New Page 1
أسرانا الأبرياء... وجاسوسهم الظالم / آمال أبو خديجة
05/10/2011 20:05:00
تحرص الإدارة الأمريكية بقيادة " باراك أوباما " على استرضاء الكيان الصهيوني، وعلى التبرير الدائم والإثبات أنها من أشد المناصرين لوجود الكيان الصهيوني، لذا كلما وقع هذا الكيان في الخطيئة أو الجرم، سارعت هذه الإدارة المنحازة للظلم إلى التفنن في الدفاع عنه، ومحاولة جذب الأطراف كلها للتعاطف معه أو تشويه الصورة لصالحهم .
يتسلل جاسوس إسرائيلي " يونثان بولارد " تابع للاستخبارات الصهيونية الموساد إلى لب وقلب الشعب المصري، وفي ظل ثورته وانشغاله بإسقاط النظام والمطالبة بالحقوق، يبدأ هذا الجاسوس ببث سمومه الحاقدة على أبناء الشعب المصري ليفرق وحدتهم ويشتت مطالبهم ويكيد لهم المكائد، ويسعى لنقل الصورة الواقعية لما يحدث على أرض مصر لهؤلاء الخفافيش التي تعمل في الظلام لأجل الإيذاء بالشعب المصري، وكيفية خلخلت وحدته وعدم نجاح مطالبه، ولكن يد القدر وانتباهه أفراد الشعب لتحركاته المريبة أوقعت الشك فيه، مما حال دون تحقيق نوازعه الشريرة المدفوعة بنوازع الكيان الصهيوني الذي يدّعي الصداقة والإخلاص لمن مد له يد السلام .
سارع الكيان الصهيوني للمطالبة بالإفراج عنه وتبرير موقف ذلك الجاسوس ومن ورائه بحجج كاذبة، وسارع حاخاماتهم للإدارة الأمريكية بالسؤال المتكرر عن سبب عدم إطلاق سراحه حتى اللحظة، والشك في نوايا الإدارة أو الخوف من أن هذا التأخر سيدلل على التعاطف أو الانحياز للعرب والإنقاص من حق الدعم الصهيوني .
لقد انتفضت الجالية الصهيونية في أمريكا لأجل ذلك الجاسوس، وقامت بالتهديد للإدارة والتلميح بالانتخابات، مما جعل الإدارة تحرص على عدم إغضابهم، والمسارعة على بيان سعيها الشديد لأجل إطلاق سراحه وتحريره في وقت قريب، وأنها ما زالت ملتزمة أشد الالتزام بمناصرتهم ودعم الشعب الإسرائيلي وكيانه، لذا سارعت لإصدار تهديداتها وضغوطها الواضحة على مصر، وأنها في حالة تأخرها أو عدم إفراجها عنه فسوف تقطع مساعداتها العسكرية، وبدأت حراكاً أمريكياً مكثفا على جميع المستويات بدءاً من جنرالات أمريكيين، ووزيرة الخارجية "هلاري كلينتون " وحتى وزير الدفاع وأعضاء من الكونغرس كلهم نقلوا أو وصلوا للقاهرة كي يبلغوا رسائلهم بالتهديد لمصر في حالة لم تطلق سراح ذلك الجاسوس، وعدم تقديمه لأي محاكمة وإلا سيكون من الصعب إطلاق سراحه بحكم قد يصل إلى 15 عاما بسبب اعتدائه على أمن مصر، حتى وصلت درجة التعاطف مع ذلك الجاسوس بأن سمح لعائلته بمرافقة أمريكية لزيارته في السجن .
والآن يحتمل أن يتم إطلاق سراحه تحت ما يدّعى من تدهور حالته الصحية بسبب اكتشاف مرض عضال لديه وإصابته باكتئاب نفسي، وقد عرضت أمريكيا على مصر صفة بزيادة المساعدات مقابل إطلاق سراحه .
