New Page 1
مـا بقي من حمـاس وما بقي لهـا في ذكرى عـارهـا/ حسني المشهور
16/06/2010 18:52:00
ولادة بثــلاث أزمــات فـي الـرحـم :
مـنـذ البـدايـة وفي خضـم البحـث الإقليمـي والـدولـي عـن الـبدائـل لمنظمـة التحـريـر الفلسـطينيـة ولـدت حركة المقاومة الإسلامية (حمـاس ) ونظـراً لتسـارع الأحـداث في أواخـر الثمانينـات مـع تـداعيـات الانتفاضـة وحـرب الخليـج الأولى والحاجـة لسـرعـة الاسولادة بثــلاث أزمــات فـي الـرحـم :
مـنـذ البـدايـة وفي خضـم البحـث الإقليمـي والـدولـي عـن الـبدائـل لمنظمـة التحـريـر الفلسـطينيـة ولـدت حركة المقاومة الإسلامية (حمـاس ) ونظـراً لتسـارع الأحـداث في أواخـر الثمانينـات مـع تـداعيـات الانتفاضـة وحـرب الخليـج الأولى والحاجـة لسـرعـة الاسـتيـلاد فقـد ولـدت وفي أحشائهـا أزمـات ثـلاث ... يكمـن في كـل منهـا من التعارضـات امـا يكفي لرفعهـا إلى تناقضـات تطـرد وتـُشـتـّتْ إن لـم تـُفجـّرْ ذاتهـا فهي :
أولاً : وفقـاً لطبيعـة التـواصـل الجغرافي والسياسي الـذي كـان قبـل 1967 واسـتمـر بعـدهـا جـاءت فرعـاً مـُهجـّنـاً مـن الإخـوان المسلمين في كـل مـن مصـر والأردن أساسـاً مـع كـل مـا يتركـه الـولاء السياسي من مفارقـات ومـواقـف وتجعـل وحـدة هـذا الفرع في مهـب الـريـح عـنـد أول أزمـة حقيقيـة بين مصادر الولاء في عـمـّـان والقـاهـرة ، ولعـل الأزمـة الحاليـة للإخـوان في الأردن مثالاً مهمـا كـانـت المسميـات التي تتخفى تحتهـا من تفاسير للأنظمـة واللـوائـح وفتـاوي وتأويـلات كـل منهـا .... ولأن أبسـط النـاس في الأردن يعلـم أن السـبب الحقيقي مرتبـط بالـولاء السياسي للفـرد وللجغرافيـاً .
ثانياً : الاختيـار الطوعي لمبـدأ البـديـل والنفي والإقصـاء لكـل مـا هـو مـوجـود في قضيـة تخـص خصوصـاً شـعـب نسـيجـه يجمـع من التعـدديـة في كـل شـيء عـدد يسـاوي عـدد أمـاكـن الانتشـار والشـتـات الفلسـطيني سياسـة وثقافـة وطوائفـاً وعشائر وعائـلات وعـادات لا ولـم يـُجمعـوا إلا على شـيءٍ واحـد ... ومـا تبقى بعـده يتوافقـون على أشياء ويختلفـون على غيرهـا .... أجمعـوا ويجمعـون على أن فلسـطين وطنهـم ولا وطـن لهـم سـواه ، وتـوافقـوا بأن هـذا الـوطـن الـذي نـُكبـوا بـه ، ونـُكـبـوا فيـه لا طريـق لاسـتعـادتـه إلا الكفـاح المسـلـح وكافـة أشكـال النضـال المكملـة لـه وللجميـع حـق المشاركة أو عـدمهـا وفـق طاقتـه ... هـذا عنـدمـا كانـوا لاجـئيـن ... ثـم ... وهـذا عـندمـا صـاروا لاجئين ونازحين وبقي كـلٌ يعمـل طـوعـاً وفق طاقتـه دون السـعي لإقصـاء أحـد أو إلحـاق الأذي بـه ... ثـم تحـولـوا إلى التـوافـق على المرحليـة بعـد أن أتاحـت حـرب اكتوبر / تشرين 1973 للنظـام العربي ... كـل النظـام العربي والإقليمي والـدولي بأن يَجـْهـَرَ للفلسـطيني وبـدون مواربـه بحقيقـة ما يلـتزم بـه هـذا النظـام ، وكـل نـظـام ... وبأنـه لا يـرى مـا يـراه الفلسـطيني ، واسـتطاع وعي الوطنيين العقـلاء في الإبقـاء على العلاقـة بين كل الاتجاهـات في إطـار الصراع ضمن الوحدة بعيـداً عـن الاتهـام والتخـوين ، لإدراكهـم مـدى مخاطر وكوارث الإقصـاء . كـان اختيـار الـبديـل دون الـمـُكمـل اختيـاراً طوعيـاً أخـذتـه حـمـاس رغـم ثبـوت الفشــل الكـارثي لهـذا الخيـار في تجـارب كـل الدنيـا .
