New Page 1
زمنُ أل "نعم" وبالانجليزية / فراس ياغي
01/08/2010 09:48:00
كم مرة نحتاج لنثبت للعالم بأننا جِديّون في عملية السلام وأن الطرف الآخر غير جِدّي؟!! وكم من المرات نحن بحاجة للتنقل بين المفاوضات غير المباشرة والمباشرة..التقريبية وعن بعد؟!! لماذا تكون قراراتنا نعم كبيرة ولا تائهه؟!! وماذا يعني ترك الوقت والظرف للرئيس "عباس" للموافقة على بدء المفاوضات المباشرة؟!! بالله عليكم كيف تتوقعون من شعوبكم والشعب الفلسطيني بالذات حين سمع قراركم وكلماتكم؟!! الواضح أن المشكلة موجودة عندنا نحن وليس عند أي طرف آخر..الادارة الامريكية متأكدة من ذلك..هي تضغط علينا كعرب رسميين وكقيادة فلسطينية وتعرف نتائج ذلك مسبقا.."لجنة المتابعة العربية" وبعد جهد كبير في البحث عن كيفية الاخراج لسيناريو الفلم القادم..خرجت علينا بضوء أخضر بمفهوم الاشارة الضوئية وليس "حمساويا"، مع إعطاء مرونة للجانب الفلسطيني في الوقت المناسب له..هي لا تستطيع بل لا قدرة لها على قول لا حتى المُخَفَفةُ منها..فزمن اللاءات ولى لغير رجعة..لا تستطيع أن تقول لا خجولة..فزمن الخجل خرج من كلِّ قواميسنا.. لا تعرف غير كلمة واحدة "نعم" بالعربية شكلاً وبالانجليزية فعلاً..الواقع الاقليمي والمتغيرات والمحاور بين ما يسمى "إعتدال" وما يُدعى "ممانعة" سَببٌ في كلِّ ما نحن عليه وفيه..وما حدث هو عملية إبتزاز واضحة..مارستها الدول الغربية الاوروبية قبل "الاوبامية"..فلا مجال لحل الدولتين بدون مفاوضات مباشرة..الحدود والامن والقدس والمياه واللاجئين، ملفات لا تُحَل وفق قرارات الامم المتحدة..ولا وفق مبادرة السلام العربية..ولا وفق خارطة الطريق..ولا وفق مباديء كلينتون..ولا حتى وفق الطرح الفلسطيني الاخير الذي فيه الكثير ليحكى عنه..فقط جلسة او جلستان بشكل مباشر مع رجل السلام الجديد "نتنياهو" وحليفه الاوكراني "ليبرمان"، سيتم وضع حد للصراع وسَتُتفكك كل الملفات العالقة..فبالنسبة لهم..القدس الشرقية سيتم إعادة الاحياء العربية فيها كسكان بدون أرض..والمياه سنقتسمها بطريقة المسيطر عليها وبدون تعهدات، فنحن دائما كنا كرماء معكم وإسألوا عنا جيراننا الذين وقعنا معهم إتفاقيات حول المياه وكيف أرسلنا لهم مياه المجاري بعد تنقيتها!!!! أما الحدود فالمسألة واضحة جدا، حدودنا هي الاغوار شرقا وكل ما تبقى لكم بعد الكتل الاستيطانية غربا وشمالا وجنوبا.. والقدس الكبرى لا تنسوا فهي ليست جزءاً من الكتل الاستيطانية..وفي ملف اللاجئين نطلب مغفرتكم ومسامحتكم، فلا نستطيع حتى مجرد الاتيان على ذكره، فنحن دولة "يهودية" ولا يمكن أن نكون غير ذلك..أما الامن وما أدراكَ ما الأمن، موضوعه محسوم، فنحن لا ثقة لنا بغيرنا، جيشُ دفاعنا هو القوي والقادر والمتفوق ولا شيء بعده أو قبله..بعد كل ذلك أقيموا دولة أو دولتان وما تبقى لكم ونحن سنساعدكم ولن نتخلى عنكم..الاسرى لدينا سنفرج عن الذين يخصون دولتكم، اما الذين يَخصّون ما يُعرف عنهم ب "الانقلابيون" فلنا معهم حديث آخر..الاقتصاد هو العنوان للشراكة وغيره لا شراكة بل تبعية..في الامن أولا..وفي المياه ثانيا، هي أمن اصلاً..وفي الحدود ثالثا، فهي متطلبات أمنية دائمة.
يقول الرسول الاكرم صلوات الله عليه وعلى آله وسلم " أنا مدينة العلم، وعليٌ بابها، فمن أراد العلم فليأتِ بابه"..عِلمنا كان ولا يزال حقوقنا التي لا تراجع عنها أبداً..وباب هذه الحقوق هو صمودنا وصبرنا وشهداءنا وأسرانا ولاجئينا..ولا ابواب أخرى حتى ولو كانت "بيت أبيضية"، حتى لو إعتقد البعض مِنا أنها تُمكننا من عِلمنا..فقد جرّبنا بابهم في تجميد الاستيطان، وحصلنا على جولات وإستقبالات بروتوكولية "ميتشيلية" رائعة الجمال..مليئة بالدردشة المُسَلِيه..وكان همها القيام بدراسة نفسية للعقد الموجودة..لعَلّ وعسى تُسعف الوسيط نظرية "فرويد" التحليلية في فهمها..وجاء التحليل بسرعة البرق، مفاوضات مباشرة كمتطلب أساسي لتحقيق للسلام.
