الظروف الصعبة التي تمر بها فتح زادت توقعات تعرض عباس لنفس مصير سلفه عرفات
(رويترز-أرشيف)
عوض الرجوب-الخليل
كشفت إحدى البرقيات التي سربها موقع ويكيليكس ويعود تاريخها إلى 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2009، أن مسؤولين إسرائيليين يساورهم الشك حول مستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأنه لن يصمد سياسيا حتى نهاية عام 2011.
ويرى محللون أن التاريخ يعيد نفسه، فالرئيس الراحل ياسر عرفات تعرض لضغوط هائلة واتهامات مماثلة، فانعكس ذلك صراعات داخل السلطة وحركة فتح، فأقصى عددا من القيادات بينها نبيل عمرو ومحمد دحلان وجبريل الرجوب، وعباس نفسه الذي عاد رئيسا بعد رحيل عرفات.
واليوم بدأ المشهد يتكرر، حسب محللين، فالضغوط هائلة والموقف الإسرائيلي نفسه، وداخليا تتزايد الخلافات بين الرئيس عباس ومحيطيه، فأقصى نبيل عمرو وتوفيق الطيراوي، والآن محمد دحلان.
|
إبراهيم أبراش (لجزيرة نت)
|
لعبة إسرائيل
يتفق محللون تحدثوا للجزيرة نت على أن إسرائيل هي اللاعب الأساسي في المشهد الفلسطيني، لكنهم استبعدوا تغييرا على وضع الرئيس عباس في المدى المنظور، إلا بالانتخابات.
يقول المحلل السياسي والوزير السابق إبراهيم أبراش إن إسرائيل لا تريد السلام "فتحارب مشروع السلام الفلسطيني ومن يقول به بشكل لا يقل عن محاربتها لمشروع المقاومة ومن يقول به".
وأضاف أن إسرائيل بدأت بالتآمر على الرئيس عرفات وتصفيته مع أنه قاد التسوية، والآن تمارس الأمر نفسه مع عباس، مع أنه قدم تنازلات وبوادر حسن نية أكثر من سلفه.
ورأى المحلل السياسي أن إسرائيل "تحاول أن تنهي عباس سياسيا من خلال عدم منحه أي شيء على طاولة المفاوضات، وتشجيع حالة من الفتن داخل حركة فتح بتحريض بعض القيادات على البعض الآخر".
وفي غياب أفق المفاوضات، توقع أبراش أن يستمر الرئيس في محاولته لتحقيق بعض الإنجازات على مستوى السياسة الدولية، مشيرا إلى أنه أصبح يولي أهمية لتحقيق مكتسبات دولية أكثر من ملف المصالحة.
لكنه استبعد أن يكون دحلان من المرشحين الحاليين لقيادة الشعب الفلسطيني، موضحا أنه يمكن أن يلعب دورا أمنيا أو يلعب دور الزعامة على مستوى قطاع غزة في مرحلة قادمة، لكن دوره ووظيفته لن تتعدى القطاع، دون أن يكون كالقيادات التاريخية.
من جهته يرى المحلل السياسي عبد الستار قاسم أن سياسة إسرائيل ثابتة وليست متغيرة و"تلعب في المشهد الفلسطيني الذي يعاني من جواسيس على مستوى قيادات في فصائل متعددة".
البحث عن بديل
|
عبد الستار قاسم (الجزيرة نت)
|
ورأى أن إسرائيل وأميركا تبحثان منذ فترة عن رئيس في السلطة الفلسطينية "لأن أبو مازن ضعيف، ومن يحيطون به لا يصلحون لحد كبير، لأنهم بنوا سمعة سيئة لأنفسهم عبر الزمن، وإسرائيل وأميركا تريدان شخصا قويا يتمتع بمسموعات جيدة وبقدرة كبيرة على التأثير".
وأضاف أنهم "كانوا يظنون أن سلام فياض يمكن أن يكون البديل، لكن ثبت أنه غير قوي، ولولا وجود الأموال بيديه لن يجد من يسير معه، وهم لا يريدون هذا".
وتوقع استمرار الرئيس في موقعه "لأنهم ما زالوا في طور البحث عن بديل" مستبعدا أن يجدوا له بديلا خلال 2011.
حسام خضر استبعد عودة دحلان رئيسا للسلطة كما عاد عباس بعد إقصائه (الجزيرة نت)
فرض الاستسلام
بدوره يرى القيادي في حركة فتح حسام خضر أن التاريخ يعيد نفسه، مشيرا إلى أن أزمة المفاوضات تدفع الاحتلال للبحث عن بدائل أمام أي تشدد أو أي تمسك بالثوابت، وبالتالي تبرز الخلافات والصراعات.
وقال إن إسرائيل تريد فرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني وتمرير كل مؤامرتها ومخططاتها ومنح الفلسطينيين إدارة ذاتية وليس حكما ذاتيا، مؤكدا أن "إسرائيل تلعب بالمشهد السياسي وتعبث بالانسجام الداخلي". ووصف ما يجري الآن داخل فتح بأنه "نتاج الأزمة السياسية الوطنية".
وأعرب عن ثقته باستمرار الرئيس عباس في إدارة شؤون السلطة إلى حين توفر الظروف المناسبة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، مستبعدا أن يتنازل عن مهماته ومسؤولياته إلا إذا جرت انتخابات، رغم أنه لن يترشح من جديد.
واستبعد خضر عودة دحلان رئيسا للسلطة كما عاد عباس بعد إقصائه، موضحا أن "الفارق كبير، فأبو مازن عندما أقصي كان يطالب بصلاحياته كرئيس للوزراء، أما الآن فالرئيس أعطى الحكومة صلاحيات كاملة، ويأخذ عليه البعض أنه ترك كل صلاحياته للحكومة".