New Page 1
أنتم تدوسون على ما تبقى لنا /فراس ياغي
30/06/2010 21:59:00
"نشرت أحلامي تحت قدميك
دوسي برفق لانك تدوسين على أحلامي"
المصالحة وإعادة اللحمة الوطنية أصبح حلم كل فلسطيني..فلا جوع وتشرد أهل غزة أتى به، ولا دماء شعب "تركيا" في عرض البحر قرّبه، ولا التأييد الجارف من قبل الشعب الفلسطيني في إستطلاعات الرأي دفعت نحوه..الملاحظات أو مفهوم التفاهمات الجديد الآتية من غزة على الورقة المصرية تُوقف المصالحه عند معابرها، كالأسمنت والحديد ومواد البناء الممنوعه من دخول غزة بحجج الامن وإمعانا في الحصار، بل أصبحت هي العقدة النفسية التي بحاجة لكل الأخصائيين في علم النفس لغورها وحلها.. تصريحات السيد "أبو الغيط" وزير الخارجية المصري وضعت حد لكل الاحلام والتخيلات التي ظهرت في الفترة الاخيره باسم مراحل تحقيق المصالحة او باسم ملاحق للورقة المصرية أو تفاهمات على الملاحظات والصيغ بورقة منفصلة تكون ملزمة للطرفين، "فتح" و "حماس" يعقبها توقيع على الورقة المصرية من قبل حركة "حماس"..كل شيء تبخر وعاد لنقطة البداية، فلا مجال لفتح ما تم طرحه من قبل القيادة المصرية، ولا مجال للتوقيع على ما هو مطروح بدون تعديل وفقا لما قاله "خليل الحية" عضو قيادة حركة "حماس".
نشر الاحلام، جاء لتبرير الانقسام أكثر مما هو توجه حقيقي لإنهائه.. أحلام الشعب تداس بالأقدام ويداس معها شعب محاصر ومشرد، شعب يتوق للوحدة ..شعب يُطوّق بالاستيطان والجدار..شعب يعاني التهويد وسحب الهوية والطرد..شعب يعاني في المخيمات ولا يحصل على حقوقه حتى المدنية البسيطة، الشعب الفلسطيني في مختلف بقاع العالم أصبح يعاني من ضياع هويته ولا شيء يجمعه سوى حدث ك "أسطول الحرية" او ك "العدوان على غزة".. أصبح لكلٍ من تجمعات هذا الشعب هموم تطغى على الحلم الاساسي..فاذا كان الدم لا يوحدنا، وإذا كانت المعاناة لا توحدنا، وإذا كانت ممارسات الاحتلال في القدس لا توحدنا..فما الذي سيوحدنا إذاً؟!! حلمنا بالدولة والحرية والاستقلال وتقرير المصير، بالتأكيد..حلم يداس باقدامنا قبل غيرنا..وما نطلبه فقط ان لا تدوسوا عليه بهذه الشدّة..دوسوا برفق عليه ولا تضيعوه، فأنتم تدوسون على أحلام وآمال وتطلعات شعب يعيش مأساة مستمرة منذ أن قرّرت أوروبا الاستعمارية بناء قاعدتها في هذه المنطقة، ومقالة "أزنار" رئيس وزراء "إسبانيا" السابق، وتصريحات "جريت فيلدرز" زعيم الحزب اليميني في "هولندا"، وبكلمات واضحة، تعيد للأذهان، المؤامرة الدولية الكبرى الذي تعرض لها شعب، إقتلع من أرضه لصالح تشكيل شعب آخر قادم من أوروبا الوسطى بالاساس.
أحدهم قال أن "من الصعب أن تغير ما هو في الخارج مقارنة بما هو في الداخل"، فكيف نطالب العالم برفع الحصار، وكيف نطالب الاحتلال بذلك ايضا ونحن كبيت داخلي منقسم على ذاته، رفع الحصار كمطلب لا يمكن أن يتحقق بدون وحدة داخلية وبدون اتفاق وبرنامج سياسي يمثل توجهات مختلف شرائح الشعب الفلسطيني، الرئيس الفلسطيني أعلن أنه يفكر بجديه في التوجه لغزة، وأن تحقيق المصالحة سيشجعه أكثر على ذلك، ولكن السؤال، المصالحة مع من؟! وبين من؟!، أليست بين "فتح" و "حماس"، والرئيس هو القائد العام لحركة "فتح"، صحيح هو بهذا التوجه يؤكد أن مواجهة الحصار يأتي بالتوحد، ولكن الاعلان عن النية شيء، وممارستها شيء آخر، في غزة كانت ردة فعل الطرف الآخر من المصالحه بالمطالبة بالتنسيق معهم لاي زيارة لغزة، غريب جداً أن تصدر هذه التصريحات وفي هذا الوقت بالذات، خاصة أن الرئيس إذا "ذهب" فهو ذاهبٌ إلى جزء من بلده وشعبه الذي إنتخبه، وكما يبدو الظاهر شيء والذي يحدث شيئاً آخر، وكل شيء يأتي من باب الفقاعات الاعلامية أكثر من كونه تعبير عن إرادة حقيقية نحو التوحد والمصالحة.
