New Page 1
لماذا يفعلون كل هذا بالقدس والمقدسيين؟؟/ عدنان السمان
01/07/2010 13:44:00
يتحدثون عن هدم عشرات المنازل في سلوان غدًا أو بعد غد، ويتخذون قراراتهم بإبعاد نواب القدس العرب عن المدينة، ويبلغون النواب بهذه القرارات.. ممثِّلو الأمة في القدس مهدَّدون بالإبعاد عنها.. نواب الشعب العربي الفلسطيني في القدس الشرقية يُبعدون عنها، وتُسحب منهم هُوياتهم المقدسية.. المستوطنون يهددون بطرد عائلات فلسطينية من سلوان بدعوى أنها تسكن كنيسًا يهوديًّا !! مشاريع استيطانية جديدة تنفَّذ الآن في القدس العربية.. حصار وتضييق غير مسبوق على القدس والمقدسيين، وعزل وتهميش وإفقار وتجريد من الممتلكات، حتى لم يبق بأيدي المقدسيين من القدس الشرقية سوى ثلاث عشرة بالمئة من مساحتها!! فلماذا يفعلون كل هذا بالقدس والمقدسيين؟ ولماذا يصرون على تهويد المدينة المقدسة، والاستئثار بها، ووضع اليد عليها، وحرمان أهلها العرب من حقهم الطبيعي في العيش على أرضها، وحرمان أبناء القدس وأحبابها ممن يقيمون في المدن الفلسطينية الأخرى من حقهم الثابت في زيارتها، ومن حقهم الثابت في العيش على أرضها، والحياة فيها مثل باقي عباد الله؟؟ لماذا يعزلون القدس عن محيطها العربي؟ لماذا يمنعون أهل جبل القدس من دخول هذه المدينة المقدسة، وهم أهلها مذ كانوا وكانت القدس؟ لماذا يمنعون أهل الخليل من دخول القدس؟ والمدينتان شقيقتان مذ كانتا، لا تنفصل إحداهما عن الأُخرى، ولا ينفصل سكان هذه عن سكان تلك، ولا يختلفون في حسب أو نسب.. أصلهم واحد، ولسانهم واحد، وهم سواء في المعتقدات والأهداف والغايات والتقاليد والأعراف، وهم شركاء في الماضي الذي كان، شركاء في هذا الواقع المر، وفي كل هذه التجارب، والعيش الأليم المشترك، وفي كل هذه التحديات، وفي كل كؤوس المرارة التي يتجرعونها في كل يوم، وفي كل ساعة!! لماذا يمنعون أهل نابلس وكل مدن الشمال ومخيماته وقراه من دخول القدس؟ ألا يعلمون أن كل إجراءاتهم هذه باطلة لا يقرّها عقل، ولا تبيحها شِرعةٌ، أو شريعة، ولا يستسيغها خلق، ولا يرضى بها دين أو ضمير؟ ألا يدركون أن كل ممارساتهم هذه، وأن كل أعمالهم هذه، وأن كل تصريحاتهم ونواياهم ومخططاتهم بشأن القدس وغير القدس، وبحق المقدسيين وغير المقدسيين من شأنها أن تؤجج الصراع، وأن تذكي نار العداوة والخصومة والنزاع، وأن تقضي على آخر فرص السلام الذي يتشدقون به منذ عقود؟ ألا يخشَون أن يُفتضح أمرهم، وتتكشف حقيقة أطماعهم، ونواياهم ومواقفهم الحقيقية من السلام، ومن حق الأطراف الأخرى (في هذه المنطقة من العالم) في العيش الحر الكريم الآمن في أوطانها بكرامة واحترام؟ ألا يحسبون أدنى حساب لكل هذه الأمم والشعوب في هذا العالم، ولكل هذه الأنظمة التي باتت تستهجن تصرفاتهم ضد الفلسطينيين، ومواقفهم منهم، واعتداءاتهم عليهم، وتنكرهم لكافة حقوقهم الثابتة في بلادهم فلسطين؟ أيعتقدون أن بإمكانهم أن يُخضعوا الفلسطينيين والعرب والمسلمين وسائر الأمم والشعوب المتضامنة معهم، والمؤيدة لحقهم في العيش باحترام في ديارهم؟ ألا يرون بأم أعينهم كل هذه التحولات من حولهم، وكل هذه التغيرات المحدقة بهم على كافة الصعد والمستويات؟
