New Page 1
فلتسقط الرباعية /فراس ياغي
04/06/2010 21:57:00
ليست حماقة، ولا ورطة، ولا تخطيط خاطيء..هي سياسة تميزت بها دولة إسرائيل عبر عقود من الزمن، لم تحسبُ حساباً لأحد، لا في المنطقة ولا في العالم فيما يخص الموضوع الفلسطيني..قامت بعملية تطهير عرقي عام 1948 وفقاً لخطط أُعِدَت مسبقاً بإعترافِ مُؤَرخيهم الجدد، ولم تتورع عن اعتقال "مردخاي فعنونو" لسنوات طويلة، ومن ثم تفرض عليه إقامة جبرية وتعتقله مرة أخرى، فقط لأنه كشف حقيقة وطبيعة مفاعل "ديمونا" النووي، مجازر دير ياسين وكفر قاسم والدوايمه وقانا وغزة وأخيرا "مرمرة" هي سياسة، لم يردعها أحدٌ سابقا عليها، وهي تعتقد أن من حقها فعل كل شيء تحت مسمى الأمن ومحاربة الارهاب..هذه المرة الارهابيون كانوا من اكثر من أربعيين دولة، ومن مشارب فكرية مختلفة، ومن ديانات مختلفه، متضامنون أجانب وعرب ومسلمين ومسيحيين، ذكور واناث، بلحى وغير لحى، بمناديل وبدونها، مهمتهم كانت انسانية، وصرختهم كانت تعبيراً عن الألم الذي يعتصر كل انسان له ضمير حي، امام ما يجري منذ اكثر من اربع سنوات لغزة وأهلها، أرادوا ان يكسروا هذا الحصار غير المسبوق، فهو ليس ظالما فحسب، بل هو إرهابي ولا إنساني وهمجي، يعيدنا لعصور الظلام وحروب التاريخ القديمه، وما كان يحدث خلالها من حصار ودمار ووحشية.. لقد قرروا أن يَخطوا على هدى الراحل الخالد "جمال عبد الناصر" الذي قال "الخائفون لا يصنعون الحرية..والمترددون لن تقوى أيديهم المرتعشه على البناء"، ذهبوا عبر البحار بصدورٍ عارية، لديهم أمل، ولديهم إصرار، مؤمنون بالحرية ومتوكلون على رعاية الرّب التي لم تَخذلهم ولن تَخذلهم، فمهمتهم حققت غايتها، وكسرِ الحصار أصبح هو العنوان، بعد أن تُرِكت غزة لمُحاصِرها ومُحتَلها ليفعل بها ما يشاء..صَبِرَت غزة وكانت غالية عند الله، قال تعالى: "فإصبر لحكمِ رَبّكَ فإنك بأعيننا"، فكرمها بمتضامنين وبضمائر حية، انتفضت في كل بقاع العالم، كرّمها، بأردوغان وشافيز وجلوي ورائد صلاح والمطران كابوتشي وهيننغ مانكيل والكسيندر فيكس وهاني سلمان ووليد الطبطبائي وحنين الزغبي ونجوى سلطاني ووائل السقا وباو علي قويدري وهزاع المسوري ومحمد البلتاجي وحازم فاروق ومنى ششتر ومئات البرلمانيين والصحفيين ورجال الاعمال والحقوقيين ونساء كريمات، مِمَن كرّسوا حياتهم لرفع الظلم ورفض الاستكانه، وعشرات الآلاف بل ملايين من البشر الغاضبين على ما يسمى مجتمع دولي، يُغطي على الجريمه ويشارك في تجويع الناس لأهدافٍ سياسية، مجتمع تتزعمه امريكيا وما تسمى "الرباعية" تتغنى بالديمقراطية وتتحدث بكلماتٍ جميلة معطوبه، كما في "فوضى الحواس" لأحلام مستغانمي، فحاصرت شعب بسبب إنتخابات ديمقراطية.
الكوارتت "الرباعية الدولية" هي المسئولة عن الغطرسة الإسرائيلية، وهي المسئولة عن قتل مئات الناس من مختلف الاعمار كنتيجة لحصار مليون ونصف إنسان، ووضعهم في معتقل ببوابات يتحكم بها إحتلال عنصري آثم وقاتل يتمتع بذهنية إرهابية لا يفوقها حد في العصر الراهن.. "الرباعية" هي التي أعطت الضوء الأخضر للهجوم على سفينة "مرمرة"، وهي من قتلت هؤلاء الأبطال وجرحتهم، فموقفها الابتزازي للشعب الفلسطيني أدى لإنقسامه، وموقفها أدى لحصار غزة، وتغطيتها على جرائمه في غزة وعدم تفعيل تقرير "غولدستون" شجعه على القيام بحماقته التي لا وصف لها سوى "عنجهية" و "غرور القوة"، وسياسة العقابِ الفردي المباشر، إضافة للعقاب الجماعي التي تمارسها حكومة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني ومنذ عقود، مارستها وبشكل واضح وجلي ضد ابناء اكثر من أربعين دولة، فالدولة التي يتغاضى عن جرائمها المجتمع الدولي، الذي تتحكم به الولايات المتحدة الامريكية، تنفلت من عقالها ولا ترى أحد أمامها، ويصبح الحق لها، وتصرفها مُبَرَر، ومهما كان حجمه وقوته وإرهابه، وما قامت به حكومة نتنياهو-باراك-ليبرمان ضد العُزل، إلاّ من الايمان بالله وبالحق والعدل والانسانية، يعبر عن مستوى الضعف المغَلّف بغرور القوة، وحالة الارتباك التي وصلت لها السياسة الاسرائيلية، فهي بسبب غرورها مارست ما تخجل أن تقوم به أعتى الدول في هذا العصر، ووضعت نفسها في مصاف الدول القمعية والديكتاتورية شاءت أم أبت، فالديمقراطية ليست انتخابات فحسب، إنها رزمة متكاملة من الحقوق والواجبات الدولية والاقليمية وحتى الاسرائيلية، فقانون الأساس لديهم يعترف بالمواثيق الدولية، وهم ملتزمون بكل الأعراف والمواثيق الخاصة بالملاحة البحرية، ومع ذلك وكعادتهم لم يلتزموا ولن يلتزموا، فغطاءُ الرباعية أعماهم، ودعم الولايات المتحدة اللاّمحدود أفقدهم بصيرتهم.
