New Page 1
ازمة فتحاوية وراء الكواليس في العلاقة مع القاهرة /بسام البدارين
26/08/2009 11:54:00
لا تعكس اجواء الرعاية المصرية لحوار المصالحة الفلسطيني ازمة صامتة يراد لها ان تبقى تحت الطاولة بين القاهرة وحركة فتح فقط بقدر ما تعكس مأزقا ذاتيا للسلطة الفلسطينية يتهامس به قادتها ويحرصون على بقائه خارج التعاطي الاعلامي والسياسي العلني وحشره في اضيق الغرف الفلسطينية المغلقة.
في المقابل تعكس قرارات القاهرة المفاجئة بين الحين والاخر تأجيل جلسات الحوار والحسم دون ان يطلب الفرقاء ذلك مازقا مماثلا قوامه الاحساس الفلسطيني الرسمي بان القاهرة قادرة تماما على الحسم لكنها تعتبر حوار المصالحة الوطنية مجرد ورقة سياسية تبقي اللاعب المصري على الطاولة لاطول فترة ممكنة.
وهذه الورقة تستخدم احيانا لارباك الطرفين اكثر من ممارسة الضغط عليهما كما حصل امس الاول عندما هدد الراعي المصري بوقف التوسط ونقل الملف للجامعة العربية.
وعلى كل حال سمع بعض قادة حماس ومساعدي الرئيس محمود عباس مؤخرا تقييما بهذا المعنى من الحكومة الاردنية فالموقف الاردني الباطني يتحدث عن مماطلات مصرية مقصودة تتجنب حسم المصالحة والايحاء لكل طرف بمجاملة الطرف الاخر حتى تستنفد الرعاية اهدافها المباشرة والبعيدة وهي على الاغلب مصرية بحتة ولا علاقة لها بالاطراف الفلسطينية.
ويجد الاردنيون دوما في حواراتهم الخاصة ذات الصلة في قرارات المصريين المفاجئة بتأجيل جولات المفاوضات بين الحين والاخر معززا لنظريتهم الداخلية حول تحول الرعاية المصرية للحوار الفلسطيني الى برنامج تكتيكي تعتقد اوساط القرارالمصرية انه يضمن بقاء الدور المصري فاعلا ليس فقط في عمق المعادلة الفلسطينية الداخلية ولكن في عمق عملية السلام.
وتقول شخصيات اردنية تتبنى هذه النظرية ان القاهرة حولت الاتصالات التي توسطت بها بخصوص الاسير الاسرائيلي غلعاد شليط الى مهرجان تفاوضي وتفعل نفس الشيء بخصوص حوار المصالحة لان ذلك يبقيها جالسة في دائرة الفعل ويمكنها من المناورة حتى مع الامريكيين والاسرائيليين وبصورة اخف مع الاوروبيين.
واليوم يزداد في صفوف السلطة الفلسطينية وبعض اوساط قادة حركة فتح التذمر من اساليب الرعاية المصرية التي تحولت خلف الكواليس الى مسالة صراعية داخل اجنحة الحركة نفسها فيما تبدو مؤسسة الرئاسة الفلسطينية عاجزة تماما عن تبني اي ملاحظات او خطاب يمكن ان يغضب القاهرة التي يقال انها تحاسب وتعاتب الرئيس عباس بقوة وقسوة وصرامة على كل التفاصيل بما فيها المعلومات التي يحجبها احيانا او يضعها بدون تنسيق مسبق في حضن عواصم عربية مجاورة من بينها عمان.
وجلوس الرئيس عباس الدائم في الحضن المصري كان دوما يمثل سببا لتوجيه اهم حملة انتقاد ضده داخل المؤسسات السياسية الاردنية وفي اروقة بعض النخب. وبالنسبة للمؤسسة الاردنية من الواضح والمعروف ان مستوى الاتصال بعباس يتقلص كلما زاد على الجبهة المصرية ولذلك يقول سياسي اردني صديق لعباس ان عمان تقدر ضعف الرجل في مواجهة المؤسسة المصرية وتتجنب مكاشفته لكنها توجه له ملاحظات بين الحين والاخر تحذر من الاسترخاء طويلا ووحيدا في المساحة المصرية فقط وتحمل تبعات عدم التنويع.
والاهم ان التلاقح في الافكار والرؤى بعنوان الرعاية المصرية.. 'ما لها وعليها' اصبح عنوانا لموجة تلازم وتقييم داخل اوساط القرار والنخب الفلسطينية وقفز الجدل حول الاطار نسبيا الى الواجهة مؤخرا بعدما استقال السفير الفلسطيني المخضرم نبيل عمرو من منصبه كسفير في القاهرة بسبب ملاحظات خاصة لديه حول الاداء المصري في مضمار الرعاية للحوار.
