New Page 1
حول إصلاح فتح
16/06/2009 18:31:00
ضحك الدكتور موسى أبو مرزوق وهو يتحدث مع جبريل الرجوب من مكتبه في دمشق. بعد انتهاء المكالمة بادر إلى رواية الطرفة التي سمعها من مدير الأمن الوقائي السابق في الضفة وأبرز قادة فتح فيها. قال له الرجوب إنه التقى بالشيخ حامد البيتاوي، رئيس هيئة علماء فلسطين، وبعد أن دعا الشيخ لفتح بالصلاح أجابه الرجوب "في الإسلام لا نبي بعد محمد، ولكن لو كان هناك نبي في أيامنا لما تمكن من إصلاح فتح"!
تدخل طرفة الرجوب في سياق المضحكات المبكيات، فخراب الفصيل الأساسي في منظمة التحرير الفلسطينية يخل بالتوازن بين الفصائل ويضعف الشعب الفلسطيني. وحماس أحوج ما تكون إلى منافس قوي حتى تتمكن من تطوير أدائها العسكري والسياسي. إلا أن تشخيص الرجوب المتشائم يصلح مقدمة للعلاج. فهو يعرف بحكم موقعه حجم العلل التي أصابت حركة التحرير الوطني الفلسطيني بعد أن صارت حزبا حاكما قبل أن تحقق السيادة على أرضها. فالمقاومون صاروا ضباطا تكتظ بهم أجهزة الأمن الكثيرة التي لا هدف لها غير منع المقاومة وتحقيق الأمن للمحتل. ولا يغيب عن الذهن مشهد أولئك الضباط الذين تظاهروا (قبل أن تصل حماس إلى السلطة) احتجاجا على إقالة أبو عمار للرجوب.
ربما كانت هذه سمة فتح بعد سلطة أوسلو، إلا أن شخصية أبو عمار حفظت التوازن في داخلها، فقد كان يظن أنه قادر في أي لحظة على تحويل أجهزة الأمن إلى مقاومة، وهو ما حصل في انتفاضة الأقصى. إلا أن رحيل أبو عمار والفراغ الذي تركه أفقد الحركة توازنها وغيبها عن الفعل والحضور وتقدمت عليها طبقة رجال الأعمال الفاسدين، وجماعة دكاكين الإن جي أوز واليسار الأميركي وهو ما تجسد في حكومة سلام فياض التي خلت من الفتحاويين. الوضع يلخصه واحد من أبرز قادة فتح في الضفة، عضو المجلس التشريعي المحرر، حسام خضر، والذي أفرج عنه مؤخرا من سجون الاحتلال الإسرائيلي، قال بعد تحريره "إن أجهزة عباس تحولت إلى أجهزة توفر الأمن للمواطن الإسرائيلي بينما الاحتلال لا يعطيها شيئاً بالمقابل".
وانتقد خضر في حديث لصحيفة "هآرتس" العبرية المفاوضات التي يجريها الرئيس عباس مع الاحتلال، حيث يقول "الوضع أسوأ من أي وقت مضى، صحيح أن أبو مازن نجح في السيطرة على الوضع الأمني في رام الله ونابلس وجنين، ولكن في غضون لحظات قد يقع هنا انقلاب آخر للناس ضد السلطة، فالسلطة لم تنجح في أن تحقق شيئاً في إطار المفاوضات في الفترة الأخيرة، منذ سنتين وأبو مازن يدير محادثات من دون جدوى، وأجهزة الأمن الفلسطينية تحافظ على أمن المواطن الإسرائيلي، بينما إسرائيل لا تعطي شيئاً بالمقابل".
ورأى القيادي البارز في فتح أن الانشقاق في المعسكر الفلسطيني والقتل المتبادل أديا إلى شرخ داخل العائلة الفلسطينية، مؤكداً أن الإطار الأضيق في ثقافتنا، العائلة، في خطر الانهيار. ويقول خضر "الأخ يقف ضد أخيه، الوضع الاجتماعي في أسوأ حال، السرقات تتسع والأطفال يدخنون ويشربون الكحول، ولكن ليس "حماس" أو "فتح "هما المشكلة"، مشيراً إلى أن الاحتلال يخلق ضغطاً نفسياً، اقتصادياً وأمنياً.
ويعد خضر زعيماً بارزاً في حركة "فتح" حيث كان قد نفي في العام 1988 من نابلس ليعود إليها في 1994، لينتخب في العام 1995م كنائبٍ في المجلس التشريعي الفلسطيني، حيث تبنى مع السنين خطاً نقدياً حاداً ضد كبار رجالات السلطة. وتشير الصحيفة إلى أن المكوث الطويل لخضر في السجون مع كبار رجالات "حماس"، أدى إلى أن يبدي تفهماً لأعمال "حماس" ضد "فتح" منذ سيطرتها العسكرية في غزة.
يحتاج إصلاح فتح إلى أن تتخلص من المرتزقة سواء من في داخلها أو من المتكسبين منها خارجها في الوطن والشتات. وبعد إصلاحها تغدو مصالحتها مع حماس تحصيل حاصل.
|