إن معركة "أسطول الحرية" بدون مصالحة لن تجلب سوى تخفيفاً وتكريساً للحصار، في حين المطلوب رفعه بشكل كامل ونهائي، الدكتور "سلام فياض" رئيس الوزراء وفي حديثه الاسبوعي، حذر من الخطة الاسرائيلية الجديدة لتخفيف الحصار عن غزة والتي يروج لها السيد "طوني بلير"، ممثل ما يسمى ب "الرباعية"، لأنها في حيثياتها تُشرع الحصار وتكرس الانقسام، وقد صرح بذلك علنا حين تحدث أمام مجموعة من الغزيين عبر رابط "الفيديو كونفرس" في برنامج "مواجهة الجمهور"، الذي استفاضته مؤسسة "بال ثينك للدراسات الاستراتيجية"، حين قال: الرباعية لها مهمتان أساسيتان في هذه المرحلة: "ضمان دخول العناصر المنصوص عليها الى قطاع غزة والعمل على دفع العملية السياسية"، هو بذلك يؤكد على ما قالته جريدة "معاريف" الاسرائيلية، بأن هذا المبعوث، ورئيس وزراء بريطانيا السابق وصاحب الخبرة الكبيرة والباع الطويل في مواجهة الاعلام " قد جند نفسه لشرح التغيرات في السياسة الاسرائيلية المتعلقة بالحصار وتقديم الخطة الاسرائيلية في وسائل الاعلام الدولية والعربية"، والتي إذا ما تمت فإنها تكرس الحصار وتعطيه صبغة الشرعية الدولية التي يفتقدها، فهو لم يتم وفقاً لقرار من "الامم المتحدة" او "مجلس الأمن"، بل جاء، إسرائيليا وبدعم مما تسمى "الكوارتت".
لا ذنب ولا علاقة للمواطن الغزاوي في هذا الحصار، وما يجري هو في سياق الابتزاز السياسي وليس لأسباب أمنية كما تدعي إسرائيل، ولا ذنب للمواطن الضفاوي فيه، لأن ما يجري يعزز سلب أرضه ويعزز ابتزازه باسم التسهيلات، ولا ذنب للمواطن المقدسي، لأن ما يجري يزيد من تهويد مدينته وسياسة التطهير التي تمارس ضده كل يوم، ولا ذنب لفلسطينيي الشتات واللجوء، فما يجري يزيد من إحباطهم ومعاناتهم، الشعب الفلسطيني ككل يعاني من الحصار والانقسام، وحلم الشعب الفلسطيني كهوية جمعية يتعرض للضياع، فلا تدوسوا عليه، كما جعلنا غيرنا بأيدينا يَدوسُ عليه، أعطيناهُ نحن المبررات بدون قصد، فكانت حجته، وكان دَوسَه عليه بدون رفق، ومهما إعتذرنا فيبدو أن الآخر لا يريد، لأنه كان على ما يبدو ينتظر تلك المبررات ليمارس قرار الإداسة، فدوسوا برفق لأنكم تدوسوا على أحلامنا.
وبدل أن ننشر الأوهام والأحلام في موضوع المصالحة والحصار، ولمواجهة التطورات الايجابية التي حدثت بعد الدماء الزكية التي سالت في عرض المتوسط، فيكفي فقط أن تعلن حركة "حماس" استعدادها للتوقيع على "الورقة المصرية" بالتزامن مع تعهدات جانبية وأمام الأمين العام لجامعة الدول العربية لأخذ ملاحظاتها أثناء التطبيق، ويكفي أن تضمن الشخصيات المستقلة الفلسطينية هذه الملاحظات بمتابعة التنفيذ، خاصة في ملف لجنة الانتخابات المركزية، والملف الاهم، ملف إعادة هيكلة وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية بما يعيدها لوضعها الطبيعي ليس كممثل شرعي ووحيد، بل كمُعبّر عن الشخصية والهوية الفلسطينية، وبهذه الطريقة فقط سنحافظ على أحلامنا بدون أوهام وبدون فقاعات وبدون أن تُداس كما هو حاصل الآن، فأنتم تَدوسون على ما تبقى لنا من أحلام وأمنيات.
Firas94@yahoo.com
|