ثالثاً : اعتمـاد منهـاج تفسـير الـديـن بالسـياسـة ، وليـس تهـذيـب السـياسـة بـالـديـن ... وإلبـاس الكفاح الفلسطيني لبـاسـاً ديـنيـاً متحـزبـاً ومـُتحيّزاً حصـروه في فكـر فئـة بعينهـا من المسلمين ، ولـم تكـن هـذه الـفئـة ولـن تكـون محـل إجمـاع ولا تـوافـق لأغلبيـة من المسلمين لا في فلـسـطين ولا في غـيرهـا ... علاوة على غيـاب الإجماع والـتـوافـق ، أو الانسـجـام في الاجتهـاد والـتـأويـل داخـل هـذه الفئـة وفيمـا بين أطرافهـا.
مسـيرة بثـــلاث خـطــايـا فـي الـتطـبيـق :
أولاً : خطيئـة في الـنـهـج الـتعبـوي اعتمـد الـفـرز والـتـصنيـف لـلـمـجتـمـع الـفسـطيني وقـواه الـفـاعلـة إلى فـسـطـاطي كـفـر وإيمـان مـع كـل مـا يـرافقهمـا مـن مصطلحـات تـشـحـن بـالضغـائـن والأحـقـاد غـيـر المـبـررة وكـم هـائـل مـن الإفـتـراءات والـتـزويـر للتـاريـخ وللـمـواقـف فـيمـا لـهـم وعـلـيهـم ، وفيمـا لـلآخـريـن وعليهـم ... كـل هــذا في مـجـتـمـع فـلـسـطيني قــلّ أن تـجــد لـه مـثيــلاً في الـتـسـامـح والـتكـافـل الـراسـخ في الـنـفـوس بمـا ورثـوه مـنـذ بـشـارات ووصـايـا الأنبيـاء وحـوارييهـم وصحـابتهـم وأتباعهـم الـذين ولـِـدوا أو عـاشـوا أو مـرّوا بـارضـه ... وبمـا زادتـه ورسـخـته النكبـات الـتي مـرّ بهـا مـن قيـم لـهـذا التسـامـح والتكـافـل . إضـافـه إلى مـقتضيـات مـرحلـة الـتحـرر الـوطـني مـن ضـرورات تـوجـب العمـل لكـل مكـونـات الـمجتمـع في جبهـة عـريضـة مـتـوافقـة على قـواسـم جامعـة تـُمـيـز بين التنـاقضـات والتعـارضـات الثانـويـة والتنـاقـض الـرئيـسـي .
ثانياً : خطيئـة ضيـق الأفـق في قـراءة الأحـداث ومـواجهتهـا وتقـييـم نتائجهـا ... وكـان أبرزهـا مـا جـرى بعـد الانتـخـابـات التـشريعيـة حيـث قـادتهـم الـقـراءة القاصرة لـتـوزيـع الأصـوات إلى اعـتـلاء مقـر المجلـس الـتـشريعي ورفـع عـلـم حمـاس فـوق العلـم الفلسـطيني تتويجـاً للتعبئـة القـاصرة عـن فهـم المعـانـي والـدلالات لـلـرمـوز المرتبطـة بالـتضحيـات دفـاعـاً عـن قضيـة مـا ... ومـا فعـلـوه في الـنـصـب الـتـذكـاري للجـنـدي المجهـول ، كمـا قـادهـم هـذا القصـور إ لى طوباويـة الاعتقـاد بـأن مـن أعطـاهـم صـوتـه قـد بايـعهـم والــتزم لهـم بالـسـمـع والـطـاعـة كمـا يـُبـايعـون ويلتـزمـون لأمـرائهـم ... غافلـين أو مـُتـغـْـافـِليـن أن الـفلسـطيني لـم ولـن يـُقـرَّ ببيـعـة إلا لـفلسـطين بـطريقتـه وقـدر اسـتطاعتـه .
