New Page 1
الوجوه الأخرى رواية تعرّي الخيانة /محمد موسى سويلم
27/03/2010 22:25:00
الوجوه الأخرى رواية للأديبة وداد البرغوثي،صدرت عن دار الخيال للنشر والتوزيع في بيروت عام2007، وتطل علينا الرواية من اصدق الأماكن، الا وهى القرية بعبق طابونها وطهارة ارضها، وطيب معشر اهلها، من الجذور الضاربة في اعماق الارض، نسجت رواية انسانية واصحة المعالم، بسيطة بعيدة عن التعقيد والمداهنة، استعملت كل انواع الفن لتشكل لوحة فنية جميلة .
تحدثت عن عودة الدارسين في الخارج، وعن عدم ملائمة الوضع في البلد( الوطن) لهم بسبب اعتيادهم على حياة معينة في الغربة، فهذا الدكتور ص45 الذي يرغب بالهجرة الى امريكا بسبب هذا الشعب الذي لا يستحق الخدمة-حسب راى الطبيب-فتجيبه بانه يقدم خدمة لهذا الشعب بهجرته لأن البلد ليس بحاجة الى امثالة.
وهذا عصمت له اكثر من وجه،لا تعرف وجهه من قفاه، وكأن أباه أول واحد وآخر واحد في البشر الذين سقطوا، بس يا حسرتي عليه الصدمة كانت فوق طاقتة (الله يكون في عونه.)
رسمت الأديبة وداد البرغوثي آلاف الوجوه في لوحة فسيفسائية، لوجه واحد هو عصمت الندام(انا اعتقد ان الندام في هذه الرواية جاء من الندم) الذي لا ذنب له الا كونه ابنا لشخص مرّ في لحظة ضعف، ولم يحسبها جيدا، وظن ان الملل هو كل شيء في اعتقاد كثيرين من الناس المتناسين قول الله تعالى(اموالكم واولادكم عدو لكم) فهذا نابليون بونابرت حين اراد احتلال ايطاليا لم يستطع الوصول بسبب جبال الألب، فأرشده على ذلك احد ابناء المنطقة تصديقا للمثل(اهل مكة ادرى بشعابها) وحين احتل نابليون ايطاليا جاء هذا الشخص لمصافحة نابليون، فماذا فعل نابليون؟ اخرج من جيبة قطعة من الذهب ورماها على الارض، وضرب الرجل بقدمه وهو على صهوة فرسه وقال قوله المشهور: امثالك لا يصافحون العظماء، امثالك لهم الذهب الذي على الارض، وهكذا في كل دول العالم لا يحترمون الخونة، ولكن ما ذنب ابنائه؟ ألم يقل الله في كتابة العزيز(ولا تزروا وازرة وزرة اخرى) فخطأ الآباء يجب ان لا يدفعه الأبناء ليصدق المثل(الآباء يأكلون الحصرم والابناء يضرسون)وهذا ما عبر عنه عصمت في رسالة براءة من د . ن ص158(قتلت فينا ما هو جميل، وقتلت ذاك التناسق بين ذواكرنا وذواكر الناس الطيبن، ما أقسى هذا الشعور! يطول ليلك فتبحث عن النهار لتتخلص من قسوة الليل،وياتي نهارك فتبحث عن الليل لتتخلص من النظرات،في الليل تصبح لك حواس من الزئبق جاهزة حتى اعلى درجاتها ازاء أي نامة او نسمة،تتضخم الاصوات بفعل الخوف، فتتصورهم قادمين لقتلك، هل تعيش هذه المشاعر ام انك طلقت الاحاسيس بكل انواعها مذ ارتبطت بيعقوبك،وتركتها لنا لنعيشها نحن).
ان انتحار عصمت في ظروف نفسية صعبة وغامضة جعلتة يكتب على قبره ما كتبة ابو العلاء المعري :-
هذا ما جناه ابي عليّ*** وما جنيت على احد
لقد نقلت رسائل عصمت فلسفة في حياة الكثيرين من المغتربين في ارض المهجر اضافة الى فلسفة الذين ضاقوا ذرعا بهذا الوطن، بسبب او بدون سبب مقنع منهم، وعن ما آلت الية اوضاعة نتيجة سقوط والده في جحيم المخابرات، وكيف يفقد الانسان كرامته ونفسه وحتى اسرته.
رغم ان الكثير من الصفحات تمثل رسما ووصفا لعصمت، الا ان هناك وجوها اخرى رسمت في كثير من الزوايا، مع بعض التشابه في الألوان، ودقة التفاصيل وتباعد في الافكار بين هذه الوجوه،الا ان الرواية اعطت كل وجة حقه من الوصف،والتي عبرت بصدق عن مشاعر واحاسيس لهذه الوجوه..
رواية(وجوه أخرى) دقت كل الاوضاع الفلسفية والنفسية للبشر، رواية جادة تعبر عن الوضع الحقيقي لتلك الوجوه المرسومة بدقة متناهية في الرواية، اضافة للوصف الواضح الصريح المعبر .
"ورقة مقدمة لندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس"
|