New Page 1
قراءة في المسرحية الشعريه : مأساة الحلاج/المؤلف صلاح عبد الصبور
03/12/2009 12:08:00
بقلم: أ.د. حسين علي محمد
إنه كبطل مسلم يعرف أن "اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقوْمٍ حتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأنْفسُهِمْ"([1][1])، ولذلك فإنه لا يطلب من ربه معجزة ، وإنما يطلب القدرة على الصبر والجلد ، في مواجهة ما يضني الروح ويتعب العقل :
أَنَا لاَ أَطْلُبُ مِن ربّى أن يَصْنَع مُعْجِزَةً
بَلْ أَطْلُبُ أنْ يُعْطيَنِي جَلَداً ([2][2])
وليس ما يتعب العقل سوى الحال السيئة التي وصلت إليها الأمة تحت إمرة الحكام الظالمين الذين لا يرعون في الله إلا ولا ذمة. إنه يرى أن " الشر استشرى في ملكوت الله "([3][3])، ويتحدث عن صفة الحاكم المرجوّ في حديثه لمريده إبراهيم بن فاتك :
مَاذَا نَقِموا مِنّي
أتُرى نَقمُوا منّي أَنّي أَتَحَدَّثُ فُى خُلَصَائي
وأَقولُ لَهُمْ : إنّ الوَالي قَلْبُ الأُمَّهْ
هَلْ تَصْلُحُ إلاْ بِصَلاَحِهْ ؟
فِإذَا وُلّيتُمْ لا تَنْسُوا أَنْ تَضَعُوا خَمْرَ السُّلْطَهْ
في أكْوَابِ العَدْل ([4][4]).
لكن مأساة الحلاج الحقيقية هي في حيرته هل يختار الصوت (الكلمة) أم السيف:
هبني اخترْتُ لنفسي ماذا أختارْ؟
هلْ أرفعُ صوتي
أمْ أرفعُ سيْفي؟
ماذا أختارْ؟
ماذا أختارْ؟
***
لقد نشأ الحلاج نشأة فقيرة ، وعانى من الفقر صغيرا وشابا ، يكشف عن ذلك قوله في أثناء محاكمته :
الحلاج : أَنَا رَجُلُُ مِنْ غِمَارِ المَوَالَى ، فَقِيرُ الأرُومةِ والمَنْبَتِ
فَلا حَسَبِي يَنْتمَي للسَّمَاءِ ، ولاَ رَفَعتْنِي لَهَا ثَرْوَتِي
وُلِدْتُ كآلاَفِ مَنْ يُولدونَ بآلاَفِ أيامِ هَذَا الوُجودْ
لأنَّ فَقَيَّرا بِذَاتِ مسَاءٍ سَعَى نَحْوَ حِضْنِ فَقَيِرهْ
وأَطْفأ فِيه مَرَارة أيّامِهِ القَاسِيَهْ
نَمُوتُ كآلافِ مَنْ يَكْبُروُنْ ، حِينَ يُقاتُون خُبْزَ الشُّموُسْ
ويُسْقَوْنَ مَاءَ المَطَرْ
ونَلْقَاهُمُ صِبْيَةً ياَفِعينَ حَزَانى على الطُّرقُاتِ الحَزِينَهْ
فَتَعْجَبُ كَيفْ نمَوْا واسْتطالُوا ، وشَبَّتْ خُطَاهُمْ
وهَذِي الحَيَاةُ ضَنِينَهْ ([5][5])
ولهذا فإن الحلاج يرى الشر كل الشر في الفقر ، وكأنَّ العالم إذا خلا من الفقر سيخلو من الشر ، وهذا ما نلمحه في حوار دار بينه وبين الشبلي:
الشبلي : مَاذَا تَعْنىِ بالشَّرِّ ؟
الحلاج : فَقْرُ الفُقُرَاءْ
جُوعُ الجَوْعَى
في أعْينُهمْ تَتَوهَّجُ ألفَاظُُ لا أُوقِنُ مَعْناهاَ
أحْيَانا أقْرَأُ فِيها
"هَاأنتْ تَرانِي
لَكِنْ تَخْشَى أنْ تُبصْرَني
لَعَن الدَّيَّانُ نِفاَقَكْ"
أحْياناُ أَقْرأُ فِيها
"في عَيْنِك يَذْوي إشْفَاقُُ " تَخفْىَ أّنْ يَفَضحَ زَهْوكْ
لِيسَامِحْكَ الرَّحْمَنْ
قَدْ تَدْمعُ عَينْي عِنْدَئِذٍ ، قَدْ أَتَألَمْ
أمّا مَاَ يَمْلأ قَلْبي خَوْفاً ، يُضْنِي رُوحي فَزَعاً وَنَدَامَهْ
فَهِي العَيْنُ المُرْخَاةُ الهُدبْ
فَوْقَ اسْتِفْهَامِ جَارِحْ
" أيْنَ اللهْ " ؟
والمْسجُونونَ المصْفودونَ يَسُوقُهمُو شُرْطِيُُّ مَذْهُوبُ اللُّبْ
قَدْ أَشْرَع في رَاحَتِهِ سَوْطا
لا يَعْرِفُ مَنْ في رَاحَتِهِ قَدْ وَضَعَهْ
مَنْ فَوْقَ ظُهورِ المَسْجونينَ الصَّرْعَى قَدْ رَفَعَهْ
ورِجَالُُ وَنسَاءُُ قَدْ فَقَدُوا الحُرِّيهْ
تَخِذَتْهُمْ أَربْابُُ مِنْ دُونِ اللهِ عَبِيداً سُخْرِياَّ
يَا شِبْلي ..
الشَّرُّ اسْتَولْىَ في مَلكُوتِ اللهْ
حَدِّثْنِي كَيْفَ أَغُضُّ العَيْنَ عَنِ الدُّنْيَا
إلاَّ أَنْ يُظْلِمَ قَلْبِي ([6][6])
وكان من المفترض أن يثور بالفقراء ومن خلالهم ، لكن الشاعر اختار طريقا آخر لهذا البطل المتمرد ، المتضخم الذات ، فقد جعل بطله يختار ناسا من الصفوة ليخاطبهم ، وليكون التغيير من خلالهم:
إبراهيم : زَعَمُوا أنْ قَدْ أَرسْلَتَْ رَسَائِلَ سِرّيهْ
لأبي بَكْرِ المَاذِرَّائي ، والطّولوني
ولحَمَدِ القنَّائِي
وسِواهُمْ ممَّنْ يَطْمَعُ للسُّلْطَهْ
الحلاج : هُمْ بَعْضُ وُجُوِه الآُمَّهْ
وهُمُو أيْضاً خُلصَاَئي ، أحْبَابِي
وعدُوني إنْ مَلَكُوا الأَمْرْ
أنْ تَحْلُو سِرَتُهمْ وَيَعفُّوا عَنْ سَقَطِ الفِعْلْ
أّنْ يُعْطُوا النَّاسَ حُقُوقَ النَّاسِ عَلىَ الحُكَّامْ
فَتُجَاوبَهُمْ بِحُقُوقِ الحُكامِ عَلَى النَّاسْ
هُمْ زَهْرةُ آمالي فِي هّذّا العَالَم يَا إبْراهِيمْ
ولِهذَا أروْيهمْ مِنْ خَطَرَاتى ، وأندّيهمِ بِرَقيقِ القَوْل ([7][7])