ثالثاً : خطيئـة الاعتقـاد بحـقهـم في الاسـتباحة خـارج الضوابـط الشـرعيـة لإقـامـة الحـدود لفـرض الإقـرار بـالـولايـة القائمـة على هـذه الاسـتباحـة ... فأفتـوا وحـرّضـوا الأخ عـلى اسـتباحـة دم أخيـه وذي رحـمـه لـيـدخـل بهمـا الجنـّـة ... وأفـتـوا وحـرّضـوا عـلى الـتـمثيـل بضحايـاهـم بعـد قـتـلـهـم... وأفـتـوا بـإرهـاب أهلهـم وأبنـاء شـعبهـم وتـخـييـر الضحايـا بمـوقـع البـتـر والتعطيـل لـلأطـراف ... واسـتباحـوا الممتلكـات العـامـة والـخـاصـة ... ثـم كـانـت لحظـة الفجـور الـكبرى في إعـلان نـجـاح انقـلابهـم عـنـدمـا وصـفـوه بـالـتحـريـر الثـانـي لـغـزة ... تـحـريـر مـا زالـت غـزة وأهلهـا يكـتـون بنـاره الـتي لـم تـخمـد بعـد .
حـصــاد لـثـــلاث لا اُسـمـنـت ولا أغـنـت مـن جـوع :
أولاً : كـان الحصـاد لأزمـة الـولاء ، وخطيئـة الـتعبئـة بالـتحـريـض وتزويـر الـتـاريـخ والـدعـوة لـفـرز الأهـل إلى فـسـطاطين ... انكشـاف للـكثيـر ممـا حـاولـوا الـتكـتـم عليـه ، وأحـدث صـدمــات للـكثيـريـن مـمـن تسـاهـلـوا مـع طـروحـات حمـاس تـجـاه رؤيتهـا للمجـتمـع الفلسـطيني والـتنـوع فيـه بشـكـل عـام ... ولـلقـوى الفاعلـة فيـه وفصـائـل الـعمـل الـوطـني بـشـكل خـاص صـدمـة جعلـتهـم يكبحـون مـن هـذا الـتـسـاهل ويضعـون حـداً لـمحـاولات الـتمـدد لحمـاس وصـلـت ذروتهـا أيـام الـعـار ... وجعـلـت منهـا ســدّاً وتـاريخـاً قـالوا فيـه لـحمـاس ويقـولون وسـيقـولون لهـا : هـنـا وصـلـتـم ... ولـن تـصـلـوا لـشـيءٍ بعـدهـا أبــدا . وفعـلاً لـم تكـسـب بعـدهـا حمـاس إلا مـا يـُنجبـه أعضـائُهـا قـبـل بـلـوغ الـعقــل ، ومـا يـُعطيـه كـل صـاحـب غـرض .
ثانياً : كـان لـحصـاد أزمـة الخيـار الطوعي لمبـدأ البـديـل القـائـم على نـفي الآخريـن واسـتئصالهـم ، وخطيئـة ضـيـق الأفـق في قراءة الأحـداث ومـواجهتهـا وتقـييـم نتائجهـا ... انكشـاف لـحـدود المصـداقيـة واسـتحضـار الـنـاس لقصـة الـثعـلب النـاسـك مـن جهـة ... وانكشـاف لـمحـدوديـة الـقـدرة أمـام الـعـدو ولا محـدويتهـا أمـام الأخ والـصـديـق قياسـاً بالـحجـم الـكبيـر مـن الإدعـاء والـدعـايـة ، وكـان في الـتهـدئـة الملعـونـة الملوثـة بالنجاسـات الـكبرى ... وفتـاوي الـصـواريـخ الـضـرار وجـواز الـجلـوس في حـضرة الشـيطـان الأكبر لبيـان وشـرح المـواقـف ... فـارتفع ســدُّ النـاس وصـدّهـم لحمـاس .
