث حماة الدامية المعروفة، يتعاطف مع «الإخوان السوريين»، وبقيت بعض الدول العربية تعطف عليهم وتحتضنهم، إلى أن أخذوا يأكل بعضهم بعضا، وإلى أن بدأوا رحلة التراجع التي أوصلتهم بعد خروجهم من ما يسمى جبهة الخلاص الوطنية إلى الاستعداد للعودة إلى بيت طاعة هذا النظام، الذي لم تبقَ مفردة في قاموس الشتم والتخوين إلا ألصقوها به، والذي كانوا قد اتخذوا منه موقفا مذهبيا متشددا واعتبروا حكمه حكم طائفة غير إسلامية.

وحتى بالنسبة إلى «حماس» التي هي ابن التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، والتي هي أول اختبار جهادي لهذا التنظيم بالنسبة إلى قضية فلسطين، فإنها بعد حالة نهوض أوصلتها إلى الذروة في أعقاب محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها خالد مشعل في عمان، وبعد ذلك، بعد غياب ياسر عرفات وتراجع حركة «فتح»، قد أخذت تخسر بريقها السابق عندما قامت بالانقلاب العسكري الذي كانت قد قامت به في غزة في نحو منتصف يونيو (حزيران) عام 2007، وعندما اتضح وبصورة لا تقبل النقاش أن مرجعيتها هي طهران، وأنها مثلها مثل حزب الله وأكثر، ملتزمة بالولي الفقيه وأوامره، وأنها مجرد برغ صغير في عجلة الآلة الإيرانية الكبيرة في هذه المنطقة. 

إن هذه مؤشرات كان على قيادات الإخوان المسلمين التقاطها مبكرا، وكان عليهم ألا يركنوا إلى ما بقي يسوّقونه لتبرير تراجعهم في كل ساحات تواجدهم، وهو أنهم يتعرضون لمؤامرة صهيونية ـ أميركية تشارك فيها الدول العربية كلها، حتى بما في ذلك الدول التي احتضنتهم في أوقات محنتهم، إن في عهد جمال عبد الناصر وإن في كل عهود حزب البعث في سوريا والعراق. لقد كان عليهم أن يأخذوا العبرة مما انتهت إليه التجارب القومية واليسارية التي سبقتهم، وأن يبادروا إلى مراجعة مسيرتهم مراجعة صادقة وصارمة، وعلى أساس: «النقد الذاتي البناء».

لم يبزغ نجم الإخوان المسلمين فعلا وتأخذ ظاهرة الإسلام السياسي كل هذه الأبعاد التي أخذتها إلا في مطلع تسعينات القرن الماضي، أي بعد هزيمة الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، وبعد انهيار المعسكر الاشتراكي، وبعد نحو عقد من الأعوام من إخراج منظمة التحرير وقواتها من لبنان، وبعد تراجع ظاهرة المقاومة ذات الصبغة اليسارية، وبعد انحسار المد القومي الذي كان بدأ انحساره بهزيمة يونيو (حزيران) المنكرة، التي كانت هزيمة لأنظمة الأحزاب والتنظيمات والحركات القومية.

 كانت الظاهرة القومية، والحديث هنا عن حزب البعث وعن حركة القوميين العرب وعن التيارات الناصرية، قد بلغت ذروتها في خمسينات وستينات القرن الماضي، وكانت من خلال قوة الدفع التي حققتها في الشارع العربي قد وصلت إلى الحكم، وإن من خلال الانقلابات العسكرية في مصر وسوريا والعراق وليبيا و«اليمن الجنوبي» و«اليمن الشمالي» أيضا، وكان من الممكن أن تلعب دورا كالدور الذي لعبه حزب المؤتمر في الهند لو أنها لم تقع في الأخطاء التي وقعت فيها، ولو أنها لم تتحول إلى مطية للضباط المغامرين، ولو أنها اختارت الديمقراطية طريقا لها ولم تضع مصيرها في أبراج الدبابات وثكنات الجيش.

لقد كانت الحركة القومية بكل رموزها وأحزابها وتجلياتها تقود الشارع العربي وتوجهه كما تشاء، بدءا بخمسينات القرن الماضي وحتى هزيمة يونيو (حزيران) عام 1967، وهي ـ أي هذه الحركة ـ قد بلغت ذروة توهجها عندما تمكنت من إسقاط حلف بغداد الشهير، وعندما حقق عبد الناصر وحزب البعث الوحدة المصرية ـ السورية، وعندما انتصرت الجبهة القومية على البريطانيين في الجنوب اليمني، وعندما عاد البعثيون إلى الحكم في العراق في عام 1968، وقبل ذلك عندما أممت مصر قناة السويس، وعندما هزمت العدوان الثلاثي في عام 1956، وعندما انتصرت الثورة الجزائرية في عام 1962، لكن كل هذا لم يصمد أمام حقائق ما بعد الهزيمة الحزيرانية الشنيعة، وبعد أن أخذت أنظمة التيار القومي المهزومة يأكل بعضها بعضا، وبعد أن بدأ ما تبقى من أنظمتها يتآكل من الداخل.