والسطر الأخير يكشف عن خصيصة من خصائص البطل الرومانسي تسللت لهذا البطل الذي أراده مؤلفه واقعيا متمردا ، وهذه الخصيصة الرومانسية هي رؤية الرومانسيين للبطل أنه "ذو رسالة مقدسة، وهو أقرب الناس إلى الأنبياء ، ويبتعد عنهم ليعمل في صالحهم داعيا إلى الحق والخير والجمال "([8][8]). أو كما يقول "شيلي": "ليس الشعراء محدثي اللغات ومبدعي فنون الموسيقا والرقص والتصوير فقط ، بل هم أيضا واضعو الشرائع ، ومبتكرو فنون الحياة 000 وما الشعر إلا موقظ حياة الأمم ورسول الانقلابات في الآراء والتقاليد ، والشعراء هم قساوسة التنزيل الإلهي ، ورسل الوحي القدسي ، وشراح الحكمة الربانية للناس 000 وهم اللفظ الناطق بما لا يفهمون ، المعبر عما لا يدركون ، وهم قبل وبعد المشرعون الذين لا يعترف بهم الناس"([9][9]) 0
وهكذا كان الحلاج البطل / الشاعر / المتمرد 00 يسعى من أجل المجموع، ويريد غدا جديدا يسعد فيه الجميع . إنه بطل مفوّه، يمتلك الكلمات المعذبة القادرة على جذب الناس إليه، وجعلهم يلتفون حوله، فيحبون كلماته ويعشقونها:
مجموعة الصوفية : كُنّا نَلْقَاهُ بِظَهْرِ السُّوقِ عِطَاشاً فُيَروِّينَا
مِنْ مَاء الكَلِماتْ
جَوْعى ، فُيُطَاعُمِنا مِنْ أَثمْارِ الحِكْمهْ
ويُنَادِمُنَا بِكئوسِ الشَّوْقِ إلى العُرْسِ النُّوراني ([10][10])
هذا العشق لكلماته وقدرته على جذب البسطاء إليه ، جعل أصحاب العاهات يرون فيه مسيحا جديدا ، قادرا على منحهم ما يفتقدونه 0
الأحدب : نَعَمْ ، إنّي أُحِبُ الشَّيْخْ
ولكنىّ أُسِائلُ نَفِسيَ الحَيْرىَ
تُرىَ يسْطيعُ أنْ يَنصْبَ ظَهْرِى بَعْد مَا أَحْدب
الأعرج : أحِسُ إذَا سَمِعْتُ حَدِيثَهُ الطَّيَّبْ
بأنِّي قَادِرُُ أنْ أَثنيَ السَّاقَ ، وأنْ أّعدُو ، وأنْ أّلْعَبْ
بَلَى ، فَلَقَدْ أُحس بأنني طيْرٌ طليقُُ في سَمَاواتِه
الأبرص : كأنَّ الشَّمْسَ حينَ أَراهُ قَدْ سَمعتَ ضَراعاتي
وقَدْ صَبَغَتْ مذلاَّتي
وصِرْتُ أجوسُ في الطرقاتِ مُختالاً ، نَضِيرَ الوَجْهْ
ورْديَّ الذَّراعَيْنِ
بِلا سُوء ، ولا وَسْمٍ بِسيمَائِي ([11][11])
لكن الحلاج كبطل متمرد ظل يتحرك في دوائر منعزلة عن الشعب ولم يستغل حب أفراد الشعب الفقراء له ، ليحدث ثورة بهم بل كان يريد التغيير -كما أشرنا - من خلال الصفوة ، ولهذا فإن الفقراء هم الذين يشاركون في مؤامرة محاكمته رَغَبَاً أو رَهَباً ، ويحكمون عليه بالقتل من خلال محاكمة صورية يُطْلبُ فيها من الفقراء أن يقولوا ما قالوه :
أبو عمر : (يلتفت إلى جميع الفقراء)