عِلمهم ليس بذي فائدة لعِلمنا..ومتطلباتهم لا تعنينا..ببساطة لأنها لا تعنينا..المطلوب منا أن نكون غطاء لما يفكرون فيه للمنطقة..وكلَّ ما يأتي منهم لا يحمل سوى الشرَّ والسوء..فهل نكون لهم هذا الغطاء بعد أصفار المفاوضات غيرِ المباشرة كنتائج كما قال أحد قيادات اللجنة المركزية لحركة فتح؟!! طريقنا نعرفها..لدينا الموهبة لذلك..فهل نختار رؤيتها؟!! أعتقد أن هناك نفرٌ قليل لديه الشجاعة لكي يفعل ذلك..هؤلاء هم القريبون من الناس وهم يعرفون كيف يكونون منهم..هؤلاء تذوقوا كل المرارات..ويعرفون معنى التذوق القادم، وكما يقال "من خلال التذوق..تستطيع أن تعرف نكهةًُ جيدةً، إذا كنت قد تذوقتَ أولا نكهةٌ سيئةً"..نحن عشنا كل الاجواء ولا زلنا فيها..ولسنا بحاجة لتجريب أجواء أخرى هي نفسها ولكن بلونٍ أكثر قاني هذه المرة..ورغم أن كل شيء يبدو احيانا ضبابيا..لكن لا بدَّ من حسم الموقف تجاه التمسك بالسقف الزمني والمرجعية الواضحة كمتطلب لمفهوم الدولتين وتجميد ووقف الاستيطان..وغيرُ ذلك يجب أن نكون مستعدين للابتزاز والضغوط وحتى الحصار..فالمرحلة لا تحتمل المناورة..خاصة بعد أن حَسم الوسيط نفسه لصالح الطرف المُحتَل.
الحكمة تتطلب أن نعرف وأن نتحول، والتحام المعرفة مع التحول سيجنبنا الويلات القادمة..وبدل أن يستمر القابعين المسيطرين على شواطيء الدولة الفلسطينية الموعودة، بالحديث عن الرقص الشعبي في رام الله..وتشابك الايدي بين الرجال والنساء في الدبكة الشعبية..وإعتبار ذلك من المحرمات..كنتيجة للفكر الذي لا يعرف غيره..وكنتيجة لتربية ثقافية اساسها رفض الآخر..فِكرٌ يزيدنا إنسياق وراء الاوهام ويزيدنا قناعة بأننا لسنا هم وهم ليسوا نحن..إنغلاقٌ يبعدنا عن بعضنا البعض مسافات لن تكون هذه المرة مجرد تخيلات، بل ستكون الاساس لفهمنا لبعضنا البعض..إن هذا يتطلب من المتنورين لديهم ولدينا، وهم كثر، أن يفهموا أن واقعنا الفلسطيني ليس فكرة ايديولوجية، بل هو واقع تحرري ووطني..يتطلب من الجميع، المُتدين قبل العلماني..والمسيحي قبل المسلم..الرأسمالي قبل الاشتراكي..الديمقراطي قبل الليبرالي..المرأة قبل الرجل.. أن يضع كل ما يعكر صفوتنا جانبا لصالح الوطن الضائع بسببنا قبل أن يكون بسبب غيرننا.. وما بعد ذلك..الشعب هو الحكم..فإذا أرادكم فهو لكم وفقا للقانون والدستور الذي سيتم الاستفتاء عليه..وإذا أراد غيركم فهو ليس لكم مع إحترام دوركم ووضعكم وأيضا وفقا للقانون والدستور..وبدون أن يكون بيننا حافة إتفاق كحد أدنى..فلن تكون هناك حواف لشيء..وستصبح فلسطيننا بحدودها الدنيا ليست سوى فلسطين الكلمات والجدار والفصل عنصري والحصار والكانتونات..فأي فلسطين تريدون؟!!، ختاما: لو عرفتم عظمة مولود فلسطيني في مخيم لجوء في الشتات يشتاق لفلسطين وهو في رحم أمه، لتَجَمَلّتم بصمتٍ إيجابي، لصالح وطن لا زلنا وسنبقى نَنْشُدَه..كما غَنّاه راحلنا وفقيدنا "درويش" وجَمَّلَنا بدروع وموسيقى وأنغام يُسمع صَداها في كلِ الجزءِ الفلسطيني أينما كان، "لو يذكر الزيتون غارسهُ، لصار الزيت دمعا...إنا نحب الورد، لكنا نحب القمح أكثرْ، ونحب عطر الورد، لكن السنابل منه أطهرْ".
Firas94@yahoo.com
|