New Page 1
ثلاثة شروط لحل القضية الفلسطينية .. / د. مازن صافي
08/09/2010 21:55:00
بداية علينا أن نؤكد بأن الحركة الصهيونية تركز كل سياساتها للحصول على الأرض الفلسطينية بهدف إقامة الدولة اليهودية عليها ، لذلك فهي على الدوام تحارب النهضة الفلسطينية أو المشروع الفلسطيني وحاربت كل الحركات الوطنية الإسلامية ..فاليهود هم الجانب المعتدي ولقد استطاعوا أن يأخذوا منا القدس وكل الأرض الفلسطينية وصادروا كل مقومات الحياة الفلسطينية الكريمة .. وبل أصبح تهديد الوجود الفلسطيني أمر واقع يمارس كسياسة إسرائيلية .. فالفكرة الصهيونية تقوم على عدد من الأسس منها أن اليهود جنس مختلف عن غيره وأنهم أرقى الشعوب وأن الصهيونية هي فكرة ذات جوهر ديني وأن هناك تطابق بين القومية والدين وكذلك ان لليهود حقاً في فلسطين وأن على الحركة الصهيونية أن تقوم بإعادة وتجميع يهود العالم الى هذه الأرض ' فلسطين' وبهذا يحصلون على حقهم المزعوم .؟!
لا زال الفلسطينيون يعانون الأمرين منذ أن وطأت أقدام اليهود أرض فلسطين، فنكبة شردتهم من ديارهم عام 1948، ونكسة دمرت بيوتهم عام 1967، وانتهاكات وقتل وتدمير مستمر حتى هذه اللحظة. ويبدو ان العمل السياسي الفلسطيني قد اقتنع بأن من الواقعية أن نبدأ من تداعيات حرب 1967م بحيث أصبحت هناك ثوابت ومصطلحات ورؤى وتصريحات .. وجاءت أوسلو لكي تقرر وبالتوقيع على هذا النهج السياسي فلقد كانت البداية غزة ثم أريحا ثم ما يعرف الآن بمناطق السلطة الفلسطينية .. ودخلت المنطقة مرحلة الرشد السياسي بحيث لم تعد الشعوب جاهلة أو يمكن أن تُتجاهل ،ففي كثير من السلوك السياسي كان الشعب هو الذي يؤثر في القرار وانعكاساته .. إن الرؤية الفلسطينية جاءت في ظل وهن عربي وتخاذل وضعف شديد .. وأصبح هناك مصالحة عالمية مع الحق الفلسطيني سرعان ما يكتشف الجهود أن جهود كل القوى الحية والفاعلة للنهضة بالحق الفلسطيني تصطدم دوما بالقمع الصهيوني والحروب التي لا تتوقف وكذلك المواقف العالمية التي تنحاز دوما إلى الكيان الإسرائيلي على حساب الضحية صاحب الحق الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال ..
في 2/9/2010 انطلقت في واشنطن أعمال المفاوضات المباشرة بين إسرائيل وفلسطين برعاية أمريكية. ويبدو واضحا ـ وخلافا لكل التقاليد الدبلوماسية المتعارف عليها ـ أن المفاوضات تبدأ دون الاتفاق علي جدول أعمال مسبق.. ويبدو أن الجدول المعلن هو ما أكدته مصادر حكومية إسرائيلية أن قرار تجميد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية والمقرر انتهاء العمل به في26 سبتمبر الحالي لن يتم, وأن الأمور ستعود إلي سابق عهدها بعد انتهاء مفعول هذا القرار.
في المقابل كان يتسلح المفاوض الفلسطيني بالكثير من الأسئلة التي تحتاج الى واقع فعلي للإجابة عليها .. ومن هذه الأسئلة : هل إسرائيل مستعدة لاستئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها نهاية عام2008 ؟. و هل تعترف إسرائيل بشرق القدس عاصمة للدولة الفلسطينية؟ وأخيرا كيف تنظر إسرائيل إلي حدود عام1967 وهل تقبل بها كأساس لحل الدولتين؟.
ويبدو أن إسرائيل قد جاوبت من طرفها كما هو واضح من خلال ثلاثة شروط وضعها بينيامين نتنياهو ، لإتمام 'السلام الصعب والممكن' مع الفلسطينيين: ترتيبات أمنية مرضية لإسرائيل تسبق ترسيم الحدود،واعتراف فلسطيني بإسرائيل كدولة يهودية وما لهذا الاعتراف من اعتراف بحق اليهودي بالعودة للأرض ' الفلسطينية ' .. وبمعنى آخر إسقاط حق العودة لصاحب الحق الحقيقي .. فالدولة اليهودية تلغي وبشكل نهائي حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم ..