تنتفض الإدارة الأمريكية وتبذل كل مجهودها والحرص الشديد على ذلك المجرم المعتدي على حقوق الناس، والذي دخل أرضاً بغير حق، وحاول أن يهدد الأمن لبلد غريب عنه، وحاول بث النزاعات الطائفية والعقدية وإشعال فتيل الحرب الأهلية وغير ذلك من أعمال، في الوقت الذي يقبع في سجون ذلك الكيان الظالم المحتل أكثر من ( 6000 ) أسير فلسطيني، لم يعتدوا على حقوق وأمن بلد أخر، إنما طالبوا بحقوقهم المشروعة باسترداد الأرض والكرامة الإنسانية، يعانون من أشد المعاناة والعدوان الصهيوني على وجودهم، فمنهم من يعاني معاناة شديدة من شدة المرض وسوء المعاملة الإنسانية، ومنهم من يسجن دون وجود أدله تدينه تحت حجة تهديد الأمن الإسرائيلي ، ومنهم النساء اللواتي يتعرض لأشد الإهانة والاعتداءات، ومنهم من يُحكم لسنوات طويلة لا يطيق العمر لاستيعابها. أسرى يعانون من حرمان لأبسط حقوقهم الإنسانية، وهم محرومون من زيارة الأهل، وعدم توفر التعليم ولا العلاج السليم ولا الغذاء الصحي وغير ذلك من حقوق إنسانية تنص علي ضرورة توفرها اتفاقية جنيف حول الأسرى، فهذا الكيان المحتل لم يراعي أي مواثيق ولا اتفاقيات دولية في تلبية حقوقهم، بل كلما طالب الأسرى بالحقوق وقامت الاحتجاجات في السجون ازدادت أيدي سجانيهم ظلما واستبدادا وقهرا .
وفي هذه الأيام يخوض أسرانا معركة مع إدارة السجون الصهيونية لأجل استرداد الحقوق والكرامة الإنسانية والمطالبة بالحرية والعدالة الإنسانية، لكن أذن الإدارة الأمريكية لم تسمع استغاثة هؤلاء الأسرى، ولم ترى عيونها ما يعانون من عدوان وحرمان للحقوق، ولم ترسل مسئوليها لإقناع ذلك الكيان بفك قيودهم وإطلاق سراحهم وعودتهم لديارهم، ولم تقدم تهديداها ووعودها وضغوطها لهذا الكيان في حالة عدم الاستجابة بقطع مساعداتها عنه أو بفرض حصار اقتصادي أو سياسي عليه، لم تحرص هذه الإدارة على مراعاة مشاعر الشعوب وحقها بالحياة، وهي من تدّعي مسؤولياتها عنها وتنصب نفسها كراعية للسلام والأمن والعدالة الإنسانية على جميع الشعوب .
إن هذه الإدارة إنما تثبت في كل يوم مدى عنصريتها وفرض هيمنتها الظالمة والمنحازة لأجل مصلحتها ومصلحة الكيان الصهيوني على حساب الشعوب العربية وشعوب العالم كله، فكلما حدث ما لا يرضي تلك الإدارة أو الكيان سارعت بالتهديد بقطع مساعدات أو فرض حصار أو التلويح بالغزو والحرب، دون مراعاة لحقوق الشعوب وسلامتهم وأمنهم، فهذه الإدارة الصهيو أمريكية خاضعة لقرارات وسيطرة الإدارة الصهيونية، إنها ترتعد خوفاً واضطراباً عندما تتأخر عن تلبية مطلبها وإظهار مناصرتها، و تظهر قوتها وجبروتها وظلمها وهيمنتها على الشعوب الأخرى دون مناصرة ولا عدالة، إنها الإدارة التي تغطي عينيها عن أفعال الكيان الصهيوني في فلسطين من سلب للأرض وقتل للإنسان وحرق للمساجد وهدم للبيوت ومن حصار ظالم وجدار يلتف حول المدن والقرى، وزيادة في الاستيطان والتوغل داخل الأرض وأهلها، إنها الإدارة التي تتخذ من نفسها محامي للدفاع عن الكيان الصهيوني فتسارع بالفيتو الأمريكي عند كل محاولة لإدانته وإظهار عدوانه .
إن الإدارة الأمريكية والصهيونية وجهان لعملة واحدة، كل منهما تدّعي وتتغنى بديمقراطيتها واحترام حقوق الإنسان، في الوقت التي تتناقض كل أفعالهما مع ما ينادى به من مبادئ وأفكار لا تسري إلا على مواطنيها أو من هم في صفها، أما الشعب العربي وبالذات الشعب الفلسطيني فهو بعيد عن مفاهيمها المزيفة .
آمال أبو خديجة
|