لماذا تفعلون ما تفعلون بالقدس والمقدسيين، وبأبناء الشعب العربي الفلسطيني على أرض وطنه، وخارج أرض هذا الوطن، وأنتم تعلمون أنه صاحب هذه الأرض مذ كانت، وأنه لن يكف عن المطالبة بحقوقه الوطنية الثابتة في بلاده، وأنه لن ينسى، وأنه لن ييأس، ولن يتنازل، ولن يستسلم، ولن يرضخ؟ لماذا تفعلون كل هذا، وأنتم تعلمون يقينًا مكانة القدس عند كل العرب، وعند كل المسلمين، وعند كل الفلسطينيين؟ إن الاحتلال باطل، وإن الاستيطان باطل، وإن مصادرة الأرض، وهدم المنازل، ووضع اليد عليها، وإجلاء سكانها منها، وإبعاد الناس عن بيوتهم وأحيائهم أمور باطلة يرفضها الفلسطينيون، ويرفضها العرب، ويرفضها المسلمون، ويرفضها المجتمع الدولي، فماذا ستفعلون؟ أتحاربون كل هؤلاء؟ أتنتصرون على كل هؤلاء ؟ أتشترون كل هؤلاء؟ لا أظن أنكم قادرون على ذلك، ومن الخير لكم أن تكفّوا عن كل هذه الممارسات التي من شأنها أن تحشد الخصوم ضدكم، وتؤلب الناس في هذا العالم عليكم.. لا قِبَل لكم بكل هؤلاء الخصوم الذين تصنعهم سياساتكم وممارساتكم وتصريحات قادتهم وتبجّحاتهم وغطرستهم واستكبارهم واستعلاؤُهم وتنكرهم لحقوق الآخرين.. لقد آن لكم أن تعترفوا بهذه الحقوق، ولقد آن لكم أن تعودوا إلى رشدكم وصوابكم، ولقد آن لكم أن تعلموا أن غلاة اليمين المتشدد لن يجلبوا لكم سوى المتاعب، وإن من أصبح شغله الشاغل صنع الأعداء، وحشدهم واستفزازهم وتجميعهم ضد أهدافه وضد تصريحاته وتلميحاته وممارساته فإنه لا يصلح للقيادة، ولا يصلح لشغل المناصب الرفيعة، واتخاذ القرارات المصيرية الخطيرة، لأنه لا يقدّر جيدًا عواقب الأمور، ولأنه لا يحسن قراءة التاريخ، ولا يحسن استخلاص الدروس والعبر المستفادة من حوادث التاريخ وأحداثه، ولأنه لا يحسن قراءة التحولات والتغيرات من حوله، ومن تحت قدميه، ولأنه أيضًا لا يحسن قراءة المؤشرات والإشارات والعلامات والخطوط الحمراء والصفراء والخضراء بسبب غشاوة أو إصابة دائمة أو مؤقتة بعمى الألوان.. فأي خطب من الممكن أن يجره مسئول كهذا على قومه، وأي مصير من الممكن أن ينتظرهم على يديه إن لم يكفوا يده عن العمل، ولسانه عن القول، وعقله عن ممارسة العدوان على الناس، واستهدافهم في وجودهم وأعمالهم وأموالهم وأشغالهم ومستقبل أجيالهم على أرض أوطانهم؟ وأي سوء من الممكن أن يلحقه بالأطراف كافة، وبعملية السلام المتعثرة، وبالقدس الشرقية والغربية، وبكل أرجاء فلسطين التاريخية غربها وشرقها، وشمالها وجنوبها؟؟
إن كنتم تعتقدون أن هذا الذي تفعلونه بالقدس والمقدسيين سيحسم الأمور لصالحكم، وسيمكّنكم من تهويد المدينة، وإقصاء أهلها عنها، وسيمكّنكم من وضع اليد على كل فلسطين، فأنتم مخطئون!! إن القدس قلب فلسطين، وإن فلسطين قلب العروبة، وإن العروبة مادة الإسلام، وإن العرب أهله وحُماته.. فأفيقوا من أحلاكم وأوهامكم، واعلموا أن ما تفعلونه بالقدس باطل، وأن ما تفعلونه بفلسطين والفلسطينيين باطل، وأن ما تفعلونه بهذه الديار لا يخدم عملية السلام، ولا يحقق العيش الآمن الكريم لأحد في هذه الديار. لقد آن لكم أن تعلموا أن السلام الحقيقي العادل الدائم وحده هو الذي يحقق الأمن والأمان والعيش الكريم لكل الناس.. نعم لكل الناس دون استثناء، وبغير ذلك ستبقى هذه المنطقة من العالم مرشحة لمزيد من الحروب، ولمزيد من الكوارث والنكبات، فهل من يسمع؟ وهل من يعمل من أجل سلام هذه الديار وأمنها وأمانها؟؟
|