فلتسقط الرباعية، فهي الرّاعي للشيطان، وهي الداعم لقتل شعبنا، وهي المبتز الاكبر لنا..لتسقط "الكوارتت" التي وضعت شروط وأدت لتمزيق شعبنا وتقسيمه..لتسقط "الرباعية" لانها مارست علينا كل أنواع الضغوط دون أن تفعل شيئاً ودون أن تحقق سلاما..ليسقط حب قيادة هذا الشعب "للرباعية"، فهذا الحب سمح لهم بإجتياحنا وهزمنا، فقد سطوا على كل شيء عندنا، إننا معهم مثل الحبيب الذي أصبح في حالة ضعف وليست حالة قوة كنتيجةٍ لحبه التخيلي..لتسقط هذه الرباعية التي ما فتئت أن تعمل ألاعيب وألاعيب وتبرّر للجلاد وتعطي الضحية مُسكناً بدعم مالي، يصل لمن يتوافق معهم، ويُحرَم عمن حاصروهم ودمروهم ولا زالوا يُحاصروهم بحجة محاربةِ "الارهاب"..سياسة "الرباعية" هي الارهاب، ودعم اوروبا المالي للشعب الفلسطيني لن يَغسل أبداً دورها في تشريد شعب واقامة دولة على أنقاضه، فهم، الأوروبيون، الذين ساندوا إقامة دولة لليهود في فلسطين، والهجرات اليهودية جاءت من عندهم، ومع كل ذلك يضعون إشتراطات على دعمهم المالي باسم عملية السلام ومفهوم الدولتين..ونحن نسأل، أين السلام؟!!! وأين مِن مَكان للدولتين في ظل الاستيطان والجدار؟!!! فلتسقط هذه الكذبة التي إسمها "رباعية"، فمجزرة مرمرة وشقاء أهل غزة نتاج حتمي لسياساتها في منطقتنا، هم يحاولون انقاذ حليفتهم من نفسها، هم يخافون عليها وليس على شعبنا، هم يريدون تحطيم هذا الشعب نفسيا وربطه باليورو-دولار، هم يريدون إنهاء إرادته في الوحدة والتحرر والاستقلال، هم يريدون حرف بوصلته في صراع ليس لنا وليس منا ولا مصلحة لنا فيه، ولكن هذا الشعب هو ك "الجبال لا يمكن ازاحتها ولن تزاح بعاصف" كما قال الخالد فينا الشهيد أبو عمار..لتسقط هذه البدعة التي سموها "رباعية" ووضعوا لها ممثلا في القدس فشل في دولته وزاد الاستيطان وهدم البيوت في عاصمتنا الابديه في عهده.
علينا أن نسلك دربنا بكرامة، وعلينا ان نعيد ما كان لنا، فلا شيء أعمق من الوحدة الوطنية، ولا شيء أغلى من الانسان الفلسطيني في غزة او الضفة او الشتات، علينا بالمصالحة على اساس ثوابتنا ووثيقة وفاق أسرانا،" فانما المؤمنون أخوة، فاصلحوا بين اخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون"، علينا ان نعيد عمقنا العربي والاسلامي، لتركيا أردوغان وربعه، ولشعوب العرب واحزابها القومية والاسلامية وحكوماتها الرسمية وفقا لنظرة جديدة في التعامل ، ف "الخَيّرُ لا يأتي منه إلا الخَير"، في حين رباعيتهم جاءت على باطل وستبقى على باطل، وفزاعة الارهاب والخطر القادم من الشرق هي اكذوبة قبل وبعد مجزرة "مرمرة"، وإستراتيجية الايقاع بين الاخوة فشلت في تحقيق اهدافها، وصمود غزة، وابطال "أُسطول الحرية"، كشفوا الوجه الحقيقي لصناعة الغرب التي تسمى "رباعية"، فهل وصلنا أن "نيوتن" قال "لكل فعل رد فعل".
Firas94@yahoo. com
|