New Page 1
عرب الداخل مهددون بالترانسفير! / غازي السعدي
28/10/2010 10:06:00
في اجتماع اللجنة العليا الطارئ الذي عقدته لجنة المتابعة لشؤون عرب الداخل، أو ما يطلق عليهم بعرب 1948، الذي عقد في منتصف هذا الشهر، للتصدي للسياسات والقوانين العنصرية الإسرائيلية التي صدرت مؤخراً، وأخرى تنتظر إقرارها، أكدت اللجنة رفضها للمطالب الإسرائيلية بيهودية الدولة، ورفض الاعتراف بالمفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية لما فيها من تداعيات إستراتيجية خطيرة على القضية الفلسطينية، وعلى عرب الداخل الذين يشكلون ما يزيد عن 20% من عدد سكان إسرائيل.
الكنيست 'البرلمان' الإسرائيلي في دورته الشتوية، سيدفع بالمزيد من القوانين العنصرية التي تمس بعرب الداخل، فالتعديل على تعديل قانون الجنسية، والذي بموجبه يتطلب حلف يمين الولاء لدولة إسرائيل، أثار ردود فعل عالمية ومحلية، والتي تًوّجت دورة الكنيست السابقة بالدورة العنصرية المناهضة الأكثر للديمقراطية والتي تقترب من الفاشية، ونتيجة لردود الفعل الغاضبة على هذا القانون اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي 'بنيامين نتنياهو'، لإدخال تعديل عليه، رغم مصادقة حكومته ولكي لا تفوح منه رائحة العنصرية، حيث أكد على إلزام اليهود الذين سيحصلون على الجنسية الإسرائيلية، من خلال قانون العودة، بإعلان الولاء والقسم لدولة إسرائيل، ليشير إلى أن القانون ليس قصراً على العرب، أي أنه سيطبق على اليهود أيضاً، ومع أن هذا التعديل لا يلغي أهدافه وعنصريته فإنه ،أي التعديل، يلقى معارضة من قبل الأحزاب الدينية واليمينية المتطرفة التي ترفض تطبيقه على اليهود، ومع ذلك فإن هذا القانون يبقى عنصرياً قبيحاً يعبر عن نهج حكومة إسرائيل اليمينية التي تريد التخلص من مواطنيها العرب وتطبق عليهم سياسة الترانسفير.
في إسرائيل نحو (20) قانوناً عنصرياً، يضاف إليها نحو (25) ما بين قانون أو أوامر إدارية، تتعلق بالاستيلاء على أراضي المواطنين العرب داخل إسرائيل، ومن القوانين العنصرية التي صدرت في عهد حكومة 'نتنياهو': قانون النكبة، وقانون حظر التحريض بحيث أن من ينشر دعوة برفض وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية يسجن، وقانون السكن الذي يخول لجان القبول برفض مرشحين غير مناسبين للسكن في البلدات اليهودية والمقصود بالمواطنين العرب، وقانون الجمعيات بعدم إعطاء إذن لإقامة جمعية، أو إغلاق جمعية قائمة، تعنى بتقديم دعاوى على مسؤولين إسرائيليين كبار في الخارج، وتجميد جمع شمل المواطنين العرب من الأراضي الفلسطينية من خلال التعديلات، ليطال نحو (20) ألف مواطن أو مواطنة تزوجوا من بعضهم البعض، وأنجبوا الأولاد، دون السماح بجمعهم، وهناك قانون الإرهاب الذي يفسره المشرع الإسرائيلي كما يشاء، ومشروع قانون للاعتراف بمستوطني الأراضي المحتلة كسكان أصليين بكل ما له علاقة بحقوق العيش والمواطنة في الضفة الغربية، وإمكانية إقامة حكم لـ 'المستوطنين الأصليين' مثل الكنتونات في السويد أو النظام السائد في هونغ كونغ بعد إعادتها إلى الصين، وقانون الاستفتاء الشعبي قبل التوقيع على اتفاقيات سياسية مرتبطة بانسحابات، ومشروع قانون يقضي بحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة على غرار القرار الفرنسي، وقانون عنصري يجري إعداده يُحرّم على مرشدي السياحة المعتمدين من مواطني القدس الشرقية وعددهم (300) شخص- رغم حصولهم على شهادات أدلة من السياحة الإسرائيلية- من القيام بإرشاد السواح، بمزاعم أنهم لا يمثلون المصالحة القومية الإسرائيلية بصورة مناسبة، بل يجب الاعتماد على مرشدين يهود، ووزير الداخلية 'ايلي يشاي' من حزب 'شاس' أعلن أنه يعد مشروع قانون لسحب الجنسية من كل من ينفذ عمليات أو ينضم إلى المنظمات الفلسطينية، أو لا يعترف بيهودية الدولة، فإن ما يجري من قوانين دليل واضح يؤكد من جديد أن إسرائيل هي التي طردت الفلسطينيين عام 1948 وأنها تتحمل المسؤولية فهذه قوانين عنصرية، لا تقل عن ما كان يمارس في جنوب أفريقيا في عهدها السابق.