وما بين الأسئلة الفلسطينية والاشتراطات الإسرائيلية ، ترفض إسرائيل سيادة المرجعيّات والقرارات الدولية ، إن واقع القضية الفلسطينية يقول أن الدولة الفلسطينية يجب أن تكون قابلة للحياة مع الاحتفاظ بالثوابت الفلسطينية كحقوق يجب على العالم أن لا يقفز عنها أو يمارس الكذب والمراوغة فيها .. وكذلك يجب ألا تكون نتائج المفاوضات عبارة عن تكريس الواقع الاستيطاني الصهيوني وما تم منذ العام 2000م حيث أقيمت مستوطنات جديدة وتضخيم لما موجود منذ الاحتلال .. والموافقة بصورة أو بأخرى على الواقع الاستيطاني يعني تكريس يهودية الدولة الإسرائيلية .. وهذا ما تفسره كلمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس حين قال : 'إن المفاوضات المباشرة يجب أن تقود خلال عام إلى اتفاق يصنع السلام العادل، سلام القانون الدولي والشرعية الدولية بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي'.وأن ما يشجع الفلسطينيين هو أن الطريق أمامهم واضحة وجلية للتوصل إلى صنع السلام وهي طريق الشرعية الدولية 'متمثلة في مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة واللجنة الرباعية الدولية ومواقف الاتحاد الأوروبي ولجنة المتابعة العربية وهي مواقف تجسد بمجملها بالنسبة لنا الإجماع الدولي على مرجعيات وأسس وأهداف المفاوضات.'
وفي حين يطالب الفلسطينيون بان تعترف إسرائيل بحق العودة للاجئين وذلك بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 مع استعدادهم للقبول ببحث كيفية تطبيقه ، فإن إسرائيل ترفض قطعيا 'حق العودة' معتبرة أن عودة جماعية للفلسطينيين ستؤثر على الطابع اليهودي للدولة حيث قد يصبح السكان اليهود أقلية ..
كما أن الحدود التي يمكن أم تؤسس لقيام دولتين متجاورتين قد لا يتم الاتفاق عليها نتيجة الامتداد الاستيطاني السرطاني في الأراضي الفلسطينية وبالتالي فإن التلويح بمناقشة الاتفاق على ' حدود مؤقتة ' لا يمكن أن يعطي ' الدول الفلسطينية المستقلة ' صفة الاستقلالية ويبقى الاحتلال الإسرائيلي موجودا بلا إقرار بانتهاء الاحتلال .. وهو ما صرح به نتنياهو بــ ' حاجة إسرائيل إلى الأمن' فإسرائيل قامت على الاستيطان وامتد الاستيطان وتغول باسم الحفاظ على الأمن الإسرائيلي ..؟!
وهذا ما ذكرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس حيث قالت أن نتنياهو ومن خلال محادثاته في واشنطن معني بعدم مناقشة القضايا الجوهرية، الحدود والاستيطان واللاجئين والقدس، في المرحلة الأولى من المفاوضات، وأنه معني أساسا بالتوصل إلى اتفاق إطار أولا، والترتيبات الأمنية التي تراها إسرائيل ضرورية لأمنها. وأضافت ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن «موضوع الاستيطان هو موضوع للمفاوضات»، و أنه يجب تركه إلى الحل الدائم، وأنه معني الآن باتفاق إطار في المرحلة الأولى..؟!
إن المفاوضات المباشرة بدأت في الوقت الذي لم يتوقف فيه الاستيطان وكذلك لم يكن هناك إعلان واضح وحقيقي من جانب الكيان الصهيوني بإنهاء عمليات الاستيطان والأسوأ أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في افتتاحها للجولة الأولى للمفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أعربت عن قناعتها بإمكان حل القضايا الجوهرية والتوصل إلى اتفاق سلام خلال عام، لكنها شددت على أن الولايات المتحدة ستتابع المفاوضات من دون أن تتدخل لفرض حلٍّ على الطرفين. وهنا مكمن خطر حقيقي ..
ففي ظل كل ما سبق وفي ظل هذه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة نرى أن نجاح أي حل للقضية الفلسطينية يلزم :
1- وجود حكومة إسرائيلية معتدلة تعترف بالحق الفلسطيني وتعمل على إعادته لأصحابه .وان تبتعد تلك الحكومة عن المراوغة والمماطلة والتزييف .
2- وجود حكومة وقيادة فلسطينية موحدة وقوية وبحيث لا تنكر هذه الحكومة حق الشعب في المقاومة المشروعة كيفما تنص كافة القوانين الدولية لأي شعب تحت الاحتلال .
3- وجود حكومة أمريكية لا تكيل بمكيالين وعليها أن تجبر الجانب المحتل على إنهاء احتلاله واحترام كافة الاتفاقيات والمرجعيات الدولية والحق العربي الفلسطيني .
|