ثالثا : كان لأزمة تفسـير الـديـن بالسـياسـة ، وليـس تهـذيـبها بـه ... وإلبـاس الكفاح الفلسطيني لبـاسـاً ديـنيـاً محصـوراً في فئـة حزبيـة بعينهـا من المسلمين ، وخطيئـة الاعتقـاد بحقهم في الاستباحة للعـام والخـاص مـن الممتلكـات ... والـولـوغ في الــدم والتمثيـل بالضحايا بعـد قتلـهـم خـارج الـحـدود الـشـرعيـة ... إنكشـاف لـزيـف الـدعـوة والإدعـاء بـالـديـن ... وانكشـاف اتخـاذهـم لـلـديـن مـطيـّـة يصـلـون بـه إلى مـا قـامـت عليـه رغبـات وشـهـوات أمـرائهـم الـقـدامى والـجـدد ... هـذا الانكشـاف الـذي كـان سـببـاً في عـديـد الـتمـردات داخلهـم تـمـردات مـن أنـاس تبعـوهـم بصفـاء ســريـرة وصـلاح نيـة لـرفـع الـغمّـة عـن الأمـّة ... تـمـردات لمجمـوعـات أنـار الـلـه بصـرهـا وبصـيرتهـا ونمـوذجهـا تلـك الـتي كـانـت النـواة في تأسيـس وانطـلاقـة حـركـة فـتــح وقـوات العاصفـة ، وتلـك الـتي كـونـت حـركـة الجهـاد وسـرايـا الـقـدس ( إن سـلمـت ممـا يـحـُاك لهـا وعليهـا ) ... ومجمـوعـات أنـار الـلـه بـصـرهـا وأعمـى بـصيـرتهـا فـذهـبـت تحـارب قشـور الـمعـاصي تاركـة كـل أمـر جـلل ... ومجمـوعـات طـمـس اللـه بصـرهـا وبصيرتهـا فسـارت مـع كـل غـزوٍ واحـتـلال تـزينـه لـلـنـاس وتسـهـم في الـتـُخـفـف مـن وقـع بشـاعـاتـه . هـذه الأزمـة وهـذه الخطيئـة ساقـت حمـاس ليـس إلى نفي الآخـر واسـتئصالـه فحـسـب بـل إلى الـولـوج في نفي واسـتئصـال بعضـاً مـن الـذات والأنصـار يتلـوه اسـتئصـال بعضـاً آخـر ... أيـن انتهـى المـرحـوم نـزار ريـّان بعـد الصـلاة على جـُثـث بعـض أهلـه في الـمنـتدى متوجـاً أيـام العـار بنجـاح الانـقـلاب ؟؟؟ ... وإيـن انتهـى الـشـيخ عبـداللطيـف مـوسى ومسـجـده بعـد خطبـة الـوصـايـا الـذهبيـة ؟؟؟
في الـذكـرى الثالثـة لعـارهـا الـذي أصـابنـا وإن كـان لا يـُعيبنـا ... فـمـا الـذي بقـي مـن حمـاس ؟؟؟ ومـا الـذي بـقي لـهـا ؟؟؟ :
حـمـاس زرعـت فينـا نـحـن الـفلـسـطينيين في ثلاثة أعوام مـا لـم يـسـتطـع زرعـه غـُلاة الـمـسـتـعمـريـن والمـسـتوطنـين والـمـتصهينين في مائة عام وجعلـت الأم الفلسـطينيـة تـاج أمهـات الـدنيـا تقـف مكسـورة القلـب بـين اثنـين مـن أبنائهـا تناديهـم فـيردون بلسـانين لا تفهـم بـهمـا ، ولا شـيء عـنهمـا ، ولا لسـبب اسـتمـراهمـا بالـرطـن ... وتجلـس بـن قـبريـن لاثـنين آخـريـن مـن أبنائهـا لا تـجـرؤ على نـعتهمـا بـالشـهـداء ، ولا على الـفخـر بهمـا .... وبعــد هــذا فـمـا الـذي بـقي مـن حمـاس ؟؟؟ ومـا الـذي بـقي لـهـا كـي تفعلـه غـيـر الـمـديـح لـصـاحـب غـرض يـُصـدر تصريحـاً ينعتهـا بـالمـقاومـة ، والـتـلـطي وراء فـعـل لمـن يـجـد في الـبـوح بـاسـم فلسـطين اسـتجـلاب لمصـالـح بـلاده ، ومـا الـذي بـقي لـهـا كـي تفعلـه غـيـر أن تـكـون مـاءً يغـسـل بـه الآخـريـن نجـاسـاتهـم في بـلاد الـعـرب ؟؟؟ وجـبـاة لـعـوائـد أنفـاق الـتهـريـب .