ولا يمكن القول ان استقالة السفير عمرو لها علاقة مباشرة بأسباب مصرية لكن وسط المقاطعة في رام الله يتبادل الجميع ملاحظات تعبر في مجموعها عن السخط الفلسطيني ـ اذا جاز التعبير ـ من اليات وطبيعة الرعاية المصرية القاسية وغير المرنة والتي لا تلعب دور الوسيط المفاوض بقدر ما تلعب دور المشرف والمؤجل.
وثمة ملاحظات دونت وسجلت فلسطينيا في هذا المضمار فالقيادي في حركة فتح ابراهيم ابو النجا عبر وزميله عبد الرحمن حمد في رئاسة وفد حركة فتح لجانب من حوار المصالحة عن عدم رضاه عدة مرات من ميكانيزم التأجيل المصري خصوصا عندما تصل المفاوضات مع حماس لمرحلة تتطلب تدخلا مصريا لازما للضغط على حماس.
وابلغ ابو النجا ورفيقه حمد الرئيس محمود عباس عدة مرات بانطباعات في هذا الصدد تعكس مشاعر عدم الارتياح وهو ما فعله الدكتور نبيل شعث ايضا الذي لاحظ بان القاهرة تضغط على الحركة في بعض التفاصيل لكنها لا تفعل عندما يتطلب الامر التفاعل مع الطرف الاخر حماس وبنفس الوقت ابلغ مقربون من الرئيس عباس شخصيات سياسية في عمان ان القاهرة تتدخل احيانا في تسمية وتحديد هوية المفاوض باسم حركة فتح، الامر الذي يثير انزعاج الرئيس عباس شخصيا دون التعبير عن ذلك بطبيعة الحال.
الثابت بالنسبة لقادة حركة فتح عدم وجود ارتياح من الرعاية المصرية لكن السؤال الذي يتردد حول ما اذا كان ذلك يعكس مناخ البرود بين الحركة والحكومة المصرية وتشهد كوادر فتحاوية ان العلاقة وخلافا لما يبدو بين الحركة والسلطات المصرية يشوبها البرود ولا تعكس الحقائق كما يرسمها الاعلام الرسمي في الجانبين او كما توحي به التصريحات الرسمية.
احد تفسيرات الفقرات الكبيرة التي حظي بها الرئيس حسني مبارك في خطاب عباس المطول في افتتاح المؤتمر الحركي السادس بدون بقية الزعماء العرب يتحدث عن سعي عباس بذلك لتحريك الامور قليلا فهو يريد علاقات تحالفية معه شخصيا ومع السلطة وليس علاقات حركية محصورة بمسالة حوار المصالحة والوساطة مع حماس.
القيادي محمد دحلان هو الآخر اشرف على حلقة تقييم مغلقة جدا في اطار مكتب عباس وكان تقديره بصفته خبيرا بالملف المصري ان القاهرة تدير ملف الحوار والمصالحة وفقا لقواعد اللعبة المصرية وليس لاي قواعد اخرى... وفي نفس الحلقة نقل اخرون عن ابو النجا والسفير نبيل عمرو قولهما بان الرعاية المصرية لم تتضمن حتى الآن قرائن قوية على ان الراعي المصري يعطي المقترحات الفتحاوية او الرسمية الفلسطينية حقها في المناقشة.
وقبل المؤتمر الحركي السادس كانت العلاقة كما يشهد زوار القاهرة الدائمون فاترة الى حد ما خصوصا في ظل اصرار الرئيس مبارك غير المبرر فلسطينيا على عدم استضافة المؤتمر الحركي.
على جبهة اخرى تعرف الدوائر الفلسطينية الرسمية بان السلطات المصرية لم تتخذ اي اجراءات حقيقية لعدة ايام بعد حادثة اختراق مقر السفارة الفلسطينية في القاهرة وتدمير محتويات مكتب السفير هناك.
عموما لا يخفي قادة السلطة شعورهم بأن قرارات التأجيل المصرية لجولات الحوار تتميز بالغموض وان الجانب الراعي يجامل حركة حماس ويتجاهل مقترحات محددة مهمة عندما يتقدم بها ممثلو حركة فتح باعتبارها الحزب الحاكم في رام الله... هذه الانطباعات يتشارك بها اساسيون في المعادلة الفلسطينية لكن اوامر الرئيس عباس تقضي باخفائها
|