لم تستفد الظاهرة القومية بأحزابها وقواها وأنظمتها لا من تجاربها ولا من تجارب الآخرين، فكان سقوطها مدوّيا في يونيو (حزيران ) عام 1967 عندما لم تستطع مواجهة تحديات تلك المرحلة، وعندما أثبت العدوان الإسرائيلي كم أنها كانت ظاهرة شعارات فارغة، وكم أنها كانت تكذب على نفسها وعلى جماهيرها، وكم أنه كان عليها أن تستجيب لمستجدات ما بعد الهزيمة وتسلم قيادة الشارع العربي للظاهرة الجديدة، التي هي ظاهرة المقاومة المسلحة التي كانت بدأتها حركة «فتح»، ثم ما لبثت وللأسف أن تحولت إلى مطية لكل الأنظمة العربية المهزومة والوافدة، التي جاءت كردّ على هذه الهزيمة، ولكنها بالنتيجة كانت أكثر بؤسا من الأنظمة السابقة.

حتى بعد هزيمة يونيو (حزيران) التي كانت مفترقا تاريخيا وأصبحت بنتائجها التي لا تزال شاخصة وتفعل فعلها حتى الآن أخطر من قيام دولة إسرائيل في عام 1948، فإن الحركة القومية بكل قواها وأحزابها الحاكمة وغير الحاكمة لم تبادر إلى وقفة مع الذات والقيام بمراجعة شجاعة وصادقة لمسيرتها ولمنطلقاتها ولشعاراتها وممارساتها، وكانت النتيجة ذلك الانهيار المدوي الذي حولها إلى شراذم يتمسك باقي ما تبقى منها بأنظمة سيكون مصيرها مصير الأنظمة التي سبقتها، وهنا فإن المسألة مسألة وقت ومسألة توفر ظروف اللحظة التاريخية الحاسمة.

والمؤسف حقا أن ظاهرة المقاومة التي وضعها الظرف الموضوعي الذي استجد بعد هزيمة يونيو (حزيران) كبديل للظاهرة القومية التقليدية، وقعت في الأخطاء ذاتها التي وقعت فيها سابقتها، وكانت النتيجة كل هذه الشراذم التي نراها الآن، وكل هذه القيادات بلا قواعد التي تحول بعضها إلى مجرد بنادق وألسنة للبيع والشراء.

والآن فإن الواضح أن ظاهرة الإسلام السياسي، التي عنوانها الإخوان المسلمون وحركة «حماس»، ذاهبة إلى المصير نفسه الذي انتهت إليه الظاهرة القومية وظاهرة المقاومة والكفاح المسلح، لأنها كسابقتها ترفض الاعتراف بأخطائها وترفض النقد البناء وترفض مراجعة شعاراتها والاستماع للذين يخالفونها الرأي، ولذلك وكما أن شعار: «أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة» لم ينقذ حالة ذاهبة إلى الانهيار، فإن شعار: «الإسلام هو الحل» وحده ودون تطبيقات وممارسات صحيحة لا يكفي لإنجاز استحقاقات هذه المرحلة التاريخية الصعبة.

يجب أن تكون هذه التراجعات التي لحقت بظاهرة الإسلام السياسي في الكويت وفي الأردن وفي مصر وفلسطين إنذارا للإخوان المسلمين بأن عليهم أن يسارعوا إلى وقفة مع الذات، وأن عليهم أن يراجعوا مسيرتهم بكل شجاعة وصدق، وأن يقفزوا من القاطرة الإيرانية قبل فوات الأوان، فالتاريخ لا يرحم، وها هي تجارب قرن كامل أمام الجميع. ثم إن عليهم أن يدركوا أن هناك ظاهرة بديلة جديدة باتت تقف على الأبواب، وهي الظاهرة الوطنية ذات البعد القومي، ولكن على أساس المصالح المشتركة وبعيدا عن الشعارات الصاخبة التي كانت جزءا من مصائب هذه الأمة، والتي تستدعي مصارحة القول لرموز ظاهرة الإسلام السياسي إنهم يغرقون فيها الآن حتى ذقونهم.

 

 



جميع الحقوق محفوظة ماسترويب 2009
Email