الـمـرء عــدوٌ لـمـا يـجهــل ... أللهـم نـسـألـك الـعـفـو إن كـان فيمـا أقـولــه جهــلاً !!!
تيلاد فقـد ولـدت وفي أحشائهـا أزمـات ثـلاث ... يكمـن في كـل منهـا من التعارضـات إما يكفي لرفعهـا إلى تناقضـات تطـرد وتـُشـتـّتْ إن لـم تـُفجـّرْ ذاتهـا فهي :
أولاً : وفقـاً لطبيعـة التـواصـل الجغرافي والسياسي الـذي كـان قبـل 1967 واسـتمـر بعـدهـا جـاءت فرعـاً مـُهجـّنـاً مـن الإخـوان المسلمين في كـل مـن مصـر والأردن أساسـاً مـع كـل مـا يتركـه الـولاء السياسي من مفارقـات ومـواقـف وتجعـل وحـدة هـذا الفرع في مهـب الـريـح عـنـد أول أزمـة حقيقيـة بين مصادر الولاء في عـمـّـان والقـاهـرة ، ولعـل الأزمـة الحاليـة للإخـوان في الأردن مثالاً مهمـا كـانـت المسميـات التي تتخفى تحتهـا من تفاسير للأنظمـة واللـوائـح وفتـاوي وتأويـلات كـل منهـا .... ولأن أبسـط النـاس في الأردن يعلـم أن السـبب الحقيقي مرتبـط بالـولاء السياسي للفـرد وللجغرافيـاً .
ثانياً : الاختيـار الطوعي لمبـدأ البـديـل والنفي والإقصـاء لكـل مـا هـو مـوجـود في قضيـة تخـص خصوصـاً شـعـب نسـيجـه يجمـع من التعـدديـة في كـل شـيء عـدد يسـاوي عـدد أمـاكـن الانتشـار والشـتـات الفلسـطيني سياسـة وثقافـة وطوائفـاً وعشائر وعائـلات وعـادات لا ولـم يـُجمعـوا إلا على شـيءٍ واحـد ... ومـا تبقى بعـده يتوافقـون على أشياء ويختلفـون على غيرهـا .... أجمعـوا ويجمعـون على أن فلسـطين وطنهـم ولا وطـن لهـم سـواه ، وتـوافقـوا بأن هـذا الـوطـن الـذي نـُكبـوا بـه ، ونـُكـبـوا فيـه لا طريـق لاسـتعـادتـه إلا الكفـاح المسـلـح وكافـة أشكـال النضـال المكملـة لـه وللجميـع حـق المشاركة أو عـدمهـا وفـق طاقتـه ... هـذا عنـدمـا كانـوا لاجـئيـن ... ثـم ... وهـذا عـندمـا صـاروا لاجئين ونازحين وبقي كـلٌ يعمـل طـوعـاً وفق طاقتـه دون السـعي لإقصـاء أحـد أو إلحـاق الأذي بـه ... ثـم تحـولـوا إلى التـوافـق على المرحليـة بعـد أن أتاحـت حـرب اكتوبر / تشرين 1973 للنظـام العربي ... كـل النظـام العربي والإقليمي والـدولي بأن يَجـْهـَرَ للفلسـطيني وبـدون مواربـه بحقيقـة ما يلـتزم بـه هـذا النظـام ، وكـل نـظـام ... وبأنـه لا يـرى مـا يـراه الفلسـطيني ، واسـتطاع وعي الوطنيين العقـلاء في الإبقـاء على العلاقـة بين كل الاتجاهـات في إطـار الصراع ضمن الوحدة بعيـداً عـن الاتهـام والتخـوين ، لإدراكهـم مـدى مخاطر وكوارث الإقصـاء . كـان اختيـار الـبديـل دون الـمـُكمـل اختيـاراً طوعيـاً أخـذتـه حـمـاس رغـم ثبـوت الفشــل الكـارثي لهـذا الخيـار في تجـارب كـل الدنيـا .