ما رَأْيكُمُو يا أهْلَ الإسلامْ
فيمَنْ يَتحدَّثُ أن الله تَجَلىَّ لَهْ
أو أنَّ اللهَ يَحِلُّ بِجَسَدِهْ ؟
المجموعة : كَافِرْ 00 كَافِرْ
أبو عمر : بِمَ تُجْزُونَهْ ؟
المجموعة : يُقْتَلْ 00 يُقْتَلْ
أبو عمر : والآن امْضُوا ، وامْشوا في الأسْواقْ
طوفُوا بالسَّاحَاتِ وبالحَانَاتْ
وَقِفُوا في مُنْعَطَفاتِ الطُرقاتْ
لتقولوا ما شَهِدَتْ أَعيْنكُم
قّدْ كَانَ حَدِيثَ الحلاَّج عَن الفَقْرِ قنِاعاً يُخْفي فَقْره
لكنَّ الشِّبْلي صِاحبهَ قد كَشَّفَ سِرَّهْ
فَغَضِبْتُم للَهِ وأنْفَذْتُمْ أمْرَهْ
وَحَمَلِتُمْ دَمَهُ في الأعمْاقْ
وأمَرتُمْ أنُ يُقْتلْ
وَيُصَلَّبَ في جِذْعِ الشَّجَرَةْ
الدَّولةُ لمْ تَحَكُمْ
بَلْ نَحنْ قُضَاةَ الدَّولْةِ لِمْ نَحْكُمْ
أنْتُم 0000
حُكِّمْتمُ فَحَكَمْتُمْ
فامضوا قولوا للعامَّهْ
العامَّةُْ قَدْ حَاكَمتِ الحَلاْج ([12][12])
ولهذا شارك الجميع في قتله : من حكموا ، ومن قضوا ، ومن صمتوا ورددّوا ما قيل لهم دون أن يفطنوا إلى أنهم قتلوا من يريد لهم غدا أفضل من أمسهم ، ومن يأمل في حياة كريمة لهم ، لكن ليس يجدي هنا الأمل ، فوسائل صاحبه قاصرة ، وغير قادرة على تحقيقه ومن هنا كانت نهاية الحلاج كبطل متمرد - يحمل ظلالا رومانسية - نهاية فاجعة :
الواعظ : مَنْ هَذَا الشَّيْخْ الَمصْلُوب ؟
مقدم المجموعة : أحَدُ الفُقَرَاءْ
الواعظ : هَلْ تَعِرْفُ مَنْ قَتَلهْ ؟
المجموعة : نَحُنُ القَتَلَهْ
الواعظ : لكنكمو فُقَرَاءُُ مِثْلَهْ
المجموعة : هَذَا يَبْدو مِنْ هَيْئِتَنَا
مقدم المجموعة : انظرْ إني أَعْمىَ
أّتَسَوَّلُ في طُرقاتِ الكرْخْ
واحد من المجموعة : وأَنا قَرَّادْ
آخر : وأنَا حَدَّادْ
ثالث : وأَناَ حَجَّامْ
رابع : وأنا خَدَّامُُ في حَمَّامْ
خامس : وأَنَاَ نَجَّارْ
سادس : وأَنَا بِيطَارْ
التاجر : هَلْ فِيكُمْ جَلاَّدْ ؟
المجموعة : (يتبادلون النظر ، ثم يقولون في صوت واحد)
لا 00 لا ([13][13])
إن مأساة الحلاج الحقيقية ليست في خلع الخرقة ، أو في المناداة المثالَّية بالإصلاح الاجتماعي، بل في كونه ثائرا طوباويا لم ينظر إلى المجتمع نظرة واقعية، ولم ير في الفقر والشرور التي تحيط بالفقراء من كل جانب دافعا لتثويرهم، بل لغضبه هو، وخلع الخرقة من أجلهم وهذا وحده لا يكفي.