إن هناك تخوفاً حقيقياً من قبل عرب الداخل على مستقبلهم ومصيرهم، وذلك في ظل هذه التشريعات، وفي ظل التدريب العسكري الواسع الذي أجرته مصلحة السجون الإسرائيلية مؤخراً، للاستعداد لسيناريوهات ومواجهات عنيفة من قبل المواطنين العرب داخل إسرائيل في حال التوصل لاتفاق تبادل سكاني أو القيام بترحيلهم دون اتفاق ، حيث شملت هذه التدريبات إقامة معسكر اعتقال يستوعب أعدداً كبيرة من عرب الداخل، في حال وقوع مواجهات بينهم وبين قوات الأمن الإسرائيلية،فإن ما يجري من استعدادات إسرائيلية، هي صورة طبق الأصل لما قامت به عام 1948.
وزير الخارجية 'افيغدور ليبرمان' جدد دعوته بتبادل مناطق والسكان بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وفي مسألة مكانة المواطنين العرب في إسرائيل، معتبراً أن رفض الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، يرغمه على وضع نهاية لقضية العرب في إسرائيل على طاولة المفاوضات، وعلى الرغم من المعارضة الفلسطينية، والإعلان الذي صدر عن الرئيس الفلسطيني لدى استقباله قيادات من عرب الداخل، أنه لن يقبل بالاعتراف بيهودية إسرائيل، كما يرفض تبادل سكاني ولو مواطن واحد، فإن نائب الكنيست 'آرييه الداد' يكرر طرحه بأن هناك دولة فلسطينية قائمة في الأردن، وأن الأردن هي الدولة الفلسطينية على حد زعمه 'معاريف 13/10/2010'، و'نتنياهو' يعلن بأن إسرائيل هي دولة يهودية وديمقراطية، وأن من أراد العيش فيها عليه الاعتراف بذلك، ومن لا يريد الاعتراف فليتحمل المسؤولية وهذا يدل على أن إسرائيل غير واثقة من هويتها اليهودية، بل أنها تشكك في وجودها، وتريد التخلص من مواطنيها العرب، الذين فرضت عليهم جنسيتها.
القيادات العربية في الداخل دعت المواطنين إلى التعامل مع الطروحات الإسرائيلية بجدية كبيرة، والقيام بخطوات للجم الخطوات العنصرية المتسارعة في ظل حكومة اليمين المتطرفة التي يقودها 'نتنياهو'، ففي استطلاع للرأي العام الإسرائيلي نشرته جريدة 'يديعوت احرونوت 15/10/2010'، لفحص مقياس الديمقراطية في إسرائيل، أظهرت نتائجها معطيات تتناقض مع مبدأ المساواة وفقاً لوثيقة الدولة، إذ أن 56% من المستطلعين يؤيدون توجهات 'ليبرمان' الفاشية، و68% يؤيدون إسقاط الحقوق المدنية لعرب الداخل، ومنعهم من حق الترشح أو الانتخاب للكنيست.
إن المطلوب من المواطنين العرب في الداخل، رص صفوفهم، للتصدي للمخططات الإسرائيلية التي تشكل خطراً على مستقبلهم ومستقبل القضية الفلسطينية، فإسرائيل تهدف إلى إجراء تغيير جذري في مكانتهم، ولا يتوقف الأمر على موضوع قسم الولاء، وتوقيع ورقة، بل أن هذه القوانين والتشريعات العنصرية ستصبح سوطاً مسلطاً على رقابهم، وتفسير الولاء وسحب المواطنة منهم كمرحلة أولى نحو ترحيلهم، واقتلاعهم من وطنهم ووطن آبائهم وأجدادهم، في الوقت ذاته عدم إعطاء ذرائع لإسرائيل -مع أنها لا تحتاج إلى ذرائع- وهذا إذا ما حصل ،لا سمح الله، فإنه سيكون طبعة مكررة لما حصل للفلسطينيين عام 1948، وتحويلهم إلى لاجئين مبعثرين في كافة أنحاء المعمورة، علماً أنه لم يُطلب من مصر ولا من الأردن في اتفاقيات السلام معهما الاعتراف بيهودية إسرائيل، فإسرائيل يهودية ستصبح دولة أصولية دينية تتخلى عن ديمقراطيتها وعلمانيتها المزعومة، وأن المطلوب موقف حازم من الدول العربية، لمساندة عرب الداخل، قبل وقوع الكارثة.
|