New Page 1
اطالب بإلغاء يوم الاسير/ عبد الحفيظ جعوان
18/04/2011 11:52:00
نعتذر أيها الأسرى, فالأجواء الخماسينية الحارة خربت اليوم الوحيد الذي نتذكركم فيه , انتظرونا العام المقبل, بمشيئة الله.
أيها الأسرى , لا تقرئوا الصحف الفلسطينية , ولا تلتفتوا لإعلامنا , ولا تصدقوا ما تسمعونه من شعارات عن قدسية قضيتكم التي لا تفارق قلوبنا , كله كذب و رياء , أمهاتكم فقط هن اللواتي يشعرن بعذاباتكم , أما نحن فننام نوما طويلا , ولا تقض مضاجعنا ماساتكم .
أما انتم , فسادتي , ليس بهذا الشكل نكرم أمهات الأسرى , انا و انتم نعلم ان علبة العصير التي قدمتموها لام الأسير , و كلماتكم الرنانة عن بسالة ابنها لن تروي ظمئها , ولن تعيد الدفىء لحضنها . لماذا لا تقرون و تعترفون أنكم توسلتم اليها القدوم , لتكون جزء من الديكور الخاص بحفلكم , فالمسئولون و القادة الذين عزمتموهم لحفلتكم هذه , بحاجة إلى جمهور مناسب , ليسمع ما تقولون من كلام لا معنى له
لا اعرف ما هو عدد الموظفين في وزارة شؤون الأسرى و المحررين , ولا اعرف عدد العاملين في نادي الأسير الفلسطيني , ولا حتى عدد المؤسسات الاجتماعية و المدينة العاملة في هذا الحقل , القائمة على قضية الأسرى الفلسطينيين , ولكن الذي أنا شبه متأكد منه , ان عشرة أشخاص منهم فقط شاركوا في تشييع يومكم هذا . و البقية فروا , فلم يدفعوا حتى ثمن لقمة عيشهم التي انتم في زنازينكم مصدرها , يؤسفني القول ان أولائك الذين يعتاشون على قضيتكم , لم يخرجوا هذا اليوم لرد الجميل , يؤسفني القول ان ال 170 فلسطينيا الذين هرعوا للملكة المغربية للمشاركة في مؤتمر مناصرة الأسرى ( أي انتم ) لم يكلفوا خاطرهم النزول الى الشارع و على بعد أمتار من مكاتبهم , للتضامن معكم هذا اليوم , فظروف النضال و التضامن هنا , لا تشبه تلك المتوفرة في الرباط .
على أي حال سحقا لهم , وسحقا لنا أيضا , نحن الشعب الذي انصرف كل الى همه و لقمة عيشه , ونسينا من مازال يضحي بسنوات عمره من اجل سعادتنا .
وسط مدينة رام الله , ألغيت التظاهرة الخاصة بإحياء يوم الأسير الفلسطيني , لأنه لم يأتي احد , لا فصائل ولا منظمات , ولا فعاليات شعبية و رسمية , ولا وزراء و لا مدراء . اما قبالة سجن عوفر الإسرائيلي المحاذي لبلدة بيتونيا , فوصل بضعة شباب و فتيات لا يتجاوز عددهم ال 20 , وهم مجموعة من الحراك الشبابي المستقل , ومعهم وصل ثلاثة نواب من المجلس التشريعي الفلسطيني , إضافة لأربع أمهات فلسطينيات . وتقريبا خمسة عشرا صحافيا .
علت الهتافات و الصيحات المتضامنة مع الأسرى الفلسطينيين , كان هناك أحساس داخلي ينساب بين المتظاهرين الشباب بالثقة و بالرضى عن النفس , أما المشهد العام , فقد كان محزنا , أربعون شخصا هم كل ما استطاع الفلسطينيون جمعه للتضامن مع ستة آلاف أسير فلسطيني يضحون بحياتهم من اجل شعب بأكمله .
ما زاد المشهد حزنا , ودفعني لكتابة هذه السطور , هو ما قالته سيدة فلسطينية , عرفت على نفسها بأنها ام الأسير اصرار البرغوثي , قالت لي هذه الأم بحرقة و حزن , اشعر أننا نشحد ( نستجدي ) عواطف الناس شحدة .
أنا أطالب بإلغاء يوم الأسير الفلسطيني , ما دمنا غير قادرين على إحيائه كما يجب , انا أطالب بإلغائه حفاظا على مشاعر الأسرى الفلسطينيين , و على مشاعر أمهاتهم , يكفي استغلالا لتلك العواطف النبيلة , ويكفي استغلال لتلك القضية الإنسانية و الوطنية .
اتركوا الأسرى و شانهم ونضالهم , لا تعكروا صفو معركتهم النبيلة لنيل الحرية , لا تكذبوا عليهم بكلماتكم الفارغة , لا تقيموا لهم مهرجانات يكون أبطالها انتم , اخبروهم بالحقيقة المرة . اخبروهم كيف ننجح في تحويل كل قضية مقدسة لنا إلى تجارة رابحة .
|