وأما رأي الحلاج ، في الصفوة ، فهو ليس إلا رأي صلاح عبد الصبور في الصفوة أو النخبة التي يعرّفها في لقاء معه بقوله : " لا تنبع فكرتي عن الصفوة من مفهوم البطولة عند كارلايل ، بل من مفهوم " الأقلية المبدعة عند توينبيى 00 الأقلية المبدعة هي التي تملك الفضائل الجديدة التي تجعل منها أسوة للمجتمع ، وهى التي تستطيع أن تخلو إلى التأمل أو "العزلة الخلاقة" 00 ثم تخرج بعد ذلك إلى المجتمع لتمارس صنع الحضارة الجديدة ومثال هذه الأقلية هم الأنبياء والفلاسفة والمفكرون والمصلحون الاجتماعيون 000 فأنا هنا لا أدعو إلى صفوة النسب التي تتمثل في الإقطاعيين ومن يزعمون لأنفسهم نسبا إلى الله أو أنبيائه ، ولا أدعو إلى صفوة الثروة ، أو صفوة القوة وهم العسكريون الذين يتناوبون حكم هذا العالم مع الإقطاع والكهنة (ثلاثي الثروة والكهانة والقوة) بل لابد أن تنشأ صفوة المعرفة ، والمعرفة الحديثة هي الامتداد العملي لدعوة أفلاطون إلى الملك الفيلسوف" ([14][14]) وقد كتب هذه المسرحية ونشرها قبل نكسة 1967م حينما افتقد هذه الصفوة أو النخبة الرائدة ، يقول في حوار آخر : "في رأيي أن كل مجتمع لابد له من"نخبة" تقوده، وتزرع فيه القيم الجديدة، وتعوده بسلوكها عادات متقدمة من السلوك والتصرف. وقد خضع مجتمعنا العربي لفترة طويلة لنخبة المفكرين الذين علموه احترام العدالة والحرية والتفكير العلمي. ففي الفترة التي عرفناها في صبانا كان الدكتور طه حسين والعقاد وسلامه موسى وهيكل وغيرهم هم نخبة المجتمع وقد نختلف مواقعهم السياسية داخل الأحزاب المختلفة 0 ولكنهم جميعا يكونون أفقا سياسيا واجتماعيا يتحدث عن الديمقراطية والتفكير المنظم ، وشرع طريقهما للمجتمع0 وقد سقطت قيادة المثقفين في عصرنا الحديث ، وكان المظنون أن تقوم مقامها قيادة التكنوقراطيين. ولكن هذه القيادة الجديدة لا تقوم إلا في مجتمع صناعي متقدم. وهنا سقط مجتمعنا في فراغ ، حاولت العشائرية السياسية استغلاله وملأه ولكن ثمن ذلك كله كان ثمنا باهظا . ولست في مجال الزهو بالنفس ، ولكن أريد أن أقول إني رأيت ذلك كله قبل 5 يونيو 1967م ، ووضعت يدي على قلبي خوفا منه فلما وقعت الواقعة انفطر قلبي ، ولعل هذا هو سر حزني وكآبتي" ([15][15]).
وهكذا رأى الحلاج أن يكون التغيير عن طريق الصفوة. ثم إن تأملاته في الذات الآلهية، واستبطان أعماق روحه، والكشف عن دخيلة نفسه كصوفي، أتاحت للسلطة أن تتهمه بالكفر والتجديف، وظلت ثورة الحلاج كبطل متمرد- يحمل ظلالا رومانسية ثورة هامشية غير مؤثرة لأن "القوى المناوئة للبطل الرومانسي المعاصر هي المجتمع بما يتميز به من ضبط اجتماعي في كافة أنساقه" ([16][16]). وقد رأت السلطة في ثورته هدما لها؛ وقضاء على مكاسبها ، واستطاعت أن تؤول بعض كلماته وشطحاته بالكفر، وتثير المجتمع، فلم يلتفت إلى الحلاج إلا التفاته إلى بطل متمرد على أنساقه ، وعاقبه بالقتل.
لقد كان استدعاء صلاح عبد الصبور شخصية الحلاج "ناجحا، وموفقا للغاية فهو لم يستدعه" لكي يمتدح بسالته في صراعه مع الظلم والتعصب وضيق الأفق وقمع الحريات، بل لكي يذم المواقف القمعية والاستبدادية التي مارستها السلطة، ليس فقط في عصر الحلاج ولكن عبر كل العصور العربية امتداداً إلى عصرنا، والحقيقة أن الهدف هو "كشف القناع" عن مظالم عصرنا هذا، واستبداد السلطان فيه بالإنسان، ومصادرة حريته وحقه في أن يختار موقفه من الحياة والأشياء "([17][17]).
|