New Page 1
الحسابات السرية».. استخدام حسب الطلب / حسن عصفور
28/02/2011 22:09:00
فتحت الحركة الشعبية في بلادنا العربية المنكوبة بخيارين أحلاهما أمر من المر ، خيار التبعية أو خيار الديكتاتورية ، ما لم يكن ظاهرا للمواطن العربي ، فمنذ زمن والكلام يتناقل عن الحسابات السرية لحكام الامة وقادتها ومن لف لفهم ممن نالوا الرضا وفتحت لهم الآفاق ليس لتكديس الثروة فحسب ، بل ولتصديرها في حسابات خاصة تم صنعها من قبل الغرب الرأسمالي لامتصاص أموال دول "العالم الثالث" أو "البلدان النامية" ، اختراع أوجدته بنوك الغرب الاستعماري كي تسرق "الثروة المسروقة" أصلا ، وكأنها حالة سباق بين اللصوص ، من يسرق أكثر من ثروة شعوب وأمم لا تعرف كمية المسروق منها حتى بعد الكشف عن ما تتم سرقته.
اليوم ، يسمع مواطن بلادنا ، عن أموال بقيمة مليارات تم وضعها في حسابات سرية في بنوك الدول الغربية ، مليارات لحفنة من الأسماء أو طغمة من الحكام اعتقدت أن زمنها القادم سيكون مبهرا بحياة تحاط بثروة خيالية بلا حدود لأصفارها ، يسرقونها من شعوبهم ويتسترون عليها وكأنها "الخلود" المنتظر ، دون أن يحسبوا حساب لحظة الغضب الانساني للمواطن الذي اعتقدوا أنهم كسروا شوكته وصادروا ارادته ، وأنه لن يقوم له قيامة بعد ، ففعلوا كل ما هو "رجس من عمل الشيطان" دون أن يرمش لهم جفن كما يقال في أقوالنا الشعبية الحكيمة ، ولكن جاء الذي لم يكن بحسابهم ، "غضب الشعوب" فأطاح بهم أو في طريقه ، وهناك من ينتظر ، لتخرج تصريحات اللص الكبير وتكشف أن هناك أموالا سرية لهذا وذاك ، سيتم تجميدها الى حين نقاش اعادتها.
المسألة هنا لم تعد في سرية اللصوصية التي يعرفها غالبية شعوب الأمة المسروقة ، ولكن مقدار وكمية تلك المسروقات ونوعيتها ، كون سارقها الصغير عندما وضعها في حساب بنوك اللص الكبير ، لم يترك لغيره "خريطة طريق" للوصول اليها أو معرفتها ، وعليه سيصبح تحديد الثروة المسروقة بيد بنوك "تغطية السرقة" باسم الحساب السري ، ونعتقد جميعا ودون أي تجنّْ أن من يساهم في حماية سرقة الشعوب وثرواتها ، وهم يعرفون ذلك جيدا جدا ، لا يمكن أن يتحول في لحظة الى "شريف" يمكنه أن يعيد كل المسروق الوطني لأصله وشعبه.. ولا يبقى لشعوب الأمة سوى أن تقبل بما تتم اعادته ، كي لا تخسر الكل المسروق فالقاعدة الشيء خير من اللاشيء ، خاصة وأن لا دليل لديها بما هو منهوب منها ، بل ويمكن لحكومات أن تصادر المسروق كله في حال عدم المعرفة به ، وبعض الدول تصادره بأسباب شتى.. وهكذا يكون الحال سرقة مال الامة من حاكم وحوارييه ومحبيه ومنافقيه وجامعي المال الحرام له ، لتسرقها بنوك ودول تدعي الشفافية والمساءلة والنزاهة والديمقراطية وحماية الشعوب ومصالحها ، وكلام من عبارات تطفح بالحزن الانساني ، وكأن سرقة أموال الأمم وثرواتهم وحسابات السرية هذه ليست من جرائم العصر والتاريخ.
كيف يمكن أن نجد سبيلا لحماية مسروقات شعوبنا ، والتي لم تعد مليارات فحسب ، بل هي ترليونات تجدها تسبح في ملوكات الاقتصاد الغربي.. ليس فقط ما بات يعرف اليوم باسم "الحساب السري" ، بل والأخطر من هذا تلك التي تتحرك اليوم باسم مستعار "الاستثمار السري" ، فخبراء الاقتصاد العرب يقدرون الثروة العربية المسروقة في بلاد الغرب بما يقارب ترليوني دولار اي 12 صفرا بعد أي رقم.. لا يحق لكثير من أصحابها أن يستخدموها وفقا لحاجتهم هم ، بل الحق لهم بالاستخدام المشروط وفقا للمشغل الجديد ، والذي بات عمليا مالكها الحقيقي يمنح صاحبها الأصلي ما يحتاج لسد رمقه عند الضرورة ، سرقة من نوع آخر ، لكنها في الواقع لا تختلف كثيرا عن الأموال المسروقة في "الحسابات السرية" ، ولو أن تلك الثروات التي تنهك القارئ بأصفارها تم استثمارها في بلادنا أو نصفها أو ربعها أو خمسها ، لكان لبلادنا وشعوبنا شأن آخر بين الأمم.. بل ولربما تطيل عمر "لصوصها أصلا" ، ويبدو أنه سيكون قصيرا جدا في وقت قريب.
الكارثة تتسع عندما يكتشف الانسان أن أصحاب ادارة شؤون الثروة العربية المسروقة بأشكالها المختلفة تدار من قبل شركات غالبية مدرائها وأصحابها من "اليهود" ، اذ يقول بعض لصوص ثروة الأمم أنهم الأكثر خبرة ومهنية في تشغيل المال ، وخاصة "المال الحرام".. حالة من الاستخفاف الغريب بتحقير عقل الانسان العربي ، الى أن يجد ما لا يجده يوما من حساب لشعوب باتت تنتفض وتتحرك بقوة "القهر والفقر" علها تعيد بعضا من اشراقة الضوء لوطن طالته العتمة طويلا.. ويبدو أنها لن تتوقف في محطات أو تعرقلها مطبات ، وكأنها تسير الى حيث تصحيح المسار العام ، لصناعة مجتمع يكون به حصة للانسان الذي عاش في بحور الظلم والظلام.. وعلَّ المشهد القادم يتمكن من اعادة ما يمكن اعادته من ثروات الامم التي تمت سرقتها بالتقاسم والشراكة بين بعض من سكان بلادنا.. وبعض من ناهبي خير الشعوب في بلاد يعتقد الكثير من أهلنا أنها دول "نظيفة" غير"فاسدة" ، متناسين أنها دول صناعة الفساد وحاميه الحقيقي.
هل يمكن لاحقا أن نشهد بعد "الغضب العربي العام" فرضا لاستعادة المسروق من أموال الأمة وثروتها ، سواء ما هو في "حسابات سرية" أو "استثمار سري" فكلاهما جريمة يجب أن تنتهي بالعقاب الأشد في قانون "المحاسبة الوطني".
ملاحظة: من الحق أن يطالب الجميع بوضع حد للقمع والقتل والجريمة في ليبيا ، ولكن من العار أن يؤيد أي عربي السماح لأمريكا وأدواتها باستخدام "الفصل السابع" ضدها.. وكأن جرائم اسرائيل أكثر نعومة.. عار وعار وعار.
|