New Page 1
خرافة بنهاية واقعية / نادين ياغي
26/09/2010 09:18:00
من وراء قضبانِ نقصٍ داخليٍّ أنظر إلى بقعةِ ضوءٍ سكبتها دموعي على نقاء صفحةٍ سوداء، بحبرٍ لؤلؤيِّ الّلون، يقسّمُ بصري نفسه على أجزاء القضبان الحديديّةِ سعياً وراء رؤيةٍ شاملة، ولكن تفني الزّوايا المستطيليّة التّشكيل نظري، تترامى على مقلتيّ أشعةٌ مبهمةٌ في نورها، عبثيّة في بريقها ولكن عازمة في وصولها إلى منطق صانعها، لعلّ و عسى تنجلي حقيقة ساعاتها الاثنى عشر وهي معلّقةٌ في عزلة الأحلام ،مشرّدة بين وحدة الأوهام، هناك مشتّتة بجانب نجومٍ و كواكبَ قانطةً في قصصها، عابسةً في تعابيرها و ممّلة في جمود تحركها وفق نظامٍ محكمٍ من تخطيطٍ مسبق.
ألا تدري أيّتها الّلقطات الإشعاعيّة بأنّي مثلكِ سُكبتُ فاصلةً على سطرٍ لا يلائم فحوي حروفي ولا يتّسع لتحدّي تعابيري؟، ويا ليتني نقطةُ لنهايةٍ ما , حدّا أخيراً لمعنى مكتمل.. كلّا فقد انحرفَ القلم الّذي قرّر وجودي أثناء انسيابهِ في سلسال القدر، و جعلني عبئا ذا تشويهاتٍ غير مقصودة لحظة ظفر شبكة الصّيد بجثّتي في جوف حبالها، بين جملتين متناقضتين في صراعٍ دائمٍ للإنتماء يصطحبهُ استئنافٌ سرمديٌ لإيتان حقيقةَ نفسٍ عشوائيّة في سليقتها للمعرفة، أشلائي الفكريّةُ ممزّقةٌ بين فكيّ وحشيّ الإمتلاك، خجلاتُ روحي أسيرةٌ في زنزانةٍ بقيْدان من التّهم، ومرادُ كياني نصفه خضع ليمّ الحصحصة بينما نصفهُ الآخر محلّقٌ بين أذرع غيمة على شكل خيالٍ من الأمنيات، فكيف تستغيثي بقوّةٍ من تضاربٍ موقعهُ نسبةً لخريطة التّعقل مفترقُ الجنون؟، رّبما أستطيع أن أُدرِجك كلمةً أعجميّة في هامش التّفسير حتّى تُشفق على جهلك يدُ القدر فتقتصي أثرك و تفكّ شيفرة تركيبك، ولكن ليس من الممكن أن أضمن لك نتيجةً ترضي مبتغاك و تروي عطش تلهّفك, ألا تذكري حال الشّمس حين حُكم عليها بالمهانة في غروبها ساقطةً من أعلى المنازل إلى أحقرها بسبب تجرّأها على الإبتسام في وجه محبّيها؟، و الرّيح كيف حُسم مصيرها بسكوتٍ أبديّ و همسٍ غير مفهوم نتيجةَ علاقة حبّها لصدفٍ جرفته الأمواج من أماكن بعيدة؟، و الشّجر الذي في حسرتة يخسر كلّ سنةٍ كسوته و يتعرّى من كرامته كالفلسطينيّ لأنّه افتتح أغصانه بيتاً لعصافير المهجر؟!
استنكرت الأشعّةُ نصيحةَ فاصلةٍ لا تفقه بحدّ ذاتها وطنها و لا حتّى مذهبها في الحياة, واختارت تجربةَ رحمةِ الأيّام بابتسامةِ تفاؤلٍ و قلبٍ يخفق بكريات من سعادةٍ حمراء، لملمت أجزائها المتفرّقة ببضاعتها عن رصيف عينايّ وهربت بها إلى تلطّخها المتميّزعن ظلال السماء، انتظرتْ الرّد بعصبيّةِ بشريٍّ حُرم من نيكوتين سمومه اليوميّة، و ترقّبت وصول الجواب بتوق الأزهار إلى بلل ندى الغداة، أمّا من خلف شبّاك قفصي جزمتُ أنّ شمعتها ستُطفأُ قريباً ، فما الحياةُ سوى بداية فرحةٍ تمشي بخطواتِ السّذاجة حتّى تهلك في هاوية نهايةٍ غير متوقّعة، باءت بتقليدِ استمراريّتها روتينأً قدريّاً مُضجر.
وبالفعل لم تُغيّر الحياة مجرى أحداثها جاعلةً من الماضي مستقبلا جديدا لحاضرٍ قديم ، لعنتْ البقعةَ اّلتي كانت تريد الاستقرار بحقيقة واحدة تتمثّلٌ برضوخٍ شهريّ لقّبتهُ بدورةَ القمر، حيث تخسر البقعة في كلّ يوم جزءاُ من توهّجها بين أطياف الظّلال الّتي كانت تمقتها، هذا هو الّسبب وراء بؤس تلك البقعةِ و كربها الرّقيق الإستدارة والهشّ الإستعارة، فنحن ننظر إليها كلّ ليلةٍ باسم القمر، أصبحت مثل كلّ ما نراه حولنا يعيشُ مصيبةَ الشّقاء في كونٍ يجاوب دون قراءة الّسؤال، يحكُم من غير أخد القضيّة و حذافيرها بعين الإعتبار فهو أعمى متسرّع متخبّطاُ في خطاه دون اهتمام لمن تُبعد عصاه من الطّريق وتدفشه إلى الحافّة دون صديق .
يصفُ الحبيبُ جمال حبيبته بالقمر فتدبّ السّعادة في نفسها ويروح ويجيءُ وجهها باحتدام الخجل, اسمح لي بالسؤال أيّها العاشق، واعذر جهلي في الغزل فإنّي لست من مشجعيه، كيف تمكّنت أنت أيضًا من حصر تلك البقعة في مقارنة لا تنطبق عليها عندما علّمك الحبّ حريّة الرّوح وعدم التّملّك؟ أتساءلت عن حقّك في استخدام ما لا تملكه كأداة في التماس مودّة أنثى؟ ولكن في النّهاية من أنا كذلك لسرد قصّة فيضٍ إلاهيّ عبر كلمات مشككةٌ مصداقيّتها؟ لا أدري,لعلّ عدم المعرفة هي معرفةٌ بحدّ ذاتها, وربما جهلي ينبع من شلّال إدراكٍ و تجربات روحي حين كانت حرة في بعد سابق, القمر مع ذلك لا يزال يبكي شهباً ليذكّر روحي المكبّلة أنّ السّعي إلى الحرّية دون إذنٍ منها ينتهي بعبوديّة.
|