ثالثاً : اعتمـاد منهـاج تفسـير الـديـن بالسـياسـة ، وليـس تهـذيـب السـياسـة بـالـديـن ... وإلبـاس الكفاح الفلسطيني لبـاسـاً ديـنيـاً متحـزبـاً ومـُتحيّزاً حصـروه في فكـر فئـة بعينهـا من المسلمين ، ولـم تكـن هـذه الـفئـة ولـن تكـون محـل إجمـاع ولا تـوافـق لأغلبيـة من المسلمين لا في فلـسـطين ولا في غـيرهـا ... علاوة على غيـاب الإجماع والـتـوافـق ، أو الانسـجـام في الاجتهـاد والـتـأويـل داخـل هـذه الفئـة وفيمـا بين أطرافهـا.
مسـيرة بثـــلاث خـطــايـا فـي الـتطـبيـق :
أولاً : خطيئـة في الـنـهـج الـتعبـوي اعتمـد الـفـرز والـتـصنيـف لـلـمـجتـمـع الـفسـطيني وقـواه الـفـاعلـة إلى فـسـطـاطي كـفـر وإيمـان مـع كـل مـا يـرافقهمـا مـن مصطلحـات تـشـحـن بـالضغـائـن والأحـقـاد غـيـر المـبـررة وكـم هـائـل مـن الإفـتـراءات والـتـزويـر للتـاريـخ وللـمـواقـف فـيمـا لـهـم وعـلـيهـم ، وفيمـا لـلآخـريـن وعليهـم ... كـل هــذا في مـجـتـمـع فـلـسـطيني قــلّ أن تـجــد لـه مـثيــلاً في الـتـسـامـح والـتكـافـل الـراسـخ في الـنـفـوس بمـا ورثـوه مـنـذ بـشـارات ووصـايـا الأنبيـاء وحـوارييهـم وصحـابتهـم وأتباعهـم الـذين ولـِـدوا أو عـاشـوا أو مـرّوا بـارضـه ... وبمـا زادتـه ورسـخـته النكبـات الـتي مـرّ بهـا مـن قيـم لـهـذا التسـامـح والتكـافـل . إضـافـه إلى مـقتضيـات مـرحلـة الـتحـرر الـوطـني مـن ضـرورات تـوجـب العمـل لكـل مكـونـات الـمجتمـع في جبهـة عـريضـة مـتـوافقـة على قـواسـم جامعـة تـُمـيـز بين التنـاقضـات والتعـارضـات الثانـويـة والتنـاقـض الـرئيـسـي .
ثانياً : خطيئـة ضيـق الأفـق في قـراءة الأحـداث ومـواجهتهـا وتقـييـم نتائجهـا ... وكـان أبرزهـا مـا جـرى بعـد الانتـخـابـات التـشريعيـة حيـث قـادتهـم الـقـراءة القاصرة لـتـوزيـع الأصـوات إلى اعـتـلاء مقـر المجلـس الـتـشريعي ورفـع عـلـم حمـاس فـوق العلـم الفلسـطيني تتويجـاً للتعبئـة القـاصرة عـن فهـم المعـانـي والـدلالات لـلـرمـوز المرتبطـة بالـتضحيـات دفـاعـاً عـن قضيـة مـا ... ومـا فعـلـوه في الـنـصـب الـتـذكـاري للجـنـدي المجهـول ، كمـا قـادهـم هـذا القصـور إ لى طوباويـة الاعتقـاد بـأن مـن أعطـاهـم صـوتـه قـد بايـعهـم والــتزم لهـم بالـسـمـع والـطـاعـة كمـا يـُبـايعـون ويلتـزمـون لأمـرائهـم ... غافلـين أو مـُتـغـْـافـِليـن أن الـفلسـطيني لـم ولـن يـُقـرَّ ببيـعـة إلا لـفلسـطين بـطريقتـه وقـدر اسـتطاعتـه .
