New Page 1
أبو مازن يقود حرب خفية لتدمير إسرائيل/ غادي طاؤوب
16/03/2011 10:33:00
ذات مرة سخرنا من نتنياهو لكون "السلام من تحت" هو مجرد اسم مستعار لرفضه التنازل للفلسطينيين. وها هم الفلسطينيون في الضفة، بروح سلام فياض، تبنوا هذه السياسة بحرارة. فقد انتقلوا، إن شئتم، من طريقة بيغن إلى طريقة بن غوريون. ليس الإرهاب، بل بناء اقتصاد ومؤسسات.ذات مرة قلنا عنهم أنهم يقومون بإيماءات فارغة لمكافحة الإرهاب، أما عمليا فهم يديرون سياسة البوابة المستديرة: يعتقلون المشبوهين بالإرهاب في النهار، ويفرجون عنهم مع حلول الظلام. وها هم الآن في الجيش الإسرائيلي يتحدثون عن بوابة مستديرة معاكسة: السلطة تعتقل المطلوبين. بعضهم تضطر إلى الإفراج عنهم، لأن السلطات القضائية التي يبنونها خاضعة للرقابة الدولية، والمساعدات الخارجية التي يتلقونها منوطة بهذه الرقابة. وعندها فإنهم يطلقون سراحهم في النهار، ولكن مع هبوط الظلام يسارعون إلى اعتقالهم من جديد. ذات مرة اعتقدنا بان التنسيق الأمني يصمد بصعوبة على مستوى الميدان. وها هو الآن يجري بشكل مرتب مع القيادة الأعلى للجيش الإسرائيلي.
هذا لا يعني أنهم وقعوا في حب إسرائيل، ولا يعني أنهم سلموا بالضرورة بحق وجودها كوطن قومي للشعب اليهودي. ولكنهم تعلموا عدة أمور هامة. أولا، فهموا ما لم نفهمه نحن: بأن الساحة الأهم اليوم هي ساحة العلاقات العامة. الحرب هي على الشرعية، والإرهاب مس بالدعم الدولي لتطلعاتهم الوطنية وزاد العطف لإسرائيل. وقف الإرهاب تبين كالأداة الأكثر نجاعة ضد إسرائيل. مجرد شرعية وجود إسرائيل باتت موضع شك طالما تقيم نظام احتلال. كل ما كان ينبغي هو التوقف عن قتل مدنيين يهود، والزمن سيقوم بالعمل نيابة عنهم.
نظر رجال فتح إلى غزة برعب، رأوا كيف يطلق رجال حماس النار على أرجل إخوانهم أو يلقونهم من على أسطح المباني، وهم يخافون حماس أكثر مما يخافونا. علينا، يمكنهم بالحد الأقصى أن يطلقوا الصواريخ. وبالمقابل، سيذبحون.
لهذا التغيير الاستراتيجي يوجد أيضا وجه اقتصادي. التعاون مع إسرائيل ووقف الإرهاب يسمحان للاقتصاد بأن ينمو بوتيرة مثيرة للانطباع. بدون إرهاب يوجد حواجز أقل وتوجد مساعدات أجنبية أكثر. التحسن الاقتصادي يضعف تعلق الضعفاء بالمؤسسات الخيرية لحماس ويساعد السلطة على كسب شرعية داخلية. طالما يوجد خبز، لن يكون ميدان تحرير. هل يعني كل هذا أن وجهتهم نحو السلام والتقسيم ليست مؤكدة؟. من الممكن أن تكون سياسة نتنياهو بالذات مريحة لهم. "السلام من تحت"
دون "السلام من فوق". إذا لم يكن هدفهم تقسيم البلاد فإن حكومة إسرائيل الحالية هي الشريك الأمثل بالنسبة لهم. إنهم يبنون قوتهم، ويعززون حكمهم واقتصادهم ويحققوا مكاسب سياسية في شكل شرعية، في الوقت الذي تتحول فيه إسرائيل إلى المنبوذة في العالم.وفضلا عن ذلك، إذا كانوا لا يزالون يحلمون بفلسطين الكاملة، فإن المستوطنين وحكومة اليمين تساعدهم فقط في تجسيد هذا الحلم. فماذا يهم الفلسطينيين أن يحلم الإسرائيليون بـ "بلاد إسرائيل الكاملة"، بدلا من "بلاد فلسطين الكاملة"؟ فهذه في النهاية هي ذات البلاد وذات السكان. تحت الاسمين سنصل إلى ذات الدولة، مع أغلبية عربية.من هنا يتعين على إسرائيل أن تفكر جيدا إذا كانت كل هذه التطورات الإيجابية تعمل في صالحها على المدى البعيد. إذا وجدت إسرائيل السبيل إلى تقسيم البلاد، مع أو بدون تقسيم، فإن الاستقرار النسبي في الضفة سيعمل في صالحنا. أما من جهة أخرى إذا ما واصلت إسرائيل التملص من هذا الحسم المصيري، فإن "السلام من تحت" سيتبين كـ "حرب من تحت". حرب من شأنها أن تنجح بالتأكيد.
يديعوت أحرونوت
|