ثالثاً : خطيئـة الاعتقـاد بحـقهـم في الاسـتباحة خـارج الضوابـط الشـرعيـة لإقـامـة الحـدود لفـرض الإقـرار بـالـولايـة القائمـة على هـذه الاسـتباحـة ... فأفتـوا وحـرّضـوا الأخ عـلى اسـتباحـة دم أخيـه وذي رحـمـه لـيـدخـل بهمـا الجنـّـة ... وأفـتـوا وحـرّضـوا عـلى الـتـمثيـل بضحايـاهـم بعـد قـتـلـهـم... وأفـتـوا بـإرهـاب أهلهـم وأبنـاء شـعبهـم وتـخـييـر الضحايـا بمـوقـع البـتـر والتعطيـل لـلأطـراف ... واسـتباحـوا الممتلكـات العـامـة والـخـاصـة ... ثـم كـانـت لحظـة الفجـور الـكبرى في إعـلان نـجـاح انقـلابهـم عـنـدمـا وصـفـوه بـالـتحـريـر الثـانـي لـغـزة ... تـحـريـر مـا زالـت غـزة وأهلهـا يكـتـون بنـاره الـتي لـم تـخمـد بعـد .
حـصــاد لـثـــلاث لا اُسـمـنـت ولا أغـنـت مـن جـوع :
أولاً : كـان الحصـاد لأزمـة الـولاء ، وخطيئـة الـتعبئـة بالـتحـريـض وتزويـر الـتـاريـخ والـدعـوة لـفـرز الأهـل إلى فـسـطاطين ... انكشـاف للـكثيـر ممـا حـاولـوا الـتكـتـم عليـه ، وأحـدث صـدمــات للـكثيـريـن مـمـن تسـاهـلـوا مـع طـروحـات حمـاس تـجـاه رؤيتهـا للمجـتمـع الفلسـطيني والـتنـوع فيـه بشـكـل عـام ... ولـلقـوى الفاعلـة فيـه وفصـائـل الـعمـل الـوطـني بـشـكل خـاص صـدمـة جعلـتهـم يكبحـون مـن هـذا الـتـسـاهل ويضعـون حـداً لـمحـاولات الـتمـدد لحمـاس وصـلـت ذروتهـا أيـام الـعـار ... وجعـلـت منهـا ســدّاً وتـاريخـاً قـالوا فيـه لـحمـاس ويقـولون وسـيقـولون لهـا : هـنـا وصـلـتـم ... ولـن تـصـلـوا لـشـيءٍ بعـدهـا أبــدا . وفعـلاً لـم تكـسـب بعـدهـا حمـاس إلا مـا يـُنجبـه أعضـائُهـا قـبـل بـلـوغ الـعقــل، ومـا يـُعطيـه كـل صـاحـب غـرض .
ثانياً : كـان لـحصـاد أزمـة الخيـار الطوعي لمبـدأ البـديـل القـائـم على نـفي الآخريـن واسـتئصالهـم ، وخطيئـة ضـيـق الأفـق في قراءة الأحـداث ومـواجهتهـا وتقـييـم نتائجهـا ... انكشـاف لـحـدود المصـداقيـة واسـتحضـار الـنـاس لقصـة الـثعـلب النـاسـك مـن جهـة ... وانكشـاف لـمحـدوديـة الـقـدرة أمـام الـعـدو ولا محـدويتهـا أمـام الأخ والـصـديـق قياسـاً بالـحجـم الـكبيـر مـن الإدعـاء والـدعـايـة ، وكـان في الـتهـدئـة الملعـونـة الملوثـة بالنجاسـات الـكبرى ... وفتـاوي الـصـواريـخ الـضـرار وجـواز الـجلـوس في حـضرة الشـيطـان الأكبر لبيـان وشـرح المـواقـف ... فـارتفع ســدُّ النـاس وصـدّهـم لحمـاس .
ثالثا : كان لأزمة تفسـير الـديـن بالسـياسـة ، وليـس تهـذيـبها بـه ... وإلبـاس الكفاح الفلسطيني لبـاسـاً ديـنيـاً محصـوراً في فئـة حزبيـة بعينهـا من المسلمين ، وخطيئـة الاعتقـاد بحقهم في الاستباحة للعـام والخـاص مـن الممتلكـات ... والـولـوغ في الــدم والتمثيـل بالضحايا بعـد قتلـهـم خـارج الـحـدود الـشـرعيـة ... إنكشـاف لـزيـف الـدعـوة والإدعـاء بـالـديـن ... وانكشـاف اتخـاذهـم لـلـديـن مـطيـّـة يصـلـون بـه إلى مـا قـامـت عليـه رغبـات وشـهـوات أمـرائهـم الـقـدامى والـجـدد ... هـذا الانكشـاف الـذي كـان سـببـاً في عـديـد الـتمـردات داخلهـم تـمـردات مـن أنـاس تبعـوهـم بصفـاء ســريـرة وصـلاح نيـة لـرفـع الـغمّـة عـن الأمـّة ... تـمـردات لمجمـوعـات أنـار الـلـه بصـرهـا وبصـيرتهـا ونمـوذجهـا تلـك الـتي كـانـت النـواة في تأسيـس وانطـلاقـة حـركـة فـتــح وقـوات العاصفـة ، وتلـك الـتي كـونـت حـركـة الجهـاد وسـرايـا الـقـدس ( إن سـلمـت ممـا يـحـُاك لهـا وعليهـا ) ... ومجمـوعـات أنـار الـلـه بـصـرهـا وأعمـى بـصيـرتهـا فـذهـبـت تحـارب قشـور الـمعـاصي تاركـة كـل أمـر جـلل ... ومجمـوعـات طـمـس اللـه بصـرهـا وبصيرتهـا فسـارت مـع كـل غـزوٍ واحـتـلال تـزينـه لـلـنـاس وتسـهـم في الـتـُخـفـف مـن وقـع بشـاعـاتـه . هـذه الأزمـة وهـذه الخطيئـة ساقـت حمـاس ليـس إلى نفي الآخـر واسـتئصالـه فحـسـب بـل إلى الـولـوج في نفي واسـتئصـال بعضـاً مـن الـذات والأنصـار يتلـوه اسـتئصـال بعضـاً آخـر ... أيـن انتهـى المـرحـوم نـزار ريـّان بعـد الصـلاة على جـُثـث بعـض أهلـه في الـمنـتدى متوجـاً أيـام العـار بنجـاح الانـقـلاب ؟؟؟ ... وإيـن انتهـى الـشـيخ عبـداللطيـف مـوسى ومسـجـده بعـد خطبـة الـوصـايـا الـذهبيـة ؟؟؟
في الـذكـرى الثالثـة لعـارهـا الـذي أصـابنـا وإن كـان لا يـُعيبنـا ... فـمـا الـذي بقـي مـن حمـاس ؟؟؟ ومـا الـذي بـقي لـهـا ؟؟؟ :
حـمـاس زرعـت فينـا نـحـن الـفلـسـطينيين في ثلاثة أعوام مـا لـم يـسـتطـع زرعـه غـُلاة الـمـسـتـعمـريـن والمـسـتوطنـين والـمـتصهينين في مائة عام وجعلـت الأم الفلسـطينيـة تـاج أمهـات الـدنيـا تقـف مكسـورة القلـب بـين اثنـين مـن أبنائهـا تناديهـم فـيردون بلسـانين لا تفهـم بـهمـا ، ولا شـيء عـنهمـا ، ولا لسـبب اسـتمـراهمـا بالـرطـن ... وتجلـس بـن قـبريـن لاثـنين آخـريـن مـن أبنائهـا لا تـجـرؤ على نـعتهمـا بـالشـهـداء ، ولا على الـفخـر بهمـا .... وبعــد هــذا فـمـا الـذي بـقي مـن حمـاس ؟؟؟ ومـا الـذي بـقي لـهـا كـي تفعلـه غـيـر الـمـديـح لـصـاحـب غـرض يـُصـدر تصريحـاً ينعتهـا بـالمـقاومـة ، والـتـلـطي وراء فـعـل لمـن يـجـد في الـبـوح بـاسـم فلسـطين اسـتجـلاب لمصـالـح بـلاده ، ومـا الـذي بـقي لـهـا كـي تفعلـه غـيـر أن تـكـون مـاءً يغـسـل بـه الآخـريـن نجـاسـاتهـم في بـلاد الـعـرب ؟؟؟ وجـبـاة لـعـوائـد أنفـاق الـتهـريـب .
الـمـرء عــدوٌ لـمـا يـجهــل ... أللهـم نـسـألـك الـعـفـو إن كـان فيمـا أقـولــه جهــلاً !!!
|